النقود في حياة الطفل
تأخذ النقودُ منذ وقت مُبَكِّرٍ - منذ سنِّ الرابعةِ مثلاً - مفهومًا ومعنًى خاصًّا لدى الطفل، فأمُّه تشتري السلع والحاجيات من السوق بالنقود، وأبوه يتحدث مع أمِّه عن النقود التي تُخَصَّص لميزانية البيت، والأسرة تعتذر أحيانًا للطفل عن شراء بعض أغراضه حتى تتوفر النقود، والطفل يطلب النقود ويُعْطِي النقود، ويُوَجَّه في شراء ما يشتهيه من حاجيات بالنقود؛ بل ويتعلَّم الطفل في سن مبكرة ادِّخارَ النقود، وتُخَصَّص له "حصَّالة" خاصة يُودِعُ فيها ما يُعْطاه من النقود التي تزيد على حاجته.
ويعتبر موضوع النقود من الموضوعات المهمة في تعليم الطفل الحفاظَ على ملكية الغير، وفي الحفاظ على ملكيّته الخاصة، فهو لا يأخذ أيَّةَ نقود يجدها في المنزل؛ لأنها ليست من حقِّه، ولأنها مخصصة لأغراض أخرى، وهو يَرُدُّ النقود التي أخذها من أي مصدر دون وجه حق، وهو لا يَقْبَل أن يأخذ نقودًا من أي شخص إلا بموافقة أبيه وأمه؛ بل هو يُعْطى أحيانًا نقودًا من أبيه أو أمه نظيرَ جهد خاصٍّ قام به، أو نظير القيام بخدمة تطوعية في البيت.
فالنقود مقابل عمل، ومقابل جهد، والنقود لقضاء أغراض خاصة، والنقود لا بد أن تكون بمعدلات معقولة، فمصروف الجيب الذي يُعْطى للطفل من الأسرة يكون بمقدار، وأيُّ زيادة عنه تصل إلى الطفل - من جَدٍّ، أو من عَمٍّ، أو قريب - ينبغي أن تَتِمَّ المدارسة والمناقشة بين الأب والأم حول طريقة إنفاقها، فالمصادر التي يحصل الطفل منها على النقود، وأوجه الإنفاق التي يُنْفِقها فيها - ينبغي أن تكون واضحةً معلومة للأسرة، كما ينبغي أن يُعَوَّد الطفل على استثمار المدَّخرات بالطرق السليمة، التي أقرَّها العُرْفُ والدِّين.
ويكون جميلاً أن يُعَوَّد الطفل التصدُّق ببعض النقود التي تتراكم لديه؛ تعريفًا له بحق الله في المال، ولفريضة الزكاة والصدقة، وعندما ينتقل الطفل من البيت إلى روضة الأطفال، وإلى الصفوف الأولى من المدرسة الابتدائية بعد ذلك - يَتَّسع إدراك الطفل لمفهوم النقود؛ إذ تصبح النقود من العوامل المدعِّمة لشخصية الطفل في مجتمع المدرسة، فهي تتيح له شراء الحلوى والمشروبات والأدوات المدرسية، وتتيح له المشاركة في الجماعات والنشاطات المدرسية، وتعطي الطفل مكانة خاصة بين غيره من الأطفال، فهو يقدر على ما لا يقدر عليه غيره من الأطفال؛ وبذلك تصبح للنقود قيمةٌ أكبر؛ فبها تنمو شخصية الطفل، وتزداد مكانته الاجتماعية.
وفي هذه السن تظهر الانحرافات في المفهوم الصحيح للملكية، مرتبطةً بما يتحصل عليه الطفل من النقود، فالطفل المحروم تمامًا من النقود يُحِس بالنقص، ويشعر أنه دون غيره من الأطفال؛ لأنه لا يملك ما يملكون، وغالبًا ما يؤدي به هذا الإحساس بالنقص إلى أحد طريقين:
- إما أن يَتَقَبَّل الطفل وضعه كطفل حُرِم مما يَتَمَتَّع به الأطفال الآخرون من نقود، فينزوي عن النشاط الاجتماعي العام لمجموعة التلاميذ؛ وبذلك يتحول إلى طفل انسحابي؛ لكنه لن يخلو من مشاعر القلق وعدم الاستقرار، وقد يعمد إلى أول فرصة يتاح له فيها المال بأي طريق؛ لاستعادة وضعه بين جماعة الفصل، وفي هذا ما فيه من مخاطر الانزلاق إلى جمع المال بطرق غير سليمة (السرقة).
- وإما أن تَتَّخذ الأسرة والمدرسة الحيطةَ الواجبَ اتِّباعها في هذه المواقف، فيَتَنَبَّه رائدُ الفصل أو مُعَلَِّم الفصل إلى حالة التلميذ من بداية العام الدراسي، فيقوم بتغطية الالتزامات المالية المطلوبة؛ وبذلك يتحرَّر الطفل من الشعور بالنقص بهذا الخصوص
المصدر: كتاب "مشكلة سرقات الأطفال"
تأخذ النقودُ منذ وقت مُبَكِّرٍ - منذ سنِّ الرابعةِ مثلاً - مفهومًا ومعنًى خاصًّا لدى الطفل، فأمُّه تشتري السلع والحاجيات من السوق بالنقود، وأبوه يتحدث مع أمِّه عن النقود التي تُخَصَّص لميزانية البيت، والأسرة تعتذر أحيانًا للطفل عن شراء بعض أغراضه حتى تتوفر النقود، والطفل يطلب النقود ويُعْطِي النقود، ويُوَجَّه في شراء ما يشتهيه من حاجيات بالنقود؛ بل ويتعلَّم الطفل في سن مبكرة ادِّخارَ النقود، وتُخَصَّص له "حصَّالة" خاصة يُودِعُ فيها ما يُعْطاه من النقود التي تزيد على حاجته.
ويعتبر موضوع النقود من الموضوعات المهمة في تعليم الطفل الحفاظَ على ملكية الغير، وفي الحفاظ على ملكيّته الخاصة، فهو لا يأخذ أيَّةَ نقود يجدها في المنزل؛ لأنها ليست من حقِّه، ولأنها مخصصة لأغراض أخرى، وهو يَرُدُّ النقود التي أخذها من أي مصدر دون وجه حق، وهو لا يَقْبَل أن يأخذ نقودًا من أي شخص إلا بموافقة أبيه وأمه؛ بل هو يُعْطى أحيانًا نقودًا من أبيه أو أمه نظيرَ جهد خاصٍّ قام به، أو نظير القيام بخدمة تطوعية في البيت.
فالنقود مقابل عمل، ومقابل جهد، والنقود لقضاء أغراض خاصة، والنقود لا بد أن تكون بمعدلات معقولة، فمصروف الجيب الذي يُعْطى للطفل من الأسرة يكون بمقدار، وأيُّ زيادة عنه تصل إلى الطفل - من جَدٍّ، أو من عَمٍّ، أو قريب - ينبغي أن تَتِمَّ المدارسة والمناقشة بين الأب والأم حول طريقة إنفاقها، فالمصادر التي يحصل الطفل منها على النقود، وأوجه الإنفاق التي يُنْفِقها فيها - ينبغي أن تكون واضحةً معلومة للأسرة، كما ينبغي أن يُعَوَّد الطفل على استثمار المدَّخرات بالطرق السليمة، التي أقرَّها العُرْفُ والدِّين.
ويكون جميلاً أن يُعَوَّد الطفل التصدُّق ببعض النقود التي تتراكم لديه؛ تعريفًا له بحق الله في المال، ولفريضة الزكاة والصدقة، وعندما ينتقل الطفل من البيت إلى روضة الأطفال، وإلى الصفوف الأولى من المدرسة الابتدائية بعد ذلك - يَتَّسع إدراك الطفل لمفهوم النقود؛ إذ تصبح النقود من العوامل المدعِّمة لشخصية الطفل في مجتمع المدرسة، فهي تتيح له شراء الحلوى والمشروبات والأدوات المدرسية، وتتيح له المشاركة في الجماعات والنشاطات المدرسية، وتعطي الطفل مكانة خاصة بين غيره من الأطفال، فهو يقدر على ما لا يقدر عليه غيره من الأطفال؛ وبذلك تصبح للنقود قيمةٌ أكبر؛ فبها تنمو شخصية الطفل، وتزداد مكانته الاجتماعية.
وفي هذه السن تظهر الانحرافات في المفهوم الصحيح للملكية، مرتبطةً بما يتحصل عليه الطفل من النقود، فالطفل المحروم تمامًا من النقود يُحِس بالنقص، ويشعر أنه دون غيره من الأطفال؛ لأنه لا يملك ما يملكون، وغالبًا ما يؤدي به هذا الإحساس بالنقص إلى أحد طريقين:
- إما أن يَتَقَبَّل الطفل وضعه كطفل حُرِم مما يَتَمَتَّع به الأطفال الآخرون من نقود، فينزوي عن النشاط الاجتماعي العام لمجموعة التلاميذ؛ وبذلك يتحول إلى طفل انسحابي؛ لكنه لن يخلو من مشاعر القلق وعدم الاستقرار، وقد يعمد إلى أول فرصة يتاح له فيها المال بأي طريق؛ لاستعادة وضعه بين جماعة الفصل، وفي هذا ما فيه من مخاطر الانزلاق إلى جمع المال بطرق غير سليمة (السرقة).
- وإما أن تَتَّخذ الأسرة والمدرسة الحيطةَ الواجبَ اتِّباعها في هذه المواقف، فيَتَنَبَّه رائدُ الفصل أو مُعَلَِّم الفصل إلى حالة التلميذ من بداية العام الدراسي، فيقوم بتغطية الالتزامات المالية المطلوبة؛ وبذلك يتحرَّر الطفل من الشعور بالنقص بهذا الخصوص
المصدر: كتاب "مشكلة سرقات الأطفال"
تعليق