الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرا.
أما بعد: فهذه كلمات يبثّها صدرٌ مفعَم بالحب والمودّة لك أنت أيها الأب المبارك على لسان ابنك، فافتح قلبك لها، وارع لها سمعك.
يا أبتـــي
استمع إلى شكواي أبثّها إليك، ومشكلتي أضعها بين يديك، فمشكلتي ـ يا أبتي ـ أنك مشكلتي، فأين أنت يا أبتاه؟!
بيتك الذي بنيته يناديك، عشك الذي رعيته يناجيك، ابنك الذي نسيته يبحث عنك ليدنو منك، أعمالك, شركاؤك, عقاراتك, رفاقك, إنهم جميعًا أعدائي؛ لأنهم أخذوك مني وأبعدوك عني بالرغم من علمي أنك لا تعمل بها إلا من أجلي ولإخوتي.
يا أبتــــي
دعني أُقدم لك الشكر كله على ما بذلته من أجلي وفي سبيل راحتي وسعادتي، فقد بذلت لي أسباب الراحة والرفاهية من مأكل ومشرب ومسكن على قدر جهدك وطاقتك.
ولكنك ـ يا أبتي ـ قد قصرت في أهمّ الجوانب وأعظم المطالب، إنها مطالب الروح والقلب والإيمان.
فمتى أهديتني كتابًا دينيًا يأخذ بيدي وينير لي دربي في هذا الزمان الذي كثرت ظلماته؟!
ومتى حفظتني القرآن؟!
ومتى علمتني السنة؟!
ومتى فقهتني في الدين؟!
ومتى علمتني السنة؟!
ومتى فقهتني في الدين؟!
لقد هيأت لي ـ يا أبتي ـ جوّ المعصية، وأحطتني بسياج الخطيئة، فتنفست رائحة الشهوة، والتقطت كل ما يفتن، ألقيتني في بحر الشهوات ولم تلبسني طوق النجاة، ثم تريدني بعد ذلك أن أكون ملكًا معصومًا!
يا أبتي
إني أمانة في عنقك، فأشغلني بطاعة الله حتى لا أشغل نفسي بمعصية، استعملني في مرضاة الله حتى لا أقع فيما يغضبه، سخرني في قربات الله كي لا أجترح ما يسخطه.
أبتاه
اسمح لي أن أقسو في العبارة قليلاً، إنك ربيتني لأكون عبدًا للدنيا، فعليها أعيش، ومن أجلها ألهث، ولم تربني لأكون عبدًا لله كما يحب الله.
فهل تذكر ـ أيها الحبيب ـ عندما تأخرت عن المدرسة يومًا من دون عذر ولم أُصلّ لله ركعة واحدة في ذلك اليوم وأنت على عِلم بهذا واطلاع عليه.
فهل تذكر ـ أيها الحبيب ـ عندما تأخرت عن المدرسة يومًا من دون عذر ولم أُصلّ لله ركعة واحدة في ذلك اليوم وأنت على عِلم بهذا واطلاع عليه.
أُسائلك بالله: علام وقع لومك وعتابك؟! وعلام كان عقابك؟!
إنك ـ يا أبتي ـ عاقبتني على تأخّري عن المدرسة ولكنك لم تعاقبني ولم تلمني مجرّد لوم على عدم صلاتي ووقوفي موقف العزّ بين يدي خالقي ومولاي.
فهل تريدني أن أهتم بالدنيا أكثر من الدين؟!
وهل ترغب أن أخاف منك أكثر من خوفي من الله؟!
وهل ترغب أن أخاف منك أكثر من خوفي من الله؟!
والآاااااااااااااااااااااااان
أيها الأب الكريم
ها هو ابنك يبثّ إليك ما دار في خلده وما احتبس في أعماقه وما احتوته جوانحه.
أيها الآباء، اتقوا الله في أبنائكم
وربوهم على حب الله وخوفه ورجاء ما عنده، ربوهم على منهج الله، وعودوهم على الطاعة، وعلموهم العبادة.
ربوهم على أن يعيشوا في الدنيا بمنظار الآخرة، فيتزودوا من ممرهم لمقرهم؛ حتى تكونوا وإياهم في الجنة في شغل فاكهون وعلى الأرائك تنظرون.
تعليق