إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الطريق إلى القرآن: مع القلوب الصخرية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الطريق إلى القرآن: مع القلوب الصخرية




    مع القلوب الصخرية





    الحديث عن قسوة القلب حديث ذو شجون، ومن رزايا هذا الزمن أن صرنا لا نستحي من المناصحة عن قسوة القلب بينما قلوبنا كالحجارة أو أشد قسوة .. لكن دعنا يا أخي ندردش دردشة المحبوسين يتشاجون لبعضهم كيف يهربون من معتقلات خطاياهم..

    لقد قرأت كثيراً كثيراً في كتب الرقائق والإيمانيات والمواعظ، وجربت كثيراً من الوسائل التي ذكروها، وأصدقك القول أنني رأيتها محدودة الجدوى، لا أنكر أن فيها فائدة، لكن ليست الفائدة الفعلية التي كنت أتوقعها، ووجدت العلاج الحقيقي الفعال الناجع المذهل في دواء واحد فقط، دواء واحد لا غير، وكلما استعملته رأيت الشفاء في نفسي، وكلما ابتعدت عنه عادت لي أسقامي، هذا العلاج هو بكل اختصار (تدبر القرآن).
    دع عنك كلما يذكره صيادلة الإيمان، ودع عنك كل عقاقير الرقائق التي يصفونها، واستعمل (تدبر القرآن) وسترى في نفسك وإيمانك وقوتك على الطاعات وتأبيك على المعاصي وراحة نفسك في صراعات المناهج والأفكار شيئاً لا ينقضي منه العجب.

    كل تقصير يقع فيه الإنسان، سواء كان تقصيراً علمياً بالتأويل والتحريف للشريعة، أو كان تقصيراً سلوكياً بالرضوخ لدواعي الشهوة، فإنه فرع عن قسوة القلب.
    وهل تعلم كيف تحدث قسوة القلب؟
    قسوة القلب ناشئة عن البعد عن الوحي، ألا ترى الله تعالى يقول: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الحديد:16]
    أرأيت يا أخي؟ إنه طول الأمد .. !
    لما طال بهم الأمد قست قلوبهم .. ولو جددوا العهد مع الوحي لحيت قلوبهم..
    فإذا قسا القلب تجرأ الإنسان على الميل بالشريعة مع هواه ..
    وإذا قسا القلب تهاون الإنسان في الطاعات واستثقلها ..
    وإذا قسا القلب عظمت الدنيا في عين المرء فأقبل عليها وأهمل حمل رسالة الإسلام للناس .. وإذا قسا القلب ضعفت الغيرة والحمية لدين الله ..

    وما العلاج إذاً ؟
    العلاج لما يحيك في هذه الصدور هو مداواتها بتدبر القرآن .. بالله عليك تأمل في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾[يونس:57]
    هكذا تقدم الآية المعنى بكل وضوح "وشفاء لما في الصدور" ..
    ولكن ما الذي في الصدور؟!
    في الصدور شهوات تتشوف .. وفي الصدور شبهات تنبح .. وفي الصدور حجبٌ غليظة.. وفي الصدور طبقات مطمورة من الرين ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾[المطففين:14] ..
    وهذه الدوامات التي في الصدور دواؤها كما قال الله :
    ﴿قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ﴾[يونس:57] ..
    فإذا شفيت الصدور وجدت خفة نفس في الطاعات ..
    وإذا شفيت الصدور انقادت للنصوص بكل سلاسة ونفرت من التأويل والتحريف ..
    وإذا شفيت الصدور تعلقت بالآخرة واستهانت بحطام الدنيا ..
    وإذا شفيت الصدور امتلأت بحمل هم إظهار الهدى ودين الحق على الدين كله ..
    وأعجب من ذلك أنه إذا شفيت الصدور استقزمت الأهداف الصغيرة ..
    تلك الأهداف التي تستعظمها النفوس الوضيعة ..
    الولع بالشهرة ..
    وحب الظهور ..
    وشغف الرياسة والجاه في عيون الناس ..
    وشهوة غلبة الأقران ..
    النفوس التي شفاها هذا القرآن .. ترى كل ذلك حطام إعلامي ظاهره لذيذ فإذا جرب الإنسان بعضه اكتشف تفاهته ..
    وأنه لا يستحق لحظة من العناء فضلاً عن اللهاث سنوات.. فضلاً عن تقبل أن يقوم المرء بتحريف الوحي ليقال فلان الوسطي الراقي الوطني التنموي الحضاري النهضوي التقدمي.. إلى غير ذلك من عصائب الأهواء التي تعشي العيون عن رؤية الحقائق..

    هل تظن يا أخي أن تحريف معاني الشريعة لا صلة له بقسوة القلب؟! أفلا تقرأ معي يا أخي قوله تعالى ﴿وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾[المائدة:13].
    على أية حال ..
    دعنا نُعِد قراءة آية الشفاء ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾[يونس:57]
    يا الله ..
    هل قال الله "شفاء لما في الصدور" ..
    نعم إنه شفاء لما في الصدور..
    هكذا بكل وضوح ..
    هذا القرآن يا أخي له سحر عجيب في إحياء القلب وتحريك النفوس وعمارتها بالشوق لباريها جل وعلا ..
    وسر ذلك أن هذا القرآن له سطوة خفية مذهلة في صناعة الاخبات والخضوع في النفس البشرية كما يقول تعالى ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ﴾[الحج:54]
    فإذا أخبتت النفوس ..
    وانفعلت بالتأثر الإيماني ..
    انحلت قيود الجوارح ..
    ولهج اللسان بالذكر ..
    وخفقت الأطراف بالركوع والسجود والسعي لدين الله .. كما يصور الحق تبارك وتعالى ذلك بقوله: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ﴾[الزمر:23]
    لاحظ كيف تقشعر .. ثم تلين ..
    إنها الرهبة التي تليها الاستجابة ..
    وتلك هي هيبة القرآن..


    مقتطف من كتاب الطريق إلى القرآن
    لإبراهيم بن عمر السكران

    اللهم جبرا يليق بجلالك وعظمتك

    ثم تأتي لحظة يجبر الله فيها بخاطرك، لحظة يفزّ لها قلبك، تشفى كل جراحه، يعوضك عما كان، فاطمئن، لأن عوض الله إذا حلّ أنساك ما كنت فاقدًا
    ربي لو خيروني ألف مرة بين أي شيء في الدنيا وبين حسن ظني بك لأخذت من دم قلبي ورسمت به طريق حسن ظني بك وقلت لهم اتركوني وربي إنه لن يخذلني أبدا


  • #2
    رد: الطريق إلى القرآن: مع القلوب الصخرية

    موضوع رائع اللهم بارك

    ربنا يجعلنا من أهل القرآن الذين يتأثرون به ويتداوون به

    ولكن عذا ساضيف شيئا واحدا...

    وهو ان لكل انسان ما يؤثر فيه بخلاف الآخر

    ولو لم يجد الانسان نفسه يتأثر بالقرآن فى البدايه فربما يتأثر بالوعظ أو الدعاء كبدايه

    وهنا يكون القرآن مقياس حقيقى لدجة الايمان فى القلب

    وجزاك الله خيرا أختى سلمت يمينك


    يارب ... أستودعك أبناء أخى فاحفظهم بحفظك وأعدهم لنا سالمين خلقاً وخُلقاً



    تعليق


    • #3
      رد: الطريق إلى القرآن: مع القلوب الصخرية

      رااائع جداا جزاكِ الله خيرا

      تعليق


      • #4
        رد: الطريق إلى القرآن: مع القلوب الصخرية

        آمين وإياكما أُخْتَيْ
        أسعدني مروركما العطر

        اللهم جبرا يليق بجلالك وعظمتك

        ثم تأتي لحظة يجبر الله فيها بخاطرك، لحظة يفزّ لها قلبك، تشفى كل جراحه، يعوضك عما كان، فاطمئن، لأن عوض الله إذا حلّ أنساك ما كنت فاقدًا
        ربي لو خيروني ألف مرة بين أي شيء في الدنيا وبين حسن ظني بك لأخذت من دم قلبي ورسمت به طريق حسن ظني بك وقلت لهم اتركوني وربي إنه لن يخذلني أبدا

        تعليق


        • #5
          رد: الطريق إلى القرآن: مع القلوب الصخرية

          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          رائع جداً اللهم بارك
          جزاكِ الله خيراً اختى الفاضله
          أسأل الله أن يجعله فى ميزان حسناتك
          ـــــــــ
          أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه

          تعليق


          • #6
            رد: الطريق إلى القرآن: مع القلوب الصخرية

            وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
            ---------------------
            ماشاء الله اللهم بارك
            الكتاب ده من أحب الكتب الى قلبى

            لاحظ كيف تقشعر .. ثم تلين ..
            إنها الرهبة التي تليها الاستجابة ..
            وتلك هي هيبة القرآن..
            جزاكِ الرحمن خيرا وجعله فى ميزان حسناتك
            -----------------
            أوصانا بها النبي صلى الله عليه وسلم .. قال "من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف" [رواه أبو داود وصححه الألباني] .. والفرار من الزحف من أكبر الكبائر.



            تعليق


            • #7
              رد: الطريق إلى القرآن: مع القلوب الصخرية

              جزاك الله خيرا
              مقال رائع

              تعليق


              • #8
                رد: الطريق إلى القرآن: مع القلوب الصخرية

                جزاكِ الله خيرا أختى سلمت يمينك
                يا الله
                علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة

                تعليق


                • #9
                  رد: الطريق إلى القرآن: مع القلوب الصخرية

                  اللهم بارك
                  رائع جدااا ويمس القلب
                  نفع الله بك
                  سبحانك اللهم وبحمدك ,,, سبحان الله العظيم
                  اللهم ارحم أمي وارزقها الفردوس الأعلى من الجنة

                  تعليق


                  • #10
                    رد: الطريق إلى القرآن: مع القلوب الصخرية

                    آمين وإياكن

                    اللهم جبرا يليق بجلالك وعظمتك

                    ثم تأتي لحظة يجبر الله فيها بخاطرك، لحظة يفزّ لها قلبك، تشفى كل جراحه، يعوضك عما كان، فاطمئن، لأن عوض الله إذا حلّ أنساك ما كنت فاقدًا
                    ربي لو خيروني ألف مرة بين أي شيء في الدنيا وبين حسن ظني بك لأخذت من دم قلبي ورسمت به طريق حسن ظني بك وقلت لهم اتركوني وربي إنه لن يخذلني أبدا

                    تعليق

                    يعمل...
                    X