رمضان.. والترابط العائلي
لا شك أن كلاً منا يستعد لهذا الشهر الكريم، ويفكر كيف يجعل رمضان هذه السنة شيئاً مختلفاً؛ حتى يحيا في روحانية ونورانية وصفاء نفسي يتطلب منه العفو، والصدق، والصبر، والإخلاص، وكظم الغيظ، و الإحسان، والرضا.
رمضان هو شهر انتصار الإنسان بكل ما تعني هذه الكلمة من معنًى....
انتصار على الشيطان، انتصار على الشهوات، انتصار على السيئات، انتصار نفخة الروح على طينة الأرض.
شهر رمضان فرصة لتغيير شخصياتنا إلى الأفضل، لتحويلها إلى شخصية ودود، اجتماعية، أكثر تديناً... وأكثر تلاحماً وترابطاً مع أفراد الأسرة بل والمجتمع والأمة بأسرها.
ولنتأمل معاً الأسرة في هذا الزمان بصفتها الخلية الأولى في المجتمع، فنجد صوراً بعيدة عن المنهج الرباني؛ فلا نرى ونسمع إلاّ الخلافات الدائمة بين الوالدين، والمشاحنات، وصراخ الأم لتقويم أبنائها، وعناد الأبناء، وتشبّثهم بآرائهم.. وغياب الوعي والاحترام والانتماء لبيت العيلة.
ويأتي شهر رمضان بآدابه وتعاليمه ليصلح ما أفسدته الأيام، ويعيد الأمور إلى نصابها الصحيح....
فاجتماع الأبناء مع الآباء والأمهات عند الإفطار، والسحور، والاستعداد للصلاة جماعة في المنزل أو في المسجد، واستعداد الأسرة للقيام بزيارة الأقارب والأصدقاء يحدث تغييراً شاملا ًفي الأسرة؛ من حيث احترام الأبناء للآباء، وتعاونهم وترابطهم بهم، مما يحقق التوازن النفسي للأسرة.
فالأسرة المتوافقة المتحابة هي التي يقوم فيها الأب والأم بأدوارهم الوظيفية من الرحمة والعطف والحنان والتربية والمصاحبة الطيبة هي بلا شك أسرة سعيدة مطمئنة.
إن رمضان هو شهر البر والإحسان والكرم فيه التراحم والتعاطف والتعاون.. فلننتهز هذا الشهر الكريم لكي نتصالح مع أنفسنا، ونتخلص من عاداتنا السيئة، ونتمسك بالقيم الروحية والفضائل.
ولنجعل من رمضان فرصة لتقوية الترابط العائلي، وصلة الرحم، والعودة إلى إحياء العادات القديمة مثل: أن تصنع الأم طبقاً رمضانياً وتهديه لجارتها، واجتماع العائلة والأولاد والأقارب في بيت العيلة، وإحياء السهرات الرمضانية.
وما أجمل أن ينتهز الأب هذه الفرصة ليجمع أفراد العائلة من الجد والجدة والزوجة (الأم) والأبناء، ويقرأ عليهم ما تيسر من آيات القرآن الكريم، ويتدارسون معانيه جميعاً، ويساعد أبناءه على حفظ ما تيسر منه، مما يزيد من تعلّقهم ببعضهم البعض، والتمسك بالمثل والقيم والأخلاق، ونبذ الخلافات بين الأبناء والآباء، والعودة إلى القيم الروحية التي تحث على بر الوالدين والإحسان إليهما للفوز برضا الله.
وليعلم كلٌّ منا أنه لا أمل في أبناء بغير آباء صالحين يحملون الأمانة، ويعرفون واجبهم، ويقدرون مسؤوليتهم نحو ربهم وأبنائهم ومجتمعهم، ولا مستقبل لمجتمع يقوم أفراده على الاهتمام بتطبيق عادات الغرب وتقاليده، وينسى أو يتناسى الاهتمام بتطبيق تعاليم الإسلام وآدابه وأحكامه.
والحقيقة التي تفرض نفسها بأنه لا تتكون الأسرة الصالحة إلاّ باتباع المنهج الرباني الذي منح كل فرد الإجابة الشافية والمعرفة الوافية بالطريق الواجب اتباعه، والسلوك الأمثل الواجب الاقتداء به، والخلق الفاضل الواجب التحلي به؛ مما يضمن الاستقرار والأمان.
تعليق