السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع قراته فأدمعت عيناى
همسة عتاب لكل أب وأم
أمي.. اسمحي لي بعتابك
أمي الحبيبة ..يا من جعلها الله أحق الناس بحسن الصحبة وطيب العشرة..أمي.. يا من حملتني في أحشائها، وأرضعتني لُبانة حُبها، وعطفها، واحتوتني بقلبها الحنون..أمي.. يا أحب الناس إلى قلبي، اسمحي لي بعتابك ،وهذه العبرة تخنقني والدمعة تسبقني..
أمّاه لو تشعرين بحالي ، وليلي الطويل ، وتقاسمينني همي الثقيل، الفتن يا أماه..الفتن تحاصرني من كل مكان..أحس إني أصبحت فريسة لكل الذئاب..
أماه! الشيطان يُهيج نفسي الأمارة بالسوء من داخلي، وشياطين الإنس تسعى للإطاحة بي عن طريق أذني بشتى الكلام والألحان، وعن طريق عيني بشتى الصور والألوان... أماه...! لو ترين كم تفنن الشباب والشابات في علم الغواية لقد مزقوا أستار الحياء وهتكوا الحرمات.. لو تعلمين ما أحدثوا من أمور لطار النوم من عينيك وضاعت منك هذه الطمأنينة التي أراك فيها..!
إن جهل كثير من الآباء والأمهات بما يجري بين الفتيان والفتيات في المدارس وفي "حارات" الدروس الخصوصية وعلى الهاتف نعم أقول إن الجهل بهذه الأمور الشنيعة هو ما جعل كثيرا من الأولياء لا ينتبهون للكوارث والفضائح الأخلاقية التى يقع فيها أبنائهم وبناتهم والتي تصل حد إدمان المخدرات وممارسة الزنى و أمور أخرى..
إلا بعد فوات الأوان، حيث لا يجدي الإصلاح ولا ينفع الندم.. وأؤكد لك يا أماه أن جل الشباب والشابات الذين لعب الشيطان برؤوسهم هم من أسر محترمة وطيبة ولكن غفلة الأمهات والآباء..! وما أدراك ما نتائج غفلة الأمهات والآباء..!
ولهذا كله أريدك أماه أن تتوقفي معي قليلا..الحمد لله لازلتُ أجد في نفسي بقية من خشية الله..ولكن الأعداء يا أماه كثر وهم أصحاب حنكة وخبث كبيرين.. رفيقات السوء.. الجوال.. القنوات الفضائية.. الإنترنت..الاختلاط، وأشياء أخرى كثيرة..فتن كقطع الليل المظلم..
وأنا يا أماه صغيرة وليس لي خبرة فكان عليك أن تكوني أنت من يحميني من كل هؤلاء الأشرار حتى يشتد عودي ويكتمل عقلي ويقوى إيماني وحينهافلن يغرر بي احد.
أماه أعترف أنك وأبي ألبستموني أحسن الملابس وغذيتموني بأشهى الأطعمة وأسكنتموني في أحلى بيت، ولكن ليس هذا ما ينجيني من الأخطار التي تحيط بي.. بل أنا يا أمي بأشد الحاجة إليك أنت..كي تجلسي معي ناصحة، مرشدة، ومتفقدة لأحوالي..لقد ابتعدت عني كثيرا لمشاغلك الكثيرة ولظنك أني كبرت وأن أجواء الدراسة بريئة كما كانت في الماضي... يا أمي راجعي وقتك الذي لم يعد لنا فيه إلا القليل.. فأنت إمّا خارج البيت..أو على الهاتف...أو مع التلفاز ...أو في شغل البيت الذي لا ينتهي ..أنا و إخوتي بحاجة إليك أكثر من إي وقت مضى. أمي ! أني أشكر لك ولأبي عظيم اهتمامكما بدراستي فأنتما تنفقان أموالا كثيرة في دروسي الخصوصية.. ولكن ماذا عن مخبري وجوهري ؟ ماذا عن ديني وأخلاقي بل ماذا عن آخرتي وماذا عن اليوم الذي تتطيار فيه الصحف هل فكرتما في منحي دروسا خصوصية في المواد التي تجعلني أنال صحيفتي بيميني فأكون من الفائزين بالجنة وما
أدراك ما الجنة..! هل تعلمين يا أمي أني لا أصلي إلاّ في رمضان أو في بعض المنسبات مع أنك علمتني الصلاة
وعمري ست سنوات؟؟؟ هل تعلمين أني لم أقرأ في المصحف الشريف منذ أكثر من سنة ؟؟؟ كيف يمكنني مقاومة الشيطان وأنا هاجرة لكتاب ربي؟؟؟ هل تعلمين أني لم أقضِِ ما عليّ من صوم منذ سنتين؟؟؟ والغريب أني لم أرك تذكريني بهذه الأمور أو توبخيني على إهمالها أو حتى تعاتبيني مثل ما تفعلين عندما تنخفض علاماتي الدراسية أو عند ما ترين أني لم أرتب البيت كما تحبين؟؟؟ وهل تعلمين إني بعد ما أنتهي من واجباتي المدرسية أقضي وقت فراغي كله بين المجلات الرخيصة والمسلسلات التافهة و"الهاتف" الذي غالبا ما كان المنفذ الأول لكل رذيلة ؟؟؟
أماه كم من مرة رأيتني بتلك الملابس التى أبدو فيها كاسية وأنا في الحقيقة عارية تلعنني الملائكة.. فلم تمنعيني...؟؟؟ أمّا في بيتنا فقد صار المعلم والمربي التلفاز الذي قتل حياءنا بل سلب عقولنا وديننا..أمي العزيزة أين ذلك المجلس الذي كنا نتحلق فيه حولك- قبل أن تغزونا الدنيا بملذاتها ، ونغرق في أوحالها- فكنت تكلميننا عن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم و عن الصالحين وما ينتظرهم من خير في الجنة ،وعن قصص الأشرار وما ينتظرهم من عذاب في النار. لقد مرت سنوات منذ أن فقدنا ذلك المجلس..كدت أنسى أني مسلمة لو لا بعض المناسبات الدينية كالأعياد والمولد النبوي وعاشوراء حيث نتفنن في إعداد الأطعمة والحلويات وتنظيف البيت وغيرها من الأمــور التي اكتشفت مؤخرا أنها لا تمت للإسلام بصلة...!!! ترفقي يا أماه ولا تغضبي مني فهذه خفقة قلب مكسور ، أبعثها إليك بصادق الود عساها تكون لك تذكرة فإن الذكرى تنفع المؤمنين..أماه لأني احبك من أعماق قلبي..أردت أن أنبهك وأبي حتى تتمكنا من حماية ومتابعة إخوتي الصغار قبل أن يضيعوا كما ضعت أنا!!! وأنتم لا تدرون!!! لو لا أن تداركني ربي برحمته الواسعة فبعث لي صديقة تقية نقية ذكّرتني بأشياء كثيرة قد غابت عن ذهني، ومن بين ما ذكرتني قوله تعالى:{ كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً , وجاء ربك والملك صفاً صفاً , وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى , يقول يا ليتني قدمت لحياتي ، فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ، ولا يوثق وثاقه أحد ، يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴿٢٧﴾ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ﴿٢٨﴾ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ﴿٢٩﴾ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴿٣٠﴾}الفجر 21،30 فهذه الآيات هزت كياني وخشع لها قلبي.. فرُفِعَتِ الغشاوة التى كانت على عيني والصمم الذي كان على أذني و القسوة التي كان على قلبي، فبكيت كثيرا..وندمت كثيرا.. ثم أعلنتها مدوية :لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين..
.رب تبت إليك فاغفر لي وارحمني وأنت خير الراحمين...
فإني أصبحت يا أماه فتاة أخرى غير التي عرفت بالأمس أصبحت سعيدة مطمئنة...حبب الله إليّ الإيمان وزينه في قلبي فلم يعد شيء يلهني عن صلاتي ولا عن قرآني لأني فيهما فقط وجدت سعادتي لو تعلمين يا أمي.. فهنئيني وخذيني بالأحضان...فلقد أصبحت في الجنة راغبة ، ولرضا ربي ثم رضاك يا أمي طالبة.. ورجاءي أن تعم هذه الأجواء الإيمانية أفراد أسرتي وأملي أن تسيري بنا أنت يا أمي الحبيبة نحو بر الأمان بطاعة الرحمن... ربي اغفر لي ولوالدي ورحمهما كما ربياني صغيرة.
إبنتك الحبيبة "ناصحة"
تعليق