من معالم المنهج النبوي في التربية
(مراعاة الصحة النفسية للأطفال)
لا شك أن الأطفال نعمة من الله تعالى، وهم زينة الحياة الدنيا، فنظرة الطفل الصغير إلى والديه وابتسامته لهما، تُزيل الهموم وتجلب السعادة، لذا وجَب علينا أن نشكُر الله تعالى على هذه النعمة، وأن نُحسن التعامل معها، وأن نتحلى بصفات اللين والرحمة والشفقة، وأن نتخلى عن الغلظة والشدة المفرطة، والقسوة المهلكة والجفاء، ونحو ذلك من الصفات المذمومة، وللأسف الشديد فإننا نرى بعض الأباء والأمهات ربما تسبَّب أحدهما أو كلاهما في إصابة ابنهما بأمراض نفسية معقدة، بل أحيانًا مزمنة، بسبب سوء المعاملة وعدم مراعاة الجانب النفسي للطفل، علمًا بأن من أعظم أسباب تدهور الحالة النفسية عند الأطفال كثرة الخلافات الزوجية، وعدم شعور الطفل بالأمان، والمعاملة الجافة السيئة، وإذا تأملنا معالم المنهج النبوي في التربية، نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد اهتم بالصحة النفسية للطفل، فكان صلى الله عليه وسلم رحيمًا بالأطفال إلى أقصى حد يتخيَّله الإنسان، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"؛ (رواه مسلم)، وقال أيضًا: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا"؛ (رواه الترمذي وأبو داود)، وقد بالغ النبي صلى الله عليه وسلم في العناية والرعاية عندما أوصى بمراعاة الجوانب المادية والنفسية والمعنوية بالنسبة للأيتام، فقال: "أَنَا وكافلُ الْيتِيمِ في الجنَّةِ هَكَذَا، وأشار بالسبابة والوسطى"؛ (أخرجه البخاري).
وتتجسد رحمته وشفقتُه بالأطفال وتتَّضح في بعض الأحاديث النبوية، ومنها: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لأَقُومُ إِلَى الصَّلاةِ وَأُرِيدُ أَنْ أُطَوِّل فِيها، فَأَسْمعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجوَّز فِي صلاتِي"؛ (أخرجه البخاري)، وذلك من باب الرحمة بالطفل وأمه، بل نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أن يُفرق بين الأم وولدها، حتى لو كان ذلك في الحيوانات والبهائم والطيور؛ قَالَ ابن مسعود: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَقْبَرَةٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ، فَرَأَيْنَا حُمرَةً (طائر)، مَعَهَا فَرْخَانِ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتِ الْحُمرَةُ تَفْرِشُ (ترفرف وتقترب من الأرض)، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا"؛ (رواه الحاكم وأبو داود)، وقال في حديث آخر: "مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا، فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"؛ (أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ)، وأنا أعجب وأتحسَّر من بعض الآباء الذين يفرِّقون بين الأم وولدها بسبب الخلافات الزوجية، كيف ذلك وقد نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن هذا التفريق ولو في البهائم والطيور، وتتجلى رحمته وشفقته صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يحمل أحفاده أثناء الصلاة، فكان يحمل حفيدته أُمامة بنت زينب وهو يصلِّي، ويحمل الحسن أيضًا، ويركب الحسين على ظهره وهو ساجد، فيُطيل السجود مراعاةً لمشاعر الحسين حتى يقضي نهمتَه، وكان صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقبِّل الأطفال ويُمازحهم، وقد قبَّل صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻭﻋﻨﺪﻩ الأﻗﺮﻉ ﺑﻦ ﺣﺎﺑﺲ ﺍﻟﺘﻤﻴﻤﻲ جالسًا، ﻓﻘﺎﻝ الأﻗﺮﻉ: ﺇﻥ ﻟﻲ ﻋﺸﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻟﺪ، ﻣﺎ قبَّلتُ ﻣﻨﻬﻢ أحدًا، ﻓﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ صلى الله عليه وسلم، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: "من لا يَرحم لا يُرحم"؛ (متفق عليه).
ﻓﺎﻟﺮﺣﻤﺔ ﻓﻀﻴﻠﺔ، ﻭﺍﻟﻘﺴﻮﺓ هنا ﺭﺫﻳﻠﺔ، فتقبيل الأطفال سنة عن رسولنا عليه الصلاة والسلام، ومن معالم التربية في المنهج النبوي، كيفية التوجيه والإرشاد بلين ولُطفٍ، فعندما أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كخ كخ، ارمِ بها، أما علمتَ أنَّا لا نأكل الصدقة"؛ (متفق عليه).
فلم يضرِبه أو يشتد عليه، ولكن علَّمه بلِينٍ ولُطف وحِكمةٍ، وعن عمر بن أبي سلمة قال: كُنْتُ غُلاَمًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، (يحرِّكها في جميع جوانب إناء الطعام)، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»، فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ؛ (متفق عليه).
زين العابدين كامل سيد
شبكة الألوكة
(مراعاة الصحة النفسية للأطفال)
لا شك أن الأطفال نعمة من الله تعالى، وهم زينة الحياة الدنيا، فنظرة الطفل الصغير إلى والديه وابتسامته لهما، تُزيل الهموم وتجلب السعادة، لذا وجَب علينا أن نشكُر الله تعالى على هذه النعمة، وأن نُحسن التعامل معها، وأن نتحلى بصفات اللين والرحمة والشفقة، وأن نتخلى عن الغلظة والشدة المفرطة، والقسوة المهلكة والجفاء، ونحو ذلك من الصفات المذمومة، وللأسف الشديد فإننا نرى بعض الأباء والأمهات ربما تسبَّب أحدهما أو كلاهما في إصابة ابنهما بأمراض نفسية معقدة، بل أحيانًا مزمنة، بسبب سوء المعاملة وعدم مراعاة الجانب النفسي للطفل، علمًا بأن من أعظم أسباب تدهور الحالة النفسية عند الأطفال كثرة الخلافات الزوجية، وعدم شعور الطفل بالأمان، والمعاملة الجافة السيئة، وإذا تأملنا معالم المنهج النبوي في التربية، نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد اهتم بالصحة النفسية للطفل، فكان صلى الله عليه وسلم رحيمًا بالأطفال إلى أقصى حد يتخيَّله الإنسان، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"؛ (رواه مسلم)، وقال أيضًا: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا"؛ (رواه الترمذي وأبو داود)، وقد بالغ النبي صلى الله عليه وسلم في العناية والرعاية عندما أوصى بمراعاة الجوانب المادية والنفسية والمعنوية بالنسبة للأيتام، فقال: "أَنَا وكافلُ الْيتِيمِ في الجنَّةِ هَكَذَا، وأشار بالسبابة والوسطى"؛ (أخرجه البخاري).
وتتجسد رحمته وشفقتُه بالأطفال وتتَّضح في بعض الأحاديث النبوية، ومنها: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لأَقُومُ إِلَى الصَّلاةِ وَأُرِيدُ أَنْ أُطَوِّل فِيها، فَأَسْمعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجوَّز فِي صلاتِي"؛ (أخرجه البخاري)، وذلك من باب الرحمة بالطفل وأمه، بل نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أن يُفرق بين الأم وولدها، حتى لو كان ذلك في الحيوانات والبهائم والطيور؛ قَالَ ابن مسعود: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَقْبَرَةٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ، فَرَأَيْنَا حُمرَةً (طائر)، مَعَهَا فَرْخَانِ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتِ الْحُمرَةُ تَفْرِشُ (ترفرف وتقترب من الأرض)، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا"؛ (رواه الحاكم وأبو داود)، وقال في حديث آخر: "مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا، فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"؛ (أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ)، وأنا أعجب وأتحسَّر من بعض الآباء الذين يفرِّقون بين الأم وولدها بسبب الخلافات الزوجية، كيف ذلك وقد نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن هذا التفريق ولو في البهائم والطيور، وتتجلى رحمته وشفقته صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يحمل أحفاده أثناء الصلاة، فكان يحمل حفيدته أُمامة بنت زينب وهو يصلِّي، ويحمل الحسن أيضًا، ويركب الحسين على ظهره وهو ساجد، فيُطيل السجود مراعاةً لمشاعر الحسين حتى يقضي نهمتَه، وكان صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقبِّل الأطفال ويُمازحهم، وقد قبَّل صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻭﻋﻨﺪﻩ الأﻗﺮﻉ ﺑﻦ ﺣﺎﺑﺲ ﺍﻟﺘﻤﻴﻤﻲ جالسًا، ﻓﻘﺎﻝ الأﻗﺮﻉ: ﺇﻥ ﻟﻲ ﻋﺸﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻟﺪ، ﻣﺎ قبَّلتُ ﻣﻨﻬﻢ أحدًا، ﻓﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ صلى الله عليه وسلم، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: "من لا يَرحم لا يُرحم"؛ (متفق عليه).
ﻓﺎﻟﺮﺣﻤﺔ ﻓﻀﻴﻠﺔ، ﻭﺍﻟﻘﺴﻮﺓ هنا ﺭﺫﻳﻠﺔ، فتقبيل الأطفال سنة عن رسولنا عليه الصلاة والسلام، ومن معالم التربية في المنهج النبوي، كيفية التوجيه والإرشاد بلين ولُطفٍ، فعندما أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كخ كخ، ارمِ بها، أما علمتَ أنَّا لا نأكل الصدقة"؛ (متفق عليه).
فلم يضرِبه أو يشتد عليه، ولكن علَّمه بلِينٍ ولُطف وحِكمةٍ، وعن عمر بن أبي سلمة قال: كُنْتُ غُلاَمًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، (يحرِّكها في جميع جوانب إناء الطعام)، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»، فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ؛ (متفق عليه).
زين العابدين كامل سيد
شبكة الألوكة
تعليق