إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإحسان إلى البنات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإحسان إلى البنات


    الإحسان إلى البنات





    عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "دخلتْ عليَّ امرأة، ومعها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئًا غير تمرة واحدة، فأعطيتُها إياها، فقسمتْها بين ابنتيها، ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا فأخبرتُه، فقال: ((مَن ابتُلي من هذه البنات بشيء فأَحسَن إليهن، كُنَّ له سِترًا من النار))؛ رواه الشيخان.



    وعنها - رضي الله عنها - قالت: "جاءتني مسكينة تَحمِل ابنتين لها، فأطعمتُها ثلاث تمرات، فأعطت كلَّ واحدة منهما تمرةً، ورفعتْ إلى فِيها تمرةً لتأكلها، فاستطعمتْها ابنتاها، فشقَّت التمرة التي كانت تُريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنُها، فذكرتُ الذي صنعتْ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار))؛ رواه مسلم .





    عناية الإسلام بالبنات:


    هذان حديثان صحيحان، اتَّفَق الشيخان على رواية أولهما، وانفرد مسلم عن البخاري برواية آخرهما، ويبدو لمن تأمَّل أنهما قصتان مختلفتان، وإن تَقارَبتا لفظًا ومعنى، وأجاز صاحب الفتح اتحادهما، على أن يكون مراد الصدِّيقة بقولها: "فلم تجد عندي شيئًا غير تمرة واحدة"، إنها لم تجد سوى تمرة في أول الأمر، فأعطتْها إياها، ثم عثرتْ على اثنتين بعدها، فأعطتهما إياها كذلك، فيصرن ثلاثًا، وفي هذا من التكلَّف ما لا يعنينا.

    وإنما الذي يعنينا من هذه القصة أو القصتين - عدا ما نشير إليه بعد - عناية الإسلام بالبنت، وترغيبه في إكرامها والإحسان إليها، وإعدادها لأن تكون أمًّا صالحة، تبني أسرًا كريمة، وتنشئ أجيالاً سعيدة، من بعد أن أنقذها من حُفر الوأد، وانتشلها من بؤر الذِّلة والمهانة!





    كراهية العرب في الجاهلية للبنات:


    لقد جُبِل الناس قديمًا وحديثًا على كراهية البنت، حتى قالوا: "دفْن البنت من المكرمات"، وقال عبدالله بن طاهر:




    لكل أبي بنتٍ يُراعي شؤونها

    ثلاثةُ أصهار إذا حُمِد الصهرُ



    فبعل يراعيها وخِدْر يكنُّها

    وقبر يواريها وخيرُهم القبرُ


    وبلغ من كراهيةِ العرب للبنت في الجاهليَّة أن فريقًا منهم كانوا يئدونها وهي طفل، وكان أحدهم إذا دنا وضْعُ امرأته، استخفى عن الأعين حتى ينظر ما تَلِد له، فإن كان ذكرًا ابتهج واستبشَر، وإن كانت أنثى اغتمَّ وتكدَّر، وظل مستخفيًا حائرًا، حتى يقضي في أمر ابنته، فإن بدا له أن يستحييَها، تركها حتى إذا كَبِرت ألبسها جُبة من صوف أو شعر، وجعلها ترعى الإبل والغنم في البادية، وإذا أراد أن يقتلها تَمهَّل حتى صارت سداسية، ثم قال لأمها: زيِّنيها وطيِّبيها، حتى أذهب بها إلى أحمائها، ويكون قد حفر لها حفرة في الصحراء، فإذا بلغ تلك الحفرة التي أَعَدَّ لها، قال لها: انظري إلى هذه البئر، فإذا نظرت إليها، دفَعها من خلفها، ثم هال التراب عليها، ويزعم أنه هدَم ركنًا من أركان المعرَّة أو الفقر.

    وفي هؤلاء نزل قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59].





    من آثار الجاهلية الأولى:


    ومن آثار هذه الجاهليَّة الأولى: ما نشاهد من غضب الرجل على امرأته إذا وَلدت بنتًا، وربما ذهب به الجهل بالله والسَّخط على قضائه أن يُطلِّق أمها، كأنها التي صوَّرتها وأنشأتها بشرًا سويًّا، ولمَ لا يخلق لنفسه إذًا وهو أقدر من المرأة وأقوى؟! وهل وُجد هذا الجاهل على ظهر الأرض وأُشِم نسيم الحياة لولا المرأة؟! ومَن ذا الذي يدري أي الأولاد خير وبركة؟! فلرُب جارية خيرٌ لأهلها من غلام، كما نُشاهِد ذلك كثيرًا، وصدق الله: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

    حارَب الإسلام هذه العادة البغيضة المُنكَرة؛ حتى قضى أو كاد يقضي عليها، ولم يكتفِ بتهجينها وتقبيحها والقضاء عليها، حتى دعا إلى إكرام البنت، وبالَغ في طلبِ الإحسان إليها.



    أفضل سُبُل التربية:


    ولقد أجمع المربون على أن أهدى سُبُل التربية، وأقوم مناهج الحكمة، ألا يقنع المربي باقتلاع رذيلة حتى يَغرِس مكانها فضيلة، وألا يرضى بهدم مُنكَر حتى يبني على أنقاضه معروفًا، وذلك شأن سيد المربين - صلوات الله وسلامه عليه - في محوه آثار الرذائل، وإقامة معالم الفضائل، ودعوته إلى الحق، وهدايته إلى الرُّشد، منذ بعثه الله ليتمم مكارم الأخلاق.



    درجات الإحسان:

    هذا والإحسانُ إلى البنت درجات، أدناها أن يُنفِق عليها وليُّها، ويؤدي إليها حقَّها، ويُبرِّئ نفسه من التأثيم في شأنها؛ وبدهي أن هذا كله ليس مراد النبي -صلى الله عليه وسلم- من الإحسان إليها في هذا الحديث؛ لأنه من الأمور العامة التي لا تَستوجِب هذا الوعد الكريم، ويكاد الأولياء يتَّفِقون فيها، إن لم يكن لدافع من الحنان والرحمة، فللتبرؤ من تُهمة التفريط في التربية.
    وإنما مراده -صلى الله عليه وسلم- أمر فوق هذا، من الإيثار والمعروف وحُسْن الصنيع؛ ولذا أشار إلى إحسان امرأة بما آثرت ابنتيها وقدَّمتهما على نفسها، على أن هناك آثارًا وروايات، وإن لم تَبلُغ مبلغ هذين الحديثين منزلةً، تُفسِّر لنا المراد من الإحسان وتُوضِّحه.
    ففي حديث ابن عباس عند الطبراني أن هذه البِشارة، وهي الحجاب من النار، لمن ولي من هذه البنات شيئًا ((فأنفق عليهن وزوَّجهنَّ وأَحسَن أَدَبهن)).
    وفي حديث أبي سعيد في الأدب المفرد: ((فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن)) .
    وفي حديث ابن مسعود عند الطبراني أيضًا: ((مَن كانت له ابنة فأدَّبها وأحسن أدبها، وعلَّمها فأحسن تعليمها، وأوسع عليها من نعمة الله التي أوسع عليه)).رواه الطبراني في " الكبير" (10447)

    فهذه الآثار وما إليها دليل على أن الإحسان الذي يريده النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يتم إلا بتعليم البنت وتأديبها والحدب عليها، ولا سبيل إلى ذلك إلا إذا نهج بها وليُّها منهجًا قويمًا، لُحْمته هذا الدين المتين، وسداه خُلُق الإسلام الكريم، فأيما منهج سار على غير هدى من الدين الحنيف، فليس من الإحسان إلى البنت في قليل ولا كثير، بل إنه إساءة إليها، من ورائها حساب عسير.




    طرائف ولطائف:


    وبعد، ففي الحديث جملة من الطرائف يَجمُل بنا أن نشير إليها؛ لما تحويه من معانٍ سامية، وأدب رفيع.
    فمنها: تصدُّق أم المؤمنين - رضي الله عنها - بالقليل التافه حيث لم تجد غيره؛ حرصًا منها على الخير، ومبالغة في امتثال وصيته -صلى الله عليه وسلم- لها؛ إذ قال: ((لا يرجع من عندك سائل ولو بشق تمرة))؛ رواه البزار من حديث أبي هريرة، وفي ذلك عبرة لمن يمتنع عن الصدقة لقلة ذات يده، فإن العدم أقل من القليل، ورب حَفْنة من البُر والشعير أزكى وأطهر عند الله من آلاف الدراهم والدنانير.
    وفي خُلوِّ بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- أحيانًا، من متاع الدنيا على سَعة ما أفاء الله عليه، درس وعِظة للأغنياء الكانزين، وعزاء وسلوى للفقراء البائسين! ومنها أنه لا حَرَج على أحد أن يذكر بِرَّه ومعروفه - قَلَّ أو كَثُر - ما سلم قصده من الأمراض النفسية؛ كالمنِّ والفخر والرياء وما إليها، كما هو الظن بالصدِّيقة أم المؤمنين! فأما اختصاص البنات بهذه البِشارة؛ فلِما فيهن من الضعف وانخفاض الجناح وشدة الحاجة إلى الرعاية والتهذيب، أما البنون، فلديهم - في أغلب الأحوال - من قوة البدن، وجزالة الرأي، واحتمال الشدائد، ما يُغنيهم عن المبالغة في الرِّفق والإحسان، ولعل هذا هو السر في التعبير بالابتلاءمع ما جرت به العادة من استياء الناس بولادة البنات!
    وإذا كان في حديثه -صلى الله عليه وسلم- هذا عِظةٌ لمن ابتلي بالبنات، ففي ذريته الطاهرة أكبر العبر والعظات، لقد احتَسَب بنيه كلهم أطفالاً صغارًا، ولم يُجاوِزوا طور الطفولة إلا بناته الفضليات، فأدَّبهن وعلَّمهن وأحسن إليهن، ثم اختار لهن خِيرة الأزواج، ولم يَعِش منهن بعده إلا الزهراء، وقد كانت أسرع أهل بيته لحوقًا به - صلوات الله وسلامه عليه وعلى من اهتدى بهديه في مناهج التربية والآداب.



  • #2
    للرفع

    تعليق


    • #3
      جزاكم الله خيرا


      اللهم بارك لى فى اولادى وارزقنى برهم وأحسن لنا الختام وارزقنا الفردوس الأعلى

      تعليق


      • #4
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        ما شاء الله
        موضوع طيب ورااااائع
        أقسم بالله العظيم
        بأن الرجل عندما يُحسِن إلى بناته
        تغمره سعادة لا مثيل لها
        اللهم احفظ بنات المسلمين من كل سوء
        جزاكم الله كل خير ابنتنا الفاضلة
        بارك الله فيكم ونفع بكم

        قال الحسن البصري - رحمه الله :
        استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
        [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


        تعليق

        يعمل...
        X