كتبه/ ياسر عبد التواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلقد جعل الإسلام للأطفال حقوقـًا على والديهم، وجعل لهم أيضًا حقوقـًا على المجتمع، وفي السطور التالية سنذكر طرفـًا من تلك الحقوق، والتي تعتبر أيضًا واجبات على الأب:
- أن يختار لابنه أمًّا صالحة: لأنه إن لم يحسن اختيارها فإنه يجني على أبنائه بارتباطهم بها؛ لأنهم يتأثرون بها، وقد امتن أعرابي على أبنائه بحسن اختياره لأمهم فقال: "وأول إحساني إليكم تخيري لماجدة الأعراق بادٍ عفافها".
وكانت العادة عند أهل الحضر من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم، ويرسلوا أولادهم إلى البادية؛ لتقوى أجسامهم، ويشتد عودهم، ويتقنوا اللسان العربي في مهدهم، ومن ذلك التماس عبد المطلب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- المراضع؛ فاسترضع له حليمة السعدية -رضي الله عنها-.
- الذبح عنه: فعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ غُلاَمٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ وَيُسَمَّى) (رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني)، وتجزئ في السابع، والرابع عشر، والواحد والعشرين؛ لما أخرجه البيهقي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- أنه قال: (العقيقة تـُذبَح لِسَبْعٍ ولأربع عشرة ولإحدى وعشرينَ) (رواه البيهقي والطيالسي، وصححه الألباني).
- والسنة ذبح شاتين عن الغلام وشاة واحدة عن الجارية، ويجوز ذبح واحدة عن الغلام؛ لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك مع الحسن والحسين -رضي الله عنهما-؛ فعن مالك قال: "أخبرنا نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه لم يكن يسأله أحد من أهله عقيقة إلا أعطاه إياه، وكان يعِقّ عن ولده بشاةٍ شاةٍ عن الذكر والأنثى" الموطأ.
وروى أبو داود عن ابنِ عَبّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أنّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عَقّ عن الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ -رَضِيَ الله عَنْهُمَا- كَبْشـًا كَبْشـًا" (رواه أبو داود، وصححه الألباني). وعلى تقدير ثبوت رواية أبي داود فليس في الحديث ما يرد التثنية للغلام؛ بل غايته أن العدد ليس شرطـًا، بل هو من قـَبيل الاستحباب.
- التسمية: ومن السنة أن يختار له اسمًا حسنـًا؛ ففي صحيح مسلم عن ابن عمر -رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه -صلى اللّه عليه وسلم-: (إنَّ أحَبَّ أسْمائكُمْ إلى اللّه عَزَّ وَجَلَّ عَبْدُ اللّه، وَعَبْدُ الرَّحْمَن).
وقال ابن حزم -رحمه الله-: "اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى… وغيره ويحرم تسميته باسم يؤذيه؛ لأن أذية المسلم محرمة".
- حلق شعره والتصدق بوزنه فضة إن تيسر ذلك؛ لما رواه أحمد والترمذي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عَق عن الحسن شاة وقال: (يَا فَاطِمَةُ احْلِقِي رَأْسَهُ وَتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً) فَوَزَنَتْهُ فَكَانَ وَزْنُهُ دِرْهَمًا أَوْ بَعْضَ دِرْهَمٍ (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).
- النفقة عليه حتى يستطيع التكسب والإنفاق على نفسه: قال -تعالى-: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف) (البقرة:233)، وهي تشمل النفقة على الطفل وعلى أمه أيضًا؛ فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كفى بالمرءِ إثمًا أن يُضيِّعَ مَنْ يقوتُ) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني)، فترك النفقة على الأم والأبناء تضييع لهم بلا شك، بل السنة عدم التضييق عليهم، وتركهم أغنياء عن الاحتياج لغيره؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- لسعد -رضي الله عنه-: (إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ) (متفق عليه).
- أن يعلمه ما ينفعه من أمور العلم وما ينتفع به من الأعمال: فقد روي بأسانيد فيها ضعف: "من حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والرماية وألا يرزقه إلا حلالاً طيبًا". وكذلك: "حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ويعلمه الكتابة ويزوجه إذا بلغ". ومن تلك الروايات: "حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرمي"، ومنها كذلك: "حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ويحسن أدبه"، ويقاس على ذلك كل نافع من العلوم وما يصلح لامتهانه من الوظائف.
- أن يحافظ على صحته: فهو مؤتمن على ولده، وإن من أعظم الذنوب التفريط في الأمانة؛ ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: (أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ). قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ. قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: (ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ). قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: (ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ).
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) (متفق عليه).
المساواة بين الأبناء: إن الإسلام يؤكد على قضية المساواة بين الأبناء في الهبات وما شابهها ويحذر من الجور والظلم في ذلك الأمر؛ لما له من آثار سلبية بغيضة، منها تولد الحقد والكراهية بين الأبناء.
فعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، كما تحبون أن يبروكم) (روه الطبراني، وصححه الألباني).
وقد ثبت في الصحيحين عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- أنه قال: نحلني أبي نحلاً، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاءه ليشهده على صدقتي فقال: (أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا ؟). قال: لا، فقال: (فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ). وقال: (إني لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ). قال: فرجع أبي فردَّ تلك الصدقة.
وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قَالَتِ امْرَأَةُ بَشِيرٍ انْحَلِ ابْنِي غُلاَمَكَ وَأَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ إِنَّ ابْنَةَ فُلاَنٍ سَأَلَتْنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا غُلاَمِي وَقَالَتْ أَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: (أَلَهُ إِخْوَةٌ). قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: (أَفَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ). قَالَ: لاَ. قَالَ: (فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا. وَإِنِّي لاَ أَشْهَدُ إِلاَّ عَلَى حَقٍّ) (متفق عليه)، قال النووي: "فيه استحباب التسوية بين الأولاد في الهبة، فلا يفضل بعضهم على بعض سواء كانوا ذكورًا أو إناثـًا لقوله: (لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ) ولقوله: (وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ) ولقوله: (فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِى)" اهـ.
وللحديث بقية إن شاء الله...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلقد جعل الإسلام للأطفال حقوقـًا على والديهم، وجعل لهم أيضًا حقوقـًا على المجتمع، وفي السطور التالية سنذكر طرفـًا من تلك الحقوق، والتي تعتبر أيضًا واجبات على الأب:
- أن يختار لابنه أمًّا صالحة: لأنه إن لم يحسن اختيارها فإنه يجني على أبنائه بارتباطهم بها؛ لأنهم يتأثرون بها، وقد امتن أعرابي على أبنائه بحسن اختياره لأمهم فقال: "وأول إحساني إليكم تخيري لماجدة الأعراق بادٍ عفافها".
وكانت العادة عند أهل الحضر من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم، ويرسلوا أولادهم إلى البادية؛ لتقوى أجسامهم، ويشتد عودهم، ويتقنوا اللسان العربي في مهدهم، ومن ذلك التماس عبد المطلب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- المراضع؛ فاسترضع له حليمة السعدية -رضي الله عنها-.
- الذبح عنه: فعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ غُلاَمٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ وَيُسَمَّى) (رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني)، وتجزئ في السابع، والرابع عشر، والواحد والعشرين؛ لما أخرجه البيهقي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- أنه قال: (العقيقة تـُذبَح لِسَبْعٍ ولأربع عشرة ولإحدى وعشرينَ) (رواه البيهقي والطيالسي، وصححه الألباني).
- والسنة ذبح شاتين عن الغلام وشاة واحدة عن الجارية، ويجوز ذبح واحدة عن الغلام؛ لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك مع الحسن والحسين -رضي الله عنهما-؛ فعن مالك قال: "أخبرنا نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه لم يكن يسأله أحد من أهله عقيقة إلا أعطاه إياه، وكان يعِقّ عن ولده بشاةٍ شاةٍ عن الذكر والأنثى" الموطأ.
وروى أبو داود عن ابنِ عَبّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أنّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عَقّ عن الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ -رَضِيَ الله عَنْهُمَا- كَبْشـًا كَبْشـًا" (رواه أبو داود، وصححه الألباني). وعلى تقدير ثبوت رواية أبي داود فليس في الحديث ما يرد التثنية للغلام؛ بل غايته أن العدد ليس شرطـًا، بل هو من قـَبيل الاستحباب.
- التسمية: ومن السنة أن يختار له اسمًا حسنـًا؛ ففي صحيح مسلم عن ابن عمر -رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه -صلى اللّه عليه وسلم-: (إنَّ أحَبَّ أسْمائكُمْ إلى اللّه عَزَّ وَجَلَّ عَبْدُ اللّه، وَعَبْدُ الرَّحْمَن).
وقال ابن حزم -رحمه الله-: "اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى… وغيره ويحرم تسميته باسم يؤذيه؛ لأن أذية المسلم محرمة".
- حلق شعره والتصدق بوزنه فضة إن تيسر ذلك؛ لما رواه أحمد والترمذي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عَق عن الحسن شاة وقال: (يَا فَاطِمَةُ احْلِقِي رَأْسَهُ وَتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً) فَوَزَنَتْهُ فَكَانَ وَزْنُهُ دِرْهَمًا أَوْ بَعْضَ دِرْهَمٍ (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).
- النفقة عليه حتى يستطيع التكسب والإنفاق على نفسه: قال -تعالى-: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف) (البقرة:233)، وهي تشمل النفقة على الطفل وعلى أمه أيضًا؛ فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كفى بالمرءِ إثمًا أن يُضيِّعَ مَنْ يقوتُ) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني)، فترك النفقة على الأم والأبناء تضييع لهم بلا شك، بل السنة عدم التضييق عليهم، وتركهم أغنياء عن الاحتياج لغيره؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- لسعد -رضي الله عنه-: (إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ) (متفق عليه).
- أن يعلمه ما ينفعه من أمور العلم وما ينتفع به من الأعمال: فقد روي بأسانيد فيها ضعف: "من حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والرماية وألا يرزقه إلا حلالاً طيبًا". وكذلك: "حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ويعلمه الكتابة ويزوجه إذا بلغ". ومن تلك الروايات: "حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرمي"، ومنها كذلك: "حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ويحسن أدبه"، ويقاس على ذلك كل نافع من العلوم وما يصلح لامتهانه من الوظائف.
- أن يحافظ على صحته: فهو مؤتمن على ولده، وإن من أعظم الذنوب التفريط في الأمانة؛ ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: (أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ). قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ. قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: (ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ). قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: (ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ).
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) (متفق عليه).
المساواة بين الأبناء: إن الإسلام يؤكد على قضية المساواة بين الأبناء في الهبات وما شابهها ويحذر من الجور والظلم في ذلك الأمر؛ لما له من آثار سلبية بغيضة، منها تولد الحقد والكراهية بين الأبناء.
فعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، كما تحبون أن يبروكم) (روه الطبراني، وصححه الألباني).
وقد ثبت في الصحيحين عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- أنه قال: نحلني أبي نحلاً، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاءه ليشهده على صدقتي فقال: (أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا ؟). قال: لا، فقال: (فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ). وقال: (إني لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ). قال: فرجع أبي فردَّ تلك الصدقة.
وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قَالَتِ امْرَأَةُ بَشِيرٍ انْحَلِ ابْنِي غُلاَمَكَ وَأَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ إِنَّ ابْنَةَ فُلاَنٍ سَأَلَتْنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا غُلاَمِي وَقَالَتْ أَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: (أَلَهُ إِخْوَةٌ). قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: (أَفَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ). قَالَ: لاَ. قَالَ: (فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا. وَإِنِّي لاَ أَشْهَدُ إِلاَّ عَلَى حَقٍّ) (متفق عليه)، قال النووي: "فيه استحباب التسوية بين الأولاد في الهبة، فلا يفضل بعضهم على بعض سواء كانوا ذكورًا أو إناثـًا لقوله: (لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ) ولقوله: (وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ) ولقوله: (فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِى)" اهـ.
وللحديث بقية إن شاء الله...
تعليق