تقول السائلة
ابنتي الصغيرة في السنة الثالثة من عمرها وأرغب أن أبدأ برواية القصص لها؛
لكني لا أعرف كيف أبدأ معها، فقد أحضرت لها القصص المصورة التي
تناسب عمرها، لكن لا أعرف هل أقرؤها لها كما هي بالفصحى أم أصوغها
بالعامية؟
وهل أبدأ بتدريبها على جلسة للقصة؟ أو أروي لها الحكاية أثناء اللعب؟ هي
تحب الكتاب وتحب أن تجلس لتصفحه والنظر لما فيه، عندما أجلس لنقرأ
القصة تبدأ هي بتعداد ما تعرفه مما تراه في الكتاب مثلا هذه وردة.. هذا
قط.. هذا ولد... وهكذا.
فلا أستطيع السيطرة على صفحات القصة أو تسلسل روايتها أيضا، أريد أن
أسأل ما هي الحكايات التي تناسب هذا العمر،
وما هي المواقع التي تعينني في هذا المجال،
علما أن ابنتي ذات سلوك إيجابي؛ أي أنني إلى الآن لا أحتاج
للقصص لتعديل السلوك عنها فهي بالحوار والتنبيه تستجيب، كما أنني عودتها
أن تنام على آيات القرآن فهل أستمر أم أبدأ مشوار قصة ما قبل النوم؟
لا أجد أن ابنتي بدأت عندها مرحلة التخيل، فكيف أراعي ذلك عند رواية
القصة؟ وهل أبدأ بتنميته أم ما زال ذلك مبكرا؟
بقي أن أقول إني ألمح بابنتي قدرة سريعة على الحفظ والتقاط المعلومة
واسترجاعها.
ولكم منا جميعا كل الشكر وصادق الدعاء.
تجيب مستشارة بتربية الابناء
التي تبدأ كلامها بمقولة يحيى بن معاذ الرازي:
(إن الكلام الحسن حسن، وأحسن من الكلام الحسن: معناه، وأحسن من
معناه: استعماله).
أختي أريد أن نطبق معنى العبارة السابقة
على سؤالك عن القصة، ورغبتك في حكايتها مع ابنتك بطريقة صحيحة،
فالقصة في حد ذاتها وسيلة ممتعة ومشوقة يحبها الصغار والكبار، ولكن
الأفضل من ذلك ما تحويه القصة من معان تصل إلى القلوب والعقول، فتحرك
المشاعر الساكنة، وتثير الأفكار؛ فيظهر أثرها في تنمية جوانب الشخصية
المختلفة (المعرفية – اللغوية –الاجتماعية – الحركية)، ووقاية من السلوكيات
الخاطئة وعلاج وتعديل السلوك الخاطئ إذا وجد.
أهداف القصة:
من هنا فالقصة (متعة وإثارة وترفيه و تنمية لجوانب الشخصية و وقاية من
السلوك الخاطئ مع تعديله إن وجد).
فصوتك الحاني واستخدام نبرات صوتك العالية والمنخفضة على حسب الحاجة
في القصة، واستخدام تعبيرات وجهك للتعبير عن الغضب أو السرور أو
الحزن أو الشجاعة يساعد على زيادة المتعة وزيادة انتباه ابنتك، واكتساب
مهارة الإنصات، وإذا أتحت الفرصة لابنتك للمشاركة، كما فعلت بأن تمسك
الكتاب وتتعرف على الصور في القصة؛ لتتحدث عما تعرفه من صور فهذا
جيد وأضيفي عليه أن تسأليها عن كل صورة
مثلا لو قصة تحكي عن
"العصفورة الكسلانة
وفي صورة عصفورة نايمة تسأليها ماذا تفعل هذه القطة ؟ تقول نايمة فتعيدي
الكلمة كاملة القطة نايمة".ويفضل القراءة باللغة التي تفهمها الطفلة والتي هي
مستخدمة في حياتها وتشعرها بالأنس والسعادة ، وهنا ستزيد الحصيلة اللغوية
لطفلتك الحبيبة إلى جانب زيادة الحصيلة المعرفية، وإلى جانب المشاركة الفعالة
منها، والتي ستنمي حب القراءة والاطلاع في المرحلة العمرية التالية، وهى
مرحلة دخول المدرسة كما أثبتت الدراسات الحديثة.كيف تحكي لطفلتك: إن
الحكاية لا تدخل ذاكرة الطفل إلا من أحد
أبواب ثلاثة (مشاهدة حدوثها، أو سماعها، أو قراءتها في الكتب)،
حيث تنطبع منها صورة أو عدة صور متسلسلة في ذاكرته، يستدعيها عند
الحاجة إليها، فتؤثر في أخلاقه وسلوكه.
وفي حالة الاستماع إلى الحكاية أو قراءتها، فإن عدد هذه الصور التي تنطبع في
الذاكرة، وقوة تأثيرها تتوقف على وضوح أحداث الحكاية عند الطفل، وشدة
انفعاله بها وكل هذا يتوقف على أسلوب الحكاية (المسموعة أو المقروءة)،
فالأسلوب عامل مهم في إيضاح أحداث القصة وتحقيق أهدافها.
وإليك بعض الأفكار التي تساعدك في أن يكون أسلوبك
متميزا في رواية القصص:
الحدث بأساليب متنوعة.
1 -اسردي أحداث القصة بطريقة واضحة وبسيطة وطبيعية.
2- القصة لابد أن تكون قصيرة، وهذا يتناسب مع هذا السن إلى 4
سنوات، ثم يزيد طول القصة مع بعض التفاصيل مع زيادة السن.
3- استخدمي الحوار مع طفلتك والتكرار لنفس
4- غيري نبرات صوتك تبعا لنوعية الحدث خوف - فرح... فهو عنصر
مهم في طريقة العرض، فطريقة
العرض غير الجيدة قد تشوه قصة جميلة.
5- استخدمي النهايات السعيدة وابتعدي عن النهايات المخيفة، واجعلي
النهاية دائما حدث سار أو خلق جميل يكتسب أو سلوك مزعج ابتعد عنه
بطل القصة.
6- يفضل أن يكون أبطال القصة في هذه السن من الحيوانات المحببة للطفل،
وأيضا الطفل يكون شديد التأثر بالقصص التي يحمل أبطالها نفس اسمه أو
تدور أحداثها حول أشخاص يحبهم أو أماكن يعرفها؛ لذلك عليك ربط القصة
باسم الطفل وبيئته والأشخاص المحيطين به.
7- أن نضع عنوانا للقصة يحمل ملخص القصة، وأهم ما فيها من عبر،
فالطفل يرتبط بالعنوان، ويطلب من الأم أن تحكي له باسم القصة مثلا تقولين
لها هل تتذكري حكاية (الحمامة)؟.
8- اقتربي من طفلتك أثناء رواية أو قراءة القصة، وامسحي على شعرها،
إضافة إلى النظرات الحانية والابتسامة الحلوة، والصوت الدافئ العطوف؛ مما
يجعل طفلتك تشعر بالأمان النفسي والراحة
الوجدانية، فتتغلغل القصة في أعماقها وتختلط بكل ذرة فيها.
9- اجمعي القصص التي تحكينها لابنتك، والتي تحصلين عليها من البحث على
النت ، أو عن طريق الكتب.
وضعي هذه القصص في كشكول وسمه بستان الحكايات، بحيث يتم تسجيل
قصة أسبوعيا، معنى ذلك أنه سيكون لدينا (48) قصة متنوعة في العام،
وبذلك سيكون لديك حصيلة غنية بالقصص الجميلة.
10- احرصي على أن يكون في غرفة الأطفال رف أو مكان سهل الاستخدام
للكتب والقصص المصورة التي تناسب طفلتك (مكتبة مثلا).إذا قمنا بتطبيق
الخطوات السابقة سيكون للقصة
أكبر أثر في شخصية أبنائنا مستقبلا، وستنمو شخصيات محبة للعلم والتعلم
والقراءة.ما هي أفضل الأوقات لحكاية القصة لطفلتك؟
1- حكاية لكل موقف:
وهنا حصل موقف ضياع لعبة ابنتك مثلا فتقولين
(سأاحكي لك حكاية صغيرة كانت اللعبة التي تلعب بها مشمشة وبتحبها
تلعب معاها في كل مكان ضاعت فحزنت، وكانت تبكي، ولكن امها قالت
لها هيا نقول الدعاء
اللهم رد علي ضالتي ، وقالت مشمشة الدعاء وراء امها ، فوجدت مشمشة
لعبتها الحلوة وفرحت جدا.
2- حكاية قبل النوم:
مهمة جدا وأكدت الدراسات أهميتها، خاصة أن الأم تحكيها بصوتها الدافئ،
والتي يزيد طفلتك طمأنينة ويجنبها المخاوف والأحلام المزعجة، ولها أيضا
أهمية أخرى أن الطفل يعيش بخياله أكثر من الواقع فهو يسرح في أحداث
القصة ويتصور الأشياء والأشخاص، ويضيف إليها من خياله وفقا للحالة
المعنوية فالطفل يحلم أثناء يقظته، ويتعامل مع اللعبة وكأنها حقيقة فقد يكلمها
ويحركها.
وهذا التلاعب بالخيال هو سمة من سمات هذه المرحلة الطفولية حتى سن 6
سنوات، وله أهمية في إثراء فكر الطفل، وتنمية موهبته نحو التعبير عن نفسه،
ولحكاية قبل النوم أهمية؛ لأنها تظل راسخة في ذاكرة الطفل ويصعب عليه
نسيانها؛ لأنها تختمر في عقله، وتثبت في مركز الذاكرة في مخه أثناء اليوم.
لذلك لابد أن تكون النهاية للقصص سعيدة وبعيدة عن العنف، أو قصص
أبطال الحيوانات الخرافية، والتي قد ينطبع شكلها المخيف في ذاكرة الطفل
فيتسرب الخوف لقلبه، ويسبب له الأرق.
وقد سألتي عن سماع القرآن في أثناء النوم فهذا رائع، وسينمي لغتها العربية،
ويشعرها بالأمان والسكينة، ولكن أقترح أن تحكي القصة أولا، ثم ترددي
آيات من القرآن بعدها، أو تسمعينها معها إلى أن تنام، ثم تتركين لها القرآن
في أثناء النوم.
3- حكاية عند الطلب:
إذا طلبت ابنتك منك حكاية هذا يعني ارتباطها بها وحبها الشديد لهذه
الحكاية فكأنها تقول لك (علميني خلقا، أو لقنيني درسا، أو بادليني حبا) وإذا
ابنتك طلبت حكاية سبق أن حكيتها له، فهذا معناه
أنها ارتبطت بها، وتريد ترسيخها في نفسها؛ لذلك عليكِ بإعادتها مرة واثنين
وثلاثة ولا تملي فالقرآن عرض العديد من القصص تدور حول نفس الحدث
أو الموقف مرات عديدة، وتناولها بصور مختلفة وكانت العبر والحكم ...
متنوعة.
أختي: استخدمي العروسة القفاز في تمثيل القصص التي تروينها، وكذلك
اللعب التي عندها استخدميها في تمثيل أحداث القصص التي ترويها لها.
وفقكم الله في تربية أبنائكم
تعليق