السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في ظل الحراك الذي تشهده الأمة الإسلامية ومطالب الإصلاح والتغير في محاولة للنهوض بأمتنا، تبرز أهمية التأكيد على بناء خلق الإيجابية في نفوس النشء.
ونعني بالإيجابية هو تربية الأجيال القادمة على الإرادة والإقدام والفعالية والإبداع والإنشاء والتوجّه، فتؤدّى مهامها في الحياة وتساهم في نهضة مجتمعاتها.
إن الإيجابية هي التي تساعد على مقاومة الشر في النفس والمجتمع، فلو كان الإنسان سلبياً لكل شيء، لتفشت الأمراض والشرور دون أن يقاومها أو يغيّر ما فيها من منكر، وتخضع النفوس للفساد وللظلم، وينتهي الأمر بالبوار والدمار، كما أن الإيجابية تساعد على إبداع النظم الجديدة التي تدفع البشرية إلى الأمام، دون خوف من الخروج على مألوف الناس حين يفسد هذا المألوف ويصبح مُصدراً للفساد. وكلها أمور حيوية بالنسبة للفرد والمجتمع والحياة.
إننا نأمل في صناعة جيل إيجابي قوي متفائل حين تدلهم الخطوب، لا ييأس حين يقنط الناس، ولا يتراخى عن العمل حين يفتر العاملون، يصنع من الشمعة نورا، ومن الحزن سرورا، بهذا الجيل تبنى الحضارات وتصنع الأمم.
لقد كانت الطاقة الإيجابية التي غرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه هي القوة الدافعة لهم لإنشاء هذه الحضارة الشامخة، فبعد أن إمتلأت قلوبهم بالإيمان حقاً، أخذوا ينشؤون نظاما غير مسبوق في كل الأرض: نظاماً سياسياً وإقتصاديا وإجتماعيا وفكريا وروحياً لا توحي به ضرورة من ضرورات الأرض، وليس نتيجة حتمية لشيء من ظروف الأرض، إنما يُنْشَأ إنشاء، إرادة وإقتداراً، بدافع من الإيمان والطاقة الإيجابية.
إن الأفكار تبقى ميتة حتى لو كانت صادقة وصحيحة حين لا تكون ذات فاعلية في إطار زمني محدد، والأشياء تصبح باهتة ومجرد أكداس إذ لم تكن متأتية عن حركة الحضارة ومتسقة مع وظيفتها، والأشخاص يتحولون إلى البداوة وعدم التحضر عند فقدهم للروابط التي تفسر إجتماعهم وعملهم المشترك في سبيل أهدافهم الحضارية، إن التقدم أو التخلف لا يعتمد على الأفكار الصحيحة فقط، وإنما يعتمد أيضاً على أسلوب الحياة الذي ينتهجه أفراد الأمة في سبيل تحقيق أهدافها!
والإنسان هو أساس الحضارة، ولذلك يؤكد منهج التغيير الحضاري الإسلامي على صياغة الإنسان المسلم من جديد قبل بناء العمارات، وإنشاء المصانع وتعبيد الطرق وتنظيم الحياة المادية، أو معها على الأقل، فالطريق الصحيح للخروج بالأمة الإسلامية من دائرة التخلف أن نعود إلى منهاج الإسلام في التغيير الحضاري، فنقوم بتفجير الطاقات الكامنة في الإنسان المسلم، وعندها نمتلك القدرة على القفز فوق كل الحواجز لتحقيق التقدم والإنجاز الحضاري.
إن الأمة الإسلامية لن يكون لها مكان على خريطة المستقبل إلا إذا تاب أبناؤها من خطيئة الكلام الكثير والعمل القليل، وإلا إذا شمر كل منهم عن ساعديه وتعبد الله في ليله ونهاره بالعمل الكثير، وبدون ذلك، ستبقى هذه الأمة بين مطرقة الغرب الحاقد وسندان أفعال أبنائها العاجزة، والتي لا تعدو في كثير من الأحيان مجموعة من الكلمات!
إن التخلف الذي ترسف فيه أمتنا إنما هو في حقيقته نتيجة لازمة لكسلنا وعجزنا عن المبادأة في أي ميدان... ولا طريق لنا إلى التقدم إلا أن نكون على يقين أن الفعالية هي طريق الأمم إلى الحضارة.
إن تزايد مناخ الحريات الذي بدأ يسود عدد من المجتمعات العربية والإسلامية في السنوات الأخيرة يساعد على إنشاء مثل هذا الجيل، لكن يبقى السؤال ما هي الخطوات العملية التي تساهم في ترسيخ مثل هذا الخلق في الأجيال القادمة:
ـ زراعة القلق في نفوس النشء على مستقبل أمتهم
ويكون ذلك من خلال سرد تاريخ الأمة وحاضرها والحديث عن مستقبلها، بالإضافة إلى متابعة هموم الأمة اليومية والمحن التي تتعرض لها، فالأمة لابد أن يسودها القلق من واقع التخلف الذي تعيشه، ولا بد أن يستشعر أفرادها الخطر من المستقبل الذي لن يحمل لهم -إن بقوا على كسلهم وعجزهم- إلا التبعية الذليلة التي يتحول فيها أفراد الأمة إلى خدم لأفراد الأمم الأخرى!
فإذا ساد الأمة القلق وإستشعر أفرادها الخطر، فإن هذا يؤدي إن شاء الله إلى وضع جديد في الأمة يمكن أن نطلق عليه حالة إنقاذ... وأول ما يكون من أثر هذه الحالة في نفوس الأفراد أنها تحرمهم الشعور بالإستقرار لما يعتريهم، ويسيطر على مشاعرهم من قلق لا يمكن دفعه إلا بتغيير واقع أمتهم، وهكذا ينطلق الأفراد الذين كانوا من قبل مُكَبّلين بكسلهم... ينطلقون لأنهم يشعرون فجأة بإنفجار ذاتي داخل نفوسهم... إنفجار يطلق طاقاتهم المكبلة في إتجاه تغيير واقع الأمة.
ـ تحمل المسؤولية:
فلا بد من تربيتهم على تحمل المسؤولية والشعور بعظم الأمانة الملقاة على عاتقهم، وذلك من خلال مناقشتهم في الأمور كلها، ومشاورتهم فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمور كلها، كمشاورتهم يوم بدر، ويوم أحد، وفي حفر الخندق ويعترف بآرائهم وينزل عليها وهذه هي التربية التي تنشأ قادة يتحملون التبعات، لا أتباعا يسيرون وراء كل ناعق... وفي هذا الإطار من الأهمية بمكان أن يتم تعليم أبناءنا طرق البحث والدراسة والطلب منهم عمل دراسات وأبحاث حول القضايا المثارة والمشكلات المعاصرة وطرق حلها وسبل علاجها ومناقشتهم فيما يصلون إليه من نتائج.
ـ تقوية الإرادة:
لا تتأتى تقوية الإرادة إلى بتقوية العقيدة في النفوس وغرس الإيمان، فالعقيدة الراسخة تحمل كل فرد تبعات نشرها ونصرتها وتحملها وتمنعه من الراحة والركون حتى تتمكن هذه العقيدة في الأرض، ومن ثم يصبح صاحبها يملك إرادة من حديد، لا تلين ولا تنكسر مهما واجه من صعوبات ومحن وتحديات.
ومن أبرز النماذج لقوة الإرادة النابعة من الإيمان شيخ الإسلام ابن تيمية عندما قال: ماذا يفعل أعدائي بي؟ إن سجني خلوة ونفيي سياحة وقتلي شهادة، أنا جنتي في قلبي أينما سرت كانت معي.
الكاتب: بسام حسن المسلماني.
في ظل الحراك الذي تشهده الأمة الإسلامية ومطالب الإصلاح والتغير في محاولة للنهوض بأمتنا، تبرز أهمية التأكيد على بناء خلق الإيجابية في نفوس النشء.
ونعني بالإيجابية هو تربية الأجيال القادمة على الإرادة والإقدام والفعالية والإبداع والإنشاء والتوجّه، فتؤدّى مهامها في الحياة وتساهم في نهضة مجتمعاتها.
إن الإيجابية هي التي تساعد على مقاومة الشر في النفس والمجتمع، فلو كان الإنسان سلبياً لكل شيء، لتفشت الأمراض والشرور دون أن يقاومها أو يغيّر ما فيها من منكر، وتخضع النفوس للفساد وللظلم، وينتهي الأمر بالبوار والدمار، كما أن الإيجابية تساعد على إبداع النظم الجديدة التي تدفع البشرية إلى الأمام، دون خوف من الخروج على مألوف الناس حين يفسد هذا المألوف ويصبح مُصدراً للفساد. وكلها أمور حيوية بالنسبة للفرد والمجتمع والحياة.
إننا نأمل في صناعة جيل إيجابي قوي متفائل حين تدلهم الخطوب، لا ييأس حين يقنط الناس، ولا يتراخى عن العمل حين يفتر العاملون، يصنع من الشمعة نورا، ومن الحزن سرورا، بهذا الجيل تبنى الحضارات وتصنع الأمم.
لقد كانت الطاقة الإيجابية التي غرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه هي القوة الدافعة لهم لإنشاء هذه الحضارة الشامخة، فبعد أن إمتلأت قلوبهم بالإيمان حقاً، أخذوا ينشؤون نظاما غير مسبوق في كل الأرض: نظاماً سياسياً وإقتصاديا وإجتماعيا وفكريا وروحياً لا توحي به ضرورة من ضرورات الأرض، وليس نتيجة حتمية لشيء من ظروف الأرض، إنما يُنْشَأ إنشاء، إرادة وإقتداراً، بدافع من الإيمان والطاقة الإيجابية.
إن الأفكار تبقى ميتة حتى لو كانت صادقة وصحيحة حين لا تكون ذات فاعلية في إطار زمني محدد، والأشياء تصبح باهتة ومجرد أكداس إذ لم تكن متأتية عن حركة الحضارة ومتسقة مع وظيفتها، والأشخاص يتحولون إلى البداوة وعدم التحضر عند فقدهم للروابط التي تفسر إجتماعهم وعملهم المشترك في سبيل أهدافهم الحضارية، إن التقدم أو التخلف لا يعتمد على الأفكار الصحيحة فقط، وإنما يعتمد أيضاً على أسلوب الحياة الذي ينتهجه أفراد الأمة في سبيل تحقيق أهدافها!
والإنسان هو أساس الحضارة، ولذلك يؤكد منهج التغيير الحضاري الإسلامي على صياغة الإنسان المسلم من جديد قبل بناء العمارات، وإنشاء المصانع وتعبيد الطرق وتنظيم الحياة المادية، أو معها على الأقل، فالطريق الصحيح للخروج بالأمة الإسلامية من دائرة التخلف أن نعود إلى منهاج الإسلام في التغيير الحضاري، فنقوم بتفجير الطاقات الكامنة في الإنسان المسلم، وعندها نمتلك القدرة على القفز فوق كل الحواجز لتحقيق التقدم والإنجاز الحضاري.
إن الأمة الإسلامية لن يكون لها مكان على خريطة المستقبل إلا إذا تاب أبناؤها من خطيئة الكلام الكثير والعمل القليل، وإلا إذا شمر كل منهم عن ساعديه وتعبد الله في ليله ونهاره بالعمل الكثير، وبدون ذلك، ستبقى هذه الأمة بين مطرقة الغرب الحاقد وسندان أفعال أبنائها العاجزة، والتي لا تعدو في كثير من الأحيان مجموعة من الكلمات!
إن التخلف الذي ترسف فيه أمتنا إنما هو في حقيقته نتيجة لازمة لكسلنا وعجزنا عن المبادأة في أي ميدان... ولا طريق لنا إلى التقدم إلا أن نكون على يقين أن الفعالية هي طريق الأمم إلى الحضارة.
إن تزايد مناخ الحريات الذي بدأ يسود عدد من المجتمعات العربية والإسلامية في السنوات الأخيرة يساعد على إنشاء مثل هذا الجيل، لكن يبقى السؤال ما هي الخطوات العملية التي تساهم في ترسيخ مثل هذا الخلق في الأجيال القادمة:
ـ زراعة القلق في نفوس النشء على مستقبل أمتهم
ويكون ذلك من خلال سرد تاريخ الأمة وحاضرها والحديث عن مستقبلها، بالإضافة إلى متابعة هموم الأمة اليومية والمحن التي تتعرض لها، فالأمة لابد أن يسودها القلق من واقع التخلف الذي تعيشه، ولا بد أن يستشعر أفرادها الخطر من المستقبل الذي لن يحمل لهم -إن بقوا على كسلهم وعجزهم- إلا التبعية الذليلة التي يتحول فيها أفراد الأمة إلى خدم لأفراد الأمم الأخرى!
فإذا ساد الأمة القلق وإستشعر أفرادها الخطر، فإن هذا يؤدي إن شاء الله إلى وضع جديد في الأمة يمكن أن نطلق عليه حالة إنقاذ... وأول ما يكون من أثر هذه الحالة في نفوس الأفراد أنها تحرمهم الشعور بالإستقرار لما يعتريهم، ويسيطر على مشاعرهم من قلق لا يمكن دفعه إلا بتغيير واقع أمتهم، وهكذا ينطلق الأفراد الذين كانوا من قبل مُكَبّلين بكسلهم... ينطلقون لأنهم يشعرون فجأة بإنفجار ذاتي داخل نفوسهم... إنفجار يطلق طاقاتهم المكبلة في إتجاه تغيير واقع الأمة.
ـ تحمل المسؤولية:
فلا بد من تربيتهم على تحمل المسؤولية والشعور بعظم الأمانة الملقاة على عاتقهم، وذلك من خلال مناقشتهم في الأمور كلها، ومشاورتهم فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمور كلها، كمشاورتهم يوم بدر، ويوم أحد، وفي حفر الخندق ويعترف بآرائهم وينزل عليها وهذه هي التربية التي تنشأ قادة يتحملون التبعات، لا أتباعا يسيرون وراء كل ناعق... وفي هذا الإطار من الأهمية بمكان أن يتم تعليم أبناءنا طرق البحث والدراسة والطلب منهم عمل دراسات وأبحاث حول القضايا المثارة والمشكلات المعاصرة وطرق حلها وسبل علاجها ومناقشتهم فيما يصلون إليه من نتائج.
ـ تقوية الإرادة:
لا تتأتى تقوية الإرادة إلى بتقوية العقيدة في النفوس وغرس الإيمان، فالعقيدة الراسخة تحمل كل فرد تبعات نشرها ونصرتها وتحملها وتمنعه من الراحة والركون حتى تتمكن هذه العقيدة في الأرض، ومن ثم يصبح صاحبها يملك إرادة من حديد، لا تلين ولا تنكسر مهما واجه من صعوبات ومحن وتحديات.
ومن أبرز النماذج لقوة الإرادة النابعة من الإيمان شيخ الإسلام ابن تيمية عندما قال: ماذا يفعل أعدائي بي؟ إن سجني خلوة ونفيي سياحة وقتلي شهادة، أنا جنتي في قلبي أينما سرت كانت معي.
الكاتب: بسام حسن المسلماني.
تعليق