تفريغ المحاضرة:
(الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الرسل والنبيين، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أهلاً وسهلاً بالإخوة الحضور معنا، وأهلاً وسهلاً بالإخوة والأخوات المشاهدين في بداية هذه الدورة المباركة، في الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، واليوم نبدأ -بإذن الله عز وجل- بهذا المقرر، وهو مقرر العقيدة.
فنبدأ هذه البداية المباركة وهذه البداية بهذا المقرر العظيم، وهو العقيدة الإسلامية. سنتعرض -بمشيئة الله في هذا الدرس- ولعلنا -إن شاء الله- نقدم لكم الخطة الدراسية أو أنها تُنزل لكم الخطة الدراسية، ماذا سندرس كل يوم؟ حتى يكون المتابع والمشاهد والطالب عندنا يستطيع -بإذن الله عز وجل- أن يحضر لهذا الدرس، ويتعلم المسائل؛ حتى تثبت في ذهنه -بإذن الله عز وجل-.
نتعرض اليوم -بإذن الله عز وجل- لعدة قضايا، أولها هو ما يظهر أمامكم الآن مصادر تلقي الدين، يعني كيف نتلقى الدين ؟ ما هو المنهج الذي نتلقى به دين الله -عز وجل-.
القضية الثانية التي نتعرض لها من هم أئمة السنة الذين نتلقى عنهم الاعتقاد ؟ أئمة السنة بحمد الله كثير، وسنستعرض بعض كتبهم، وهي موجودة معنا -بإذن الله عز وجل-، ونأخذ نماذجَ من جميع المذاهب الإسلامية.
أيضًا سنتعرض للمقرر الذي ندرسه في هذا الكتاب؛ لأننا بحاجة حتى يكون مقررا واضحَ المعالم، والأكاديمية في هذه الدورة اتخذت الدراسة الجامعية المعروفة، بحيث إنه يكون لدينا مجموعة من مفردات الدراسة، وفيها مقرر يرجع إليه الطالبُ، وهذه الطريقة الجامعية الآن المتعارف عليها، وبإذن الله عز وجل نسير على هذه الطريقة.
القضية الأولى
التي نبدأ بها، وسنتشاور إن شاء الله في كل هذه القضايا، ونتناقش فيها -بإذن الله عز وجل- وأيضا مع الإخوة المشاهدين والإخوة المتابعين والأخوات المتابعات.
نأخذ الآن القضية الأولى وهي قضية مصادر تلقي الدين، كيف نتلقى الدين؟ أو كيف نتلقى هذا الدين الذي أوحى الله به إلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-؟
لكن قبل أن نبدأ في مصادر تلقي الدين وتظهر أمامك على الشاشة، نُشير إشارة سريعة جدًّا لقضية مهمة جدًّا وهي لماذا ندرس العقيدة؟
كما تعلمون أن النجاة من عذاب الله -عز وجل- هي بهذا الاعتقاد الذي جاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولذلك جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما روى الإمام مسلم في صحيحه وغيره قال: «من لقي الله لا يُشرك به شيئًا؛ دخل الجنة، ومن لقيه يُشرك به شيئًا؛ دخل النار»، ولذلك فإن النجاة معتمدة على هذه القضية، وهي الاعتقاد الصحيح، ولذلك جاء هذا الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أيضًا، هذه العقيدة الصحيحة يُكفِّر الله بها الخطايا، هل تحفظون حديثًا في ذلك عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «قال الله تعالى: يا ابن آدمَ، لو أتيتني بقُرابِ الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تُشرك بي شيئًا؛ لقيتك بقُرابها مغفرةً». فإذن يُغفر لأهل التوحيد وأهل الاعتقاد الصحيح، يُغفر لهم ما لا يُغفر لغيرهم.
ومعنى قُراب الأرض: أن الإنسان لو أتى بملء الأرض -أو ما يوازيه- من الخطايا، لكنه لا يشرك بالله؛ فإن هذا الإنسان له هذا الوعد العظيم.
وهنا قال: «شيئًا» لماذا قال شيئًا؟ قال: «شيئًا»؛ لأنها نكرة في سياق النفي؛ أي إنه لا يكون عنده شيء من الشركِ في ذلك. ولذلك فإن العقيدة الصحيحة تُقبل معها الأعمالُ، أما إذا كانت العقيدة غير صحيحة؛ فإنها لا تقبل معها الأعمال، ولذلك قال -عز وجل-:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
أما العقيدة الفاسدة؛ فلا تُقبل معها الأعمال، ولذلك الله -عز وجل- قال لرسوله -صلى الله عليه وسلم- ولا يمكن أن يقع من رسوله -صلى الله عليه وسلم- ذلك، قال: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] وهذا مستحيلٌ أن يكون من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لكنه إذا وقع من أي أحد كائنًا من كان؛ فإنه لا يقبل في ذلك.
أهمية العقيدة ومسائلها كثيرة جدًّا، لكني لا أريد أن نُثقل المنهج بهذه القضايا؛ لأن الكثير -إن شاء الله- يعرفون هذه القضايا من خلال قراءة القرآن الكريم ومن خلال السنة النبوية الشريفة، وسيمر علينا -إن شاء الله- من خلال المقرر، ومن خلال الدرس.
نأخذ الآن القضية الأولى وهي مصادر تلقي الدين؟ يعني كيف نتلقى الدين؟ من أين نتلقى الدين؟ ما هي الجهة التي نتلقى بها الدين؟ وهذه قضية عقدية كبيرة ومهمة جدًّا، وقضية منهج تلقي الدين يجب أن تخضع للتحميص، فكل إنسان يجب أن يمحص من أين أتلقى الدين؟ فليس مجرد أن يقالل لي: اقرأ هذا، أو ادرس هذا، أو غير ذلك.. لا، يجب أن يُمحص. ولذلك فإن الله -عز وجل- دائماً يقول في القرآن: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ} [النساء: 82]، { أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ } [الأنعام: 50]، أي: أعْملْ ذهنك، وتأملْ ذلك.
ولذلك مصادر تلقي الدين هو كتاب الله، المصدر الأول لتلقي الدين هو كتاب الله تعالى. المصدر الثاني: سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ماذا يدخل فيها؟ قوله وفعله وتقريره -عليه الصلاة والسلام-، كل ذلك داخل فيها، هل يدخل فيها الأحاديث الضعيفة والموضوعة؟ تُقبل هنا؟ لا، لا تُقبل، وإنما تكون للأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أيضًا الإجماع، والإجماع هنا مبني على كتاب الله وعلى سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولذلك يُعرِّفون منهج تلقي الدين بأنه: الطريقة التي يُستمد منها الدين عمومًا، والعقيدة خصوصًا، من حيث المصادرُ والاستدلالُ، من حيث المصادر والأسلوب أو الاستدلال، بحيث إن الإنسان يَعرف كيف يأخذ هذا الدين، يأخذه من حيث هذه المصادر، من هذه المصادر وبهذه الطريقة، يعني نأخذ بهذه المصادر ومن هذه الطريقة. فلا يمكن للإنسان إلا أن تكون مثل هذه القضية العظيمة -التي فيها نجاته- مُحددةً في ذلك.
ولذلك فإن الله -عز وجل- قال لرسوله -صلى الله عليه وسلم- في المشهد العظيم والموقف العظيم يومَ عرفة، أكبر جمع في تاريخ رسول -صلى الله عليه وسلم-، حيث حجَّ معه أكثر من مئة ألف، نزَّل الله عليهم في ذلك المشهد: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } [المائدة: 3] فلذلك الذي لم يرضَ ذلك أو يأخذه من غير الكتاب والسنة؛ فهو لم يرض الإسلام دينًا.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله، وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض»، فلذلك المصدر الذي نأخذ منه هو كتابُ الله وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإجماع الأُمة وهو مبنيٌّ عليهما، والإجماعُ إجماعُ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الأُمة بعد ذلك تفرقتْ أما الصحابة فقد اجتمعوا -رضي الله عنهم- في ذلك.
كيف نتلقى العقيدة من القرآن الكريم؟ هل لدينا استطاعة أن نتلقى العقيدة من القرآن الكريم؟ هل توجد من غير القرآن والسنة؟
لا يمكن أن نجد في ذلك، ولذلك سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- شيخنا العلامة سئل في الفتاوى: ما هو كتاب العقيدة الذي تنصحنا به؟ قال: كتاب الله وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كتاب الله وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
ولذلك سنستعرض بعد قليل كتاب الإمام البخاري الصحيح، سنستعرضه، سنجد فيه أبواب في ماذا؟ في الاعتقاد، كتاب أبواب في الاعتقاد في ذلك، فإذن الدين يقوم على التسليم لله -عز وجل-، ولذلك كل شخص لما ترى ستجد أنه سيأتي بآراء ما يراه فلان لا يراه فلان، وما لا يراه فلان لا يراه فلان، وبالتالي يكون الافتراق. أما كتاب الله وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ففيهما الاجتماع، ويستحيل أن تجتمع هذه الأمة إلا على كتاب الله وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والإجماع هو تبع لهما.
هل القياس يدخل هنا؟
لا، لا يدخل في العقائد، لكن في الفقه يدخل في ذلك، وكلامنا الآن عن العقيدة، أما مسائل المعاملات؛ فمثلا ما وسيلتنا الآن في التعلم؟ ما هي الطريقة المناسبة، هذا أمر متروك لك، أنت ابحث فيها، كيف نضع الطرق؟ كيف نعالج مشكلة المواصلات؟ كيف نعالج كذا؟ كل هذه قضايا ينظر فيها في الأفضل من الناس والخبير من الناس.
يرتبط بهذه العقائد بعض التنبيهات:
الأولى: فهم أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو حجة، فهم أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- لهذه النصوص، نصوص الكتاب والسنة حجة، لماذا؟ لأنهم شهدوه، والقرآن نزل بلغة العرب لغتهم، فشهدوا نزول الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذا اختلفتِ الفهوم؛ ففهْم أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- حجة، وكذلك من تابعهم حُجة، أين نجد أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟).
{طالب:
في سِيَرهم وفي الرجوع إلى سِيَرهم.}
(الشيخ:
فقط، سِيرهم ر نجد فيها الكثيرَ، كتب التفسير؛ مثل تفسير الطبري -رحمه الله-، ذكرها بالأسانيد؛ قال ابن عباس، قال فلان، قال أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، يأخذهم واحدًا ويقول هذا رأيه بالسند، انظر السند. وأيضًا، كتب الأحاديث سنجد فيها كثيرًا من آراء أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- والتابعين والأئمة رحمهم الله تعالى.
نجد أن منهج السلف هو الأعلم وهو الأسلم وهو الأحكم، منهج السلف هو الأعلمُ، وهو أيضًا الأحكم، وهو أيضًا الأسلم، لماذا نقول هذا؟ لأنه قد وُجدت طوائف وقالوا: إن منهج السلف أسلم، بينما إن منهجهم هو الأحكمُ، يعني أن الصحابة ما كان منهجهم أرادوا فقط السلامة وأنهم كالأميين؛ أي ما فهموا ذلك، بل إن الصحابة لما تجد كلامهم.. يقول أبي العز الحنفي -رحمه الله- كلمةً جميلةً، يقول: "الصحابة والسلف الأول كان الرجل منهم يقول الكلمة والكلمتين فينفع بهما الفئام من الناس"، كلامهم قليل لكنه مفيد، والقول أنهم لم يفهموا القرآن ولم يفهموا السنة، هذا حقيقة من الخطأ العظيم والظلم العظيم لمثل هؤلاء.
أيضًا، العقيدة توقيفية لا يجوز تلقيها من غير الوحي إطلاقًا، العقيدة توقيفية. وتأمَّل الناس، فكثير من الناس يأتي ويتكلم كثيرًا، ويُطيل الكلامَ والنقاشَ، مع أن الإنسان لو نظر إلى نفسه وتأمَّلَها، سيجد أن هناك جوانب في حياته أو في نفسه هو لا يَعرفها، فلو سئل عن الروح، بل اكتشاف ذات جسد الإنسان إلى الآن والطب كل يوم يطلع لنا بجديد، فإذا كان الإنسان إلى الآن لم يكتشف ذاته؛ فكيف يريد أن يكتشف شيئًا آخر بعيدًا عنه، ولذلك فإن الوحي هو مصدر الاعتقاد، لا يمكن أن آخذ الاعتقاد من غير ذلك.
أيضًا، أن هذه العقيدة مبناها على أمرين:
الأول: التسليم لله -عز وجل-.
الثاني: الاتباع لرسوله -صلى الله عليه وسلم-.
سنجد من الأشياء المسلَّمة أن أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- والتابعين لهم بإحسان هم على اعتقاد أهل السنة بالنقول الثابتة عنهم، وسيأتي لك سندٌ.. كما يفعل الإمام البخاري فهو يضع لك سندًا، و يقول: أخبرنا فلان، يعني أخبرنا سالم عن عبد الله بن عُمر، أو أخبرنا نافع عن عبد الله بن عمر، أو أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، هذا السند أمامك الآن، هل تجد في هذا السند كذَّابًا أو وضَّاعًا؟! هذا يستحيل عليك أنك تجد في مثل هذا السند في ذلك، فنجد النقول الثابتة وعن التابعين كلها في هذا الأمر.
عندنا المصادر المخالفة لأهل السنة، أو يسمونها مصادر التلقي الباطلة.
ما هي المصادر الباطلة المخالفة للمصادر الصحيحة، التي يتلقون منها؟
أول هذه المصادر: الأهواء، والسلف يسمونها الأهواء، لماذا سموها الأهواء؟ قالوا: هي هوى في نفسه. ومثال على ذلك: شخص يريد أن يعمل كذا، ليس مستسلمًا لله، وإنما القضية التي لديه ما هي؟ هواه، هوى في نفسه، يريد أن يتابعَ مثل هذا الأمر أو يقول ذلك، أيضًا الآراء الشخصية والأوهام والظنون.
خذوا مثالا الآن، وأنا أضربه لكم، وبالإمكان أنك تُتابعه وممكن أن نُحضر الكتاب معنا، كتاب "المواقف" لعضد الدين الإيجي، هذا كتاب معروف وله شروح كثيرة جدًّا، نجد أن عنده الموقف، والموقف عبارة عن باب، هو يُسمي الأبواب مواقفَ، عنده موقف كامل عن الأعراض، والموقف الثاني عن الجواهر.
أتدري ما هذه النظرية؟ ثم قال: إثبات وجود الله ينبني على هذه النظرية، نظرية الجوهر والعَرَض، ما معنى الجوهر والعرض؟ الجوهر والعرض نظرية يونانية قديمة ليس لها أي أساس، أوهام، واحد يتوهم أشياء، وهي تقول: إن جواهر الأشياء متفقة، فجوهر الماء مثل جوهر النار، هل يمكن أن يتفقا؟ بل نجد أنَّ البغدادي -رحمه الله- ينقلُ الإجماع على أن الجواهر متفقة، وهذه من الأوهام والظنون، ولذلك الدين لا يُتلقى من ذلك، يُتلقى من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، من كتاب الله وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
عقائد الأمم الأخرى:
جاء بعض الذين يُظهرون الزهد أو شيء من التصوف، الزهد المخالف للشرع، يلبس ثوبَ صوفٍ، الملابس الصوف يعني الخشنة؛ أي ثيابًا خشنةً جدًّا، ثم جاء إلى علماء السلف -رحمهم الله-، فجاء يكلمهم، قالوا: ضعْ عنا نصرانيتك، هل هو حَمَلَ نصرانية عليه، ماذا حمل؟ نعم قد تقلد ملابسهم، أخذ هذا اللباس عنهم، أما الإسلام؛ فليس فيه ذلك، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- حَثَّ على غير ذلك.
أيضًا من مصادر التلقي: الأحاديث الموضوعة المكذوبة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وأئمة الهدى. الأحاديث المكذوبة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وأئمة الهدى.
سنجد كتبًا كثيرةً جدًّا مليئة بهذه الموضوعات، وهي عُمدة عند طوائفَ من المسلمين، هل تعمدوا أن يأخذوا هذه الأحاديث الموضوعة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟! معاذ الله، لكنْ ظنوه شيئًا ثابتًا عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ مثل "بحار الأنوار"، يخرج أحد الباحثين ويقول: خمس وتسعين بالمئة مما في هذا الكتاب مكذوب، فوُجدت كتب كثيرة فيها أحاديث موضوعة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
والرسول -صلى الله عليه وسلم- لعن الكذب عليه -صلى الله عليه وسلم-؛ «من كذب عليَّ مُتعمِّدًا؛ فليتبوأ مقعده من النار».
أيضًا: منها الرؤى والأحلام، الرؤى والأحلام، كيف يجعلون الرؤى والأحلام من مصادر التلقي؟ نعم تفضل..).
{طالب:
عندما يرى فلان مثلًا رُؤيا فتُفسر له يَقتدي به الناس فيما رأى، ينشر هذه الرؤيا.}.
(الشيخ:
أمثلتها كثيرة جدًّا، كثير من القبور المنتشرة في العالم الإسلامي كلها رُؤى، واحد يقول: أنا رأيتُ في المنام أن قبر فلان هنا، مثل الخضر، هل هو حي فعلًا؟ الجماهير على أنه مات قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومع ذلك له عدة قبور في العالم الإسلاميِّ.
ونجد أن في كثير من المؤلفات يأتيك الغزاليُّ في "إحياء علوم الدين"، وقبله أخذ من "قوت القلوب"، سنجد أنه يقول: والله رأيت الخضرَ! قال لي الخضر! فعل الخضر! كل هذه رؤى وأحلام من الشيطان.
أيضًا، من المصادر المتشابِه والغريب والشاذُّ من الأقوال.
المتشابه: فيتمسكون بجزء من المتشابه ويتركون ما ثَبَتَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ومنها: القول بعِصمة الرجال، هل هناك أحد يقول إن هناك أحدًا معصوم بعد الرسول؟ قالوا: الولي محفوظ، وهناك من قال: الأئمة معصومون مثل الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لكنها ليست مثل عصمة الرسول، لكن حقيقة القول وخلاصة القول إن هناك عصمة لهؤلاء، فهذه هي بعض المصادر التي ابتلي بها المسلمون وكانت من أسباب ضلالهم.
كيف تأتيك هذه المصادر؟ هل يأتيك يقول: مصادرنا من الرؤى والأحلام، لا يأتون بها بهذه الطريقة، وإنما غالب المؤلفين يكون فيهم شيء من الذكاء فماذا يفعلون؟ يأتي لك بقصة ويُورد ضمنها هذه الرؤى وهذا الحُلم أو هذه الأشياء، فيوردها من ضمن هذا الباب، ولذلك يُوردنها مرة بقصة، ومرة بكرامة، بقصة كرامة، ومرة بعِدة ألوان وأشكال في ذلك.
الآن أخذنا مصادر التلقي، منهج تلقي الدين يتضمن شيئين:
الأول مصادر التلقي.
الثاني: الأسلوب، الذي هو منهج الاستدلال.
كيف نستدل بهذا؟ الآن أصبح عندنا القرآن الكريم، وعندنا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، كيف نستدل بهما؟
سنجدُ منهج الاستدلال عند أهل السنةِ ومنهج الاستدلال الصحيح هو حصْر الدليل في الوحيِ، ولذلك قال أهل العلم: "لا يَفصل النزاع بين الناس إلا كتابٌ منزَّل من السماءِ"، ولذلك الآن الذي يقولُ بالحريةِ، الحرية عَظَمَتها في متابعة الوحي، أعظم من هذه الحرية شيء، أنه ليس عليك سلطانٌ من البشر أبدًا، ولذلك كل من انحرف عن منهج السُّنة فهو يدخل في قول الله تعالى:{ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ } [التوبة: 31]، وهذه فسرها من؟ فسرها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث عَدِي بن حاتم، قال: يا رسول الله، ما عبدناهم، ما ركعنا لهم ولا سجدنا لهم، ماذا يكون؟ قال: «ألم يكونوا يحلون الحرام فتطيعوهم؟»، قال: بلى، «أليسوا يحرمون الحلال فتطيعوهم؟»، قال: بلى، قال: «تلك عبادتهم»، ولذلك أهل السنة الدليل الذي يلزمني ويلزمك ويلزم الناس جميعا هو الوحي، الذي جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
القاعدة الثانية في منهج الاستدلال: مراعاة قواعد الاستدلال، فلا يُضرب بها عُرض الحائط هذه الأمثلة، أو لا ننظر إليها، ولذلك انظروا { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [طه: 5]، جاؤوا إليها وقالوا: استولى، كيف أتيتم بها "استولى"، من أين؟ عليكم مراعاة قواعد الاستدلال، العرب إذا جاءت "استوى" مع "على"؛ فمعناه "ارتفع"، ولذلك قال: أتوا إلى بعض الأعراب: فقال وكان في مكان مرتفع فقال: استووا، قال: ما فهمنا ماذا يقول، حتى جاء رجل آخر يعرف العربية قال: معناه ارتفعوا إليَّ، اصعدوا إليَّ، فالمقصود مراعاة قواعد الاستدلال، مراعاة الآيات الأخرى، تجمع الآيات وتفسر النصوص معا.
أيضًا، من قواعد الاستدلال لكن لأهميته يُبرز، الاعتماد على تفسير القرآن بالقرآنِ، وهذا هو منهج من؟ منهج الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولذلك لما اهتمَّ الصحابة -رضي الله عنهم- في قوله تعالى: { وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ } [الأنعام: 82]، فكأن القضية عندهم أصبحت كبيرة، قالوا: يا رسول الله، وأيُّنا لم يظلم نفسه؟! قال: «ألم تسمعوا قولَ العبد الصالح: { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان: 13]»، ففسرَ الرسول -صلى الله عليه وسلم- الآيةَ بآيةٍ أخرى، وهذا تفسير الصحابة -رضي الله عنهم-.
ولذلك الإمام محمد الأمين الشنقيطي ألف كتابًا كبيرًا عظيمًا "أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن"، فَسَّرَ القرآنَ بالقرآنِ، ولذلك الآيات تجدُ تفسيرها، والقصة تجد تفصيلها في موضع آخر. وكذلك تفسير القرآن بالسنة؛ لأن القرآن يُفسر بسنةِ الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
أيضًا، الاعتماد على تفسير الصحابة؛ بأن يُفسر القرآن بأقوال الصحابةِ وفهْم الصحابة وفعل الصحابة ¬-رضي الله عنهم- لأنهم أزْكى الأمة وأفضل الأمة، وهم الذين نزل الوحي وهم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ومنها: تجنُّب الألفاظ المبتدَعة:
الألفاظ المبتدعة يَتجنَّبها أهلُ السنة، مثل لفظ: الجسم. وبعض خصوم أهل السنة يقول: أنتم مُجَسِّمة، طيب، هل قلنا بجسم؟َ أهل السنة لا يُطلقون هذه اللفظة ولا يَنفونها، ويسألون: ما معناها؟ ماذا تريدون بها؟ إن أراد بها نفْي الصفاتِ، فنحن لا نقبلُ هذا اللفظ، لكنا لا نُطلق هذا اللفظ، أهل السنة لا يُطلقون مثل هذه الألفاظ.
وأيضا: حُلول الحوادث، هذا مصطلح عند أهل البدع، ماذا يريدون به؟ يريدون به نفي صفاتِ الرب -سبحانه وتعالى-.
ولذلك أرادوا به معنى حقَّا ومعنى باطلًا، ولذلك أهل السنة يتوقفون، وهذا الغاية وهذا قِمة العدْل، يقولون ماذا هذا المعنى الذي تريد؟ هل هذا المعنى مقبولٌ في كتابِ الله؟ الحمد لله، غير مقبول في كتاب الله؛ فهو مردود في ذلك.
أيضًا تجنُّب المِراء والخصومات في الدين، ما هو المراء؟ المجادلةُ بالباطل، المراء هو الجدال بالباطلِ، حتى لو كنتَ بحقٍّ، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الجدال، ولذلك كثير من الجدالِ لا يُؤدي إلى خير، لا يأتي بخير إطلاقا.
ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أنا زعيم في بيت في رَبَضِ الجنة لمن تَرَكَ الجدال وإن كان مُحقًّا». طيب أهل السنة يجادلون، أهل السنة جادلوا في بعض المواقف، جادلوا عند الحاجة وعند الضرورة يجادلون أهل البدع، لكن على إطلاق؟ لا، ليس في ذلك.
أيضًا، من قواعد الاستدلال نفي التعارض بين العقل السليم والفطرة الصحيحة ونصوص الشرع:
لا يمكن للعقل أن يعارضَ النصوص، لكن لماذا قلنا العقل السليم؟ لأن هناك عقولًا غير سليمة منحرفة عندها مفاهيم خاطئة، فنحن نتكلم عن العقل السليم، فإنه يَستحيل أن يخالف الكتاب العزيز.
ولذلك ألف أكثرُ من واحد من أهل السنة في باب درء تعارض العقل والنقل، لا يمكن، يستحيل، ونجد من قواعد المخالفين للكتاب والسنة أنهم يضعون قاعدة: أن ما خالف العقل لا نقبله. طيب أي عقل؟ فالناس متفاوتة في العقول، العقل الذي في القرن الخامس الهجري، أم الذ في الثالث؟ أم في القرن المعاصر؟ أم في شرق الأرض أم في غربها؟ مختلفة، المفاهيم مختلفة، ما يقبل عند قوم لا يُقبل عند آخرين. فأي العقول تريد؟ والناس متفاوتة في العقول، فأيها يريد؟ ولذلك هذا من أسباب الضلال.
أيضًا: ترك التأويل، لا يتأولون النصوصَ ولا يَرُدُّونها، بل يقبلونها كما جاءت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
أيضًا من مناهج الاستدلال: العناية بالإسناد؛ إنه يذكر الإسناد عنه، طيب هناك أيضًا منهج الاستدلال عند المخالفين للسنة، لكن هو عكس هذا المنهجِ، مثلًا عندك نفي تعارض العقل السليم والفطرة، لذلك نجد بعضهم يقول إنه من أصول الكفر عندهم الأخذ بظاهر نصوص الكتاب والسنة في الأسماء والصفات، هذا لعدمِ العناية بالإسنادِ، هو منهج أهل البدع مخالف لمنهج الاستدلال عند أهل السنة، فلذلك لا نُطيل عليكم في ذلك.
نأخذ ما هو مفهوم أهل السنة والجماعة؟
نحن كررناه أكثر من مرة الآن، فما هو مفهوم أهل السنة والجماعة؟
مفهوم أهل السنة والجماعة هم أصحابُ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهم أتباع أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتابعيهم إلى يوم الدين، وإذا قلنا أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- يدخل كل أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومنهم أهلُ بيته ومنهم زوجاتُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وكلهم اجتمعوا على أهل السنة والجماعة، وهم أهل السنة والجماعة؛ لأن البعض -للأسف الشديد- إذا ذكرت أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فإنه يفرق بين أصحاب الرسول وآل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والصحيح أنه لا يُفرق بينهما؛ فإنهما شيء واحد، ولذلك تجد التزاوجَ والتصاهُرَ بينهم، بعضهم يُسمي على بعض، وبعضهم يَتَرَضَّى عن بعض -رضي الله عنهم أجمعين-، ولا يوجد بينهم خلاف كما يُطرح في هذا، لأنها أسانيدُ غير صحيحة في ذلك.
هُم أتباع أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتابعيهم إلى يوم الدين، أهل السنة والجماعة هم أتباعُ أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتابعيهم إلى يومِ الدين، كل من سار على نهج أصحاب الرسولِ -صلى الله عليه وسلم- فهم تابعوهم إلى يوم الدين.
أيضًا هم العاملون بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، يَعملون بهدْي النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في كل الأحوال، وهناك نصوص وأدلة دالَّة على ذلك، لكن نحن نتجاوز؛ حتى نأخذ في ذلك؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على ثِنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة، كُلها في النار إلا واحدة»، قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: «ما أنا عليه وأصحابي». الذي عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا هو الصحيح في ذلك.
أيضًا هذه الطائفة ناجية من عذابِ الله، وناجية أيضًا من البدعِ بإذن الله، وهذه الطائفة الظاهرة المنصورةُ، ولذلك أنا سآتيكم الآن، وأعرض لكم بعد قليل كتبَ أئمة أهل السنة، سنجد أنا نعرض كل بلدٍ لا بد فيها من أهل السنة من يُبين الاعتقاد الصحيح.
أيضًا، هم الغرباء، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «طوبى للغرباء» يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني في هذه الطائفة أنهم غرباء بين الناس.
أيضًا هم أهلُ الحديث، أهلُ حديثِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، دائما الوقت يداهمنا حتى في هذه الأشياء.
نأخذ بعض الناس الآن يذكر أو يقول: إن السنة أو الاعتقاد الصحيح عندما يُذكر؛ فهو عند الحنابلة، عند محمد بن عبد الوهاب، هو عند ابن تيمية فقط ولا يوجد، وأن بقيةَ الأمة مخالفون في ذلك.
ولذلك نحن نقول دائما سواء في دروسنا هنا أو في غيرها، لو كان هذا الاعتقاد عند محمد بن عبد الوهاب أو عند ابن تيمية أو عند خمس أو ستة أو عند الحنابلة فقط فإنا لا نقول به، إنما نقول بما جاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو قولُ أغلبِ طوائف هذه الأمة، وأئمة الهدى وأعلام الهدى من هذه الأمة، وهم كُثر بحمد الله -عز وجل-، فإنهم طوائفُ كثيرةٌ من أهل السنة والجماعة.
لكن -للأسف الشديد- يكون أحيانا هناك نقص أو شيء من التقصير سواء من أهل السنة أو العدوان من أهل البدع عليهم، فأهل السنة دائما إذا جاؤوا ينقلون؛ قال ابن تيمية، قال محمد بن عبد الوهاب؛ لأن كتبهم قريبة وموجودة لديهم على الإنترنت وسهلة، بينما بعض الأئمة الكبار أقوالهم بعيدة عنهم، فما ينقلون مثل هذه الأقوال، ولذلك أنا أنصح أن يأخذ أقوال أئمة بلده، يعني أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية سنجدها عند أئمة السنة كلهم من جميع المذاهب، كذلك لا نجد أي قول جديد مثلا عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأنا أتحدى أي أحدٍ أن يأتي بقولٍ انفرد به عن أحد من أئمة المسلمين، بل ما قاله محمد بن عبد الوهاب قاله غيره من أئمة المسلمين في بلاد كثيرة.
فأئمة أهل السنة من المالكية -رحمهم الله- سنجد الإمام مالكًا هو إمام أهل السنة وتلاميذه -رحمهم الله تعالى- كلهم على السنة وكلهم على اعتقاد أهل السنة، وهناك كتاب عن "منهج الإمام مالك في تقرير العقيدة".
وأيضًا، نجد من الأئمة كثيرين جدًّا من أئمة المالكية -رحمهم الله-، سنجد والمقرر الموجود معكم على الموقع، قد ينزل لكم، ستجد فيه أسماء أكثر من الذين أعرضهم أمامكم الآن، يعني عبد الملك بن الماجشون، ابن أبي زيد القيرواني، وابن أبي زيد القيرواني له مقدمة شُرحت كثيرًا، ابن أبي زمنين، ابن عبد البر، وله مؤلفات كثيرة، القحطاني الأندلسي صاحب النونية، ونونيته موجودة الآن وهي في أشرطة وفي كتاب أيضًا وشرحت، ومحمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- صاحب كتاب "أضواء البيان"، ابن غنام الأحسائي، مبارك الميلي وهو من علماء الجزائر، وله كتاب ممكن أن نستعرضه الآن بعد قليل، وكتابه مقرر جمعية فيها.
أيضًا سنجد من أئمة الشافعية كذلك الكثير كالإمام الشافعي -رحمه الله- وتلاميذه كالبويطي والمزني، إمام الأئمة ابن خزيمة صاحب "كتاب التوحيد"، ولما ألف هذا الكتاب جاءه شيء من الأذى وسنعرض لكم كتابه، الآجري، المنطي ، الحاكم، البغوي -رحمه الله-، الذهبي، ابن كثير، المقريزي صاحب كتاب "تجريد التوحيد"، وهو متوفى في الثمانمئة، وكل هؤلاء شافعية.
وأيضًا سنجد أئمة السنة من الحنفية أبو حنيفة وتلاميذه، أبو يوسف ومحمد بن الحسن، أبو جعفر الطحاوي صاحب العقيدة المشهورة، ابن أبي العز الحنفيِّ، خير الدين الألوسي، محمود شكري الألوسي، محمد صديق حسن خان، وسنستعرض كتابه، محمد بشير الهندي، المعصوم الحنفي، وغيرهم كثير كثير جدًّا لو استطعنا أن نعرضها.
لعلنا نستعرض بعض الأشياء من كتب أئمة السنة الآن، مثلًا هذا كتاب "تجريد التوحيد" لتقي الدين المقريزي توفي عام 845 وهو من الشافعية -رحمه الله-، وكل المسائل التي قررت في التوحيد وفي الشرك كلها موجودة في هذا الكتاب.
سنجد هذا الكتاب أيضًا وهو "الدين الخالص"، في أربعة مجلدات، كتاب كبير جدًّا، "الدين الخالص" لصديق حسن خان -رحمه الله- وهو حنفي، وهو كتاب عظيم جليل القدر، وبعض مشايخنا كان يدرسه في المساجد، كتاب في أربعة مجلدات وهو كتاب جميل حَرِيٌّ حقيقة بهذا.
أيضًا، سنجد هنا مباركًا الميلي -رحمه الله- مالكي، وهذا كتابه "الشرك ومظاهره"، وهذا الكتاب كان مقررًا رسميًّا للجامعة لجمعية علماء الجزائريين، هذا خطاب جمعية علماء الجزائريين المسلمين الجزائريين، وهو كتاب مُقرر الجمعية.
أيضًا، سنجد كتاب الشوكاني -رحمه الله - وهو كتاب بعنوان: "رسالة في وجوب توحيد الله عز وجل"، العلامة الشوكاني رحمه الله، وهذه رسالة ذكر فيها جميع المسائل التي ترد في هذا الباب.
لو تتبعنا كتبَ الأئمة القدماء المؤلفين القدماء، سنجد أنهم يذكرونها.
هذا الآن كتاب "أصول الاعتقاد عند الإمام البغوي رحمه الله"، سنجد أن هذا الكتاب ذكر جميع مسائل الاعتقاد في ذلك، ومسائل الشرك والتوحيد وهو له كتب، لكن هذا جمعها في ذلك.
بل أجد أيضًا مثل هذا، كان من الشيعة وعرف الحق لما قرأ القرآن، وهو كتاب "توحيد العبادة" للعلامة المصلح آية الله شريعة سنكلجلي، هذا الكتاب وهو كتابه في ذلك. وقد كتب فيها، وهذه صورة المؤلف وهذا الكتاب مطبوع، ومترجم للعربية في ذلك.
أخذنا الآن من شرق الأرضِ ومن غربها، كلهم ألفوا في الاعتقاد الصحيح، سنجد مثل هذا الكتاب التوحيد لابن خزيمة إمام الأئمة، وهو من الشافعية -رحمه الله-، والأذى دائمًا لمن دعا إلى ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا بد أن يناله شيء من الأذى الذي أصاب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولذلك بعضهم قال عن "كتاب التوحيد" لابن خزيمة، ابن خزيمة توفي سنة 311، بعضهم قال عن كتابه هذا كتاب التشريك وليس كتاب التوحيد، فهو كتاب مشهور ومشروح في ذلك.
سنجد أن كتاب الاعتقاد ليس خاصًّا في مفردات، بل هذا صحيح الإمام البخاري -رحمه الله- سنجد كتابًا فيه يضع عنوانه، انظروا الآن ستجدُ كتابًا ما عنوانه؟ كتاب التوحيد، هذه نماذجُ من كتبِ الاعتقاد عند أئمة أهل السنةِ، أنا ذكرتها لكم بشكل ..، وممكن تكون هذه الدورة في ذِكر أئمة كتبِ أهل السنة سنجد الكثيرَ في ذلك بشكل كبير جدًّا.
بقي عندنا الكلام عن المقررِ، لكن نخشى أن وقتنا يكون قصيرًا، فعندنا بعض الرسائل أو بعض الأسئلة لبعض الإخوة، لعلنا نشير إليها.
فعندنا: لماذا يدرس علم العقيدة من ناحية عملية عقلية بحتة ومناقشات كلامية، ولا يطرح بشكل إيماني روحي يرتقي بإيمان المسلم؟
سؤال هذا الأخ حقيقة جميل.
سؤال آخر: يقول: السلام عليكم، صلاة العشاء في تونس الساعة السادسة وخمس وثلاثين أي الثامنة وخمس وثلاثين دقيقة بتوقيت السعودية فهل أقطع الدرس للذهابِ إلى المسجدِ، أم الأولى إكمال الدرس ثم أصلي في البيت؟ أفيدونا بارك الله فيكم؟
لعلك تذهب إلى الصلاة ثم الدرس يُعاد -إن شاء الله- غدًا صباحًا في القناة العامةِ كما أخبرنا الإخوان، وهناك إعادة أيضًا على الموقع بمشيئة الله -عز وجل-.
هنا أيضًا تعريفُ الإجماعِ، يتكلم في كتب الأصول وأطالوا فيه، نحن نذكرها باختصار في ذلك.
نأخذ السؤال الأول: يقول لماذا يدرس علم العقيدة من ناحية عملية عقلية بحتة ومناقشات كلامية؟
فعلا هو يُدرس بهذه الطريقة لما طُرح من قِبل أهل البدع، أما أهلُ السنة فلما تجدُ الاعتقاد أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- مثلا: حديث نزول الربِّ: «ينزلُ ربنا في الثلث الآخر من الليلِ» فماذا يقول؟ «هل من سائل؟»، «هل من مستغفر؟»، «هل من تائب؟»، فعلا هو علم العقيدة هو إيماني كما ذكر السائل.
الأخ من تونس: ذكرت أن الدرس يعاد صباحًا.
تعريف الإجماع والقياس، القياس ليس مصدرًا في العقيدة؛ لأن العقيدة واضحة غيبية، فلا يُمكن فيها القياس، أما الإجماع فهو مبنيٌّ على الكتاب والسنة.
السؤال الرابع: يقول من الجزائر: هل منهج الاستدلال عند السلف على الأحكام الفقهية هو نفسه على أمور العقيدة؟
لا، يختلف أمور الفقه فيها تنقسم كما تعلمون إلى قسمين، القسم الأول: العبادات، والعبادات مبناها على التوقيفِ، أما المعاملات فالأصلُ فيها الإباحة حتى يأتيَ الأمر بالنهي، فهي على عكس العبادات.
إذن: هذه هي الأسئلة التي أجبنا عليها، نرجع الآن ومعنا دقائقُ يسيرة لعلنا نرجع في هذه الدقائق نُشير إلى قضية أخرى..
لعلنا في هذه الخلاصة يا إخواني، نريد أن نضع مرجعًا لأنَّا سنتكلم في المحاضرة القادمة بمشيئة الله -عز وجل- عن أقسام التوحيد والأدلة على ذلك، يعني ليستِ القضيةُ مجردَ أن نقول إن هذه أقسامها كذا، لا، نعطيك الأدلة، وشاركْنا في مناقشة الأدلة، هل هذه الأدلة يعني تدل فعلًا أم لا تدل عليه؟ نناقشها معًا في ذلك، أيضًا ما هو المرجع الذي من الممكن أن نستفيد منه في ذلك؟ لعلنا نرجئه إلى المحاضرة القادمة بمشيئة الله -عز وجل-.
نأخذ الآن أو نكرر القضايا التي مرت معنا في هذه المحاضرة: فنجد أو نكررها بشكل سريع بمشيئة الله -عز وجل-؛ حتى تكون واضحة في مصادرِ التلقي، فنريد أن نعيدها:
أن الدين يُتلقى من كتاب الله ومن سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والإجماع المبني عليهم، والمقصود هنا بالإجماع كما سأل أخونا من الجزائر الإجماع إجماع الصحابةِ؛ لأن الإجماع بعد الصحابة.. تفرق الناس في ذلك، وأجمع أهل السنة على كثيرٍ من المسائل التي وقع فيها الاختلافُ.
ما عدا هذه المصادر فهي باطلة في ذلك، ولذلك مصادر كثيرٍ من أهل البدع هي الأهواءُ والآراء الشخصيةُ وأيضًا من مصادرِهم عقائد الأمم السابقة.
هل هذه كل مصادرهم أم أنهم يأخذون شيئًا من القرآن والسنة؟ لو كان باطلًا محضًا؛ فلا أَحَدَ يقبله، لكنه يكون باطلًا مَشُوبًا بشيء من الحقِّ، .
أيضًا، من مصادر التلقي الأخبار الموضوعة والمكذوبة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعلى أصحابه وعلى أئمة الهدى، أحيانا تُكذب على بعض الأئمة الكبار -رحمهم الله تعالى-، فأحيانًا يكون الكذب في كُتب كاملة، مثل الجُنيد -رحمه الله- من أئمة السنة وعلى اعتقاد صحيح، وإن كان قد رُويت عنه بعضُ الآراء في مسألة التشدُّد في العبادة وغيرها، ولبس المرقَّعات، لكنه كان في الاعتقاد على أهلِ السنة، لكن وجدْنا ابن عربي صاحب "الفصوص" وضع عليه كتبًا في وحدة الوجود وفي غيرها لم يَقُلْها، وأحيانا الكذب يكون على بعض الأئمة؛ حتى يُسَوَّغ للباطل أن ينتشر في ذلك.
سنجد أن منهج الاستدلال الذي أشرنا إليه حصْر الدليل، ومراعاة قواعد الاستدلال والاعتماد على تفسير القرآن بالقرآن، والسنة بالسنة، وأيضًا السنة بالقرآن والاعتماد على تفسير الصحابة، وعدم التعارض بين العقل والنقل فيما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى آخر ذلك.
أيضًا ُنجد أن أهلَ السنة والجماعة هم أصحاب الرسولِ -صلى الله عليه وسلم- والصحابة لم يختلفوا في أيِّ مسألة من مسائل الاعتقاد، الصحابة -رضي الله عنهم- لم يختلفوا جميعًا لم يختلفوا في أي مسألة من مسائل الاعتقاد، تناقشوا في مسائلَ من مسائلِ الفقه، ومسائل الأحكام، صار بينهم نقاشٌ في كثيرٍ منهاح مثل الأرض الموقوفة، قضايا الإرث.. وغير ذلك، تناقشوا في كثير من هذه المسائل، لكن مسائل الاعتقاد لم يُرْوَ عنهم شيءٌ من ذلك في هذا.
بعد ذلك لعلَّنا أشرنا إلى أئمةِ السنة من المالكية والشافعية والحنابلة، ولعلنا بهذا نصلُ إلى نهاية هذا الدرسِ.
نسأل الله -عز -وجل أن يرزقنا وإياكم جميعا العلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، ونشكركم على المتابعة، ونلتقي -إن شاء الله- في اللقاء القادم غدًا الأحد بإذن الله في مثل هذا الوقت، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.).
تعليق