ومن يومها لم أرسب فى امتحان :
كان والدى - رحمه الله - رجلاً أمياً لا يقرأ ولا يكتب , وكنت أشعر أنه شديد جداً فى تعامله معى , لكن لا أنسى ذلك اليوم الذى رسبت فيه فى مادة من المواد , وكان قبلها يتوعدنى إن رسبت بالعقاب الشديد , ووعدنى إن نجحت بهدية جميلة , لقد عدت يومها من المدرسة خائفة حزينة وخاصة أننى أحمل فى يدى شهادة الدرجات شاهدة على استحقاقى للعقاب , لقد كنت أقدم رجلا وأؤخر أخرى , وطوال الطريق أفكر فى غضب أبى , هل سيشتمنى ؟ هل سيضربنى ؟ هل سيحرمنى من الخروج ؟ ولم أفق من أفكارى هذه إلا وأنا على باب البيت , فدخلت وفوجئت بأبى يجلس ينتظرنى , ولما رآنى تفاجئت به يسرع نحوى , وفجأة أخذنى فى حضنه وناولنى شيئاً كان فى يده وقال لى : هذه هديتك , لأننى أعرف أنك مجتهدة وفعلت ما عليك, فعلى الإنسان أن يعمل وليس عليه إدراك النجاح , فهممت أن أقول له : لقد رسبت فى مادة .... لكنه قاطعنى وقال لقد عرفت النتيجة من مدرستك , ولا يهمك فأنا أحبك أكثر من حبى لدرجاتك , وأنا على يقين أنك ستعوضين هذا بنجاح كبير , ومن يومها لم أرسب أبداً فى امتحان , ومن يومها أصبحت أنا وأبى أصدقاء , وزادت صداقتنا بعد زواجى وإنجابى للأولاد , اللهم اجعله من أهل الجنة هو وأمى .... آمين
من سلسلة فن صناعة الذكريات مع الابناء
للدكتور عبد الله محمد عبد المعطي
للدكتور عبد الله محمد عبد المعطي
تعليق