رد: أين الأخوة أيها الأخوة؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لماذا الأخوة ؟
(8) شد الأزر وتقوية العزم:
إخوتاه ..
تعالوا بنا نتأمل ونتدبر هذا المشهد القرآنى الذي قَصَّه علينا رب العزة جل وعلا.
يقول الله تعالى مخاطبًا موسى الكليم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم: " اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا " [طه/24-35].
فانظر كيف فطن موسى عليه السَّلام منذ الوهلة الأولى لثقل الأمانة ، وأنَّه لن يستطيع القيام بها دون مساعدة وإعانة ، فسأل الله تعالى شرح الصدر وتيسير الأمر بتوفيقه إياه فلا حول ولا قوة إلا به، ثمَّ دعا الله تعالى بأن يجد المشارك له في الدرب الذي يخفف عنه العبء الثقيل الذي وضع على كاهله، أن يجد من يحوطه من ورائه ، من يَشد أزره أى يتقوى به فيقيم ظهره وهذا شأن الأخوة فتدبر.
إخوتاه ..
لمثل هذا نحتاج الآن نحتاج الوزير الذي يشاركنا في حمل العبء ، ونحتاج لمن يشد أزرنا، ويأخذ بأيدينا ويثير فينا بواعث الشوق فيتقوى به العزم ، نحتاج لمن ينافسنا في طاعة الله تعالى فيزداد المرء إيمانًا وإكثارًا من الطاعات واشتغالاً بالفاضل عن المفضول، إنَّ مثل هذا المناخ يفرز جيلاً صالحًا، لعله يكون جيل التمكين الذي مازلنا نتلمس وجوده.
إخوتاه ..
كان عبد الله بن رواحة إذا لقى الرجل من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم فقال: تعال نؤمن ساعة .
وأورد البخارى معلقًا بلفظ الترجمة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنَّه كان يقول: اجلسوا نؤمن ساعة أو بنا نؤمن ساعة.
فهيا بنا نؤمن ساعة ، لماذا لا تشيع هذه السنة المباركة بيننا الآن فيأتى الأخ لأخيه يدعوه لطاعة الله تعالى يأخذه إلى مجلس علم أو حلقة قرآن أو يتنافس معه في الصيام والقيام وتلاوة القرآن فإنَّ هذا باعث على تقوية العزم ؛ ولذلك قال تعالى: " وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ " [المطففين/26] وقال تعالى: " فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَات " [البقرة/148] وقال تعالى: " وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ " [آل عمران/133] ولذلك كان السلف يتألمون إذا رأى أحدهم من يفضلهم في طاعة الله تعالى ، وكانوا حريصين على التخلص من الدنيا فأوصوا بترك التنافس فيها ( إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فألقها في نحره) فكيف صار الحال الآن ؟!!
ولعٌ بالدنيا واشتغال بها عن الآخرة ، يبيع الرجل دينه بمتاع زائل ، فعامة الناس مهمومون باقتناء الأجهزة الحديثة يريد الهاتف المحمول ، يريد الحاسوب ، يريد القنوات التلفازية ذات البث المباشر، ويريد آخرون أن يلتحق أبناؤهم بالمدارس الأجنبية، يريد أن يعيش في شقة واسعة والشاب يحلم بالفتاة الجملية والسيارة الفارهة ... إلخ.
هكذا دواليك فيظل المرء منغمسًا في الغفلة ، وقد كِيد له ذلك فانصاع ، ولم يأل جهدًا في محاولة اليقظة، إنها " صناعة الغفلة " فكيف بالله تجد من يهتم بأمر الآخرة والتنافس فيها في ظل هذا الجو الذي يزكم الأنوف.
إخوتاه ..
إنَّ من السُّبل والوسائل الأساسية لوجود هذه الحياة الإيمانية إحياء الأخوة في صورتها المثلى، تلك الصورة التي رسمها سلفنا الصالح فكانت حياتهم تطبيقًا عمليًا واقعيًا لكتاب الله وسنة رسوله صل الله عليه وسلم
ولذلك كلما مررنا بقضية ذكرناك بالمنهج، إنَّه العود إلى الكتاب والسنة من خلال فهم سلف الأمة، اقتدِ بهم انظر لأمثلة نموذجية من حياتهم وحاول أن تحاكيهم، وهذه الأمور لا تختلف باختلاف الزمان والمكان، إنها الأصول الأخلاقية التي يبنى عليها دين المرء، والأخلاق لا تقبل التشكل والتغير بحسب العَصْر والمصر.
إخوتاه ..
لماذا لا تبدأ من الآن من خلال رفقة من الصالحين في التعاون على الطاعات والتناصح في الله ؟
لماذا لا تكون من أصحاب الهمم العالية فتقول كما كان أبو مسلم الخولاني يعلنها " أيظن أصحاب محمد صل الله عليه وسلم أن يسبقونا، والله لننافسنَّهم فيه "
آهٍ لماذا لا تكون كذلك ؟ هذا ليس كلامًا غير واقعى ، فتلك بدعة شيطانية ثبط بها همم المؤمنين ، فترى الواحد منهم مخذولا سافل الهمة يقول: كيف أصل لمثل هذه المرتبة هذا حلمٌ ما أبعده.
وإنى واصفٌ لك السبيل فلا تعجز، استعن بالله ـ أٌخىّ ـ وأدم الدعاء والتضرع ، واصدق اللجأ إلى الله تعالى ، وسَلْ الله أن يوفقك لأخٍ في الله تنافسه في طاعة الله ، فإياك وصحبة الباطلين الذين يثبطونك ويشغلونك بالدنيا وسفاسف الأمور، بل اختر من الصالحين أصحاب الهمم العالية، واتخذ لك قدوة في الواقع من الشيوخ الأفاضل لتظل صورتهم عالقة في ذهنك ، فتقدح هاجس الصعوبة وعدم إمكانية التحقق ، وليكن أسوتك في ذلك كله إمام المرسلين وخاتم النبيين محمدصل الله عليه وسلم وصحبه الأخيار ومن تبعهم بإحسان من سلفنا الصَّالح ـ رحمهم الله جميعًا ورضى عنهم ـ.
إخوتاه
بعد هذه اللمحة اليسيرة عن الأسباب التي دعتنا للحديث عن هذه القضية الخطيرة في حياتنا الراهنة ، تعالوا نرى ما أعده الله للمتحابين فيه ، تعالوا نقتطف ثمرات الأخوة اليانعة، هلموا نستنشق عبير الحب في الله من خلال رياضه الفوّاحة، والله الموفق.
تعليق