" أنا ,, عندما كنت في مثل سنك "
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
يكتب محمد -عمره 7 سنوات - فروضه المدرسية على طاولة الحديقة وعلى مسافة قريبة منه
تعمل والدته على تعديل بعض الأغصان بينما يقرأ جده وجدته كتابيهما باهتمام شديد
يعمل محمد على تمارين الخط تحت نظر الجد بين الحين و الآخر وهناك تدخلت الأم قائلة :
محمد , أين أصبحت ؟؟
أجابها بابتسامة :كدت أنتهي .
فأجابت الأم : أنا في مثل سنك , لم أكن أستغرق كل هذا الوقت للكتابة وكان خطي أوضح من خطك ؟؟
وكانت تقول كل هذا بنظرة استخفاف وازدراء وهي تلقي بنظرة استياء على عمل ابنها !!
فأصيب محمد بالإحباط من هذا الرد لأنه على خلاف ما توقعه.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
هذا التصرف الكلاسيكي يكشف عن أنانية عنيدة فعبارة " أنا في مثل سنك " تعبر عن وضع الشخص الذي يلعب بذكريات الآخرين فيقفز فوقها ويستبدلها بذكرياته الخاصة
الأب أو الأم الذي يتلذذ باستخدام هذه العبارة يسعى إلى ابراز نفسه لكي ينسى أحلام المجد التي لم يحققها فالذكريات تكون أجمل عندما نعود لها بعد حين وفي نفس الوقت تهدف إلى تخليص الأم أو الأب من المرارة التي يشعر بها حيال حياة كان يتمنى أن تكون مختلفة عما هي عليه ,,
وحقيقة كون هذه المقارنة لا تثبت شيء بل على العكس تضعف ثقة الطفل بنفسه وتحط من قدره وتولد فيه شعور بعدم الكفاءة فعندما يغرس الأهل في ذهن ولدهم هذه الآلية القائمة على المقارنة " إنه أفضل مني " تصبح هذه الآلية في ما بعد الوقود المحرك لعقدة الدونية عند الولد .
وإن تكرارها على مسمع الطفل يلبسه صفة الخاسر , كما أن مقارنه مؤهلاته ومعرفته ومهاراته وذكاءه باستمرار يعني أننا نحدد وجوده بشكل رئيسي بالمقارنة مع الآخرين حتى وإن كانت بنبرة لطيفة حنونة لأن زمن الندامة والتحسر يوصل إلى الفشل
وهنا
يجب علينا كأهل أن نحدد مواقفنا
أن نكون على طبيعتنا أم نتظاهر بما ليس لنا ؟
إذا أردتم أن يحقق ولدكم ذاته وأن يشعر بالراحة مع نفسه فلا تعيقوا استعداداته الشخصية وانطلاقه بالإفراط بالمقارنة ,,
لا تخضعوه لما أخضعكم له والداكم ,, المقارنة هي وليدة التشكيك.
~~~~~~~~~~~~~
هنا انتهت الفقرة الأولى
لنكن صريحين مع أنفسنا
كم مرة قارنا بيننا و بين أولادنا
نحن في مثل عمركم كنا نستغل وقت فراغنا بأشياء مفيدة
كنا نتحدث مثل الكبار ,, كنا نعاني من صعوبة المناهج ولكن انظروا إلى ما وصلنا إليه
بالطبع الولد يحتاج للتحفيز والتنشيط حتى يكون أفضل فكل شخص يحلم ويتمنى أن يكون
ابنه أو ابنته أفضل منه ولكن ليكون هذا الشخص الأفضل
بتجاربه وأخطاءه ومساعدتنا وليس بتجاربنا وأن يجبر أن يكون نسخة ثانية من أمه أو والده
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
على هامش الموضوع من المبكيات المضحكات: كان في طفل وقت زيارته للدكتور ياسر نصر قاله كل الأولياء
بتقول لولادها أنا لما كنت في سنك كنت بطلع الأول ,, أنا مش عارف مين كان بيطلع التاني؟
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
انتظرونا في فقرة أخرى مع سلسلة "زهور بلا أشواك"
باتظار تفاعلكم مع الموضوع ,, فمعا نفيد و نستفيد
تعليق