يقول الدكتور خالد بن سعود الحليبي بجامعة الإمام: إنه مما لا شك فيه أن الطفل في الإسلام يمثل لبنة اليوم وبناء المستقبل, ولذلك عني به عناية فائقة, ولم يتجاهله التشريع الإسلامي بشتى أحكامه, ومن ذلك صومه في رمضان.
ويضيف د.الحليبي أن من أبرز الظواهر الاجتماعية بشهر رمضان المبارك مائدة الإفطار, حيث تجتمع الأسرة الواحدة بما فيها أطفالها حول الطعام في انتظار لحظة الأذان لتناول الأكل بعد الإمساك عنه, طاعةً وتعبدًا لله تعالى، وفي هذه اللحظة هناك كثير من الجوانب تستحق أن تقف أمامها لنتأملها؛ لتكون لنا منهجاً دائما لمستقبلنا، ولعل الذهاب هذا الشعور الأسري الشفاف الذي يتضوع عوداً وعنبراً حين يضم الوالدان أولادهما إلى كنفهما في إطار حميمي عذب تضمحل فيه كثير من الخلافات الزوجية المتراكمة, وتنسى فيه ضروب المشاكسات والمشاجرات التي تدور رحاها عادة بين الأطفال طوال اليوم يرفرف جو من الصفاء الروحي الذي يظهر في النظرات النقية المتبادلة بين الجميع, وهم ينصتون إلى الأثير لالتقاط التكبيرة الأولى من الأذان، وفي الدعوات الصادقة التي تفيض بها القلوب في هذه اللحظات المحفوفة بأجنحة الأمل القوي في إجابة الله تعالى للدعاء, فيطلب كل منهم أن يدعو للآخر بما يحب من خيري الدنيا والآخرة، ولن يكون شعور الطفل مماثلا لشعور الكبير إذا كان مضطراً، بل إن هذه الدقائق الرائعة تعد نموذجاً حيا يتشكل أمام أعيننا, ليرينا كيف يمكن أن تكون الحياة الأسرية إذا خلت من المنغصات, وصفت من المكدرات المعيشية, وكان اجتماعها على طاعة وعبادة.
إذن, فلماذا لا تشجعنا هذه التجربة المتكررة يوميا بنجاح مبهر على القيام بجلسات مماثلة طوال العام تجتمع فيها الأسر على درس إيماني كل اثنين أو خميس قبيل المغرب, لحضور عشاء خفيف يفطر منه الصائم، ويطعم المفطر, وتنتعش فيه العواطف الأسرية المهضومة في كثير من البيوت بسبب انشغال الوالدين عن أولادهما طوال الأسبوع؟!