عندما نتكلم عن تربية فإننا نتوجه إلى خير مربي .. وهو الذي تربى تربية ربانية وهو الأسوةُ
الحسنة والقدوة المثلى فهو المربي الكامل الموفق المسدَّدُ كما وصفه ربه تبارك وتعالى فقال:
{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]
وكما أسرع صلى الله عليه وسلم في تعليم الإيمان والعقيدة الصحيحة في صدور وقلوب
وحواس هؤلاء الأطفال وحرص عليه الصلاة والسلام أيضًا على تربيتهم وتعليمهم لأركان الدين.
وقد جعل الصلاة جزءًا أصيلاً من الكيان العام للطفل المسلم فكان تأكيده صلى الله عليه وسلم
بالقول والعمل وكلاهما تشريع نبوي متَّبع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( مروا الصبيان بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها في عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع ))
الراوي: [جد عمرو بن شعيب] المحدث: ابن باز - المصدر: مجموع فتاوى ابن باز - الصفحة أو الرقم: 184/7
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وشارك الصحابةُ النبيَ صلى الله عليه وسلم هذا الحرص من حيث معرفة وقت صلاة الطفل
والعمر المناسب وأثر هذه الصلاة عليه حتى إن النساء كانت أعلم من الرجال في هذا الشأن
في بعض الأوقات فهذا معاذ بن عبدالله الجهني أحد التابعين المشاهير وهو حفيد الصحابي
الجليل خبيب الجهني رضي الله عنه يدخل عليه مجموعة من طلبة العلم يسألونه عن الوقت
المناسب لصلاة الصبي فيسأل امرأته : متى يصلي الصبي ؟ فتقول: نعم كان رجل منا يذكر
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه سُئل عن ذلك فقال : متى عرف يمينه من يساره
فمروه بالصلاة.
وبلغ حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الفريضة أنه كان يُرَتِّب بنفسه ويُخَصِّص
أماكن للصبيان في المسجد فعن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام
الرجال يلونه وأقام الصبيان خلف ذلك وأقام النساء خلف ذلك.
الراوي: أبو مالك الأشعري المحدث: البوصيري - المصدر: إتحاف الخيرة المهرة - الصفحة أو الرقم: 2/68
خلاصة حكم المحدث: له شاهد
ولم تكن مشاغل الدعوة والحياة تُنسيه صلى الله عليه وسلم أن يطمئن إلى حال غلمان
المسلمين مع ربهم من خلال الصلاة وامتحانهم على ذلك وسؤاله المتكرر فعن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : بِتُّ عند خالتي ميمونة (أم المؤمنين رضي الله عنها) فجاء رسول الله
صلى الله عليه وسلم بعدما أمسى فقال: أَصَلَّى الغلام ؟ قالوا: نعم، فاضطجع حتى إذا مضى
من الليل ما شاء الله قام فتوضأ ثم صلى سبعًا أو خمسًا أوتر بهن لم يُسَلِّم إلاَّ في آخرهن.
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1356
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فهذا الغلام الحصيف عبدالله بن عباس رضي الله عنه الذي كان تجربة حيَّة لحياة الطفل والشبل
المسلم يروي لنا من خلال نومه الزائف كيف رغم تعب النبي صلى الله عليه وسلم كان صلى الله
عليه وسلم يسأل أول ما يسأل عن حال هذا الصبي مع الصلاة.
وكان للصبيان نصيب في صلوات السنن المؤكدة كصلاة العيد والجنائز وغيرها فعن ابن عباس
رضي الله عنه قال: خرجتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر أو الأضحى فصلى ثم خطب
ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة.
وحتى في صلوات الجنائز كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُشرك هؤلاء الصغار في تشييع
موتاهم وكان لهذا الإشراك أثره في اللحمة الاجتماعية التي كانت تربط بين الصغار وبين مجتمعهم
فضلاً عن الجانب التربوي الذي كان يعود على هؤلاء بالنفع من خلال التربية على التقوى والخشية
فهي إحدى ثمرات صلاة الجنائز فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
مرَّ بقبر قد دُفن ليلاً فقال: متى دفن هذا ؟ قالوا البارحة قال: أفلا آذنتموني قالوا دفناه في ظلمة
الليل فكرهنا أن نوقظك فقام فصففنا خلفه قال ابن عباس: وأنا فيهم فصلى عليه.
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1321
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
تعليق