عام دراسي جديد ..يد واحدة لا تصفق
بعد إجازة طويلة، انفكت فيها غالب القيود، وتركت معظم الحبال على الغارب، وانفك فيها الطلاب بعيداً عن مستلزمات الواجبات والتكاليف، فطال السهر، وكثر الخروج، وتعددت البرامج، وغابت في كثير من الأحيان الرقابة بحجة الترفيه تارة، وعلة الفسحة تارة أخرى، فانهدم بعض ما قد بُني، ونُسي بعض ما قد حُفظ، وغاب ما قد عُرف، واندثرت قيمة الوقت .
بعد كل هذا انتهت الإجازة ولكن كانت نهايتها هذا العام جميلة بإستثناء الأحداث التى تمر بها البلاد من تظاهرات واعتصامات نسأل الله السلامه ، الا أنه بمجيء شهر رمضان شهر الخير والبر والإحسان، هدأت النفوس، وعادت القلوب إلى ربها، وتهيأت لاستقبال رحمات خالقها، وهي فرصة لبداية دراسية هادئة بعد هذه الجرعة الإيمانية والحالة النفسية خلال شهر رمضان، فرصة جاءت تساهم في خفض كبير لتلك الفجوة بين ما تركنا عليه أولادنا في الإجازة، وما نريده منهم في الدراسة، فرصة لعلنا استفدنا منها ووظفناها لصالح أبنائنا لبدء عام دراسي جديد، يحدونا فيه الأمل، وتزداد تطلعاتنا إلى مستقبل لا نقول مشرق، ومبهر، ومبدع، ولكن على الأقل أفضل مما نحن فيه .
ننظر فيه إلى أبنائنا وطلابنا وطالباتنا أنهم الثروة الحقيقية لهذا المجتمع، اللبنة التي نضعها لنؤسس عليها جدران بلادنا، والقواعد التي نرفع عليها بنيان أوطاننا. مستقبل طلابنا وطالباتنا بين ذراعي «الأسرة والمدرسة» ويتداخل معهما عوامل الإعلام والمجتمع والأصحاب.. وغيرهم، إلا أن الركنين الرئيسيين هما المؤثران القويان في كل مراحل الأبناء فالأسرة بتوافقها الاجتماعي ورسوخ مبادئها وصحة عقيدتها، وحسن تربيتها، وجميل رعايتها ومتابعتها ورقابتها تنشئ فتياناً وفتيات لديهم القدرة على تلقي العلم والعمل به، وتزرع في نفوسهم الطموح، وتربي في طموحهم العلو، وتعلي في آمالهم اليقين بأن العلم سلاح المؤمن، ولا تكتفي -كما تفعل بعض الأسر- بأن تلقي بفلذات أكبادها، وبذور مستقبلها في وادٍ غير ذي ذرع، أعني لم تعتن في أي مدرسة ألقته، ولا عند من يرعى، ومع من يسير القطيع .
الأسرة المسؤولة هي التي تنظر في المدرسة واختيارها والمعلم والمعلمة والإدارة والمتابعة والرصد والتوجيه والمناقشة، تنظر الواجبات وتتابعها، ترعي الصعب وتذلله، تراجع الحفظ وتؤكده، تناقش الفكر وتؤصله، تصحح المفاهيم الخاطئة وتصوبها، تشجع الأبناء وتذكيهم، وتعالج القصور وتنجيهم، تقسو عندما يكون ذلك لازما وترحم في كل الحالات كونها الحضن الودود، وتعاقب متى لزم العقاب بأساليب تربوية لا تتنافى مع شرع وشريعة، أسرة تقوم بواجبها تجاه أبنائها وتعمل بالأسباب لنهضة أمتها، أسرة لا ترغب في الاندثار ومحو الذات بالإهمال، أسرة عرفت حق الله في أولادها فقامت بواجباتها تجاه ربها وأولادها.
أما المدرسة الركيزة والبيت الثاني للأبناء ففيها تغرس القيم، وتنبت المبادئ، وتكبر الأمال، وتعلو الهمم، فيها يُنشّئ على المثل، ويُتدّرب على القدوة، فإن غابت أو فسدت أو تهاونت فلن تجد صدراً يحنو، ولا قلباً يحمي ولا عيناً تدمع ولن تجد غير أعجاز نخل خاوية، ومتى قامت المدرسة بدورها وجدتها قد أشعلت النور، وأشعت الضياء، وأنارت طريق السعادة والرخاء، تملأ قلوب الأبناء بالحب والعلم والعمل، تثير الحوافز بين الطلاب، تشجع الموهوبين والمبدعين، وترعي مهارات المتميزين، وتأخذ في نفس الوقت بيد مَنْ تأخر عن ركب المتقدمين ليلحق بكواكب النور مع قرناء الفصل والصف فيتقارب المستوى وتعلو الهمة وتستيقظ العزيمة.
ومع بداية عام دراسي جديد، يا دفتي الشراع (أسرة ومدرسة) هدفنا واحد وآمالنا مشتركة، وتطلعاتنا متوافقة، نتعاون من البداية، نساهم معاً في رسم صورة صحيحة وسليمة قدوة وعمل، خلق وسلوك، متابعة ورقابة، تعليم وتربية علم وعمل، فينشأ ناشؤنا على أسس سليمة وقواعد مثبتة تسعد بهم قلوبنا، وتفرح بهم أعيننا ونرهب بهم عدونا، وتعلو بهم قامتنا وتشتد بهم سواعدنا، وتقوى بهم ظهورنا، وتزهو بهم بلادنا، وترتفع بهم رايتنا.
منقوووول
تعليق