عندما يكون المبدع ارهابيا
إنقضى رمضان وانفض الجمع وقام الناس من أمام الشاشات بعد لهاث دام ثلاثين يوما وليلة وراء الأحداث المتتالية وذلك عبر أكثر من مائة مسلسل أثبتوا بجدارة أن إعلام هذا البلد المسكين لم يزل يحتل موقع الصدارة وعن جدارة فى (منظومة الإضلال الإعلامى العربى)
وفى الحقيقة أنه بعد انفضاض المولد الذى أزعم أن صاحبه ليس بغائب أجد نفسى متسائلا:هل انفض الجمع حقا وهل قيام الناس-المؤقت- من أمام المسلسلات معناه أن أثر ماتم بثه فيها قد زال وأطفىء مع زر الإغلاق ؟
أم أنه قد زالت السكرة وجاءت الفكرة وذهب العسل وبقى السم؟
أخشى أن الجواب سيكون الأخير .
إن الهجوم الكاسح الذى شنته الكثير من هذه الأعمال على ثوابت الإسلام ورموزه وإن كان قد انتهى دراميا فإن الرواسب والأفكار التى بُثت من خلالها لم تزل جراحًا تدمى قلوب وعقول الكثير ممن ابتلوا بمشاهدتها وتعرضوا لوابل نيرانها .
من أجل ذلك كان لابد من استكمال مابدأنا من جهاد الكلمة ضد هذه الهجمات العلمانية الشرسة وبالذات ضد أخطرها وأضرها هذا العام وهو مسلسل الجماعة والذى نال ثانى أعلى نسبة مشاهدة هذا العام على مستوي جميع تلك الأعمال وذلك و للأسف إن دل علي شيء فهو يدل علي سعي الناس وراء الشبهات واستقصاءها استقصاءاً وإهمال جلهم للرسالة التي طالما حاولنا علي المنابر ومن خلال الفضائيات الإسلامية المباركة توصيلها وهى (أن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم).
إنني وبعد أن انتهي هجوم وحيد حامد الكاسح علي كل ما هو ديني سواءً كان مفاهيماً أو رموزاً أو أحكاماً شرعية في هذا المسلسل أجد أنه قد تعين علي أهل العلم الرد وإن كان البيان قد تأخر عن وقت الحاجة فأسأل الله أن يعفو عنا لهذا التأخير ولا يؤاخذنا بتقصيرنا في الذب عن ديننا في أثناء محاربته فقد كنا حينها عاكفين في المساجد كما هي سنة نبينا صلي الله عليه وسلم في العشر الأواخر في الشهر الفضيل وغاب عنا _ وإنا لله وإنا إليه راجعون _ قول ابن القيم "وتبليغ سنته صلى الله عليه وسلم إلي الأمة أفضل من تبليغ السهام إلي نحور الأعداء" فما بالكم لو كان تبليغ السنة هنا سهاماً توجه إلي أعداء الصحوة الإسلامية ؟
ويبدو أن وحيد حامد في تلك الليالى المباركة لم يضيع الفرصة فحشد عشرات الشبهات في الحلقات الأخيرة واشتد صياحه ونعقه بما لا يعلم إلا دعاءا ونداءا في الردود التلفزيونية والحوارات عملاً بالمبدأ المصري المعروف "خذوهم بالصوت".
فظل يجأر بأنه لم يفتر علي البنا وأنه أخفي كثيراً من فضائحه العائلية التي يعلمها هو وحده وأن كل كلامه موثق مؤرخ معتمد ولا أدري حقاً أين هي تلك الوثائق والتسجيلات التي تذكر ما في الصدور من حقد و قسوة ووصولية أظهرها كعادته في شخصية الإسلاميين في هذا المسلسل ووسائر أعماله السابقة ؟
وأين هي الوثائق التي اطلعت علي بكاء البنا رحمه الله و ضربه لرأسه في الغرف المظلمة ندماً علي الآثام والجرائم التي ارتكبها في حق الأمة _التي قتل بعد ذلك في سبيل نصرة دينها_ وهل ضاعت منه تلك الوثائق والمعلومات الثمينة والشاملة في الحلقتين الأخيرتين حين بترهم بترًا من سياق الأحداث فلم يجد أي وثيقة تاريخية أو محضر رسمي قبل أو بعد الثورة الميمونة مذكور فيه أحداث مقتل هذا المجاهد طيب الله ثراه وتقبله فى الشهداء ؟؟
وهل أخفت عنه مصادره أي فضل كان (للمحظورة) في مواجهة اليهود أو الإنجليز فلم يجد إلا مصدرًا واحدًا أفاده أن دخولهم تلك الحرب كان للفت الأنظار عن قتل الخازندار؟
أم أنه قد تعمد إغفال دور الإخوان في حرب 48 حتى لا يعرض على المشاهد أي نوع مناستخدام سلاح الإخوان _الذى يزعم أنه موجود إلى الآن_ في مكانه الصحيح ضد أعداء الأمة والخونة الموالين للإحتلال وفى الوقت نفسه الذى كان يحمل فيه مؤسسوا الثورة التى امتد منها النظام الحالى السلاح ضد الاحتلال وأذنابه؟
وما قتل السادات لأمين عثمان فى ذات الفترة عن الأذهان ببعيد.
أم أنه حرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس.
لا أريد أن أنساق في هذه المقالة وراء الإسهاب في نقد تفاصيل سنعود إلي تفنيدها بالتفصيل إن شاء الله في المقالات القادمة حيث تعد هذه مقدمة سريعة لما سيأتى من الرد الموضوعى على افتراءات وحيد حامد ودحض شبهاته ولكني أجد القلم يستعجل ذكرها ولعل ذلك لاتصاله بقلب يستشيط غضباً لهذه الأكاذيب والإفتراءت وتصفية الحسابات التى امتلأت بها الحلقات الأخيرة من هذا المسلسل المشئوم.
لقد ألقينا في المقالة السابقة "الجماعة عندما يكون المبدع ارهابياً" نظرة شاملة علي سير الأحداث في الحلقات الأول وبيَّنا حقيقة الكاتب وتاريخه الممتلئ بالعداوة للتيارات الإسلامية بمختلف توجهاتها فلن نزيد عما قلناه من إبراز لهذه العداوة المتأصلة وسنكتفى بما سبق من بيان لحال الرجل علمياً وفكرياً.
ولكن الذي سنحاول إلقاء الضوء عليه في هذه السلسلة هو المحاور التي شن بها وحيد حامد هجومه وأظهر فيها فكرة وأصدر أحكامه عليها من خلال فكره الشيوعي العلماني وهذه المحاور تتلخص في:
أولاً: نقد أحكام شرعية ثابتة أو مختلف فيها مع السخرية من بعضها أو من معتنقيها.
ثانياً: رفض عقائد إسلامية مؤصلة من الكتاب والسنة وبث العقائد المخالفة لها.
ثالثاً: تشويه رموز الدعوة الإسلامية وأعلام الأمة وعلمائها بشكل مبهم أحيانا أو بتعيين لبعضها.
رابعاً: تلبيس الأحداث التاريخية وتزويرها وادعاء أحداث عارية تماما من الصحة.
هذا و الله أسأل أن يعينني علي إكمال هذه السلسة وأطلب من كل من يقرؤها إن وجد فيها خيراً نشره ومعالجة من زعزعته هذه السموم بإظهار الحق له وإن كان من خطأ فحق النصيحة والتوجيه والمعونة فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وأعود فأؤكد لسنا من جماعة الإخوان بل نختلف معهم في كثير من الأصول الفكرية والعملية لكن نريد لكل من يقرأ هذا الكلام أن يخرج بأمور هي أصول شرعيةثابتة لا جدال عليها :
- أولاً: 1- اظهار لعقيدة الولاء فى ديننا وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71].
- ثانياً: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [سورة الحجرات: 9].وقد بغى صناع هذا العمل على طائفة مؤمنة وظلموا دعاة وعلماء فحق لنا أن نأخذ على أيديهم ونأطرهم على الحق أطرًا حتى يفيؤا إلى أمر الله ويثوبوا إلى رشدهم.
- ثالثاً: وهذا هو الأهم بيان أن المسلسل لا يهاجم الإخوان بشكل خاص إنما يهاجم الإسلاميين بشكل عام وأن الكراهية التي تتساقط من كل كلمة كتبها وحيد ليست تفرق بين إخوانٍ أو سلفيين أو حتي دعاة رُموا بتمييع كثير من قضايا الدين ولم يسلموا من هجومه فالأمر أشمل من كونه دفاعاً عن جماعة بعينها وإنما هو دفاع عن الثوابت وإظهارٌ للحق وتفصيل له وهذا مبدأ قرآني صريح (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (الأنعام:55)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
عندما يكون المبدع ارهابيا الجزء الاول
تعليق