دور الآباء في العملية التعليمية للطفل ركن هام لا ينفك عنها، وعامل محوري في مسيرتها الطويلة، فمن أكبر الأخطاء أن نعول على المدرسة وحدها ونقتصر على دورها التعليمي دون تقديم دورا تكميليا للآباء في المنزل سواء بالمراقبة أو المتابعة بل والمشاركة، خاصة في إتمام الواجبات المنزلية التي تمثل الواجهة النهائية ليوم تعليمي حافل بالمعرفة.
ويمكن القول أن مساعدة الطفل على إتمام واجباته بطرق صحيحة يمثل علامة فارقة في تفوق الطفل حيث تتحول العملية التعليمية إلى نوعا من المتعة أكثر منها عبء ثقيل يؤرق الطفل.
بيئة مناسبة
لابد أن نراعي وجود أجواء منزلية ملائمة غاية الملائمة، فلنحرص دوما على اختيار مكان مناسب وثابت في المنزل لعمل الواجب المنزلي، ومن الأفضل أن يختاره الابن بنفسه، مع مراعاة أن تتوفر فيه عوامل الراحة والهدوء مع الإضاءة الكافية والبعد عن الملهيات من تلفاز وكمبيوتر وغيرها.
كذلك التنسيق مع معلم المدرسة مهم جدا في ضبط إيقاع الواجبات المدرسية من حيث القدر المناسب للطفل، واختيار النوعية التي تتوازن بين السهولة والصعوبة، والقلة والكثرة، وبالتالي نضمن وجود حيز من الوقت للعب الطفل وإعطاءه فرصة لممارسة هواياته، ونتلافى أجواء الكآبة التي تنتاب أطفالنا وقت إتمام واجباتهم.
التخطيط الجيد
عوامل التخطيط الجديد تتألف من تنظيم الوقت بما فيه من اختيار الوقت المناسب لعمل الواجبات المنزلية، فنتجنب فترات قبل النوم حيث يغلب النعاس أو حالات الإرهاق ..
وهناك قاعدة تربوية تقول: «العمل قبل المرح» ولذا لا يسمح للطفل مثلا بأن يلعب ويمرح ويخرج ويشاهد التلفاز ويزور أصحابه قبل أداء واجباته، وبالطبع لا نعني أن يؤدى الأمر بطريقة آلية إلا أنه لابد من اعتياد وقت ونظام ومكان ثابت لأداء الواجبات.
أيضا تقسيم الواجبات إلى مهام صغيرة يسهل إنجازها، والبدء بالأصعب ثم الأسهل، مع المراجعة الأسبوعية الشاملة فهي مهمة في تدعيم الذاكرة وترسيخ المعلومة في الذهن. جدير بالذكر أن حل الواجب المدرسي في مجموعة صغيرة مكونه من الأخوة والأخوات يضفي نوعا من الارتياح بالنسبة للطفل، ويحبب له هذا الروتين اليومي، ويعزز مهاراته عندما يرى تشارك اخوته في نفس قضيته ومسئوليته.
الواجب مهم
لا ننكر أن الواجب المدرسي عبء ثقيل لا يحبه غالب التلاميذ، لذلك من المهم تعزيز الدافع لديهم لإنجازه برحابة صدر عن طريق توضيح أهميته بالنسبة للتلميذ وتفوقه الدراسي وتميزه العلمي ..
«الواجب مهم ولو كان مملا» لابد أن يكون شعارنا دوما، بل لابد أن تترسخ هذه القناعة لدى الطفل، وهذا لا يتم إلا بتكرار توضيح ضرورة الواجبات المدرسية وحيويتها لتسيير الحياة الدراسية، وأنها في مجملها ثمرة الجهد التعليمي ووسيلته النافعة لترسيخ المعلومة في الذهن، والتعمق أكثر في تناول المادة العلمية التي لا يكفي وقت الحصة القصير في تحقيقه، كما أنها برهان التواصل الجيد مع العلم، وخير وسيلة لتدريب أطفالنا على تحمل المسئولية.
مشكلة الآباء
قد يكون للآباء - خاصة الأمهات - دورا سلبيا يقلب أجواء الواجبات المدرسية إلى محنة يومية ..
«ابنك ليس أنت» وبالتالي لا تتوقع منه أن يؤدي العمليات التعليمية بنفس المهارة أو السرعة التي تؤديها أنت، ومن هذا المنطلق فالصبر وسعة الصدر وتجنب الضجر من أعظم الوسائل لاحتضان الشبل الصغير وجعل أداء الواجب بالنسبة له نوعا من المنحة لا المحنة.
أيضا الجلوس مع الطفل لمساعدته في اتمام واجباته لابد أن نعتبره مهمة أساسية لا فرعية، وفريضة راقية ليست نافلة ثانوية، ورسالة أكثر منها مهمة تقلبنا كحراس نرقب حتى أنفاس الطفل ..
مشكلتنا أن معظمنا يجلس مع الطفل مساء في نهاية يوم متخم بالأعباء وبالتالي فنحن نريد منه أن ينجز بسرعة وعجلة كي نخلد للنوم أو الراحة، وهذا ما يوتر الموقف ويحول دون إتمامه بالحب لا بالكره. خاصة لو أوجعنا الطفل ضربا أو شتما أو تجريحا لتراخيه في الأداء، وتتعقد المشكلة بين ضجر الوالد وبين الابن الفوضوي أو الضعيف دراسيا أو المتمرد، ويصل الأمر بالصغير إلى كره وقت الواجبات التي يراها مدرسة مسائية تثقل كاهله بعد المدرسة الصباحية.
ولا يفوتنا أن ننوه إلى أن الضجر قد يفرغ الواجبات المدرسية عن مضمونها وفاعليتها، فالخطأ الإملائي في أي فقرة كتبها الطفل لا ينبغي أن نشير إليه مباشرة بل بقليل من التمهل نطلب من الصغير أن يبحث عن كلمة كتبها خطأ .. هذا كفيل أن ينشط ذهنه، ويعوده على المراجعة بعد أي إجابة.
أيضا يحملنا الضجر على الإجابة المتسرعة عن كل سؤال يسأله الطفل، والأولى أن نقدم له الإجابة في نقاط تقريبية أو نستثير ذهنه ببعض الكلمات الإرشادية أو حتى التريث حتى يبحث هو بنفسه عن الإجابة بين ثنايا الدرس.
ومن الأمور التي يجب أن يراعيها الأب أو الأم عند مشارك ابنه في أداء الواجبات المدرسية أن تتناغم طريق المنزل مع طريقة الأستاذ في الفصل الدراسي، بمعنى أن يتعرف الوالدان من الطفل على الكيفية التي تبناها المدرس في حل التمارين الرياضية أو التعامل مع سائر المعلومات سواء بالحفظ أو الفهم، وذلك لأن تبني أسلوب آخر يمكن أن يشتت الطالب، ويفقده الثقة في طريقة أستاذه، بل ربما نصعب نحن عليه التحصيل الدراسي لأن طريقة الأستاذ في الغالب تكون الأفضل بحكم خبرته ومهارته التعليمية والميدانية .
وأخيرا ننوه بأهمية تعزيز الطفل نفسيا وماديا عن طريق: التشجيع، رصد مكافأة عند تفوقه، مراعاة أوقات الراحة والاسترخاء، تخلل فترات المذاكرة بوجبات خفيفة غنية بالفواكه، المعاونة الجادة عند مواجهة صعوبة ما، الحوار الدافئ واسترجاع ذكرياتنا حول الدراسة ليعلم الصغير أن الجميع مر بما يمر به الآن وأنه ليس مضطهدا.
islamweb
تعليق