لك أيتها الأم العازبة
يا من عادت تجر خيوط العار، من باعت شرفها وعِرضها ودينها من أجل لحظات متعة زائفة، من لم تخشى غضب الرحمن وهي في بحر الظلمات تغوص.
قال سبحانه وتعالى : {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ }النور2
وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن والتوبة معروضة بعد"
قال الشيخ الألباني : صحيح
أما استحييتِ من خالقك عز وجل، ما خشيتِ أن يحل عليك غضبه جل في علاه في تلك اللحظات، هل أمنت أن لا يقبض روحك وتكون تلك خاتمتك، فبماذا ستقابلينه ساعتها وكيف ستواجهينه جل في علاه.
وكانت الطامة الكبرى، أنك جنيت ثمرة تلك الرذيلة، فها أنت تحملين في أحشائك مالم تحسبي له حسبانًا، كيف إذن ستتصرفين؟
وجعت قلبي أختاه فما فكرتِ في الرب جل في علاه، وحسبت ألف حساب للمجتمع، فبِتِّ تتسائلين، كيف ستواجهين الناس وأهلك ببطن تجرينها أمامك، وذاك من يراك ويضطلع عليك في كل وقت وحين -جل في علاه- من يعلم سرك وعلانيتك ما حسبتِ له حسابًا، ألهذه الدرجة لا تعظمينه؟ ألهذه الدرجة لا تخشينه؟ ألهذه الدرجة تأمنين مكره جل وعلا؟ قال تعالى: {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} الأعراف99
آه ثم آه، أخشى عليك من غضب الإله، فما اكتفيت بكبيرة واحدة بل تسعين لأخرى، تريدين قتل فلذة كبدك حتى قبل أن يرى النور، وإن فشلت محاولة القتل فالحل هو أن ترميه أو في أحسن الحالات تهبينه.
كفى أيتها الظالمة، ظلمت نفسك وتريدين ظلم طفلك، كفاك معاصيًا وذنوبًا، اِخشيْ غضب الجبار، أفيقي من سباتك العميق، اتقي الله يا أمة الله، وتوبي لبارئك، ولا تلتفتي لكلام الناس.
أذنبت ذنبًا عظيمًا فتوبي منه واستغفري ربك جل في علاه، وتحملي نتيجة ذنبك ولا تظلمي طفلك لا تُحمِّليه نتيجة ذنب لم يرتكبه، خذيه في حضنك واسعي لتربيته تربية إسلامية لعله يكون لك شفيعًا يوم القيامة.
التوبة، التوبة أخيتي، لا شك أن الذنب عظيم لكن الرب أعظم، فقد قال عز وجل: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53
أختم لكِ بهذا الحديث، وأسأل الله أن يهديكِ ويغفر لكِ:
"عن بريدة قال جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله طهرني فقال: ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه. فقال فرجع غير بعيد ثم جاء فقال يا رسول الله طهرني. فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك حتى إذا كانت الرابعة قاله له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيم أطهرك؟ قال من الزنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون فقال أشرب خمرا؟ فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر فقال أزنيت؟ قال نعم فأمر به فرجم فلبثوا يومين أو ثلاثة ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال استغفروا لماعز بن مالك لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم، ثم جاءته امرأة من غامد
من الأزد فقالت يا رسول الله طهرني فقال ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه فقالت تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك إنها حبلى من الزنا فقال أنت؟ قالت نعم قال لها حتى تضعي ما في بطنك قال فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد وضعت الغامدية فقال إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه فقام رجل من الأنصار فقال إلي رضاعه يا نبي الله قال فرجمها. وفي رواية أنه قال لها اذهبي حتى تلدي فلما ولدت قال اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز فقالت هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضح الدم على وجه خالد فسبها فقال النبي صلى الله عليه وسلم مهلا يا خالد فو الذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت." رواه مسلم
تعليق