
كيف نعين أبناءنا على حب القرآن الكريم؟!
أخي يا صاحب القرآن، إن طفلاً في جوفه القرآن أو شيء من القرآن، أو طفلاً يحب القرآن، لهو نور في الأرض يتحرك وسط الظلام الأخلاقي الذي يسود أيامنا الحالية، وصرنا نخشى اتساع رقعته في الأعوام القادمة.وإذا كان الإمام أحمد - رحمه الله - قد اعتبر زمانه زمن فتن؛ لأن الريح كشفت جزءًا من كعب امرأة رغمًا عنها، ورآه هو من غير قصد، فماذا نقول عن زماننا؟!
بل كيف نتصور حال الزمان الذي سيعيشه أبناؤنا؟!
وإذا كان المخرَج من هذه الفتن هو التمسك بكتاب الله - تعالى - وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - فما أحرانا بأن نحبب القرآن إلى أبنائنا، لعل القرآن يشفع لنا ولهم يوم القيامة، وعساه أن ينير لهم أيامهم، ولعل الله - تعالى - ينير بهم ما قد يحل من ظلام حولهم، ولكن،
لماذا نحبب القرآن الكريم إلى أبنائنا؟!
إنك - يا صاحب القرآن - لكي تغرس ثمرات زكية في حياة أبنائك، وتنتظر من هذا الغرس الحصاد الطيب، لا بد أن تكون على علمٍ وفهم ودراسة حقيقية بهذه الثمرة قبل أن تبدأ بغرسها، فابدأ بنفسك - أخي يا صاحب القرآن - فتعلَّم قبل أن تعلِّم، والله يوفقك ويسدد خطاك، فإذا تعلمتَ وكنت على وعي وحب للقرآن، فساعتها يمكن أن تغرس المعاني الإسلامية تجاه القرآن في قلوب أبنائك، وتُنشِّئهم عليها، حتى يشِبُّوا وقد انطبعت هذه المعاني في قلوبهم فيكونوا حقًّا أصحاب القرآن وأبناء الإسلام.أقول: الواجب عليك يا صاحب القرآن - بعدما تعلمتَ عن الله ورسوله، وعَرَفت فضل القرآن وأحببته - أن تبدأ بغرس هذه الثمرة الطيبة في حياة أبنائك، حتى تنشئ طفلاً موحدًا لله - تعالى - محبًّا لكتابه ودينه، وذلك في مراحل عمره المختلفة، بداية من اختيار الزوجة الصالحة أو الزوج الصالح، فقبل أن ننثر البذور علينا أن نختار الأرض الصالحة للزراعة، ثم المناخ المناسب لنمو هذه البذور؛ حتى نضمن - بإذن الله تعالى - محصولاً سليمًا من الآفات، يسرُّ القلب والعين.
إن الأسباب التي تدعونا إلى أن نحبب القرآن إلى أبنائنا أسباب كثيرة، ولعل من أهمها ما يلي:
1- أن القرآن هو عقل المؤمن، ودستور حياته، فهو كلام الله - تعالى - الذي تولى حفظه دون سائر ما نزل من كتب سماوية؛ لذا فإن أبناءنا إذا أحبوه تمسكوا بتعاليمه، ومن ثَم لم يضلوا أبدًا.
2- أن القرآن هو خير ما يثبِّت في النفس عقيدة الإيمان بالله واليوم الآخر، وإذا ارتبط قلب الطفل بالقرآن، وفتح عينيه على آياته، فإنه لن يعرف مبدأ يعتقده سوى القرآن، ولن يعرف ما يستقي منه دينه غير القرآن، ولن يعرف بلسمًا لروحه وشفاءً لنفسه سوى التخشع بآيات القرآن، وعندئذٍ يصل الوالدان إلى غايتهما المرجوَّة في تكوين الطفل روحيًّا، وإعداده إيمانيًّا وخُلقيًّا.
3- لأن القرآن هو الرسالة الإلهية الخالدة، ومستودع الفكر والوعي، ومنهج الاستقامة والهداية، ومقياس النقاء والأصالة، فإذا أحبه الطفل كان ذلك ضمانًا - بإذن الله - لهدايته واستقامته وسَعة أُفُقه، ونقاء سريرته، وغزارة علمه.
4- لأن القرآن إذا تبوأ مكانة عظيمة في نفوس أبنائنا شبوا على ذلك، ولعل منهم من يصبح قاضيًا، أو وزيرًا، أو رئيسًا، فيجعل الله - تعالى - القرآن العظيم له دستورًا ومنهاجًا، بعد أن ترسخ حبه في نفسه منذ الصغر.
5- لأن حب الطفل للقرآن يُعينه على حفظه، ولعل هذا يحفظ الطفل، ليس فقط من شرور الدنيا والآخرة، وإنما أيضًا من بذاءات اللسان، ففَمٌ ينطق بكلام الله ويحفظه يأنف ويستنكف عن أن ينطق بالشتائم والغِيبة والكذب وسائر آفات اللسان.
6- لأن أبناءنا أمانة في أعناقنا، وسوف نُسأل عنهم يوم القيامة، و((كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت))؛ كما روى أبو داود وحسَّنه الألباني؛ فالضياع قد يكون أخلاقيًّا، وقد يكون دينيًّا، وقد يكون نفسيًّا، وقد يكون ماديًّا - كفانا الله وإياكم شر تضييع أبنائنا - ولن نجد أكثر أمانًا من القرآن نبثُّه في عقول وأرواح أطفالنا؛ حفظًا لهم من كل أنواع الضياع.
7- لأن ذاكرة الطفل صفحة بيضاء، فإذا لم نملأها بالمفيد، فإنها ستمتلئ بما هو موجود! فإذا أحب الطفل القرآن أصبح فهمه يسيرًا عليه، مما يولد لديه ذخيرة من المفاهيم والمعلومات التي تمكنه من غربلة وتنقية الأفكار الهدامة التي تغزو فكره من كل مكان.
8- لأننا مُقبِلون - أو أَقبَلنا بالفعل - على الزمن الذي أخبر عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح أن فيه: ((تلد الأَمَة ربتها))؛ أي: تتعامل الابنة مع أمها وكأنها هي الأم، فلعل حب القرآن في قلوب الأبناء يخفِّف من حدَّة عقوقهم لوالديهم في ذلك الزمان.
9- لأن أطفالنا إذا أحبوا القرآن وفهموه، ثم عملوا به وتسببوا في أن يحبه غيرهم، كان ذلك صدقة جارية في ميزان حسنات الوالدين إلى يوم الدين، يوم يكون الإنسان في أمسِّ الحاجة لحسنة واحدة تثقل ميزانه.
10- لأن هذا الصغير صغير في نظر الناس، لكنه كبير عند الله! فهو من عباده الصغار، ومن ثم، فمن حقه علينا أن نحترمه، وأن نعطيَه حقه من الرعاية والتأديب.
11- لأن القرآن هو حبل الله المتين الذي يربط المسلمين بربهم، ويجمع بين قلوبهم على اختلاف أجناسهم ولغاتهم، وما أحوج أبناءنا - حين يشبوا - لأن يرتبطوا بشتى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، في وقت اشتدَّت فيه الهجمات على الإسلام والمسلمين في كل مكان، فأسأل الله - تعالى - أن يوفقنا جميعًا في أن نعين أبناءنا على حب القرآن الكريم.إننا ينبغي علينا أن نبدأ من البداية، وهي: اختيار الزوجة الصالحة أو الزوج الصالح - كما ذكرت آنفًا - فقبل أن ننثر البذور، علينا أن نختار الأرض الصالحة للزراعة، ثم المناخ المناسب لنمو هذه البذور؛ حتى نضمن - بإذن الله تعالى - محصولاً سليمًا من الآفات، يسرُّ القلب والعين،

ثم تأتي بعد ذلك المراحل التالية:
1- مرحلة الأجنة:
2- مرحلة ما بعد الولادة حتى نهاية العام الأول:
- [*=center]3- في العام الثاني من حياة الطفل:
تعليق