الترحيب بالولد.. ولكم في نبيكم أسوة
د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان
عن عائشة بنت طلحة، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
"ما رأيت أحدًا كان أشبهَ كلامًا وحديثًا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمةَ، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها وقبَّلها، ورحَّب بها، وأخذ بيدها وأجلسها في مجلسه، وكانت هي إذا دخل عليها قامت إليه فقبَّلته، وأخذت بيده، فدخلتْ عليه في مرضه الذي تُوفِّي فيه، فأسرَّ إليها فبكت، ثم أسرَّ إليها فضحكت، فقالت: كنت أحسَبُ أن لهذه المرأة فضلاً على الناس، فإذا هي امرأة منهُنَّ؛ بَيْنَا هي تبكي إذا هي تضحك، فلما تُوفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم، سألتُها عن ذلك، فقالتْ: أسرَّ إليَّ أنه ميت؛ فبكيت، ثم أسرَّ إليَّ فأخبرني أني أول أهله لُحوقًا به؛ فضحكت"[1].
من فوائد الحديث:
1- لِننظر ماذا كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما تزوره ابنتُه، وتدخُلُ عليه في بيتِه: أولاً: قام إليها؛ أي: نهض من مكانه صلى الله عليه وسلم الذي كان يَجلِسُ فيه، ثم تحرَّك إليها ماشيًا مستقبلاً إيَّاها.
ثانيًا: قبَّلها؛ أي: أخذ رأسَها بيديه الشريفتين، ووضَع فمه، إما على خدِّها، أو فمِها، أو رأسها، أو أنفها، كل هذا يَصْدُق عليه أنه صلى الله عليه وسلم قبَّلها.
ثالثًا: رحَّب بها؛ أي: صدَر منه صلى الله عليه وسلم كلمات ترحيبية؛ فرحًا وابتهاجًا بمقدمِها عليه، كـ أهلاً، ومرحبًا، ونحو ذلك، ولا أشك أن مع هذا الترحيب ابتسامةً تَرتَسِمُ على وجهه صلى الله عليه وسلم.
رابعًا: أخَذَ بيدها، وهذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم بإلصاق يده بيد ابنته، وأخْذِه لها - شيءٌ جميل، وفعل نبيل، يُدخِلُ السرورَ على القلب، ويَزيدُ من طمأنينتِه، ويزيد من الحب، وفيه من الأنس الشيء الكثير.
خامسًا: أجلَسَها في مَجلسه؛ أي: إنه صلى الله عليه وسلم تنحَّى عن مكانه، وجعلها تجلس في المكان الذي كان جالسًا فيه؛ تقديرًا وتَكْرِمةً لها، فأيُّ حب، وأيُّ إجلالٍ منه صلى الله عليه وسلم لابنته، وأهل بيته الطيبين الطاهرين؟!
2- من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة: محبةُ آل البيت - وفاطمة رضي الله عنها من آل البيت - وإنزالُهم المنزلةَ التي أكرمهم الله بها، ولا نُلامُ بحبهم؛ فهم آلُ بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبيبنا وحبيب كل مسلم ومسلمة، وإنما الملام على مَن تجاوز الحبَّ إلى الغلو والتقديس، بل والتألُّه، والبدع والخرافات والأساطير التي لا أصل لها في الشرع[2].
3- جواز القيام للضيف، ولا حرج في ذلك.
4- فاطمة رضي الله عنها تُشبِهُ النبي صلى الله عليه وسلم في طريقة كلامه وحديثه.
5- قولها: "وكانت إذا دخلت عليه" يحتمل: أن تكون في بيته صلى الله عليه وسلم، ثم إذا دخلت عليه من مكانها إليه، ويحتمل أنها إذا جاءت من بيت زوجها من الخارج.
6- مكانة فاطمة رضي الله عنها، وعظيم منزلتها، وجليل قدرها عند أبيها صلى الله عليه وسلم.
7- المودة والمحبة التي تَسُودُ بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
8- قولها: "كانت" يدل على استمرار الفعل منه صلى الله عليه وسلم، وأن فاطمة رضي الله عنها كانت أيضًا تُبادلُه ذلك.
9- من الآداب الإسلامية كتمُ السرِّ، وعدم إفشائه.
10- الإنسان مجموعة من المشاعر والأحاسيس والعواطف، يتأثر بما يسمع ويرى، وبما يدور حولَه، فيتحول من البكاءِ إلى الضحك في لحظة، والعكس كذلك.
11- لا شك أن وفاةَ النبي صلى الله عليه وسلم أكبرُ مصيبة مرَّت على الأمة.
12- حبُّ الآباء للأبناء، وحب الأبناء للآباء، وهذا الحب في أصله فِطريٌّ.
13- عدم الاستعجال في الحكم على الناس.
14- قيام النبي صلى الله عليه وسلم لابنته كان قيام شفقة، ورحمة، وحب منه صلى الله عليه وسلم لها[3].
15- لا بأس أن يُسِرَّ الإنسان لآخرَ إذا كان المجلسُ فيه عدَّة أشخاص؛ ففي رواية مسلم: أن أمهات المؤمنين كنَّ موجوداتٍ[4].
16- معجزتان ظاهرتان للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر صلى الله عليه وسلم بأن فاطمة باقية بعده، وأنها أول أهله لَحاقًا به.
17- لما أسرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأن فاطمة رضي الله عنها هي أوَّل أهله لُحوقًا به، أفرحها؛ فضحكت لذلك.
18- إيثار الصحابة رضي الله عنه الآخرة على الدنيا، وسرورهم بالانتقال إليها[5].
19- الحرص على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في تربية الأبناء؛ ففي ذلك خير عظيم.
20- إن في تقدير الابنِ أو البنت من قِبل الوالدين، بناءً لشخصيته، وزرعًا للثقة فيه، وحِصْنًا منيعًا بعد توفيق الله لثباته وعدم انحرافه.
21- إذا وجد الابن ذلك التقدير وذلك الحبَّ، أحبَّ الجلوس في البيت، فبيت فيه حبٌّ، وتملأ أركانه المودَّة، فلا حاجة للبحث عن ذلك الحبِّ والودِّ خارج المنزل، فكثيرًا ما نسمع شكوى الأبناء أن بيتهم خليٌّ من كلمة حانيةٍ، وبسمة مشرقةٍ؛ إنما فيه السباب واللعن والصراخ، ونحو ذلك.
22- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم ولِين جانبه.
د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان
عن عائشة بنت طلحة، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
"ما رأيت أحدًا كان أشبهَ كلامًا وحديثًا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمةَ، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها وقبَّلها، ورحَّب بها، وأخذ بيدها وأجلسها في مجلسه، وكانت هي إذا دخل عليها قامت إليه فقبَّلته، وأخذت بيده، فدخلتْ عليه في مرضه الذي تُوفِّي فيه، فأسرَّ إليها فبكت، ثم أسرَّ إليها فضحكت، فقالت: كنت أحسَبُ أن لهذه المرأة فضلاً على الناس، فإذا هي امرأة منهُنَّ؛ بَيْنَا هي تبكي إذا هي تضحك، فلما تُوفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم، سألتُها عن ذلك، فقالتْ: أسرَّ إليَّ أنه ميت؛ فبكيت، ثم أسرَّ إليَّ فأخبرني أني أول أهله لُحوقًا به؛ فضحكت"[1].
من فوائد الحديث:
1- لِننظر ماذا كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما تزوره ابنتُه، وتدخُلُ عليه في بيتِه: أولاً: قام إليها؛ أي: نهض من مكانه صلى الله عليه وسلم الذي كان يَجلِسُ فيه، ثم تحرَّك إليها ماشيًا مستقبلاً إيَّاها.
ثانيًا: قبَّلها؛ أي: أخذ رأسَها بيديه الشريفتين، ووضَع فمه، إما على خدِّها، أو فمِها، أو رأسها، أو أنفها، كل هذا يَصْدُق عليه أنه صلى الله عليه وسلم قبَّلها.
ثالثًا: رحَّب بها؛ أي: صدَر منه صلى الله عليه وسلم كلمات ترحيبية؛ فرحًا وابتهاجًا بمقدمِها عليه، كـ أهلاً، ومرحبًا، ونحو ذلك، ولا أشك أن مع هذا الترحيب ابتسامةً تَرتَسِمُ على وجهه صلى الله عليه وسلم.
رابعًا: أخَذَ بيدها، وهذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم بإلصاق يده بيد ابنته، وأخْذِه لها - شيءٌ جميل، وفعل نبيل، يُدخِلُ السرورَ على القلب، ويَزيدُ من طمأنينتِه، ويزيد من الحب، وفيه من الأنس الشيء الكثير.
خامسًا: أجلَسَها في مَجلسه؛ أي: إنه صلى الله عليه وسلم تنحَّى عن مكانه، وجعلها تجلس في المكان الذي كان جالسًا فيه؛ تقديرًا وتَكْرِمةً لها، فأيُّ حب، وأيُّ إجلالٍ منه صلى الله عليه وسلم لابنته، وأهل بيته الطيبين الطاهرين؟!
2- من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة: محبةُ آل البيت - وفاطمة رضي الله عنها من آل البيت - وإنزالُهم المنزلةَ التي أكرمهم الله بها، ولا نُلامُ بحبهم؛ فهم آلُ بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبيبنا وحبيب كل مسلم ومسلمة، وإنما الملام على مَن تجاوز الحبَّ إلى الغلو والتقديس، بل والتألُّه، والبدع والخرافات والأساطير التي لا أصل لها في الشرع[2].
3- جواز القيام للضيف، ولا حرج في ذلك.
4- فاطمة رضي الله عنها تُشبِهُ النبي صلى الله عليه وسلم في طريقة كلامه وحديثه.
5- قولها: "وكانت إذا دخلت عليه" يحتمل: أن تكون في بيته صلى الله عليه وسلم، ثم إذا دخلت عليه من مكانها إليه، ويحتمل أنها إذا جاءت من بيت زوجها من الخارج.
6- مكانة فاطمة رضي الله عنها، وعظيم منزلتها، وجليل قدرها عند أبيها صلى الله عليه وسلم.
7- المودة والمحبة التي تَسُودُ بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
8- قولها: "كانت" يدل على استمرار الفعل منه صلى الله عليه وسلم، وأن فاطمة رضي الله عنها كانت أيضًا تُبادلُه ذلك.
9- من الآداب الإسلامية كتمُ السرِّ، وعدم إفشائه.
10- الإنسان مجموعة من المشاعر والأحاسيس والعواطف، يتأثر بما يسمع ويرى، وبما يدور حولَه، فيتحول من البكاءِ إلى الضحك في لحظة، والعكس كذلك.
11- لا شك أن وفاةَ النبي صلى الله عليه وسلم أكبرُ مصيبة مرَّت على الأمة.
12- حبُّ الآباء للأبناء، وحب الأبناء للآباء، وهذا الحب في أصله فِطريٌّ.
13- عدم الاستعجال في الحكم على الناس.
14- قيام النبي صلى الله عليه وسلم لابنته كان قيام شفقة، ورحمة، وحب منه صلى الله عليه وسلم لها[3].
15- لا بأس أن يُسِرَّ الإنسان لآخرَ إذا كان المجلسُ فيه عدَّة أشخاص؛ ففي رواية مسلم: أن أمهات المؤمنين كنَّ موجوداتٍ[4].
16- معجزتان ظاهرتان للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر صلى الله عليه وسلم بأن فاطمة باقية بعده، وأنها أول أهله لَحاقًا به.
17- لما أسرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأن فاطمة رضي الله عنها هي أوَّل أهله لُحوقًا به، أفرحها؛ فضحكت لذلك.
18- إيثار الصحابة رضي الله عنه الآخرة على الدنيا، وسرورهم بالانتقال إليها[5].
19- الحرص على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في تربية الأبناء؛ ففي ذلك خير عظيم.
20- إن في تقدير الابنِ أو البنت من قِبل الوالدين، بناءً لشخصيته، وزرعًا للثقة فيه، وحِصْنًا منيعًا بعد توفيق الله لثباته وعدم انحرافه.
21- إذا وجد الابن ذلك التقدير وذلك الحبَّ، أحبَّ الجلوس في البيت، فبيت فيه حبٌّ، وتملأ أركانه المودَّة، فلا حاجة للبحث عن ذلك الحبِّ والودِّ خارج المنزل، فكثيرًا ما نسمع شكوى الأبناء أن بيتهم خليٌّ من كلمة حانيةٍ، وبسمة مشرقةٍ؛ إنما فيه السباب واللعن والصراخ، ونحو ذلك.
22- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم ولِين جانبه.
كتاب عشرون حديثًا من بيت النبوة
المصدر شبكة الألوكة: http://www.alukah.net/social/0/75679/#ixzz3I6m7vQDv
المصدر شبكة الألوكة: http://www.alukah.net/social/0/75679/#ixzz3I6m7vQDv
[1] مسلم 2450، ابن حبان 6953، واللفظ له، قال شعيب الأرناؤوط: "إسناده صحيح".
[2] الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم الدويش، جزء من خطبة جمعة له بعنوان: قصة فاطمة الزهراء في 21/4/1430هـ. بتصرف.
[3] مقال للشيخ أكرم كساب بعنوان: القيام لأصحاب العلم والفضل - دراسة فقهية مقارنة، موقع أون إسلام نت. بتصرف.
[4] مسلم 2450.
[5] من 16 - 18 مستفاد من شرح صحيح مسلم للنووي 16/5.
[2] الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم الدويش، جزء من خطبة جمعة له بعنوان: قصة فاطمة الزهراء في 21/4/1430هـ. بتصرف.
[3] مقال للشيخ أكرم كساب بعنوان: القيام لأصحاب العلم والفضل - دراسة فقهية مقارنة، موقع أون إسلام نت. بتصرف.
[4] مسلم 2450.
[5] من 16 - 18 مستفاد من شرح صحيح مسلم للنووي 16/5.
تعليق