رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )
كيف الطريق الى أن يحبك
كتبه/ ياسر عبد التواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فإنها غاية من أسمى الغايات، وغرضًا أنبل الأغراض التي يستهدفها المرء في حياته، أن يظفر بمحبة الله، وتحصيل بره ورضاه.
والله -سبحانه- إذا أحب إنسانـًا وفقه للصالحات، وأعانه على السمو إلى أقصى الغايات، وأمده بالنصر الذي يعلي من شأنه، ويرفع من قدره، ويحفظه من كل سوء يصيبه، أو أذى يناله، وفي الحديث: (احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، وفي رواية: (احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ) (رواه أحمد، وقال الألباني: صحيح لغيره).
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (احْفَظِ اللَّهَ) يعني: احفظ حدودَه، وحقوقَه، وأوامرَه، ونواهيَه، وحفظُ ذلك: هو الوقوفُ عندَ أوامره بالامتثال، وعند نواهيه بالاجتنابِ، وعندَ حدوده فلا يتجاوزُ ما أمر به وأذن فيه إلى ما نهى عنه، فمن فعل ذلك فهو مِنَ الحافظين لحدود الله الذين مدحهمُ الله في كتابه، وقال -عز وجل-: (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ . مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ) (ق:32-33)، وفـُسر الحفيظ ها هنا بالحافظ لأوامرِ الله، وبالحافظ لذنوبه ليتوب منها.
ومن أعظم ما يجبُ حِفظُه من أوامر الله الصَّلاةُ، وقد أمر الله بالمحافظة عليها، فقال: (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ) (البقرة:238)، ومدح المحافظين عليها بقوله: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) (المعارج:34).
كذلك نحافظ على الطهارة، فإنَّها مفتاحُ الصلاة، وقال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (وَلاَ يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني).
وممَّا يُؤمر بحفظه الأيمانُ، قال الله -عز وجل-: (وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (المائدة:89)، فإنَّ الأيمان يقع الناس فيها كثيرًا، ويُهْمِل كثيرٌ منهم ما يجب بها، فلا يحفظه، ولا يلتزمه.
ومن ذلك حفظُ الرأس والبطن كما في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- المرفوع: (الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ: أَنْ تَحْفَظَ الرَّاْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).
وحفظ الرأس وما وعى: يدخل فيه حفظُ السَّمع والبصر واللسان من المحرمات، وحفظُ البطن وما حوى: يتضمن حفظ القلب عَنِ الإصرار على محرم.
قال الله -عز وجل-: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (البقرة:235)، وقد جمع الله ذلك كُلَّه في قوله: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء:36).
ويتضمن أيضًا حفظُ البطنِ من إدخال الحرام إليه من المآكل والمشارب، ومِنْ أعظم ما يجبُ حفظُه من نواهي الله -عز وجل-: اللسانُ والفرجُ، وفي حديث أبي هريرة، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ حَفِظَ ما بَينَ لَحييه وما بَينَ رِجليهِ دَخَلَ الجنة) (رواه الحاكم، وصححه الألباني).
وخرَّج الإمام أحمد من حديث أبي موسى عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ حَفِظَ مَا بَيْنَ فُقْمَيْهِ -اللَّحْى يريد من حفظ فرجه ولسانه- وَفَرْجَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).
وأمر الله -عز وجل- بحفظ الفروج، ومدحَ الحافظين لها، فقال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) (النور:30).
مَنْ حفظ الله في صباه وقوَّته، حفظه الله في حال كبَره وضعفِ قوّته، ومتَّعه بسمعه وبصره وحولِه وقوَّته وعقله.
"وقد يحفظُ الله العبدَ بصلاحه بعدَ موته في ذريَّته كما قيل في قوله -تعالى-: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ) (الكهف:82)، أنَّهما حُفِظا بصلاح أبيهما. قال سعيد بن المسيب لابنه: لأزيدنَّ في صلاتي مِنْ أجلِك رجاءَ أنْ أُحْفَظَ فيكَ، ثم تلا هذه الآية: (وَكَانَ أَبُوْهُمُا صَالِحاً)، وقال عمرُ بن عبد العزيز: ما من مؤمن يموتُ إلاَّ حفظه الله في عقبه وعقبِ عقبه".
وقال ابن المنكدرِ: إنَّ الله ليحفظُ بالرجل الصالح ولدَه وولدَ ولده والدويرات التي حوله فما يزالونَ في حفظ من الله وستر" اهـ من جامع العلوم والحكم -ابن رجب الحنبلي- شرح حديث رقم 19.
فهي علاقة يكون فيها الجزاء من جنس العمل، ولكن الأجر يضاعف.
فقط أرِ الله -تعالى- من نفسك المحبة، ثم اجن بعد ذلك ثمارها مضاعفة إلى أضعاف كثيرة من الفتح، والرضا، والأنس، والتوفيق للطاعات والقربات.
www.salafvoice.com
كتبه/ ياسر عبد التواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فإنها غاية من أسمى الغايات، وغرضًا أنبل الأغراض التي يستهدفها المرء في حياته، أن يظفر بمحبة الله، وتحصيل بره ورضاه.
والله -سبحانه- إذا أحب إنسانـًا وفقه للصالحات، وأعانه على السمو إلى أقصى الغايات، وأمده بالنصر الذي يعلي من شأنه، ويرفع من قدره، ويحفظه من كل سوء يصيبه، أو أذى يناله، وفي الحديث: (احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، وفي رواية: (احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ) (رواه أحمد، وقال الألباني: صحيح لغيره).
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (احْفَظِ اللَّهَ) يعني: احفظ حدودَه، وحقوقَه، وأوامرَه، ونواهيَه، وحفظُ ذلك: هو الوقوفُ عندَ أوامره بالامتثال، وعند نواهيه بالاجتنابِ، وعندَ حدوده فلا يتجاوزُ ما أمر به وأذن فيه إلى ما نهى عنه، فمن فعل ذلك فهو مِنَ الحافظين لحدود الله الذين مدحهمُ الله في كتابه، وقال -عز وجل-: (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ . مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ) (ق:32-33)، وفـُسر الحفيظ ها هنا بالحافظ لأوامرِ الله، وبالحافظ لذنوبه ليتوب منها.
ومن أعظم ما يجبُ حِفظُه من أوامر الله الصَّلاةُ، وقد أمر الله بالمحافظة عليها، فقال: (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ) (البقرة:238)، ومدح المحافظين عليها بقوله: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) (المعارج:34).
كذلك نحافظ على الطهارة، فإنَّها مفتاحُ الصلاة، وقال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (وَلاَ يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني).
وممَّا يُؤمر بحفظه الأيمانُ، قال الله -عز وجل-: (وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (المائدة:89)، فإنَّ الأيمان يقع الناس فيها كثيرًا، ويُهْمِل كثيرٌ منهم ما يجب بها، فلا يحفظه، ولا يلتزمه.
ومن ذلك حفظُ الرأس والبطن كما في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- المرفوع: (الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ: أَنْ تَحْفَظَ الرَّاْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).
وحفظ الرأس وما وعى: يدخل فيه حفظُ السَّمع والبصر واللسان من المحرمات، وحفظُ البطن وما حوى: يتضمن حفظ القلب عَنِ الإصرار على محرم.
قال الله -عز وجل-: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (البقرة:235)، وقد جمع الله ذلك كُلَّه في قوله: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء:36).
ويتضمن أيضًا حفظُ البطنِ من إدخال الحرام إليه من المآكل والمشارب، ومِنْ أعظم ما يجبُ حفظُه من نواهي الله -عز وجل-: اللسانُ والفرجُ، وفي حديث أبي هريرة، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ حَفِظَ ما بَينَ لَحييه وما بَينَ رِجليهِ دَخَلَ الجنة) (رواه الحاكم، وصححه الألباني).
وخرَّج الإمام أحمد من حديث أبي موسى عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ حَفِظَ مَا بَيْنَ فُقْمَيْهِ -اللَّحْى يريد من حفظ فرجه ولسانه- وَفَرْجَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).
وأمر الله -عز وجل- بحفظ الفروج، ومدحَ الحافظين لها، فقال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) (النور:30).
مَنْ حفظ الله في صباه وقوَّته، حفظه الله في حال كبَره وضعفِ قوّته، ومتَّعه بسمعه وبصره وحولِه وقوَّته وعقله.
"وقد يحفظُ الله العبدَ بصلاحه بعدَ موته في ذريَّته كما قيل في قوله -تعالى-: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ) (الكهف:82)، أنَّهما حُفِظا بصلاح أبيهما. قال سعيد بن المسيب لابنه: لأزيدنَّ في صلاتي مِنْ أجلِك رجاءَ أنْ أُحْفَظَ فيكَ، ثم تلا هذه الآية: (وَكَانَ أَبُوْهُمُا صَالِحاً)، وقال عمرُ بن عبد العزيز: ما من مؤمن يموتُ إلاَّ حفظه الله في عقبه وعقبِ عقبه".
وقال ابن المنكدرِ: إنَّ الله ليحفظُ بالرجل الصالح ولدَه وولدَ ولده والدويرات التي حوله فما يزالونَ في حفظ من الله وستر" اهـ من جامع العلوم والحكم -ابن رجب الحنبلي- شرح حديث رقم 19.
فهي علاقة يكون فيها الجزاء من جنس العمل، ولكن الأجر يضاعف.
فقط أرِ الله -تعالى- من نفسك المحبة، ثم اجن بعد ذلك ثمارها مضاعفة إلى أضعاف كثيرة من الفتح، والرضا، والأنس، والتوفيق للطاعات والقربات.
www.salafvoice.com
تعليق