يصرخ طارق في حجرته " ماما ، إنت بتفتشي ورايا تاني ؟ بجد حرام كده " فترد الأم صارخة " رائحتك كلها سجاير . أنا كنت... " وقبل أن تكمل جملتها يقول طارق " الرحمة بقى يا ماما ، كده كتير . حلفتلك مليون مرة أنا مابدخنش " ثم يسحب محفظته ويدسها في جيبه قائلا " أنا مش قادر أعيش كدة ، أنا نازل " ويغلق باب البيت بعنف .
المشكلة هنا هي حدود الثقة المتوقعة بين الطرفين ، وما تسببه في اختلاف في وجهات النظر . فمن ناحية الأم ترى أنه طالما أن طارق يعيش تحت سقف بيتها فمن حقها أن تفتش حجرته وجيوبه وموبايله أيضا . فهي التي حملت فيه وربته وسهرت لتطعمه في الرابعة فجرا ، وعلمته كيف يستخدم الحمام ويكون أصدقاء والآن هي قلقة عليه . بالطبع ! من منا لا يقلق على أبناءه في مرحلة المراهقة هذه الأيام ؟
ومن ناحية أخرى ، يرى طارق أنه احتمل كثير تدخلها في حياته بهذا الشكل . كم مرة أحرجته أمام أصدقاءه أو الأقارب ، كيف أنها تعامله كطفل رغم أنه يبلغ من العمر ١٥سنة . طارق يرى أنه شخص مستقل ، ناضج ، يمكنه تحمل مسئولية قراراته وأفعاله وبالتأكيد من حقه أن تكون له خصوصيته وأن يدافع عنا، صح ؟
كي نعطي الموضوع حجمه ، هذه مرحلة وسوف تمر في النهاية ، ولكن حتى لا تتأثر العلاقة بين أفراد الأسرة ، يجب على ماما وطارق أن يجدا حلا لمشكلة الثقة هذه . من أجل ذلك ، سوف نجيبك عن بعض الأسئلة التي تحيرك :
لماذا يحتاج المراهقون للخصوصية ؟
يحتاج المراهقين للشعور بأنهم موثوق بهم وأن لديهم القدرة على القيام بالأمور المختلفة . ويعتبرون الخصوصية جزء لا يتجزأ من شعورهم بالاستقلال . فالأفكار التي يضعونها في مذكراتهم مثلا ، والرسائل القصيرة التي يرسلونها أو يستقبلونها من أصحابهم على الموبايل ، أو حتى وقت الاستماع للأناشد أو الدروس على انفراد في الغرفة ، كلها طرق خاصة يستخدمونها للتعبير عن استقلالهم وكذلك للإنفصال عن كل ما يوترهم من حولهم .
ما مقدار الخصوصية يحتاجها المراهقين ؟
هذا تساؤل صعب . لنتفق على أن كل مراهق يحتاج لقدر من الخصوصية . الكثير منها ضار تماما مثل القليل منها . الحل هو أن تبني الثقة بينك وبين ابنك منذ الصغر وبالتدريح وتوضحي له أنك تراقبي تصرفاته ، وعندما يكون أهلاً للثقة ، سيحصل على خصوصية أكثر .
هل من المقبول أن افتش في أشياء ابني ؟
ليس مقبولاً أبدا ، إلا إذا كان الأمر خطير جدا . إذا كنتِ قلقة بخصوص سلامته أو صحته ، يمكنك التفتيش فيما يخصه . على سبيل المثال ، أنت تشكين في أن ابنك يشرب سجائر . تكلمي معه أولاً ، مرة واثنين وأكثر . إذا كنتِ لا زلت تظنين أنه يكذب عليك ، فتشي في أشياءه إذن . إذا كان أهلا للثقة ، اعتذري له أنك فتشتي في أشياءه واتركيها كما هي .
هل يمكن لإبنك أن يمنعك من دخول حجرته ؟ هل هذه تعتبر خصوصية ؟
لا ، بالرغم من أن بعض الأمور في حياته خاصة بالتأكيد ، ولكن غرفته جزء من بيتك . على الأقل ، سوف تحتاجين إلى تنظيفها وترتيبها وتحتاجين أن تعرفي ما تحتويه عموما . ولكن مع هذا ، لا يجب أن تفتشي مذكراته او موبايلة أو ايميلاته .
ماذا لو طرق إلي مسامعك كلام ابنك في شىء ينذر بأمر خطير ؟
أفضل ما يمكن أن تفعليه هو أن تتكلما في هذا الأمر ، فأنت أمه ومن حقك أن تعرفي ماذا يجري .
ماذا لو ترك ابنك ، شيء يخصه أمامك عدة مرات ؟
في الحقيقة ، قد تكون تلك طريقته في محاولة إخبارك شيئا ما . هناك فتاة مراهقة أعرفها كانت تترك كراستها مفتوحة على بعض الكتابات . كانت هذه الفتاه خجولة وتريد أن تكتب لأمها أنه قد جاءها الحيض . كوني منتبهة إذن ، فربما يكون ترك لك رسالة عن قصد .
في نهاية الأمر ، الخصوصية هي الطرف الآخر في معادلة الثقة . علمي ابنك أن يكسب خصوصيته بأن يكسب ثقتك به .
عليكِ أنت أيضا أن تتقبلي أنه لا يجب أن تراقبيه خطوة بخطوة مثلما كنتِ تفعلين عندما كان رضيعا .
منقول بتصرف
تعليق