التربية من المنظور الإسلامي
لم يعد خافيًا على أحد ما للتربية، بمفهومها الواسع ومضامينها العريضة، من أثر وأهمية في حياة الأفراد والمجتمعات وتجدّدها.
إنّ التربية إنّما تكون قاعدة أساسية لتطور الإنسان وإرتقائه فكريًا فيما إذا استهدفت الإزدهار التام لشخصيته وعُنيِت بغرس النزعات الخيرة في نفسه، وإذا لم تعن بذلك فإنّ الإنسان يفقد أصالته وذاته.
فهي عملية إجتماعية تختلف من مجتمع إلى آخر حسب طبيعة المجتمع والقوى المؤثرة فيه والقيم التي اختارها، ليسير عليها في حياته.
فالتربية بهذا المعنى وسيلة وهدف، طريقة وغاية، تبدأ من بدء الحياة، ولا تنتهي برغم نهاية حياة الأفراد؛ لأنّها عملية إجتماعية تخص المجتمع، كما تخص كل فرد فيه.
والحديث عن التربية الإسلامية يستند إلى الحديث عن الإسلام نفسه؛ لأنّ الإسلام دين للبشر كافة، ولأنّه نظام يتضمن كل ما يتصل بحياة الإنسان من جوانبها المختلفة ككلّ "وهو منهج ربّاني للحياة البشرية، ينظم شؤونها في الدنيا في كافة المجالات للفرد والأسرة والمجتمع، فيضمن للإنسان الفرد، والإنسان الأُمّة، والإنسانية جمعاء إذا ما اتقوا ربهم في القول والعمل، السعادة في الدارين".
فالتربية الإسلامية هي تلك التربية التي تجمع بين "تأديب النفس، وتصفية الروح وتثقيف العقل وتقوية الجسم فهي تعنى بالتربية الدينية والخلقية والعلمية والجسمية دون تضحية بأي نوع منها على حساب الآخر".
- مفهوم التربية الإسلامية وأهميتها:
أ) التربية لغة:
إذا تتبعنا معنى مصطلح التربية من الناحية اللغوية فإنّنا نجد أنّه يعود إلى أصول لغوية ثلاثة وهي:
الأصل الأوّل: ربا، يربو بمعنى: نما، ينمو وزاد، يزيد.
وفي هذا المعنى نزل قوله تعالى: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ...) (الروم/ 39).
وقال الراغب الأصفهاني: الربّ في الأصل التربية، وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام.
كما يقول البيضاوي في تفسيره: فربّاه بمعنى نمّاه، والتربية وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً، ثمّ خرجت الكلمة إلى وصف الله تعالى على سبيل المبالغة. ويقول الفيروز آبادي في القاموس المحيط: ربّ جمع وزاد.
والأصل الثاني: رَبَّى، يربِّي بمعنى نشأ وترعرع.
وعليه قول ابن الأعرابي:
فمن يك سائلاً عني فإني **** بمكة منزلي وبها ربيت
والأصل الثالث: ربّ يربّ بمعنى: أصلح، وساس، ورعا، وتولى. ومن هذا المعنى قول حسان بن ثابت كما أورده ابن منظور في لسان العرب:
ولأنت أحسن إذ برزت لنا **** يوم الخروج بساحة القصر
من درة بيضاء صافية **** مما تربّب حائر البحر
وقال: يعني الدرة التي يربيها في الصدف في قعر الماء، وبيَّن بأن معنى: تربب حائر البحر: أي مما ربَّبَهُ وترببه أي رباه مجتمع الماء في البحر.
قال: ورببت الأمر أربّه ربّاً ورباباً: أصلحته ومتّنته.
وقال: ربّ ولده والصبي يربّه ربّاً... وليّه حتى يفارق الطفولية.
ويمكن إستنباط مجموعة من العناصر من خلال هذه الأصول اللغوية:
"أوّلها: المحافظة على فطرة الناشئ ورعايتها.
ثانيها: تنمية مواهبه وإستعداداته كلها، وهي كثيرة متنوعة.
ثالثها: توجيه هذه الفطرة وهذه المواهب كلها نحو صلاحها وكمالها اللائق بها.
رابعها: التدرج في هذه العملية، وهو ما يشير إليه البيضاوي بقوله: (... شيئاً فشيئاً) والراغب بقوله: (حالاً فحالاً...)".
ب) التربية إصطلاحًا:
للتربية في الإصطلاح تعريفات كثيرة، تتلاقى أو تتقارب في مضمونها، ولعل أكثرها وضوحاً التعريف الآتي:
"التربية عملية تشكيل الشخصية السوية المتكاملة في جميع جوانبها روحياً وعقلياً ووجدانياً وخلقياً وإجتماعياً وجسمياً والقادرة على التكيف مع البيئة الإجتماعية والطبيعية التي تعيش فيها".
والمقصود من التربية الإسلامية أنّها: "تنشئة وتكوين إنسان مسلم متكامل من جميع نواحيه المختلفة من الناحية الصحية، والعقلية، والإعتقادية، والروحية، والأخلاقية، والإدارية، والإبداعية في جميع مراحل نموه في ضوء المبادئ والقيم التي أتى بها الإسلام، وفي ضوء أساليب التربية التي بيّنها".
هذه التربية عملية مستمرة تمتد منذ طفولة الإنسان، وتستمر حتى وفاته.
وما دام الدين هو الحياة، فالتربية الإسلامية هي الحياة إذن، فهي لا تعني فقط الأخلاق أو العقائد أو العبادات، بل إنّها تعني ما هو أعظم من هذا وأكبر، بحيث يمكن القول "إنّ التربية الإسلامية تعني منهجاً كاملاً للحياة، وللنظام التعليمي بكامله، ومكوناته".
ج) أهمية التربية الإسلامية:
تبرز أهمية التربية الإسلامية في الإرتقاء بالإنسان نحو الكمال، "وهوية الأجيال المسلمة لا تشكّل إلا بهذه التربية عن طريق المفاهيم الإسلامية والقيم الأصيلة والأفكار العملية الناضجة والإتجاهات البنّاءة الصادقة بعد تجسيدها إلى سلوكيات وأعمال مفيدة". فإننا بالتربية الإسلامية نحرر الإنسان من أن يكون عبداً لحاجاته ودوافعه ورغباته، ونربي فيه المعالي والهمم التي تجعله متطلِّعاً للغايات الكبرى والأهداف النبيلة، يحمل الخير ويسعى للخيرية، يحب الفضيلة ويتحلى بالفضائل، يتطهر من الرَّذيلة وينفر من الرَّذائل، يسهم في تلبية حاجات الإنسانية في التهذيب والسلوك السوي، وكذلك بالتربية الصالحة نحمي أُمّتنا من أن تتربى على الفساد بكل أشكاله والتبعية بكل صورها، ونحميها من أن ينشأ فيها جيل ينتمي لغير أُمّته فكراً وسلوكاً، ولا ينسجم مع البيئة الإسلامية التي نشأ فيها وتربى على أرضها.
- العوامل المؤثرة في التربية:
مما لا شك فيه أنّ البشر متفاوتون متمايزون بعضهم من بعض، بحيث لا يتطابق اثنان منهم تطابقاً كاملاً.
ومن المعلوم أنّ العلماء والمفكرين اتفقوا على أنّ الشخصية الإنسانية تتأثّر في تكوينها وتفاعلاتها المختلفة، بعاملين رئيسين هما: العامل الداخلي أو الذاتي الذي يعرف بعامل الوراثة، والعامل الخارجي أو المكتسب الذي يعرف بعامل البيئة. "ويتضافر هذا العاملان، منذ اللحظة الأولى في حياة الفرد وحتى موته في تكوين شخصيته".
أ) عامل الوراثة:
عرف البشر تأثير الوراثة في النبات والحيوان منذ زمن طويل، إذ اكتشفوا أنّ البذرة الجيِّدة الصفات تنتج نبتة قوية ترث عنها صفاتها العامة وخصائصها البيولوجية، وتعطي ثماراً صحيحة جيِّدة كذلك، وأنّ النبتة المريضة أو المصابة أو الضعيفة تنتج ما يتوافق مع صفاتها.
والإنسان مثل بقية المخلوقات، يتأثر بالوراثة، إذن "لم تكن البشرية تجهل قانون الوراثة تماماً فيما مضى، بل كانوا يجهلون خصوصياتها. إنّ علماء الماضي كانوا يعلمون أن في بذرة الزهرة ونواة الشجرة ونطفة الإنسان والحيوان ذخائر تنقل صفات الأجيال السابقة للأجيال اللاحقة".
وقد أقر الإسلام مبدأ الوراثة في خصائص الأفراد، فمسألة إختيار الزوج التي لفت إلى أهميتها تقوم على مبدأ الوراثة، على نحو ما بيَّنه النبي (ص) في حديثه الشريف: "تخيّروا لنطفكم فإنّ العرق دسّاس".
والحديث يشير إلى أن أخلاق الآباء تنتقل إلى الأبناء بمعنى أنّه في حال توافرت في الآباء صفات الصلاح والفلاح والأخلاق الفاضلة، والنزعات الكريمة والميول الحسنة والنوايا الطيبة لابدّ وأن يكون للطفل نصيب منها وهو في بطن أُمّه. وسيكون على عكس ذلك فيما لو طغت نزعات الشقاء على والديه.
ب) عامل البيئة:
أكد الباحثون المتخصصون على أهمية تأثير عامل البيئة في العملية التربوية، وتكوين شخصية الناشئين منذ فجر حياتهم الأولى.
إنّ الإنسان لا يخضع في سلوكه لتكوينه الداخلي فحسب، وإنّما يخضع للعوامل الخارجية التي تتفاعل معه، وتؤثر فيه. وبذلك تطبع البيئة آثارها في دخائل النفس، وتكسبها الخلق والعادات.
البيئة الأولى للإنسان وهي رحم الأُم، التي يحصل منها الجنين على مقومات بقائه. ولذا طلب الشارع من النساء تناول الغذاء الذي تتوافر فيه العناصر اللازمة لتكوين الجنين وحمايته وإكتمال نموه. كما طلب من الأُم أن تبقى بحالة نفسية هادئة، لأنّ "حالة الأُم النفسية تؤثر على صحة الجنين كما تؤثر في نفسيته مستقبلاً".
إنّ التربية إنّما تكون قاعدة أساسية لتطور الإنسان وإرتقائه فكريًا فيما إذا استهدفت الإزدهار التام لشخصيته وعُنيِت بغرس النزعات الخيرة في نفسه، وإذا لم تعن بذلك فإنّ الإنسان يفقد أصالته وذاته.
فهي عملية إجتماعية تختلف من مجتمع إلى آخر حسب طبيعة المجتمع والقوى المؤثرة فيه والقيم التي اختارها، ليسير عليها في حياته.
فالتربية بهذا المعنى وسيلة وهدف، طريقة وغاية، تبدأ من بدء الحياة، ولا تنتهي برغم نهاية حياة الأفراد؛ لأنّها عملية إجتماعية تخص المجتمع، كما تخص كل فرد فيه.
والحديث عن التربية الإسلامية يستند إلى الحديث عن الإسلام نفسه؛ لأنّ الإسلام دين للبشر كافة، ولأنّه نظام يتضمن كل ما يتصل بحياة الإنسان من جوانبها المختلفة ككلّ "وهو منهج ربّاني للحياة البشرية، ينظم شؤونها في الدنيا في كافة المجالات للفرد والأسرة والمجتمع، فيضمن للإنسان الفرد، والإنسان الأُمّة، والإنسانية جمعاء إذا ما اتقوا ربهم في القول والعمل، السعادة في الدارين".
فالتربية الإسلامية هي تلك التربية التي تجمع بين "تأديب النفس، وتصفية الروح وتثقيف العقل وتقوية الجسم فهي تعنى بالتربية الدينية والخلقية والعلمية والجسمية دون تضحية بأي نوع منها على حساب الآخر".
- مفهوم التربية الإسلامية وأهميتها:
أ) التربية لغة:
إذا تتبعنا معنى مصطلح التربية من الناحية اللغوية فإنّنا نجد أنّه يعود إلى أصول لغوية ثلاثة وهي:
الأصل الأوّل: ربا، يربو بمعنى: نما، ينمو وزاد، يزيد.
وفي هذا المعنى نزل قوله تعالى: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ...) (الروم/ 39).
وقال الراغب الأصفهاني: الربّ في الأصل التربية، وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام.
كما يقول البيضاوي في تفسيره: فربّاه بمعنى نمّاه، والتربية وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً، ثمّ خرجت الكلمة إلى وصف الله تعالى على سبيل المبالغة. ويقول الفيروز آبادي في القاموس المحيط: ربّ جمع وزاد.
والأصل الثاني: رَبَّى، يربِّي بمعنى نشأ وترعرع.
وعليه قول ابن الأعرابي:
فمن يك سائلاً عني فإني **** بمكة منزلي وبها ربيت
والأصل الثالث: ربّ يربّ بمعنى: أصلح، وساس، ورعا، وتولى. ومن هذا المعنى قول حسان بن ثابت كما أورده ابن منظور في لسان العرب:
ولأنت أحسن إذ برزت لنا **** يوم الخروج بساحة القصر
من درة بيضاء صافية **** مما تربّب حائر البحر
وقال: يعني الدرة التي يربيها في الصدف في قعر الماء، وبيَّن بأن معنى: تربب حائر البحر: أي مما ربَّبَهُ وترببه أي رباه مجتمع الماء في البحر.
قال: ورببت الأمر أربّه ربّاً ورباباً: أصلحته ومتّنته.
وقال: ربّ ولده والصبي يربّه ربّاً... وليّه حتى يفارق الطفولية.
ويمكن إستنباط مجموعة من العناصر من خلال هذه الأصول اللغوية:
"أوّلها: المحافظة على فطرة الناشئ ورعايتها.
ثانيها: تنمية مواهبه وإستعداداته كلها، وهي كثيرة متنوعة.
ثالثها: توجيه هذه الفطرة وهذه المواهب كلها نحو صلاحها وكمالها اللائق بها.
رابعها: التدرج في هذه العملية، وهو ما يشير إليه البيضاوي بقوله: (... شيئاً فشيئاً) والراغب بقوله: (حالاً فحالاً...)".
ب) التربية إصطلاحًا:
للتربية في الإصطلاح تعريفات كثيرة، تتلاقى أو تتقارب في مضمونها، ولعل أكثرها وضوحاً التعريف الآتي:
"التربية عملية تشكيل الشخصية السوية المتكاملة في جميع جوانبها روحياً وعقلياً ووجدانياً وخلقياً وإجتماعياً وجسمياً والقادرة على التكيف مع البيئة الإجتماعية والطبيعية التي تعيش فيها".
والمقصود من التربية الإسلامية أنّها: "تنشئة وتكوين إنسان مسلم متكامل من جميع نواحيه المختلفة من الناحية الصحية، والعقلية، والإعتقادية، والروحية، والأخلاقية، والإدارية، والإبداعية في جميع مراحل نموه في ضوء المبادئ والقيم التي أتى بها الإسلام، وفي ضوء أساليب التربية التي بيّنها".
هذه التربية عملية مستمرة تمتد منذ طفولة الإنسان، وتستمر حتى وفاته.
وما دام الدين هو الحياة، فالتربية الإسلامية هي الحياة إذن، فهي لا تعني فقط الأخلاق أو العقائد أو العبادات، بل إنّها تعني ما هو أعظم من هذا وأكبر، بحيث يمكن القول "إنّ التربية الإسلامية تعني منهجاً كاملاً للحياة، وللنظام التعليمي بكامله، ومكوناته".
ج) أهمية التربية الإسلامية:
تبرز أهمية التربية الإسلامية في الإرتقاء بالإنسان نحو الكمال، "وهوية الأجيال المسلمة لا تشكّل إلا بهذه التربية عن طريق المفاهيم الإسلامية والقيم الأصيلة والأفكار العملية الناضجة والإتجاهات البنّاءة الصادقة بعد تجسيدها إلى سلوكيات وأعمال مفيدة". فإننا بالتربية الإسلامية نحرر الإنسان من أن يكون عبداً لحاجاته ودوافعه ورغباته، ونربي فيه المعالي والهمم التي تجعله متطلِّعاً للغايات الكبرى والأهداف النبيلة، يحمل الخير ويسعى للخيرية، يحب الفضيلة ويتحلى بالفضائل، يتطهر من الرَّذيلة وينفر من الرَّذائل، يسهم في تلبية حاجات الإنسانية في التهذيب والسلوك السوي، وكذلك بالتربية الصالحة نحمي أُمّتنا من أن تتربى على الفساد بكل أشكاله والتبعية بكل صورها، ونحميها من أن ينشأ فيها جيل ينتمي لغير أُمّته فكراً وسلوكاً، ولا ينسجم مع البيئة الإسلامية التي نشأ فيها وتربى على أرضها.
- العوامل المؤثرة في التربية:
مما لا شك فيه أنّ البشر متفاوتون متمايزون بعضهم من بعض، بحيث لا يتطابق اثنان منهم تطابقاً كاملاً.
ومن المعلوم أنّ العلماء والمفكرين اتفقوا على أنّ الشخصية الإنسانية تتأثّر في تكوينها وتفاعلاتها المختلفة، بعاملين رئيسين هما: العامل الداخلي أو الذاتي الذي يعرف بعامل الوراثة، والعامل الخارجي أو المكتسب الذي يعرف بعامل البيئة. "ويتضافر هذا العاملان، منذ اللحظة الأولى في حياة الفرد وحتى موته في تكوين شخصيته".
أ) عامل الوراثة:
عرف البشر تأثير الوراثة في النبات والحيوان منذ زمن طويل، إذ اكتشفوا أنّ البذرة الجيِّدة الصفات تنتج نبتة قوية ترث عنها صفاتها العامة وخصائصها البيولوجية، وتعطي ثماراً صحيحة جيِّدة كذلك، وأنّ النبتة المريضة أو المصابة أو الضعيفة تنتج ما يتوافق مع صفاتها.
والإنسان مثل بقية المخلوقات، يتأثر بالوراثة، إذن "لم تكن البشرية تجهل قانون الوراثة تماماً فيما مضى، بل كانوا يجهلون خصوصياتها. إنّ علماء الماضي كانوا يعلمون أن في بذرة الزهرة ونواة الشجرة ونطفة الإنسان والحيوان ذخائر تنقل صفات الأجيال السابقة للأجيال اللاحقة".
وقد أقر الإسلام مبدأ الوراثة في خصائص الأفراد، فمسألة إختيار الزوج التي لفت إلى أهميتها تقوم على مبدأ الوراثة، على نحو ما بيَّنه النبي (ص) في حديثه الشريف: "تخيّروا لنطفكم فإنّ العرق دسّاس".
والحديث يشير إلى أن أخلاق الآباء تنتقل إلى الأبناء بمعنى أنّه في حال توافرت في الآباء صفات الصلاح والفلاح والأخلاق الفاضلة، والنزعات الكريمة والميول الحسنة والنوايا الطيبة لابدّ وأن يكون للطفل نصيب منها وهو في بطن أُمّه. وسيكون على عكس ذلك فيما لو طغت نزعات الشقاء على والديه.
ب) عامل البيئة:
أكد الباحثون المتخصصون على أهمية تأثير عامل البيئة في العملية التربوية، وتكوين شخصية الناشئين منذ فجر حياتهم الأولى.
إنّ الإنسان لا يخضع في سلوكه لتكوينه الداخلي فحسب، وإنّما يخضع للعوامل الخارجية التي تتفاعل معه، وتؤثر فيه. وبذلك تطبع البيئة آثارها في دخائل النفس، وتكسبها الخلق والعادات.
البيئة الأولى للإنسان وهي رحم الأُم، التي يحصل منها الجنين على مقومات بقائه. ولذا طلب الشارع من النساء تناول الغذاء الذي تتوافر فيه العناصر اللازمة لتكوين الجنين وحمايته وإكتمال نموه. كما طلب من الأُم أن تبقى بحالة نفسية هادئة، لأنّ "حالة الأُم النفسية تؤثر على صحة الجنين كما تؤثر في نفسيته مستقبلاً".
.....يتبع
تعليق