إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بسم الله الرحمن الرحيم

    عتاب الله للنبي من دلائل النبوة

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد:

    مقدمة (نعمة الفهم)

    قال حميد بن عبد الرحمن سمعت معاوية خطيبا يقول: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ).
    الراوي : معاوية بن أبي سفيان المحدث : البخاري

    المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 71 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

    والفقه هو: الفهم أي: يرزقه فهما ويرزقه ذكاء ومعرفة؛ بحيث إنه يستنبط الأحكام من الأدلة، وبحيث إنه يكون معه قوة إدراك وقوة فهم واستنباط من الأدلة،



    وهذا ما وهبه الله -تعالى- لكثير من الصحابة ومن بعدهم، دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس بقوله:" اللهم فقهه في الدين" وفي رواية:" وعلمه التأويل" الراوي : عبدالله بن عباس المحدث : ابن حبان

    المصدر : صحيح ابن حبان الصفحة أو الرقم: 7055 خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه



    فكان كذلك، حتى ذكروا أنه فسر مرة سورة النور تفسيرا بليغا لو سمعه اليهود والنصارى والترك والروم لأسلموا، وهذا مما رزقه الله ومما فتح عليه.

    كثيرا ما أتوقف عند قوله - صلى الله عليه وسلم - :( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين... ) وأحدث نفسي مستنبطا ومن لم يرد به خيرا لا يفقه في الدين ثم أنظر لعلماء أهل السنة قديما وحديثا وأقول : (قد أراد الله بكم خيرا ولا نزكيكم على الله)

    فمن أراد الله-تعالى - به خيرا فتح الله على قلبه وفقهه، وجعل في قلبه فهما للنصوص
    وتجدون هذا في الشروح والتفاسير بحيث إن بعضهم إذا شرح الحديث استنبط منه عشرة أحكام، عشرين حكما قد تصل إلى مائة حكم وإلى مائة فائدة من فوائد الحديث، فهذا من الفهم ومن الفقه.

    وأنظر كل متحامل على الإسلام فأقول أما هذا فقد أوتي من قبل عقله والعقل وحده لا يكفي للهداية فكم من عاقل يعبد الأصنام ... قد يخترع أعقد المخترعات ثم يسجد إلى صليب أو صنم ... ذلك بأنه لم يوفق.

    والتوفيق نعمة قد يمن الله بها على رجل بسيط (وقد يكون أميا) ولكنه صادق الإيمان يتحرى الحلال والحرام في كل أمره وإنما هي نعمة الهدى والرشاد.

    لقد قدمت بهذه الكلمات ؛ لأذكر نفسي ومن قرأ بنعمة العقل والتوفيق وأن التوفيق هداية العقل إلى الحق وأن التوفيق نعمة تحتاج إلى شكر ، فسلوا الله الهداية في كل أمركم


    فيا معلم داود علمنا ويا مفهم سليمان فهمنا

    أقول مستعينا بالله:


    إن من أعظم الأدلة على صدق القرآن وعلى صدق نبي الإسلام - صلى الله عليه وسلم - وعلى صدق حملة الإسلام من الصحابة - عتاب الله الثابت حتى الآن للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فكم من آية في كتاب الله يعاتب ربنا فيها النبي- صلى الله عليه وسلم – عتاب توجيه أو عتاب تنبيه أو عتاب تحذير ومن بعض ذلك :


    قوله تعالى: ((مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) [الأنفال:67-68].
    وقوله: ((عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ)) [التوبة:43] حيث أذن صلى الله عليه وسلم لقوم في التخلف عن الخروج معه إلى الجهاد.
    وقوله: ((عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى)) [عبس:1-4].
    وقوله: ((لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ)) [آل عمران:128].
    وقوله: ((إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً * وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً * وَلا تُجَادِلْ عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً)) [النساء:105-107].
    وقوله: ((وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ)) [النساء:113] وغيرها، ومن أراد التفاصيل فعليه بطلبها في التفاسير.

    فما حقيقة العتاب وما معناه؟
    قال صاحب مقاييس اللغة:
    (عتب) العين والتاء والباء أصلٌ صحيح، يرجع كله إلى الأمر فيه بعضُ الصُّعوبة من كلامٍ أو غيره.

    وجاء في المعجم الوسيط:
    ( عتب ) عليه عتبا وعتابا وتعتابا ومعتبا ومعتبة لامه وخاطبه مخاطبة الإدلال طالبا حسن مراجعته ومذكرا إياه بما كرهه منه .انتهى

    وقد ورد هذا اللفظ (العتاب) بتصاريفه في القرآن في أكثر من آية. ومنها قول الحق سبحانه وتعالى عن أهل النار: وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنْ الْمُعْتَبِينَ [فصلت:24]. وهذا في الكفار عياذا بالله.

    قلت (أبو أنس): فالعتاب لوم من طرف لآخر على سبيل الحب والإدلال وإنما يعاتب من ترجى عنده العتبى، أي: الرجوع عن الذنب والإساءة أو ما هو أولى، وهذا هو حسبنا فيكم أيها الأحبة! وفي كل من يقرأ هذا الكلام.

    هل يقصد بعتاب الله في القرآن الذم؟

    قال صاحب (جوامع الكلم 1 / 18):
    المعروف عند سائر الناس في معنى العتاب، " أن الشخص إذا عاتب آخر ، والسيد إذا عاتب عبده ، فإنه في تلك الحال واجد عليه أو مريد لعقوبته ، لأجل مخالفته لما أمره به أو نهاه عنه ، لأنه عاص له ، قادم على مخالفة أمره ، وأما عتاب الله عز وجل فإنه ليس من هذا القبيل ؛ لأن أنبياءه لا يقدمون على مخالفته ، وإن ما يقع منهم بمقتضى الطبيعة البشرية ليس مما نهى الله عنه نهى تحريم ليقال كيف يرجحون داعي الطبيعة البشرية على داعي أمر الله وداعي الطبيعة البشرية النفس الأمارة بالسوء ، وداعي أمر الله هو العقل . وأصحاب العقول الكاملة لا يطيعون قرين الشيطان . وإنما هو نهى تنزيه وإرشاد " .

    وفيه أيضا:
    " فتلك العتابات والتوبيخات دالة على عظم شأنهم ، وجلالة قدرهم عنده لعظيم اعتنائه عز وجل بهم ، فإنه قد يعاتبهم ويلومهم على ما ليس بذنب ، وإنما هو تكميل على تكميل ، وتنزيه لهم عن ملابسة مالا يليق بمقامهم عنده " انتهى

    قلت (أبو أنس):

    وعموما فالعتاب في القرآن لا يقصد به الذم فالسهو والخطأ غير المقصود واقع من النبي (على تفصيل في ذلك) فإن الأنبياء معصومون لا يتعمدون الخطأ باتفاق أهل السنة سلفيي العقيدة والمنهج.



    يقول ابن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه (ج1 ص234) :

    (إن الغلاة والمفوضة - لعنهم الله - ينكرون سهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقولون: لو جاز أن يسهو في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ لأن الصلاة فريضة كما أن التبليغ فريضة… وليس سهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم كسهونا؛ لأن سهوه من الله عز وجل، وإنما أسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق، فلا يتخذ رباً معبوداً دونه، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو. وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد يقول: أول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم). انتهى

    وليراجع للاستزادة كتاب (تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء) لأبي الحسن علي بن أحمد السبتي الأموي تحقيق : د.محمد رضوان الداية

    هل العتاب القرآني نوع واحد؟
    ليس نوعا واحدا بل أنواع متعددة وفيها يقول د. عويد بن عيَّاد بن عايد المطرَفي في كتابه (آيات عتاب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في ضوء العصمة والاجتهاد):

    أنواع آيات العتاب في القرآن
    1 - النوع الأول: - عتاب التوجيه:
    القسم الأول من هذه الأنواع هو ما أطلقنا عليه (عتاب التوجيه) وهو ما يقصد به توجيه الرسول - صلى الله عليه وسلم -في مطلع الرسالة والدعوة إليها- إلى ما يراد منه في تبليغ ما أنزله الله عليه من آيات رسالته وتبليغ ذلك إلى الأمة مهما لاقى في سبيل ذلك من إعنات وعناد وعقبات وإيذاء، ووقوفه بعزيمة صارمة وقوة إرادة ماضية أمام طغيان الشرك وعناد المشركين وشدة تمسكهم بما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم من وثنية ملحدة وكفر عنيد، فلا يبالي بما يلقاه منهم من تكذيب ورد لرسالته، وسخرية به واستهزاء بما يلقيه إليهم من آيات الله حتى يخرجهم من ظلمات هذه الجهالة البليدة إلى نور المعرفة والعلم فيعرفوا الحق ويتقلبوه ويهتدوا بهديه.

    وهذا النوع ينقسم إلى قسمين فرعيين:
    أولهما: عتاب الدفع وتقوية العزيمة لينهض الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأبلغ الطاقة البشرية في تبليغ الرسالة ونشر الدعوة وألا يبالي بشيء يقف معوقاً لرسالته وتبليغ دعوته.

    ثانيهما: عتاب الإقصار والمقصود منه تخفيف اندفاع النبي - صلى الله عليه وسلم - في التبليغ عما يشق على نفسه من الجهد، وبذل فوق ما يستطع من طاقته البشرية حتى كاد يبخع نفسه ويضعف قوته لعظم ما كان يكابد مما كاد -لو استمر فيه- أن يؤخر نشر الدعوة.
    وهذا القسم كالثمرة للقسم الأول لأن ما جاء في قوة الدفع والإغراء وشدة الخطاب جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يندفع بقوة إلى تبليغ ما أنزل عليه ربه من آيات تخاطب الكفار وتجبه المشركين تجبيها يغمزهم من جميع جوانبهم العقدية والعقلية والاجتماعية حتى كان - صلى الله عليه وسلم - يبلغ في ذلك كل مبلغ مما كاد يمس نهوضه بتبليغ رسالته ونشر دعوته كما عبر عنه القرآن الكريم فيما سنسوقه من آيات.
    فجاء هذا للرجوع به - صلى الله عليه وسلم - إلى الطريق الوسط السوي الذي يؤدي به إلى تبليغ رسالته تبليغاً بيناً دون أن يلحقه في ذلك إرهاق ربما أخر من سير الرسالة وقوفاً " مع ما أمر به مما هو تسبب والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ".

    2 - النوع الثاني: عتاب التنبيه:
    القسم الثاني من أقسام العتاب الرئيسية ما سميناه (عتاب التنبيه) والمقصود منه تنبيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى ما يحتمل وقوعه منه لو لم ينبه إلى ذلك لوقع مثل ذلك الفعل منه مرة أخرى.

    3 - النوع الثالث: عتاب التحذير:
    النوع الثالث من أنواع العتاب الرئيسبة هو ما سميناه (عتاب التحذير) والمقصود منه تحذير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عاقبة أمر وقع فيه خطأ في اجتهاد يترتب عليه لو لم يحذر منه - ضرر في التشريع والأحكام وسير الأمة على مقتضى رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعوته التي جاء بها من عند الله تعالى.انتهى


    يتبع بمشيئة الله
    التعديل الأخير تم بواسطة أول شهيده فى الاسلام; الساعة 13-03-2015, 01:52 AM. سبب آخر: تنسيق وتخريج الاحاديث

  • #2
    رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

    بارك الله فيكم ونفع بكم
    متابعين معكم ان شاء الله هذه السلسه المباركه
    جعلها الله فى ميزان حسناتكم
    نسأل الله أن يستعملنا ولا يستبدلنا

    تعليق


    • #3
      رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      جزاكم الله خيرا أختنا الكريمة
      يكفينى أنى مسلمة

      تقبل الله منا ومنكم ولعلك تتفضلي مشكورة بتنبيه الأخت زهور على الدرب للموضع ولتناقش هنا ما تشاء ولكن بعد تمام السلسلة

      ولكم جزيل الشكر والعرفان

      تعليق


      • #4
        رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        حياكم الله وبارك فيكم وفي مساعيكم

        أذكر منذ سنوات في معرض الكتاب عندما خرجت علينا كاتبة لا تعلم عن الإسلام إلا اسمه ولا عن القرآن إلا رسمه تتكلم عن الحب والجنس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم-

        فكتبت أبياتا أرد فيها عليها اعتذارا للحبيب صلى الله عليه وسلم

        إلى رسولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ

        أقولُ
        : عُذْرًا رَسُولَ اللهِ


        عُذْرًا رَسُولَ اللهِ يَا خَيْرَ الْوَرَى * أَفْدِيـكَ مِـنْ أَهْـلٍ وَ مِنْ خِلانِ


        عُذْرًا فَإنِّي قَـــدْ سَمِعْتُ مَقَــالَةً * مَسْـمُومَةً هُـــزَّتْ لَهَا أَرْكَانِي


        عُذْرًا فَإنَّ الْخَطْبَ جِدٌّ مُوجِـــعٌ * ذُبِحَ الْفُــؤَادُ بِعَجْــزِهِ وَيُعَـانِي


        نَبَحُوا عَلَيْكَ فَيَا سِقَامَ عُقُــولِهِمْ * بُرِّئْتَ مِــنْ عَيْبٍ وَمِنْ نُقْصَانِ


        مَا ضَرَّ نَجْمًا فِي السَّمَاءِ نُبَاحُ مَنْ * يَعْـوِي بِجَهْلٍ مِنْ صِغَارِ الشَّانِ


        لَكِنْ عَزَائِي فِي الإلَــــــــهِ فَإنَّهُ * يَكْفِيـكَ مِنْ إنْسٍ عَدَا أَوْ جَانِ


        تَكْفِيكَ تَزْكِيَةُ الإلَــــــهِ وَحَسْبُهُ * ثَبَتَ الْبَيَــانُ بِمُحْــكَمِ الْقُـرْآنِ


        يَكْفِيكَ دَيَّانُ الْخَــــــلائِقِ كُلِّهَا * مِنْ شَــرِّ سَـاقِطَةٍ وَ مِنْ شَيْطَانِ


        لا عُذْرَ مَقْبُــــولٌ لَدَيْهِ فَقَدْ غَدَوْ * بِمَقُولَةٍ فِي سَخْــطَةِ الرَّحْــمَنِ


        يَهْوْونَ فِي لُجَجِ الْجَحِيمِ بِغَيِّهِمْ * سَبْعِينَ عَامًا فِي لَظَى النِّيـرَانِ


        إلا إذَا تَابُـــوا يُتَـابُ عَلَيْـــهِمُ * بِمَشِـــيئَةِ الرَّبِّ الْعَظِـيمِ الشَّانِ


        وَيُقَــــامُ حَدُّ اللهِ فِي تِلْكَ الْتِي * سَبَّتْ رَسُــولَ اللهِ فِي الأعْيَانِ


        هَــذَا وَإنَّي قَـدْ بَرِئْتُ إلى الَّذِي * بَرَأَ الْعِبَــادَ بِلُطْفِ ذِي سُلْطَانِ


        ثُـمَّ الصَّــــلاةُ عَلَى النَّبِيِّ وَ آلِهِ * وَ كَذَا الصِّحَابِ وَكُلِّ ذِي إيمِانِ


        (شعر المتوسل إلى الله بحب النبي)

        أبو انس/ أمين بن عباس ـ عفا الله عنه ـ


        التعديل الأخير تم بواسطة أول شهيده فى الاسلام; الساعة 13-03-2015, 01:54 AM. سبب آخر: حجم الخط

        تعليق


        • #5
          رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


          الحلقة الثانية

          عتاب الله للنبي من دلائل النبوة
          يقول د. بدر عبد الحميد هميسه في مبحث له:
          لقد حاول المستشرقون البحث في القرآن والتنقيب عن الآيات التي ورد فيها عتاب النبي صلى الله عليه وسلم، ليتخذوها وسيلة للطعن والتخطيء,وإظهار أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن على صواب، وأن أخلاقه لم تكن مثالية، وإلا لما ورد هذا العتاب في القرآن , ولكنهم على عكس ذلك أثبتوا بادعائهم أن :


          1- القرآن منزل من عند الله وأنه قد وصل إلينا كما أنزل، وأن القرآن لو كان كلام بشر ما كان يحتوي عتابا لرسول الله، فالبشر من عاداتهم لا يتقبلون النقد ويدعون الكمال، وما من منهج بشري يلوم فيه صاحبه نفسه أو يعاتبها، بل كل منهج وضعه بشر يحاول أن يوهم نفسه والناس بأنه هو الكمال المطلق.

          وأن القرآن الكريم لم يحدث فيه تبديل ولا تغيير، ولو حدث ذلك لحذفت منه هذه الآيات التي تتضمن العتاب أو على الأقل حرفت.

          فقد عاتب الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقال له : \" وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) سورة الكهف .

          وكان سبب ذلك أَنَّ الْكُفَّارَ سَأَلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الرُّوحِ ، وَعن أَصْحَابِ الْكَهْفِ ، وعن َذِي الْقَرْنَيْنِ ، فَقَالَ لَهُمْ : سَأُخْبِرُكُمْ غَدًا ، وَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَعَاتَبَهُ رَبُّهُ بِعَدَمِ تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ ، وَعَدَمِ تَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَتِهِ - جَلَّ وَعَلَا - فَتَأَخَّرَ عَنْهُ الْوَحْيُ ,ثُمَّ عَلَّمَهُ اللَّهُ فِي الْآيَةِ الْأَدَبَ مَعَهُ ، فِي قَوْلِهِ : ( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) ثُمَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ : ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) يَعْنِي إِنْ قُلْتَ سَأَفْعَلُ كَذَا غَدًا ، ثُمَّ نَسِيتَ أَنْ تَقُولَ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ تَذَكَّرْتَ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَاذْكُرْ رَبَّكَ ، أَيْ قُلْ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، أَيْ لِتَتَدَارَكَ بِذَلِكَ الْأَدَبَ مَعَ اللَّهِ الَّذِي فَاتَكَ عِنْدَ وَقْتِهِ ، بِسَبَبِ النِّسْيَانِ ، وَتَخْرُجَ مِنْ عُهْدَةِ النَّهْيِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ .الشنقيطي : أضواء البيان 7/266.

          وأيضاً عتاب الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم حينما أذن لبعض المنافقين بالتخلف عن غزوة تبوك ، فعاتبه ربه بقوله : \" عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) سورة التوبة .

          وكذا عتابه الشديد له حينما قال له : \"يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ \". سورة التحريم 1-3.

          أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه عن ابن عباس قال نزلت سورة التحريم بالمدينة، ولفظ ابن مردويه سورة المحرم. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال: أنزلت بالمدينة سورة النساء \"يا أيها النبي لم تحرم\".

          قوله: \"يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك\"
          اختلف في سبب نزول الآية على أقوال: الأول قول أكثر المفسرين. قال الواحدي: قال المفسرون: كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة فزارت أباها، فلما رجعت أبصرت مارية في بيتها مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تدخل حتى خرجت مارية ثم دخلت، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في وجه حفصة الغيرة والكآبة قال لها: لا تخبري عائشة ولك علي أن لا أقربها أبداً، فأخبرت حفصة عائشة وكانت متصافيتين، فغضبت عائشة ومل تزل بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن لا يقرب مارية، فأنزل الله هذه السورة. قال القرطبي: أكثر المفسرين على أن الآية نزلت في حفصة، وذكر القصة.

          وقيل السبب أنه كان صلى الله عليه وسلم يشرب عسلاً عند زينب بنت جحش، فتواطأت عائشة وحفصة أن تقولا له إذا دخل عليهما إنا نجد منك ريح مغافير فحرم النبي صلى الله عليه وسلم العسل على نفسه فأنزل الله هذه الآيات. تفسير ابن كثير 8/161, تفسير القرطبي 10/312 , فتح القدير للشوكاني 5/348 صحيح البخاري (5431).

          فلو كان القرآن قد حرف أو بدل – وحاشاه – لما بقيت فيه هذه الآيات البينات الناصعات , التي تؤكد صدق نبوته صلى الله عليه وسلم .

          2- أثبتوا صدق أمانة الرسول صلى الله عليه وسلم في إبلاغ الرسالة، وإلا لأخفى هذه الآيات وما استطاع أحد من البشر أن يعرف إذا كانت أنزلت أم لا.

          فالله تعالى قال في محكم تنزيله : \"إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113) سورة النساء .

          قال ابنُ عبَّاس : نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَار يُقالُ لَهُ طُعْمَةُ بْنُ أبَيْرِق ؛ سَرَقَ دِرْعاً مِنْ جَارٍ لَهُ يقالُ لَهُ : قتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ ، وَكَانَتِ الدِّرْعِ فِي غِرَارَةٍ وَجِرَابٍ فِيْهِ دَقِيْقٌ ، فَانْتَثَرَ الدَّقِيْقُ مِنَ الْمَكَانِ الَّّذِي سَرَقَهُ إلَى بَاب مَنْزِلِهِ ، فَفُطِنَ بهِ أنَّهُ هُوَ السَّارِقُ ؛ فَمَضَى بالدِّرْعِ إلَى يَهُودِيٍّ يُقَالُ لَهُ زَيْدُ بْنُ السَّمِينِ فَأَوْدَعَهُ إيَّاهَا ، فَالْتُمِسَتِ الدَّرْعُ عِنْدَ طُعْمَةَ فَلَمْ تُوجَدْ عِنْدَهُ ، فَحَلَفَ لَهُمْ مَا أخَذهَا وَلاَ لَهُ عِلْمٌ ، فَقَالَ أصْحَابُ الدِّرْعِ : لَقَدْ أدْلَجَ عَلَيْنَا وَأخَذهَا ، وَطَلَبْنَا أثَرَهُ حَتَّى دَخَلْنَا دَارَهُ ، وَلَقِيْنَا الدَّقِيْقَ مُنْتَثِراً ، فَلَمَّا حَلَفَ تَرَكُوهُ وَاتَّبَعُواْ أثَرَ الدَّقِيْقِ حَتَّى انْتَهَوا إلَى مَنْزِلِ الْيَهُودِيِّ وَطَلَبُوهُ ، فَقَالَ : دَفَعَهَا إلَيَّ طُعْمَةُ بْنُ أبَيْرِق ، وَشَهِدَ لَهُ نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى ذلِكَ ، فَقَالَ قَوْمُ طُعْمَةَ : انْطَلِقُواْ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنُكَلِّمُهُ فِي صَاحِبنَا نُعذُرُهُ وَنَتَجَاوَزُ عَنْهُ ، فَإنَّ صَاحِبَنَا بَرِيْءٌ مَعْذُورٌ. فَأَتَواْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانُواْ أهْلَ لِسَانٍ وَبَيَانٍ ، فَسَأَلُوهُ أنْ يَعْذُرَهُ عِنْدَ النَّاسِ ؛ فَهَمَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يَعْذُرَهُ وَيُعَاقِبَ الْيَهُودِيَّ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ.انظر :تفسير الطبري 9/182 , تفسير الرازي 5/369 , تفسير ابن كثير 2/405.

          فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم غير أمين على الوحي – وحاشاه – لأخفي هذه الآيات التي فيها لوم شديد له .

          ومثاله أيضاً ما روى أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان قد أوحى إليه : أن زيدا يطلق زينب وأنه يتزوجها بتزويج اللّه إياها ، فلما تشكى زيد للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم من خلق زينب وأنها لا تطيعه ، وأعلمه أنه يريد طلاقها قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على جهة الأدب والوصية : \" اتّق اللّه في قولك هذا وأمسك عليك زوجك \" .
          الراوي : أنس بن مالك المحدث : البخاري

          المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 7420 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]


          وقد كان الله عز وجل قد أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم أن زيداً سيطلق زينب ، وأنه ستكون زوجة له ، و أنه صلى الله عليه وسلم كان يخفي هذا ويخشى من مقولة الناس ، أنه تزوج مطلقة من كان يدعى إليه ، فعاتبه ربه على ذلك قول الله تعالى : \" وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) سورة الأحزاب . انظر : جامع البيان للطبري (22/11) و تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/489) ، و انظر البخاري ( برقم 4787) .

          3- كما أنهم لم يفهموا أن العتاب أو العتب دليل وجود الود بينك وبين الشخص الذي تلومه, وعلى قدر الود يكون اللوم، فان كان اللوم عظيما كان هناك مكان للوم ولو على شيء صغير، وإذا كان الود بسيطا لا يكون اللوم إلا على أشياء كبيرة .

          وأن العتاب جاء ليوجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأمثل والأوفق والأرفق والأحسن من السياسات والقرارات، عندما يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ما يكون خلاف الأولى.

          كما جاء في قوله سبحانه :\" عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) سورة عبس .

          فهذه الحادثة نزلت في عبد الله بن أم مكتوم الأعمى الفقير؛ الذي أعرض عنه الرسول عليه الصلاة و السلام لانشغاله مع كبراء قريش، لعلهم يسلمون ويسلم معهم من يتبعهم، وهذا الفعل لم يقصد به النبي صلى الله عليه وسلم أي انحياز طبقي بين الغني أو الفقير، ولكنه ظن أن الغني سيكون مؤثرا في الدعوة إن أسلم أكثر من الأعمى الفقير، ونزلت الآية تعاتب الرسول عليه الصلاة و السلام عتابا رقيقا حتى أن الله تعالى لم يوجه الخطاب مباشرة لرسوله الكريم تلطفا ورحمة به ،وإنما جاء بصيغة المجهول (عَبَسَ وَتَوَلَّى) ثم بعدها جاء ضمير المخاطب (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) وهذا من حب الله تعالى لرسوله ولطفه به، لأنه يعلم أنه لم يعرض عن الأعمى تكبرا، وإنما حرصه الشديد على إسلام صناديد قريش وزعمائها ما هو إلا عزة للإسلام و المسلمين .

          فعاتب الله تعالى رسوله قائلا يا محمد لما تترك السهل وتدخل الصعب، إن الله غني عن هؤلاء جميعا فلا تضيق على نفسك وتحملها المشقة لتهدي من يرفض قلبه الهداية , قال تعالى : \" فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) سورة الكهف , وقوله تعالى : \" فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) سورة فاطر.

          وقوله قال الله تعالى : \" فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55) سورة غافر .

          أي : اطلب من ربك المغفرة لذنبك بأن تفعل الأسباب التي تحصل بها المغفرة : من الدعاء بالمغفرة والتوبة النصوح ، وفعل الحسنات الماحية ، وترك الذنوب ، والعفو عن الخلق والإحسان إليهم.تفسير السعدي 35.
          فالاستغفار هو طلب المغفرة وهو مرتبط بالتسبيح ،ويعتبر الاستغفار من الذنوب، والتسبيح بالعشي والإبكار، من مكملات العبادة والطاعة والقرب من الله تعالى. وطلب الرحمة والمغفرة من الله مطلوب من كل مؤمن مهما بلغت درجة إيمانه، ومكمل للعمل الصالح مهما كان هذا العمل الصالح مقبولا عند الله. والرسول عليه الصلاة والسلام كان يحرص على أن يؤدي ما يجب على أمته أن تقتدي به، حتى ولو كان هذا العمل قد أعفاه الله منه، والله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر, ولكنه مع ذلك كان يستغفر الله في اليوم مائة مرة ويقوم الليل ويصلي حتى تتورم قدماه الشريفتان وتسأله عائشة رضي الله عنها في عجب: يا رسول الله ألم يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول الرسول عليه أفضل الصلاة: أفلا أكون عبدا شكورا.

          قلت: ومن ذلك أيضًا (وهو محل سؤال لأحد الأخوات)
          ما رواه مسلم عن ابْنِ عَبَّاسٍ أنه قال: لَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى في بدر قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا نَبِيَّ اللَّهِ هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ قُلْتُ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ نَسِيبًا لِعُمَرَ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : \" مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) سورة الأنفال . أخرجه أحمد1/30(208) و\"مسلم\"5/156 و157(4609 و4610).

          فقد عاتبه الله تعالى على ترك الأولى وهو قتل هؤلاء الأسرى من كفار قريش الذين لا يرجى منهم الخير .

          قلت (أبو أنس):
          وهذه الآية محل بحث مفصل ننقله لكم من كلام أهل العلم في الحلقة القادمة بمشيئة الله

          قال شاعر أهل السنة:

          عبسَ الرسول لحرصه وحنانـهِ
          ألذاكَ يُخطئُ كامـلٌ ويعـابُ
          اهتمَّ في أمـرٍ خطيرٍ راغبـاً أن
          يهدي قوماً في الجهالةِ غابوا
          قد أيـَّد الرحمنُ فعـلَ محمدٍ
          إذ كان شرعاً قد حواه كتابُ
          إن الطبيبَ إذا تصدَّى لمخطـرٍ
          أيُعدُّ جهلاً كي ينـالُ عقـابُ
          احفظ لسانك إن ذكرت محمداً
          بمحمدٍ يـوم الحساب تثـابُ
          هذا إمــامُ الأنبياء وفخرهم
          قد نالَ مدحاً كيف قيلَ عتابُ


          لا تنسونا من صالح دعائكم
          التعديل الأخير تم بواسطة أول شهيده فى الاسلام; الساعة 13-03-2015, 02:05 AM. سبب آخر: تخريج احاديث وتنسيق

          تعليق


          • #6
            رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            الحلقة الثالثة والأخيرة
            عتاب الله للنبي من دلائل النبوة

            يقول الشيخ عماد الشربيني في مقالة له:
            وأما قوله تعالى : فى أسارى بدر : { ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم } (الأنفال:67)


            فليس فى هذه الآية الكريمة وما بعدها إلزام ذنب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لتصديرها بجملة "ما كان لنبى" وهذا الأسلوب المكون من "كان" المنفية بـ "ما" الآتى بعدها لام الجحود، تأكيداً لتقوية النفى فيها قد ورد فى القرآن الكريم، وكلام العرب على وجهين، كما قال المفسرون، وأهل المعانى(2).

            الوجه الأول :

            النفى كما هو ظاهر أسلوبها كقوله تعالى { ما كان لكم أن تنبتوا شجرها } (النمل:60) وقوله : { وما كان الله ليضيع إيمانكم } (البقرة:143) وهذا هو الأصل فى معنى هذا الأسلوب، لأن توكيد فعل الكون بلام الجحود هو "أبلغ لفظ يستعمل فى النفى"(3) ومعناه انصباب النفى على ما قبل اللام وما بعدها نفياً مطلقاً "يشمل جميع الحالات المعنوية التى يتضمنها الكلام"(4).

            ... ويفيد هذا التركيب معنى زائداً على نفى مجرد الفعل، وهو نفى التهيؤ للفعل المنفى عنه وإرادته والصلاحية له، كما أوضح ذلك أبو حيان وغيره(5).


            ... ولا شك أن نفى التهيئة والإرادة للفعل أبلغ من نفى الفعل، لأن نفى الفعل لا يستلزم نفى إرادته، ونفى التهيئة والصلاح والإرادة للفعل تستلزم نفى الفعل، فلذلك كان النفى مع لام الجحود أبلغ"(6).

            ... أما الوجه الثانى :
            من وجهي استعمال هذا الأسلوب فى القرآن الكريم، فهو النهى الضمنى عن أن يقع متعلق الخبر، كقوله تعالى : { وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله } (الأحزاب:53).

            ... وقد جعل منه بعض العلماء آية بحثنا هذا { ما كان لنبى أن يكون له أسرى } (7) ومعنى الآية على الوجه الأول : أن الله عز وجل يبرئ نبيه صلى الله عليه وسلم، وينزه ساحته عن أن يكون له تهيئة وقصد فى أخذ الأسرى، وإنهاء المعركة قبل الإثخان فى الأرض.

            ... والمعنى على الوجه الثانى :
            نهيه صلى الله عليه وسلم عن أن يكون له أسرى قبل الإثخان فى الأرض، والمبالغة فى إضعاف قوة العدو، ولا يستلزم هذا النهى وقوع المنهى عنه من المخاطب، لجواز أن يكون وقوع المنهى عنه، كان ممن له صلة تبعية بالمخاطب،

            ويؤيد هذا أن "التنكير – أى تنكير نبى فى قوله "ما كان لنبى" إبهاماً فى كون النفى لم يتوجه عليه معيناً"(18) تلطفاً به صلى الله عليه وسلم، وإشارة إلى أن هذا سنة من سنن الله تعالى مع أنبيائه وبياناً لأنه لم يكن صلى الله عليه وسلم متوجه القصد، إلى أن يكون له أسرى قبل الإثخان فى العدو، وإكثار القتل، والجراح فيه، وعلى ذلك يكون الخطاب – فى ظاهره – موجهاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع هذا التلطف الذى يبرئ سماحته صلى الله عليه وسلم مما يوجب العتاب، ويكون الخطاب - فى حقيقته - موجهاً إلى الذين أسرعوا فى إنهاء المعركة، وأخذ الغنائم والأسرى بمجرد ظهور طلائع النصر، ولم يصبروا حتى يكثروا القتل فى العدو كسراً لشوكته. وقد نزه الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن إرادة شئ من الدنيا بتوجيه الكلام بطريق الإفراد فى أول الكلام فى قوله "ما كان لنبى" الذى أخرج مخرج الغيبة، مع أن المقصود به هو النبى صلى الله عليه وسلم، إلى الجمع فى قوله : { تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة } الذى قصد به بعض الصحابة، ممن تجرد غرضه لعرض الدنيا وحده، والاستكثار منها، وليس المراد بهذا النبى صلى الله عليه وسلم ولا علية أصحابه رضى الله عنهم(9).

            ... وهذا يدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يدر بخلده، أن ينهى المعركة قبل الإثخان فى العدو ليأخذ الأسرى، ويغنم أصحابه المغانم، ويؤكده ما رواه ابن إسحاق فى سيرته : "ولما وضع القوم أيديهم يأسرون، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى العريش(10) وسعد بن معاذ قائم على باب العريش الذى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم متوحشاً السيف فى نفر من الأنصار، يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخافون عليه كرة العدو، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم؟ قال : أجل، والله يا رسول الله، كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك، فكان الإثخان فى القتل أحب إلى من استبقاء الرجال"(11).

            ... وهذا يدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم لم ينكر على سعد بن معاذ ما رأى فى وجهه من كراهية ما يصنع القوم، فاستفسره عن ذلك، فقال له : "والله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم؟" فقال سعد : أجل يا رسول الله، وعلل سعد ذلك بأن هذه أول وقعة فى الإسلام نصر الله فيها المسلمين على أعدائهم من المشركين، فكان الإثخان فى القتل أحب إليه من استبقاء الرجال.

            وفيه دلالة على أن المعاتب عليه عدم الإثخان فى القتل، والإسراع إلى الغنيمة، لا أخذ الفداء، لأن سعداً أبان عن رأيه قبل الاستشارة فى أخذ الفداء، وهذا كالصريح فى أن أخذ الفداء من الأسرى لا عتاب عليه، وقد بين الله تعالى هذا بقوله { لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم } (الأنفال:68) فإنه تعالى لعظيم فضله، وبالغ رحمته، منع عذابه العظيم عن المؤمنين المجاهدين يوم بدر، الذى استحقوه بما مالت إليه أنفسهم من الإسراع فى جميع الغنائم، قبل إكثار القتل فى عدوهم.

            ... وهذه الآية الكريمة : { ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض } (الأنفال:67) كما هو ظاهر منها لا تمنع الأسر، وأخذ الفداء نهائياً، ولكنها تقرر أنهما لا يكونان إلا بعد الإثخان فى الأرض بظهور المسلمين على أعدائهم.

            ... وهى لا تتنافى مع آية سورة محمد { فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما مناً بعد وإما فداء } (محمد:4) فلا زيادة فى حكم هذه الآية، على آية الأنفال، لأن كلتا الآيتين متوافقتان "فإن كلتيهما تدلان على أنه لابد من تقديم الإثخان ثم بعده أخذ الفداء"(12) فلا نسخ إذن كما يزعم البعض.

            ... ولكن بعض الصحابة رضى الله عنهم حين اشتغلوا بجمع الغنائم قدموا عرض الدنيا على الآخرة فخالفوا ما أراده الله تعالى لهم من عظيم الظهور وقوة الشوكة.

            ... أما الكتاب المذكور فى قوله تعالى : { لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم } فقد أدى إبهامه إلى اختلاف العلماء فيه على أقوال كثيرة أوصلها الشوكانى(13) إلى ستة أقوال، لعل أرجحها وأقربها إلى المعقول، وأولاها بالقبول هو : ألا يعذب الله أحداً إلا بعد أن يقدم إليه أمراً أو نهياً فيخالف ما قدمه الله إليه(14).

            ... والمعنى : لولا أنه سبق منى أن لا أعذب أحداً إلا بعد النهى لعذبتكم على ما أخذتم من الفداء. إذ لو كان منهياً عنه محرماً لاستحقوا بمخالفته العذاب، فالمراد بالكتاب : حكم الله الذى كتبه وقدره، وهذا التفسير ينفى أن يكون أمر فداء الأسارى معصية لعدم النهى(15).

            ... وفى الآية بيان لما كان مسطوراً فى غيبه تعالى من إحلال الغنيمة، وتطييبها لعبادة المؤمنين من هذه الأمة، وهذا كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء فكأنه قال : "ما كان أخذ الفداء لنبى غيرك" وهو ما أكده صلى الله عليه وسلم بقوله : "أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلى، أحلت لى الغنائم، ولم تحل لأحد قبلى – الحديث"(16).

            ... فقال الله تعالى تطيباً لنفوس أولئك المجاهدين { فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً واتقوا الله إن الله غفور رحيم } (الأنفال:69) وهذا كله ينفى الذنب والمعصية، لأن من فعل ما أحل الله لم يعص(17).

            ... أما ما روى فى أسباب نزول آيات بحثنا، من مشاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فى أمر أسرى بدر، واختياره صلى الله عليه وسلم لرأى أبى بكر ومن معه القائلين بقبول الفداء، من الأسرى تقوية لجيش المسلمين على الكفار بالفداء، ورجاء أن يهديهم الله تعالى للإسلام أو أن يخرج من أصلابهم بعد وقعة بدر من يؤمن بالله، ويهتدى بهداه، ثم بكاءه صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبى بكر شفقة لأجل ما عرض عليه صلى الله عليه وسلم من عذاب أصحابه لأخذهم الفداء، ونزول الآيات بذلك(18) فليس فى ذلك ما يفيد أصلاً بأن النبى صلى الله عليه وسلم أشار بأخذ الفداء، وإنما شاور أصحابه، فأشارت الكثرة منهم بأخذ الفداء، وهم الذين عوتبوا بقوله تعالى : { تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة } (الأنفال:67) فلما خرج إليهم بعد المشاورة قال لهم : { أنتم عالة، فلا يبقين أحد إلا بفداء أو ضربة عنق } (19).


            ... وهذه المشاورة مأمور بها النبى صلى الله عليه وسلم كما يدل على ذلك صريح حديث على بن أبى طالب رضى الله عنه قال : جاء جبريل عليه السلام يوم بدر إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال : "خير أصحابك فى الأسرى إن شاءوا فى القتل، وإن شاءوا فى الفداء، على أن يقتل منهم فى العام المقبل مثلهم، فقالوا : الفداء ويقتل منا"(20).

            ... ومن هنا يظهر جلياً أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يختر أخذ الفداء ولا حبذه، بدليل ما رواه البخارى من قوله صلى الله عليه وسلم فى أسارى بدر : "لو كان المطعم بن عدى(21) حياً، ثم كلمنى فى هؤلاء النتنى(2) لتركتهم له"(23).


            ... وهذا يدل على أن لا عتاب على أخذ الفداء لعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ترك الأسرى، وإطلاقهم بدون فداء، فيما لو كان المطعم بن عدى حياً، وكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم.

            ... كما يؤخذ أيضاً من حديث تخيير جبريل فى أمر الأسرى، أن أخذ الفداء، لا عتاب عليه، إذ لو كان أخذ الفداء موضع مؤاخذة، ما جاء جبريل عليه السلام بالتخيير بينه، وبين القتل، لأنه لا يخير بين جائز مطلق، وبين مؤاخذ عليه. وبالتالى فهم لم يفعلوا إلا ما أذن لهم فيه، لكن بعض الصحابة مال إلى أضعف الوجهين، فى حين كان الأصلح غيره من الإثخان فى القتل، فعوتبوا على ذلك، وتبين لهم ضعف اختيارهم، وتصويب اختيار غيرهم، وكلهم غير عصاة ولا مذنبين(24).

            ... ويؤيد أنه لا عتاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أخذ الفداء، أنه صلى الله عليه وسلم سبق أن فادى الحكم بن كيسان(25) وعثمان بن عبد الله بن المغيرة(26) اللذين أسرتهما سرية عبد الله بن جحش الأسدى رضى الله عنه(27) حين أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثمانية من المهاجرين – إلى وادى نخلة بين مكة والطائف لرصد عير قريش – وذلك قبل غزوة بدر الكبرى بأكثر من شهرين، فالتقوا بهم فى آخر يوم من رجب، من السنة الثانية من الهجرة، فغنموا العير، واقتادوا معهم الأسيرين إلى المدينة، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم العير والأسيرين، وقال أهل الكفر : استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام، وأكثروا فى ذلك، فرد الله عليهم قولهم فأنزل : { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهوكافر فأولئك حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"(28).

            فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم العير والأسيرين، وأخذ الغنيمة، وهى أول غنيمة غنمها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الإسلام"(29) ولم يعاتب الله تعالى أحداً على شئ من ذلك، فلو كان الفداء ممنوعاً لعتب(30).

            وعلى ذلك فلا عتاب لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى فداء الأسرى يوم بدر لعدم العتاب على أخذه، وأخذ الغنيمة، فيما سبق هذه الغزوة أولاً، هذا بالإضافة إلى أن اختيار أخذ الفداء يوم بدر، وقع من الصحابة رضى الله عنهم كما فى حديث تخيير جبريل عليه السلام.

            على أن بعض الأئمة من الذين يرون أن فى الآية عتاباً، أخذاً بظاهر رواية مسلم المشار إليها(31) رجحوا رأى الصديق رضى الله عنه بأخذ الفداء.

            قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
            "وقد اختلف السلف فى أى الرأيين كان أصوب؟ فقال بعضهم: كان رأى أبى بكر لأنه وافق ما قدر الله فى نفس الأمر، ولم استقر الأمر عليه، ولدخول كثير منهم فى الإسلام، إما بنفسه، وإما بذريته التى ولدت له بعد الوقعة، ولأنه وافق غلبة الرحمة على الغضب، كما ثبت ذلك عن الله تعالى فى حق من كتب له الرحمة"(32) قالوا: وأما بكاء النبى صلى الله عليه وسلم، فإنما كان شفقة لنزول العذاب، لمن أراد بذلك عرض الدنيا، ولم يرد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر، وغيره من عليَّة أصحابه(33)أ.هـ. والله أعلم.
            _____________________
            قلت (أبو أنس):
            بقيت مسألة نزول القرآن موافقا لرأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ونرجئها إلى الحلقة القادمة بمشيئة الله

            --------------------

            (2) تفسير القرطبى 8/274، وفتح القدير للشوكانى 2/410 .
            (3) أسرار التكرار فى القرآن لمحمود بن حمزة الكرمانى ص99 .
            (4) النحو الوافى لعباس حسن 4/299 .
            (5) البحر المحيط 1/426، وينظر : مغنى اللبيب لابن هشام 1/211 .
            (6) البحر المحيط 1/426 .
            (7) الآية 67 الأنفال. وينظر : البحر المحيط 4/518، وروح المعانى للألوسى 4/109، والأنصاف لابن المنير بهامش الكشاف 1/476 .
            (8) البحر المحيط 4/518 .
            (9) الشفا 2/159، والمواهب اللدنية وشرحها 9/46، 47 .
            (10) هو : كل ما يستظل به. النهاية فى غريب الحديث 3/187 .
            (11) أخرجه ابن إسحاق فى السيرة النبوية لابن هشام، 2/290 نص رقم 753، وذكره ابن كثير فى البداية والنهاية 3/284 نقلاً عن ابن إسحاق.
            (12) التفسير الكبير للرازى 15/202 .
            (13) هو : محمد بن على بن محمد الشوكانى، فقيه مجتهد، من كبار علماء اليمن، من أهل صنعاء، من مؤلفاته : فتح القدير فى التفسير، وإرشاد الفحول فى أصول الفقه، مات سنة 1250هـ له ترجمة فى : البدر الطالع للشوكانى 2/214 – 225 رقم 482، والفتح المبين لعبد الله المراغى 3/144 – 145، والرسالة المستطرفة للكتانى ص152، ومعجم المؤلفين لكحالة 11/533 .
            (14) فتح القدير 2/325، 326 .
            (15) ينظر : تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/34، وروح المعانى للألوسى 10/ 34، والبحر المحيط لأبى حيان 4/519 .
            (16) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الصلاة، باب قول النبى صلى الله عليه وسلم جعلت لى الأرض مسجد وطهوراً 1/634 رقم 438، ومسلم (بشرح النووى) كتاب المساجد، 3/5 رقم 521 من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنه.
            (17) الشفا 2/159، 160 .
            (18) ينظر الحديث فى صحيح مسلم (بشرح النووى) كتاب الجهاد، باب الإمداد بالملائكة 6/327 رقم 1763 من حديث ابن عباس رضى الله عنهما.
            (19) أخرجه أحمد فى مسنده 1/383، والحاكم فى المستدرك 3/24 رقم 4304 وقال : صحيح الإسناد ووافقه الذهبى، وعزاه الهيثمى فى مجمع الزوائد 6/87 إلى أحمد وأبى يعلى والطبرانى وقال : وفيه أبو عبيده ولم يسمع من أبيه ولكن رجاله ثقات أهـ، من حديث ابن مسعود رضى الله عنه.
            (20) أخرجه النسائى فى سننه الكبرى، كتاب السير، باب قتل الأسرى 5/200 رقم 8662، والترمذى فى سننه كتاب السير، باب ما جاء فى قتل الأسارى والفداء 4/114 رقم 1567 وقال : حديث حسن غريب، وعن أبى عبيدة مرسلاً فى الطبقات الكبرى لابن سعد2/14 .
            (21) هو المطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فى جواره مرجعه من الطائف، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيته ليلة دخوله مكة، وفى الصباح خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه المطعم بن عدى، وبنوه السبعة فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت، وهم محتبون بحمائل سيوفهم فى المطاف لحمايته، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرفوا معه وأعلن ذلك فى قريش. وقد توفى المطعم بن عدى بعد هجرة رسول الله بيسير وهو على دين قومه، وخبر ذلك فى البداية والنهاية لابن كثير 3/135، 136 .
            (22) يعنى أسارى بدر، وأحدهم : نتن كزمن وزمنى، سماهم نتنى لكفرهم كقوله تعالى : { إنما المشركون نجس } جزء من الآية 28 التوبة، وينظر : النهاية فى غريب الحديث 5/12 .
            (32) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب فرض الخمس، باب ما من النبى صلى الله عليه وسلم على الأسارى من غير أن يخمس 6/280 رقم 3139، وفى كتاب المغازى 7/375 رقم 4024 من حديث جبير بن مطعم رضى الله عنه.
            (24) الشفا 2/160، وينظر : جامع البيان عن تأويل آى القرآن لابن جرير 6/289 .
            (25) قدم به أسيراً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم وحسن إسلامه، وأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل يوم بئر معونة، شهيداً. له ترجمة فى : أسد الغابة 2/54 رقم 1226، والاستيعاب 1/355 رقم 522 .
            (26) ذهب حين فدى إلى مكة، فمات بها كافراً. السيرة النبوية لابن هشام 2/259 نص رقم 709 والدرر فى اختصار المغازى والسير لابن عبد البر ص101 .
            (27) صحابى جليل له ترجمة فى : تجريد أسماء الصحابة 1/302، وتاريخ الصحابة ص160 رقم 777، وأسد الغابة 3/194 رقم 2858، والاستيعاب 3/877 رقم 1484 .
            (28) الآية 217 البقرة.
            (29) ينظر: السيرة النبوية لابن هشام2/255-259 نص رقم 705-709، ودلائل النبوة للبيهقى3/17-19، والدرر فى اختصار المغازى والسير لابن عبدالبر ص99،100، وتاريخ الطبرى2/410-413 .
            (30) ينظر: الشفا2/160،161، وشرح الزرقانى على المواهب9/49،50 .
            (31) يراجع: ص155 .
            (32) فتح البارى7/377 رقم4022 .
            (33) ينظر: زاد المعاد لابن قيم الجوزية3/111 .

            يتبع بمشيئة الله
            التعديل الأخير تم بواسطة أول شهيده فى الاسلام; الساعة 13-03-2015, 02:08 AM.

            تعليق


            • #7
              رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

              وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

              حياكم الله أخونا المبارك الكريم "أبو أنس" _أجزل الله له المثوبة"

              ما شاء الله لا قوة إلا بالله .

              موضوع مميز كعهدنا بكم دائماً وإن كنت لم أقرأ كل المداخلات لكن لى عودة إن شاء الله للإستكمال .

              بالفعل هناك الكثيرين ممن أوتوا عقولاً ولم يؤتوا فهوماً والله المستعان .

              عذراً لقطع السلسلة بمداخلتى هيك ووسددكم الله ووفقكم لمرضاته.
              تالله ما الدعوات تُهزم بالأذى أبداً وفى التاريخ بَرُ يمينى
              ضع فى يدىَ القيد ألهب أضلعى بالسوط ضع عنقى على السكين
              لن تستطيع حصار فكرى ساعةً أو نزع إيمانى ونور يقينى
              فالنور فى قلبى وقلبى فى يدىَ ربىَ وربى حافظى ومعينى
              سأظل مُعتصماً بحبل عقيدتى وأموت مُبتسماً ليحيا دينى
              _______________________________
              ""الدعاة أُجراء عند الله ، أينما وحيثما وكيفما أرادهم أن يعملوا ، عملوا ، وقبضوا الأجر المعلوم !!!..وليس لهم ولا عليهم أن تتجه الدعوة إلى أى مصير ، فذلك شأن صاحب الأمر لا شأن الأجير !!!!...
              __________________________________
              نظرتُ إلىَ المناصب كلها.... فلم أجد أشرف من هذا المنصب_أن تكون خادماً لدين الله عزوجل_ لا سيما فى زمن الغربة الثانية!!
              أيها الشباب ::إنَ علينا مسئولية كبيرة ولن ينتصر هذا الدين إلا إذا رجعنا إلى حقيقته.

              تعليق


              • #8
                رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

                جزاكم الله خيرا اخى الكريم

                تعليق


                • #9
                  رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

                  حياكم الله وبارك فيكم جميعا

                  وجزا الله خيرا أخانا الفاضل
                  dr_ghieth

                  أسأل الله أن يجعلنا خيرا مما تظنون وان يجبر كسرنا ويسدد قولنا وعملنا
                  التعديل الأخير تم بواسطة أول شهيده فى الاسلام; الساعة 13-03-2015, 02:06 AM.

                  تعليق


                  • #10
                    رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    جزاكم الله كل خير أستاذنا الفاضل أبو أنس
                    ما شاء الله
                    الموضوع قيم جداً
                    وأنا لم أكمل قراءة الموضوع
                    ومتابع بإذن الله
                    ولكني أحببت أن أشكرك وأنا في ذروة حماسي للموضوع
                    بارك الله فيك اخانا الحبيب في الله

                    قال الحسن البصري - رحمه الله :
                    استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
                    [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


                    تعليق


                    • #11
                      رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

                      جزاك الله خيرا وبارك فيك شيخنا الفاضل

                      تعليق


                      • #12
                        رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                        حياكم الله اخي الكريم كريشان

                        أسأل الله أن يجعلنا خيرا مما تظنون وان يجبر كسرنا ويسدد قولنا وعملنا

                        تعليق


                        • #13
                          رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة


                          جزاكم الله خيرا الجزاء شيخنا الفاضل
                          أنا أيضاً لم أكمل قراءة الموضوع لكنى وصلت للقصيده
                          ماشااء الله اللهم بارك
                          نسأل الله أن ينفع بكم ويرزقكم جوار النبى فى الجنه
                          وإن شاء الله نتابع الجديد

                          تعليق


                          • #14
                            رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

                            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                            جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
                            اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

                            تعليق


                            • #15
                              رد: سلسلة : عتاب الله للنبي - صلى الله عليه وسلم – من دلائل النبوة

                              جزاكم الله خيرا ونفع بكم

                              تعليق

                              يعمل...
                              X