السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سمات الآبـاء المربين في ضوء وصايا لقمان
بالتأمل في الآيات التي تتحدث عن لقمان وابنه نلتمس بعض سماته:
{وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
نجد أن الله سبحانه وتعالى ذكر من سماته الحكمة, والحكمة في اللغة تطلق ويراد بها معان عديدة منها:
العدل, والعلم, والحلم, وتطلق على طاعة الله, والفقه في الدين والعمل به, والفهم والخشية والوَرَع والإصابة, والتفكر في أمر الله واتباعه.
وقال الإمام ابن كثير في معنى الحكمة: أي الفهم والعلم والتعبير.
وقال الشوكاني : والحكمة التي أتاه الله هي الفقه والعقل والإصابة في القول.
نجد من خلال هذه التعاريف أن سمة الحكمة شاملة لسمات عديدة كالعلم, الحلم, والعدل والفقه في دين الله والعمل به, والفهم, والخشية, والورع, والإصابة في القول فنجد أن سمات الأب الناصح والموجه قد اكتملت فوصفه بالحكمة دل على اكتمال السمات.
والحكمة سبق تعريفها اللغوي أما في الاصطلاح فهي: وضع الشيء في مَوْضِعه.
ولأهمية الحكمة تكرر ذكرها في القرآن الكريم ووصف بها أنبياء الله ورسلـه عليهم السلام فقال تعالى: {...ِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً } .
وقال: {... وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ... } .
وقال تعالى عن عيسى عليه السلام: {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ... } .
أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقد جاء في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "فُرِجَ عن سَقْف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صَدْري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صَدْري ثمَّ أطبقهُ...".
الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 349
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وهذا يثبت أن الحكمة تعد أمراً أساسياً في الدعوة إلى الله, حيث امتلأ بها صدر النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو صاحب الدعوة, مع الإيمان في قضية الدعوة لحظة واحدة.
فمن الحكمة اتصاف الداعية بالسمات التي يجب توافرها في الدعاة من إخلاص لله عز وجل, وعلم وفقه في دين الله وعمل به وحلم وصبر إلى غير ذلك من مقتضيات الحكمة فبذلك تنبثق الحكمة ويتحقق المقصود.
وقد دلت الآيات على اتصاف لقمان بهذه الصفات نستشف ذلك من خلال وصاياه لابنه.
فقد جاءت في الآيات: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }دلت هذه الآية على عمله وفقهه حيث جاءه بأسلوب الوعظ لئلا ينفر وهي نصح وتذكير مقترن بتخويف وترقيق.
ثم بدأ بأهم القضايا وهي قضية العقيدة حيث نهاه عن الشرك بالله ووصفه بأنه ظلم عظيم قال ابن كثير عن لقمان ووصيته لابنه: وقد ذكره الله تعالى بأحسن الذكر وأنه أتاه الحكمة وهو يوصي ولده الذي هو أشفق الناس عليه وأحبهم إليه فهو حقيق أن يمنحه أفضل ما يعرف ولهذا أوصاه أولاً بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً ثم قال محذراً لـه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } أي هو أعظم الظلم
ثم تدرج بباقي القضايا: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ* وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} وهذا دلالة على العلم والحكمة حيث تدرج بقضايا العبادة حسب أهميتها عقيدة ثم عبادة ثم أخلاق.
ويستشف من الآيات حلمه وصبره في تعليم ولده حيث أنه جعل تلك الوصايا النفيسة لابنه, والأب من أشفق الناس على ولده وأحبهم إليه, فحرص على أن يمنحه أفضل ما يعرف, وتلك الوصايا تدل على فقه في دين الله وعمل به, ولا شك أن لذلك أكبر الأثر في التأثير على المدعو عندما تصدر تلك الوصايا من أقرب الناس إليه والده ويكون عالماً بدين الله وعامل به.
سمات الآبـاء المربين في ضوء وصايا لقمان
بالتأمل في الآيات التي تتحدث عن لقمان وابنه نلتمس بعض سماته:
{وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
نجد أن الله سبحانه وتعالى ذكر من سماته الحكمة, والحكمة في اللغة تطلق ويراد بها معان عديدة منها:
العدل, والعلم, والحلم, وتطلق على طاعة الله, والفقه في الدين والعمل به, والفهم والخشية والوَرَع والإصابة, والتفكر في أمر الله واتباعه.
وقال الإمام ابن كثير في معنى الحكمة: أي الفهم والعلم والتعبير.
وقال الشوكاني : والحكمة التي أتاه الله هي الفقه والعقل والإصابة في القول.
نجد من خلال هذه التعاريف أن سمة الحكمة شاملة لسمات عديدة كالعلم, الحلم, والعدل والفقه في دين الله والعمل به, والفهم, والخشية, والورع, والإصابة في القول فنجد أن سمات الأب الناصح والموجه قد اكتملت فوصفه بالحكمة دل على اكتمال السمات.
والحكمة سبق تعريفها اللغوي أما في الاصطلاح فهي: وضع الشيء في مَوْضِعه.
ولأهمية الحكمة تكرر ذكرها في القرآن الكريم ووصف بها أنبياء الله ورسلـه عليهم السلام فقال تعالى: {...ِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً } .
وقال: {... وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ... } .
وقال تعالى عن عيسى عليه السلام: {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ... } .
أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقد جاء في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "فُرِجَ عن سَقْف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صَدْري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صَدْري ثمَّ أطبقهُ...".
الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 349
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وهذا يثبت أن الحكمة تعد أمراً أساسياً في الدعوة إلى الله, حيث امتلأ بها صدر النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو صاحب الدعوة, مع الإيمان في قضية الدعوة لحظة واحدة.
فمن الحكمة اتصاف الداعية بالسمات التي يجب توافرها في الدعاة من إخلاص لله عز وجل, وعلم وفقه في دين الله وعمل به وحلم وصبر إلى غير ذلك من مقتضيات الحكمة فبذلك تنبثق الحكمة ويتحقق المقصود.
وقد دلت الآيات على اتصاف لقمان بهذه الصفات نستشف ذلك من خلال وصاياه لابنه.
فقد جاءت في الآيات: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }دلت هذه الآية على عمله وفقهه حيث جاءه بأسلوب الوعظ لئلا ينفر وهي نصح وتذكير مقترن بتخويف وترقيق.
ثم بدأ بأهم القضايا وهي قضية العقيدة حيث نهاه عن الشرك بالله ووصفه بأنه ظلم عظيم قال ابن كثير عن لقمان ووصيته لابنه: وقد ذكره الله تعالى بأحسن الذكر وأنه أتاه الحكمة وهو يوصي ولده الذي هو أشفق الناس عليه وأحبهم إليه فهو حقيق أن يمنحه أفضل ما يعرف ولهذا أوصاه أولاً بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً ثم قال محذراً لـه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } أي هو أعظم الظلم
ثم تدرج بباقي القضايا: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ* وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} وهذا دلالة على العلم والحكمة حيث تدرج بقضايا العبادة حسب أهميتها عقيدة ثم عبادة ثم أخلاق.
ويستشف من الآيات حلمه وصبره في تعليم ولده حيث أنه جعل تلك الوصايا النفيسة لابنه, والأب من أشفق الناس على ولده وأحبهم إليه, فحرص على أن يمنحه أفضل ما يعرف, وتلك الوصايا تدل على فقه في دين الله وعمل به, ولا شك أن لذلك أكبر الأثر في التأثير على المدعو عندما تصدر تلك الوصايا من أقرب الناس إليه والده ويكون عالماً بدين الله وعامل به.
د. الجوهرة بنت صالح الطريفي
تعليق