يمرَّ اكتساب الطفل مهارة اللغة بمراحل عديدة. وتختلف هذه المهارة من طفل إلى آخَر. فهي تأتي لدى بعض الأطفال بسهولة، بينما تكون متعثرة لدى أطفال آخرين. لكن الأطفال، جميع الأطفال، تبدأ اللغة لديهم بالإشارة، بحيث يمكن القول إنّ لغة الإشارة هي اللغة البشرية الأولى. ولا نقصد هنا بلغة الإشارة، تلك المخصصة للصُّم والبُكم، بل تلك الإشارات التي توضّح الكلام ومقاصده. وقد أظهرت الدراسات أن تعليم الطفل التعبير عن نفسه بالإشارة يُسرع من قدرته على اكتساب اللغة المحكيّة.
قبل أن يستطيع الطفل النطق بشكل صحيح ليُعبّر عن احتياجاته وعمّا يُريد، عليه أن يكون مسيطراً على وظائف عضلات الوجه المعقّدة جدّاً، مثل وضعية اللسان، والتحكم في شكل الشفتين، وتطوير مجرَى التنفس، والسيطرة على الأوتار الصوتية، والتنفس بانتظام.
ويستطيع معظم الأطفال السمع، لكنهم لا يمتلكون القدرة المادية للنطق بأكثر من بضع كلمات. وقد لا يستطيع البعض منهم النطق بأيّة كلمة. من هنا، يُصبح التواصل صعباً عليهم، خاصة في البداية، فيعتمدون على إصدار أصوات وعلى حركات يَدين مبهمة من أجل التواصل. لذا، عندما يشعر الطفل بالإحباط، يكون الحب هو البكاء والنحيب، وأحياناً الانفجار غضباً. من هنا، يصبح تعليم الطفل لغة الإشارة أمراً مهمّاً ليتمكّن من التواصل، إلى حين إجادته الكلام.
ويعتقد البعض أنّ لغة الإشارة تُبطئ من تطوير لغة الطفل. إلا أنّ الدراسات التي أجريت على أطفال يستخدمون لغة الإشارة، وآخرين لا يستخدمونها، أظهرت أن أطفال الفريق الأوّل يتمتعون بمهارات لغوية متطورة أكثر من الأطفال الآخرين، وأنّ الأطفال الذين يتعلمون لغة الإشارة يُطوّرون مهارة التواصُل مع الآخرين بسرعة أكبر.
وقد بدأ العديد من الأسر تعليم أطفالهم الذين يعانون مشاكل في التطور، والذين لا يقدرون على الكلام، على الرغم من بلوغهم سن الثلاث أو أربع سنوات، لغة الإشارة كحل لهذه المشاكل.
إنّ استخدام لغة الإشارة مع الأطفال الرضع، أمر ليس بجديد. فهي تساعدهم على التواصل قبل أن يصبح في مقدورهم الكلام. ولكن استخدام لغة الإشارة مع أطفال أصبحوا قادرين على الكلام هو توجُّه جديد. يقول الخبراء في التربية، إنّ تعليم الطفل في عمر ثلاث إلى أربع سنوات الإشارات التي تدل على الكلمات والأحرف، يمكن أن يساعده على تمييز الأحرف وتشكيل الكلمات وصياغة الجُمل. ويعتقد الأ"فال أنها طريقة تواصل مُسلّية.
- فوائد:
إنّ تعليم لغة الإشارة للطفل لا يتطلّب براعة. إذ يجد الأطفال في هذا العمر، أن استخدام الإشارات عمل سهل ومُسلٍّ لأنه يتماشى مع ميولهم الطبيعية للتواصل مع الآخرين باستخدام أجسادهم. وهناك فوائد عديدة يمكن أن يجنيها الطفل من لغة اليدين، منها على سبيل المثال:
زيادة الكلمات التي يعرفها الطفل: دلّت دراسات أجرتها إحدى الجامعات الأميركية على أطفال في عمر ثلاث إلى أربع سنوات في إحدى رياض الأطفال، أنّ الطفل الذي تعرّف إلى لغة الإشارة، مثل الإشارات التي ترمز إلى الطقس، الألوان، الأعداد، المشاعر، كانت نتائجه في امتحانات مفردات اللغة أفضل من نتائج أنداده الذين لم يتعلموا لغة الإشارة. ويعود السبب في ذلك إلى أنّ التعبير عن كلمة بالإشارة هو تاماً مثل رسم صورة لها، أي أنّ الكلمات تصبح مماثلة للصورة التي عبّر عنها الطفل بالإشارة. وهذا التشابُه يساعد الطفل على فهم معاني المفردات وتذكُّر الكلمات الجديدة التي تعرّف إليها من خلال لغة الإشارة. لذا، عند تعليم الطفل لغة الإشارة، يجب في البداية اختيار الإشارات التي ترسم صورة ذهنية للكلمة التي يحاول الشخص تعليمها للطفل. فمثلاً، عند تعليم كلمة "اسمع" تُضَمُّ أصابع اليد الواحد لتصبح على شكل كوب ثمّ تُوضَع خلف الأذن. ومن خلال هذه الصورة (كويب اليد) والحركة (وضعها خلف الأذن) يتمكن الطفل من فهم المقصود.
تعليق