النبي صلى الله عليه وسلم يصحب الأطفال في الطريق واعظا ومعلما لهم على قدر عقولهم.
الطفل من حقه أن يصحب الكبار ليتعلم منهم ،فتتغذى نفسه ويتلقح عقله بلقاح العلم والحكمة فتتهذب أخلاقه ، وتتأصل عاداته وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في ذلك ، فعلمنا أنه صحب أنساً وكذلك صحب أبناء جعفر ابن عمه ، والفضل ابن عمه ، وها هو عبد الله بن عباس ، ابن عمه صلى الله عليه وسلم يسير بصحبته على دابته ، فيستفيد النبي صلى الله عليه وسلم من تلك الصحبة في الهواء الطلق والذهن خال فيعلمه كلمات على قدر سنه واستيعابه ، في خطاب مختصر ومباشر وسهل مع ما يحمله من معان عظيمة يسهل على الطفل فهمها واستخلاصها ، يقول " يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف "
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2516
خلاصة حكم المحدث: صحيح
إن النبي صلى الله عليه وسلم هو المعلم الأول ، يراعي عمر الطفل وقدراته العقلية فيعطيه الجرعة العلمية التي يستوعبها فهمه ويدركها عقله فيعتقدها قلبه وتظهر على سلوكه ، فيجتمع فيه العلم والعمل .
بحنان الأبوة النبي صلى الله عليه وسلم يرشد الأطفال إلى مكارم الأخلاق
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يا بُنَيَّ إن قَدَرتَ أن تُصبحَ وتُمسيَ وليس في قلبِك غِشٌّ لأحدٍ فافعلْ ، ثم قال : يا بُنيَّ وذلك من سُنَّتي ، ومن أحيا سُنَّتي فقد أحبَّني ، ومن أحبَّني كان معي في الجنَّةِ " الراوي: أنس بن مالك المحدث: ابن القيم - المصدر: مفتاح دار السعادة - الصفحة أو الرقم: 1/284
خلاصة حكم المحدث: لهذا الحديث شواهد
انظروا رحمكم الله ، على أي شيء يربي النبي صلى الله عليه وسلم الأطفال حين يمسون وحين يصبحون ؟ إنه يربيهم على قول الله جل وعلا ( فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17 ) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ ) {الروم }
فيصبحهم ويمسيهم على طهارة القلب ونظافة السريرة وسلامة الصدر استعداد ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
فما بالنا معاشر المسلمين نربي أبناءنا هذه الأيام مساءا وصباحا على مسا التماسي
ويا حلو صبح
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وقال ابن القيم رحمه الله في تحفة المودود :
ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خُلقه، فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره من : حَرَد وغضب ولجاج وعجلة وخفة مه هواه وطيش وحدّة وجشع ، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة له ، فلو تحرز منها غاية التحرز فضحته ولابد يوما ما ، ولهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم وذلك من قبل التربية التي نشأ عليها ،
وكذلك يجب أن يجتنب الصبي إذا عقل مجالس اللهو والباطل والغناء وسماع الفحش والبدع ومنطق السوء ، فإنه إذا علق بسمعه ، عسر عليه مفارقته في الكبر ، وعز على وليه استنقاذه منه، فتغيير العوائد من أصعب الأمور ، يحتاج صاحبه إلى استجداد طبيعة ثانية ، والخروج عن حكم الطبيعة عسر جداً .
منقول
من كتاب أطفال المسلمين كيف رباهم النبي الأمين - بتصرف يسير
تعليق