إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السيرة النبوية ( متجدد إن شاء الله )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    رد: السيرة النبوية ( متجدد إن شاء الله )

    سرية ذات السَّلاسِل‏‏


    لما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بموقف القبائل العربية ـ التي تقطن مشارف الشام ـ في معركة مؤتة وانضمامهم إلى الرومان ضد المسلمين، بعث "عمرو بن العاص" ليؤدب هذه القبائل ، فخرج عمرو إلا أنه خشي من كثرة عدوه، فأرسل إلى النبي صلَّى الله عليه وسلم يطلب مددًا، وانحاز إلى ماء يسمى السلاسل حتى يجيئه العون. فبعث رسول الله صلَّى الله عليه وسلم جيشًا من المهاجرين الأولين يقوده أبو عبيدة بن الجراح. وأخذ عمرو يطارد القبائل الموالية للروم، فتوغل في بلاد بَليّ، وعُذْرة، وبَلْقَين، وطيء. وكلما انتهى إلى موضع قيل له كان هنا جمع فلما سمعوا بك تفرقوا، وظفر مرة بواحد من هذه الجموع فاقتتلوا، وحمل عليهم المسلمون فهُزموا، وأعجزوهم هربًا في البلاد. ومع أن عَمْرًا دوَّخ أولئك الأعراب وشتّت شملهم؛ إلا أنه لم يلقهم في معركة حاسمة، وعلى أية حال فإن سمعة المسلمين انزاح عنها غبار كثير بهذا.

    تعليق


    • #47
      رد: السيرة النبوية ( متجدد إن شاء الله )

      فتح مكة


      كان من بنود معاهدة الحديبية أن من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وأن القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين تعتبر جزءًا من ذلك الفريق، فأي عدوان تتعرض له أي من تلك القبائل يعتبر عدوانًا على ذلك الفريق‏.‏ فدخلت خُزَاعَة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخلت بنو بكر في عهد قريش، وصارت كل من القبيلتين في أمن من الأخري، وقد كانت بين القبيلتين عداوة وتوترات في الجاهلية، فلما جاء الإسلام، ووقعت هذه الهدنة، وأمن كل فريق من الآخر ـ اغتنمها بنو بكر، وأرادوا أن يصيبوا من خزاعة الثأر القديم، فأغاروا عليها ، وكان ذلك في شهر شعبان سنة 8 هـ ، وساعدتهم قريش بالسلاح والأنفس وقاتلوهم، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من خزاعة وأخبروه بنقض قريش للعهد، فلما أحست قريش بما فعلت جاء منهم أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقوي العهد ويزيد في المدة فلم يجبه إلى ذلك، وتأكد المسلمون من نقض قريش للعهد، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يتجهزوا وكتم عنهم الوجه، فاجتمع لذلك عشرة آلاف من المسلمين من المهاجرين والأنصار وطوائف من العرب، وخرج بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشر مضت من شهر رمضان في السنة الثامنة للهجرة، وساروا حتى نزلوا بمرِّ الظهران بقرب مكة بدون أن تعلم قريش بوجهتهم. وقد كان العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرًا إلى المدينة بأهله، فقابله عليه الصلاة والسلام في الطريق فأرجعه معه، وبعث بعياله إلى المدينة. وبينما جيش المسلمين بمر الظهران إذ خرج أبو سفيان ومعه آخران يتجسسون الأخبار، لما كانوا يتوقعونه من عدم سكوت المسلمين على نقض العهد، فظفرت بهم جنود المسلمين، وكان أول من لقي أبا سفيان العباس بن عبد المطلب، فأخذه معه حتى وصل به إلى خيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمنه وسلمه للعباس. فلما أصبح أسلم وشهد شهادة الحق، فقال العباس: يارسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئًا، فقال عليه الصلاة والسلام: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. ثم أمر العباس أن يقف بأبي سفيان حيث يسير الجيش حتى ينظر إلى المسلمين، فجعلت القبائل تمر عليه كتيبة كتيبة حتى انتهت، وانطلق أبو سفيان إلى مكة مسرعًا ونادى بأعلى صوته : يامعشر قريش، لقد جاءكم محمد بما لا قبل لكم به. ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركز رايته بـ"الحجون" -وهو جبل بمعلاة مكة-، وأمر خالد بن الوليد أن يدخل مكة بمن معه من "كُدَي" -وهو جبل بأسفل مكة من جهة اليمن-، ودخل صلى الله عليه وسلم ومن معه من "كداء" -وهو جبل بأعلى مكة-، ونادى مناديه: من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. واستثنى من ذلك جماعة أهدر دماءهم لشدة ما ألحقوا بالمسلمين من الأذى، منهم عبد الله بن سعد بني أبي سرح وعكرمة بن أبي جهل وكعب بن زهير ووحشي قاتل حمزة وهند بنت عتبة زوج أبي سفيان وهبار بن الأسود والحارث بن هشام، وهؤلاء قد أسلموا. وقد صادف جيش خالد بن الوليد في دخوله مقاومة من طائشي قريش فقاتلهم وقتل منهم أربعة وعشرين، واستشهد من فرقته اثنان. وأما فرقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تصادف مقاومة، وقد دخل عليه الصلاة والسلام راكبًا راحلته، وهو منحن على الرحل تواضعًا لله تعالى، وشكرًا له عز وجل على هذه النعمة العظمى، وكان ذلك صبح يوم الجمعة لعشر خلت من رمضان. نصبت له عليه الصلاة والسلام قبة في الموضع الذي أشار بأن تركز فيه الراية، فاستراح في القبة قليلا، ثم سار وهو يقرأ سورة الفتح وبجانبه أبو بكر، حتى دخل البيت وطاف سبعًا على راحلته، واستلم الحجر بمحجنه –عصا معقوفة الرأس كالصولجان-، وكان حول الكعبة أصنام كثيرة؛ فكان يطعنها بعود في يده ويقول: "جاء الحق وزهق الباطل، وما يبدئ الباطل وما يعيد". بعد أن أتم رسول الله صلى الله عليه وسلم طوافه أمر بالاصنام فأزيلت من حول الكعبة، وطهر الكعبة من هذه المعبودات الباطلة، ثم أخذ عليه الصلاة والسلام مفتاح الكعبة من حاجبها عثمان بن طلحة الشيبي، ودخلها وكبر في نواحيها ، ثم خرج إلى مقام إبراهيم وصلى فيه ، ثم جلس في المسجد والناس حوله ينتظرون ما هو آمر به في شأن قريش، فقال عليه الصلاة والسلام: "يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم؟" قالوا: خيرًا ، أخ كريم وابن أخ كريم ، فقال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". وردَّ مفتاح الكعبة لخادمها، ثم خطب في الناس خطبة أبان فيها كثيرًا من أحكام الدين، وبعد أن أتمها شرع الناس يبايعونه على الإسلام ، فأسلم كثير من قريش. وممن أسلم في ذلك الوقت معاوية بن أبي سفيان ، وأبو قحافة والد الصديق ، وأسلم بعض من أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه في ذلك اليوم، وبايع فقبلت بيعته ، وبعد أن تمت بيعة الرجال بايعه النساء. ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا أن يؤذن على ظهر الكعبة، وكانت هذه أول مرة ظهر فيها الإسلام على ظهر البيت. وقد أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد فتحها تسعة عشر يومًا، أرسل في أثنائها خالد بن الوليد في ثلاثين فارسًا لهدم هيكل (العُزَّى) ، وهو أكبر صنم لقريش، وأرسل عمرو بن العاص لهدم (سواع) وهو أعظم صنم لهذيل ، وبعث آخر لهدم (مناة) وهي صنم لخزاعة.

      تعليق


      • #48
        رد: السيرة النبوية ( متجدد إن شاء الله )

        غزوة حُنَين


        بعد فتح مكة دانت للإسلام جموع العرب، ودخلوا في دين الله أفواجًا. غير أن قبيلتي هوازن وثقيف أخذتهم العزة والأنفة وتجمعوا لحرب المسلمين في مكة، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لهم في اثني عشر ألف مقاتل ، فلما وصل جيش المسلمين إلى وادي حنين كان العدو كامنًا في شعابه، فقاموا على المسلمين قومة رجل واحد قبل أن يتمكن المسلمون من تهيئة صفوفهم ، فانهزمت مقدمة جيش المسلمين ، وكاد جيش المسلمين يتفرق مع كثرة عدده ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس أن ينادي في جيش المسلمين بالثبات ، فاجتمعوا واقتتل الفريقان ، ولم تمض ساعات حتى انهزم الأعداء هزيمة شديدة ، وقد قتل من ثقيف وهوازن نحو سبعين، وغنم المسلمون ما كان مع العدو من مال وسلاح وإبل. ثم توجه رسول الله صلى عليه وسلم إلى ثقيف بالطائف فحاصرها مدة ولم يفتحها ، وبعد رجوعه منها أتاه وهو بـ"الجعرانة" وفود من هوازن يلتمسون منه رد نسائهم وأبنائهم الذين سباهم المسلمون، فقال عليه الصلاة والسلام: ما كان لي ولبني عبد المطلب فقد رددته إليكم. فقال المهاجرون والأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فرُدَّت إلى هوازن نساؤهم وأبناؤهم. ثم قام عليه الصلاة والسلام من الجعرانة إلى مكة معتمرًا، فأدى العمرة وعاد بعد ذلك إلى المدينة ، فوصلها لست بقين من ذي القعدة.

        تعليق


        • #49
          رد: السيرة النبوية ( متجدد إن شاء الله )

          غزوة تبوك


          أقام عليه الصلاة والسلام بالمدينة إلى منتصف السنة التاسعة للهجرة، ثم بلغه أن الروم يتجهزون في تبوك لحربه بعد ما كان بينهم وبين المسلمين في حادثة مؤتة، فتجهز عليه الصلاة والسلام لغزوهم في ثلاثين ألف مقاتل ، وكان المسلمون إذ ذاك في زمن عسرة وجدب، فلم يعقهم ذلك عن التأهب لقتال الأعداء ، وتصدق أبو بكر لذلك بجميع ماله؛ وعثمان بن عفان بمال كثير، فخرج عليه الصلاة والسلام حتى وصل تبوك فلم يجدهم بها، فأقام بضع عشرة ليلة، ثم عاد إلى المدينة، وهذه آخر غزواته صلى الله عليه وسلم.

          تعليق


          • #50
            رد: السيرة النبوية ( متجدد إن شاء الله )

            عام الوفود


            كانت الدعوة إلى الإسلام في مبدئها سرًا وخفية، ولم يدخلها إلا أفراد قليلون، وبعد الجهر بالدعوة أخـذ عددهم يزداد قليلًا قليلًا، إلى أن أُذِنَ له صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، فازداد عددهم بدخول عرب المدينة ومن حولها في الدين أفرادًا وجماعات، ولكن الدعوة لم تصل إلى الدرجة المطلوبة من الانتشار والعموم حتى تم صلح الحديبية بين قريش والمسلمين، فكان ذلك الصلح سببًا كبيرًا من أسباب فشوّ الدعوة وعمومها حيث أمنت الطرق وتمكن الرسول عليه الصلاة والسلام من إرسال الرسل والكتب إلى الملوك والأمم والقبائل ، ثم تم الأمر بفتح مكة ودخول أعاظم قريش في الإسلام، وانتشار القرآن بأسلوبه البديع وحكمه البالغة المؤثرين في عقول العرب بما جعلهم يَفِدون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أفواجًا، وقد كان أكثر ذلك في السنة التاسعة للهجرة. فمن ذلك وفد (ثقيف) جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم عقب مقدمه من تبوك يريدون الإسلام ، وطلبوا أشياء أباها عليهم وأشياء أعطاها لهم. ووفد (نصارى نجران) ، وهؤلاء لم يسلموا بل رضوا بدفع الجزية. ووفود (بني فزارة) قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمين. ووفد (بني تميم) جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم أشرافهم ، وبعد تبادل الخطب وإنشاد الشعر بين خطبائهم وشعرائهم وخطباء المسلمين وشعرائهم أسلموا وعادوا إلى أوطانهم. ووفد (بني سعد بن بكر) يؤمهم ضمام بن ثعلبة ، الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسئلة كثيرة وأجابه عنها ، فأسلم وعاد إلى قومه فما بقي منهم أحد إلا أسلم من يومه. ووفد (كندة) في مقدمته الأشعث بن قيس ، وقد أسلموا بعد أن سمعوا أوائل سورة الصافَّات. ووفد (بني عبد القيس بن ربيعة) وكانوا نصارى فأسلموا جميعًا. ووفد (بني حنيفة بن ربيعة) فأسلموا ، وكان فيهم مسيلمة بن حنيفة، الذي لقب بالكذاب لادعائه النبوة بعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الدار الآخرة. ووفد (طيء من قحطان) يقدمهم زيد الخيل، وقد أسلموا جميعًا. ووفد (بني الحارث بن كعب) فيهم خالد بن الوليد جاءوا مسلمين. ووفود آخرون من قبائل شتى من (بني أسد) و (بني محارب) و(همدان) و(غسان) وغيرهم ، منهم من جاء مسلمًا ، ومنهم من جاء للإسلام وأسلم، ورسل من ملوك حمير وغيرهم، جاءوا يخبرون بإسلامهم. وهكذا دخل الناس في دين الله أفواجًا ، حتى بلغ من كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة أكثر من مائة ألف، والذين لم يحضروا حجة الوداع من المسلمين كانوا أكثر من ذلك

            تعليق


            • #51
              رد: السيرة النبوية ( متجدد إن شاء الله )

              حجة الوداع


              بعد أن عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك، بعث أبا بكر الصديق رضي الله عنه في ذي القعدة إلى مكة سنة تسع من الهجرة ليحج بالناس ، وفي أواخر ذي القعدة من السنة العاشرة قام عليه الصلاة والسلام إلى مكة في جمع عظيم، وأحرم للحج عندما سارت به راحلته وقال: لبيك الله اللهم لبيك . لا شريك لك لبيك . إن الحمد والنعمة لك والملك. لا شريك لك. ولم يزل سائرًا حتى دخل مكة ضحوة يوم الأحد لأربع خلون من ذي الحجة ، وكان دخوله من ثنية "كداء" ، فطاف بالبيت سبعًا ، واستلم الحجر الأسود ، وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم ، وشرب من ماء زمزم ، وسعى بين الصفا والمروة سبعًا راكبًا على راحلته ، وفي الثامن من ذي الحجة توجه إلى "منى" فبات بها ، وفي التاسع منه توجه إلى "عرفة" وخطب خطبته المشهورة بخطبة الوداع. ابتدأها بعد الثناء على الله تعالى بقوله: "أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا"، ثم قال: "أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى الذي ائتمنه عليها"، ثم قال: "أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقًا ولكم عليهن حقًا ، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم غيركم ، ولا يُدخلن أحدا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ، ولا يأتين بفاحشة. أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ، ولا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه ، فلا ترجعُنَّ بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض ، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله. ألا هل بلغت ، اللهم اشهد"، ثم قال: "أيها الناس إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد. كلكم لآدم وآدم من تراب. أكرمكم عند الله أتقاكم. ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى. ألاهل بلغت ، اللهم اشهد ، فليبلغ الشاهد منكم الغائب". وقد اشتملت هذه الخطبة العظيمة على غير ذلك من أحكام الله تعالى وحدوده. وقد أنزل الله عليه في ذلك اليوم قوله سبحانه وتعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا) [المائدة: 3]. وبعد أن أدَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم مناسك الحج: من رمي الجمار والنحر والحلق والطواف ، أقام بمكة عشرة أيام ثم عاد إلى المدينة.

              تعليق


              • #52
                رد: السيرة النبوية ( متجدد إن شاء الله )

                مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم و وفاته


                في أوائل صفر من السنة الحادية عشرة للهجرة مرض النبي صلى الله عليه وسلم بالحمى، واستمر ثلاثة عشر يومًا يتنقل في بيوت أزواجه ، ولما اشتد عليه مرضه استأذن منهن أن يتمرض في بيت عائشة فأذنَّ له، ولما تعذر عليه الخروج إلى الصلاة قال: "مروا أبا بكر فليصلّ بالناس" ، ولما رأى الأنصار اشتداد مرضه أطافوا بالمسجد قلقين ، فخرج إليهم عليه الصلاة والسلام معصوب الرأس، متوكئًا على عليّ والفضل يتقدمهم العباس ، حتى جلس وأحاط به الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أيها الناس بلغني أنكم تخافون من موت نبيكم. هل خلد نبي قبلي فيمن بعث الله فأخلد فيكم؟ ألا إني لاحق بهم وإنكم لاحقون بي ، فأوصيكم بالمهاجرين الأولين خيرًا وأوصى المهاجرين فيما بينهم" إلى أن قال :"ألا وأني فَرَط لكم (أي: سابق) وأنتم لاحقون بي ، ألا فإن موعدكم الحوض ، ألا فمن أحب أن يَرِده علي غدا فليكف يده ولسانه إلا فيما ينبغي". وبينما المسلمون في صلاة الفجر يوم الاثنين ثالث عشر ربيع الأول؛ وأبو بكر رضي الله عنه يصلي بهم؛ إذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجرة عائشة رضي الله عنها ، فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة وتبسم، فظن أبو بكر أن رسول الله يريد أن يخرج للصلاة فتقهقر إلى الصف، وكاد المسلمون يفتتنون في صلاتهم فرحًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليهم بيده أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر، ثم حضرته الوفاة ورأسه الشريف على فخذ عائشة رضي الله عنها، فقال: "اللهم في الرفيق الأعلى"، ولم تأت ضحوة ذلك اليوم حتى فارق رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الحياة الدنيا ولحق بربه عز وجل. ولم يكن أبو بكر رضي الله عنه موجودًا في ذلك الوقت بالقرب من منزل عائشة، فلما حضر وأخبر الخبر دخل بيت عائشة وكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل يقبله ويبكي ويقول : صلوات الله عليك يا رسول الله، ما أطيبك حيًا وميتًا. ثم خرج إلى الناس وقال: ألا إن من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. ثم مكث عليه الصلاة والسلام في بيته بقية يوم الاثنين وليلة الثلاثاء ويومه وليلة الأربعاء، حتى انتهي المسلمون من إقامة خليفة لهم، وتفرغوا لغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنه، فغسله علي بن أبي طالب بمساعدة العباس وابنيه الفضل وقثم وأسامة بن زيد وشقران مولَيَي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كُفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة ، ووُضع على سريره في بيته، فدخل الناس يصلون عليه فرادى لا يؤمهم أحد ، ثم حفر اللحد في موضع وفاته من حجرة عائشة ورُش بالماء، وأنزله فيه علي والعباس وولداه الفضل وقثم، وقد رفع قبره الشريف عن الأرض قدر شبر. وقد بلغ عمره الشريف ثلاثًا وستين سنة، مكث منها بمكة ثلاثة وخمسين سنة، وبالمدينة المنورة عشر سنين، صلى الله عليه وسلم.

                تعليق


                • #53
                  رد: السيرة النبوية ( متجدد إن شاء الله )

                  البيت النبوي


                  1- كان البيت النبوي في مكة قبل الهجرة يتألف منه عليه الصلاة والسلام، ومن زوجته خديجة بنت خويلد، تزوجها وهو في خمس وعشرين من سنه، وهي في الأربعين، وهي أول من تزوجه من النساء، ولم يتزوج عليها غيرها، وكان له منها أبناء وبنات، أما الأبناء ، فلم يعش منهم أحد ، وأما البنات فهن ‏:‏ زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، فأما زينب فتزوجها قبل الهجرة ابن خالتها‏,‏ أبوالعاص بن الربيع، وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثمان بن عفان رضي الله عنه الواحدة بعد الأخرى، وأما فاطمة فتزوجها على بن أبي طالب بين بدر وأحد، ومنها كان الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم‏.‏ 2- سودة بنت زمعة، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال سنة عشر من النبوة، بعد وفاة خديجة بنحو شهر، وكانت قبله عند ابن عم لها يقال له‏:‏ السكران بن عمرو، فمات عنها‏.‏ توفيت بالمدينة في شوال سنة54هـ ‏.‏ 3ـ عائشة بنت أبي بكر الصديق، تزوجها في شوال سنة إحدى عشرة من النبوة، بعد زواجه بسودة بسنة، وقبل الهجرة بسنتين وخمسة أشهر، وكانت بكرًا ولم يتزوج بكرًا غيرها، وكانت أحب الخلق إليه، وأفقه نساء الأمة، وأعلمهن على الإطلاق، توفيت في 17رمضان سنة 57هـ أو 58 هـ ودفنت بالبقيع‏.‏ 4- حفصة بنت عمر بن الخطاب، مات عنها زوجها خنيس بن خذافة السهمي بين بدر وأحد ،فلما حلت تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة 3هـ توفيت في شعبان سنة 45هـ بالمدينة ،ولها ستون سنة،ودفنت بالبقيع‏.‏ 5- زينب بنت خزيمة من بنى هلال بن عامر بن صعصة، وكانت تسمى أم المساكين، لرحمتها أياهم ورقتها عليهم، كانت تحت عبد الله بن جحش، فاستشهد في أحد، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 4 هـ،‏ ماتت بعد الزواج بنحو ثلاثة أشهرفي ربيع الآخر سنة 4هـ ، فصلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ودفنت بالبقيع‏.‏ 6- أم سلمة هند بنت أبي أمية، كانت تحت أبي سلمة ، وله منها أولاد، فمات عنها في جمادى الآخر سنـة 4 هـ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليال بقين من شوال السنة نفسها، وكانت من أفقه النساء وأعقلهن‏.‏ توفيت سنة 59هـ، دفنت بالبقيع، ولها 84 سنة‏.‏ 7- زينب بنت جحش بن رباب من بنى أسد بن خزيمة، وهي بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة‏.‏ وقيل‏:‏ سنة 4هـ، وكانت أعبد النساء وأعظمهن صدقة، توفيت سنة 20هـ ولها 53 سنة‏.‏ وكانت أول أمهات المؤمنين وفاة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى عليها عمر بن الخطاب، ودفنت بالبقيع. 8- جويرية بنت الحارث سيد بنى المصطلق من خزاعة، كانت في سبي بنى المصطلق في سهم ثابت بن قيس بن شماس، فكاتبها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابتها، وتزوجها في شعبان سنة 6 هـ‏.‏ وقيل‏:‏ سنة 5هـ، فأعتق المسلمون مائة أهل بيت من بني المصطلق، وقالوا أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت أعظم النساء بركة على قومها‏.‏ توفيت في ربيع الأول سنة 56هـ، ولها 65 سنة‏.‏ 9- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، كانت تحت عبيد الله بن جحش، فولدت له حبيبة فكنيت بها، وهاجرت معه إلى الحبشة، فارتد عبيد الله وتنصر، وتوفي هناك، وثبتت أم حبيبة على دينها وهجرتها، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أميه الضمري بكتابه إلى النجاشي في المحرم سنة 7 هـ‏.‏ خطب عليه أم حبيبة فزوجها إياه وأصدقها من عنده أربعمائة دينار، وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة‏.‏ فابتنى بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من خيبر‏.‏ توفيت سنة 42 هـ، أو 44هـ، أو 50هـ‏.‏ 10- صفية بنت حيي بن أخطب سيد بن النضير من بنى إسرائيل، كانت من سبي خيبر، فاصطفاها رسول الله صلى الله وعليه وسلم لنفسه، وعرض عليها الإسلام فأسلمت، فأعتقها وتزوجها بعد فتح خيبر سنة 7هـ، توفيت سنة 50 هـ، ودفنت بالبقيع‏.‏ 11- ميمونة بنت الحارث، أخت أم الفضل لبابة بنت الحارث، تزوجها في ذي القعدة سنة 7 هـ، في عمرة القضاء، بعد أن حل منها على الصحيح‏، توفيت بسرف سنة 61 هـ ، ودفنت هناك، ولا يزال موضع قبرها معروفا‏.‏ فهؤلاء إحدى عشرة سيدة تزوج بهن الرسول صلى الله عليه وسلم، وبنى بهن وتوفيت منهن اثنتان في حياته : خديجة، وزينب أم المساكين ، وتوفي هو عن التسع البواقي‏.‏ وأما السراري فالمعروف أنه تسرى باثنتين، إحداهما: مارية القبطية، أهداها له المقوقس، فأولدها ابنه إبراهيم، الذي توفي صغيرًا بالمدينة في حياته صلى الله عليه وسلم، في 28 / أو 29 من شهر شوال سنة 10 هـ ‏.‏ والسرية الثانية هي: ريحانة بنت زيد النضرية أو القرظية، كانت من سبايا قريظة، فاصطفاها لنفسه، وقيل‏:‏ بل هي من أزواجه صلى الله عليه وسلم، أعتقها فتزوجها‏.‏ ومن نظر إلى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم عرف جيدًا أن زواجه بهذا العدد الكثير من النساء في أواخر عمره بعد أن قضى ما يقارب ثلاثين عامًا من ريعان شبابه وأجود أيامه مقتصرا على زوجة واحدة تكبره بخمسة عشر عامًا عرف أن هذا الزواج لم يكن لأجل أنه وجد بغتة في نفسه قوة عارمة من الشبق، لا يصبر معها إلا بمثل هذا العدد الكثير من النساء؛ بل كانت هناك أغراض أخرى أجل وأعظم من الغرض الذي يحققه عامة الزواج‏.‏ فاتجاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مصاهرة أبي بكر وعمر بزواجه بعائشة وحفصة، وكذلك تزويجه ابنته فاطمة بعلي بن أبي طالب، وتزويجه ابنتيه رقية ثم أم كلثوم بعثمان بن عفان - يشير إلى أنه يبغي من وراء ذلك توثيق الصلات بالرجال الأربعة، الذي عرف بلاءهم وفداءهم للإسلام في الأزمات التي مرت به، وشاء الله أن يجتازها بسلام‏.‏ وكان من تقاليد العرب الاحترام للمصاهرة، فقد كان الصهر عندهم بابا من أبواب التقرب بين البطون المختلفة، وكانوا يرون مناوأة ومحاربة الأصهار سبة وعارًا على أنفسهم، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بزواج عدة من أمهات المؤمنين أن يكسر عداء القبائل للإسلام، ويطفئ حدة بغضائها، كانت أم سلمة من بنى مخزوم - حي أبي جهل وخالد بن الوليد - فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقف خالد من المسلمين موقفه الشديد بأحد، بل أسلم بعد مدة غير طويلة طائعًا راغبًا، وكذلك أبو سفيان لم يواجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي محاربة بعد زواجه بابنته أم حبيبة، وكذلك لا نرى من قبيلتي بني المصطلق وبني النضير أي استفزاز وعداء بعد زواجه بجويرية وصفية؛ بل كانت جويرية أعظم النساء بركة على قومها، فقد أطلق الصحابة أسر مائة بيت من قومها حين تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا‏:‏ "أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم"‏.‏ ولا يخفي ما لهدا المنّ من الأثر البالغ في النفوس‏.‏ وأكبر من كل ذلك وأعظم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مأمورا بتزكية وتثقيف قوم لم يكونوا يعرفون شيئًا من آداب الثقافة والحضارة والتقيد بلوازم المدينة، والمساهمة في بناء المجتمع وتعزيزه‏.‏ والمبادئ التي كانت أسسًا لبناء المجتمع الإسلامي، لم تكن تسمح للرجال أن يختلطوا بالنساء، فلم يكن يمكن تثقيفهن مباشرة مع المراعاة لهذه المبادئ، مع أن مسيس الحاجة إلى تثفيفهن مباشرة لم يكن أهون أوأقل من الرجال، بل كان أشد وأقوى‏.‏ وإذن فلم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم سبيل إلا أن يختار من النساء المختلفة الأعمار والمواهب ما يكفي لهذا الغرض، فيزكيهن ويربيهن، ويعلمهن الشرائع والأحكام، ويثقفهن بثقافة الإسلام حتى يعدهن؛ لتربية البدويات والحضريات، العجائر منهن والشابات، فيكفين مؤنة التبليغ في النساء‏.‏ وقد كان لأمهات المؤمنين فضل كبير في نقل أحواله - صلى الله عليه وسلم - المنزلية للناس، خصوصًا من طالت حياته منهن كعائشة، فإنها روت كثيرًا من أفعاله وأقواله‏.‏ وهناك نكاح واحد كان لنقض تقليد جاهلي متأصل، وهو مسألة التبني، وكان للمتبني عند العرب في الجاهلية جميع الحرمات والحقوق التي كانت للابن الحقيقي سواء بسواء، ومن ضمنها أن الأب لا يتزوج امرأة من تبناه بعد وفاته أو طلاقه لزوجته ‏، فجاء الإسلام وحرم قضية التبني هذه .‏ وقدر الله أن يكون هدم تلك القاعدة على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبذاته الشريفة، فقد كانت ابنة عمته زينب بنت جحش تحت زيد بن حارثة وتعذر بقاء الحياة الزوجية بينهما على الوجه المطلوب ، وزيد هذا كان الرسول صلى الله عيه وسلم قد تبناه، فجاء الإسلام وأبطل التبني الذي من آثاره أن الأب لا يتزوج امرأة من تبناه بعد وفاته أو طلاقه لزوجته ، فاختار الله تعالى لهذه المهمة صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم و أمره بالزواج من زينب بنت جحش بعد طلاقها من زيد . هذا، وكانت عشرته صلى الله عليه وسلم مع أمهات المؤمنين في غاية الشرف والنبل والسمو والحسن، كما كنّ في أعلى درجة من الشرف والقناعة والصبر والتواضع والخدمة والقيام بحقوق الزواج‏,‏ مع أنه كان في شظف من العيش ‏.‏

                  تعليق


                  • #54
                    رد: السيرة النبوية ( متجدد إن شاء الله )

                    صفة النبي صلى الله عليه وسلم وذكر أخلاقه الشريفة


                    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميل الخلقة، أزهر اللون (أي: أبيض مشربًا بحمرة)، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، عظيم الرأس، عظمًا مناسبًا لبقية أعضائه، شعره بين الجعودة والسبوط ، كأنه مُشِّط فتَكسَّر قليلًا ، لا يتجاوز شعره شحمة أذنيه إذا لم يقصره، وكان واسع الجبين ، أزج الحواجب بدون اقتران، في وسط أنفه ارتفاع قليل من غير طول فيه، ليس بضيق الفم ولا واسعه، رقيق الأسنان مفلجه ، أسيل الخدين (أي: غير مرتفع الوجنتين)، غزير شعر اللحية ،جميل العنق، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، وموصول ما بين اللبة (المنحر) والسرة بالشعر، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، وليس على ثدييه وبطنه شعر غير ما ذكر. قال البراء: كان أحسن الناس وجهًا، وأحسنهم خلقًا. وكان معتدل الأعضاء في سمن معتدل، ليس بمسترخي اللحم، وكان طويل الزندين، رحب الراحتين، ممتلئ الكفين والقدمين، متجافي الإخمصين (أي: أن باطن قدميه لا يصل إلى الأرض عند وضعهما عليها)، ليس في قدميه غضون (أي: تكاميش)، ولا تشقق، بحيث إذا أصابهما الماء لم يبق له أثر بهما. وكان متوسط القامة لا هو بالطويل ولا بالقصير، إذا مشي رفع رجليه بنشاط، وأوسع في خطاه، ومال إلى سنن المشي برفق ووقار، وكأنما هو في مشيته ينزل من مكان منحدر. وكان خافض الطرف ، نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء، وإذا التفت التفت جميعًا، جل نظره الملاحظة ، يتأخر عن أصحابه في المشي، ويبدأ من لقيه بالسلام. وكان صلى الله عليه وسلم مقتصرًا من ضروريات الحياة كالأكل والنوم على قدر الحاجة ، وكان وافر العقل، ذكي اللب، قوي الحواس ، فصيح اللسان ، بليغ القول ، حليمًا عفوًّا ، صبورًا على ما يكره، لا يغضب إلا لله ولا ينتصر لنفسه، ولم يضرب بيده شيئًا إلا أن يجاهد في سبيل الله فلم يضرب غلامًا ولا امرأة. وكان شجاعًا ذا نجدة وفتوّة، لا يهاب أحدًا، ولا يفر حيث تفر الأبطال، وكان جوادًا كريمًا سمحًا سخيًا. وكان أشد الناس حياء، وأكثرهم عن العورات إغضاءًا لا يشافه أحدًا بما يكره، فلم يكن فاحشًا ولا متفحشًا ولا صخّابًا بالأسواق ولا عيابًا، ولا يجزي بالسيئة سيئة بل يعفو ويصفح. وكان حسن العشرة، كامل الأدب، واسع الخلق، دائم البِشْر، لين الجانب، رؤوفًا رحيمًا، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، يتواضع في غير منقصة، ويتفقد أصحابه، ويعطي كل جلسائه نصيبـه، لا يحسب جليسه أن أحدًا أكرم عليه منه. من جالسه أو فاوضه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول. قد وسع الناس خلقه فصار لهم أبًا، وصاروا عنده في الحق سواء. وكان إذا أتى إلى مجلس جلس حيث ينتهي به المجلس، أي في أقرب مكان يصادفه، صلى الله عليه وسلم. وكان يجيب من دعاه ولو عبدًا أو أمة ، ويقبل الهدية ويكافئ عليها. وكان يخالط أصحابه ويحادثهم ، ويعود مرضاهم ، ويمازحهم أحيانًا ولا يقول إلا حقًا. وكان من خلقه الوفاء وحسن العهد والعدل والأمانة والعفة والصدق والمروءة. وهذه الخلال المذكورة خطوط قصار من مظاهر كماله وعظيم صفاته، أما حقيقة ما كان عليه من الأمجاد والشمائل فأمر لا يدرك كنهه، ولا يسبر غوره، ومن يستطيع معرفة كنه أعظم بشر في الوجود بلغ أعلى قمة من الكمال، استضاء بنور ربه، حتى صار خلقه القرآن؟!!





                    تم بحمد الله
                    انتهــــــــــــــــــــــــــي

                    تعليق


                    • #55
                      رد: السيرة النبوية ( متجدد إن شاء الله )

                      ربنا يكرمك ويجعله فى ميزان حسناتك
                      [COLOR="Blue"][CENTER][SIZE="6"][SIZE="5"]لا اله الا الله والله اكبر لااله الا الله وحده لااله الا الله لاشريك له لااله الاالله له الملك وله الحمد لااله الاالله ولاحول ولاقوه الا بالله
                      ]قال صلى الله عليه وسلم
                      من ختم له بها عند موته لاتمسه النار
                      [flash= http://www.knoon.com/flash/data/media/1/fayezk.swf] WIDTH=500 HEIGHT=400**********

                      تعليق


                      • #56
                        رد: السيرة النبوية ( متجدد إن شاء الله )

                        جزاك الله خيرا أختي لمرورك الجميل

                        التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 17-03-2015, 04:33 PM.

                        تعليق


                        • #57
                          رد: السيرة النبوية ( متجدد إن شاء الله )

                          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                          جزاكم الله خيرًا ورفع قدركم
                          اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

                          تعليق

                          يعمل...
                          X