بسم اللـه الرحمن الرحيم
المقـــــــدمـــة :
إن الحمد للـه ، والصلاة والسلام على رسول اللـه ، وبعد ..
فقـد صــحا كثير من المسلمين من غفلتهم التي خلفتهم عن ركب الحضارة ، وجعلت الهوة بينهم وبين الإسلام واسـعة وعميـقة ، وبحثت الصحوة الإسلامية عن أفضل السـبل التي تعيـد المسلمين إلى الإسلام ، فلم تجـد أفضل من طريق رسول اللـه ، الذي سـلكه في مكة المكرمة والمدينة المنورة من أجل إقامة المجتمع المسلم ؛ وهـو التربية ، فقد ربـى رسول اللـه أصحابه على الإسلام حتى جعل منهم أفراداً مسلمين ، ثم بنى منهم المجتمع المسلم . لذلك رأت الصحوة أن إعداد الفرد المسلم ، ثم الأسرة المسلمة، ثم المجتمع المسلم ، هو الطريق المسلم لإعادة بناء الأمة المسلمة .
وتزايد عدد الشباب المسلم ، ذكوراً وإناثًا ، الشباب الذين ينتخبون المشروع الإسلامي ، في كثير من بلدان العالم الإسلامي ، حتى حصلت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات التشريعية في الجزائر عام (1992م) على أكثر من (80%) من الأصوات ، وعلق صحفي عربي مهاجر (غير مسلم) فقال : لو أجريت انتخابات نزيهة في أي بلد عربي لحصل التيار الإسلامي على مثل هذه النسبة . وهكذا توفرت القاعدة الأفقيـة التي تنتخب المشروع المسلم ، لكن أين القاعدة الصلبة ( الرأسية ) التي يقام عليها المجتمع المسلم ، أين الأفراد الأفذاذ الذين يحملون المجتمع المسلم كما تحمل ركائز الإسمنت والحديد العمارة فوقها ؟ هذه القاعدة الصلبة التي رباها رسول اللـه في مكـة والمدينة ثم أقام عليها المجتمع المسلم !؟
هذه القاعدة الصلبة تتكون من الرجال والنساء ، ألم تكن سـمية ا أول شهيدة في الإسلام ؟ وأسماء ا أول فدائية ، وخديجة ا التي ثبتت رسول اللـه ودعمته بمالها ، والقاعدة المسلمة في دار الأرقم ، والتي هـاجرت إلى الحبشة مرتين ، والتي وقفت مع رسول اللـه في حصار الشعب ، ثم هاجرت إلى المدينة المنورة ، هذه القاعدة الصلبة كانت من الرجـال والنسـاء . رجال يقف أحدهم يوم أحد فيترس بجسمه دون رسول اللـه يصـد عنه النبل ، ويتلقاه بجسمه ليحمي جسم رسول اللـه ، ونساء مثل أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية التي ثبتت مع نفر قليل من الرجال يوم أحد ؛ تدافع عن رسول اللـه حتى خلصت إليها الجراح رضي اللـه عنها .
هذه القاعدة الصلبة المكونة من أفراد أفذاذ ، نريد منهم اليوم أن يقيموا المؤسسات المسلمة ، والمؤسسات مرحلة ضرورية في بناء المجتمع ، ولابد من إقامة المجتمع المسلم قبل الدولة المسلمة . والمهمة العاجلة للصحوة المسلمة اليوم إعداد هؤلاء الأفراد الأفذاذ الذين يقيمون هذه المؤسسات الاجتماعية المسلمة .
فالمجتمع المسلم هو مجموعة من الأسـر المسـلمة تربطها عقيدة الإسلام ، وتقيم هـذه الأســر مؤسسات اجتماعـية ، إذ لا يقـوم مجتمـع بـدون أســر ، كما لايقوم مجتمع بدون مؤسسات ، ولا تقوم الأسر والمؤسسات بدون أفراد ، وإذا كان الفرد المسلم العادي يقيم أسرة مسلمة ، فإن المؤسسة المسلمة تحتاج فـرداً مسلماً فـذاً .
وقـد فشلت التربيـة المعـاصرة عـالمياً كما يشهد لذلك إدجــار فور في كـتابه ( تعلم لتكون ) ، ويقول ( يجب أن نجعل التعليم عملية موزعة في الزمان والمكان ، ويجب أن لا تنحصر التربية داخل جدران المدرسة ) (ص 248) وهذا يعني أن نعيد للبيت مكانته التربوية ، والبيت هو المؤسسة التربوية الأولى ، ودوره أكبر مـن دور المدرسـة ، وتزداد أهميـة البيت كلما زاد فشل المدرسة والمجتمع في التربية ، والأم هي الركن الأساس في البيت ، لأن البيت مقـر عملها ، ولأن الطفل قطعة منها ، لذلك كله ينبغي الاهتمام بتربية البنات ، كي نقدم أمـاً مسلمة فــذة ، تكون ركناً أساساً في أسـرة مسـلمة فـذة ، تـقدم لنا أفراداً أفذاذًا يبنـون المؤسسات الاجتماعية كي يقوم عليها المجتمع المسلم . لذلك رأيت أن أقدم هذه المعالم في تربية البنات لعلها تساعد البيت المسلم على إعداد بناتـه إعـداداً إسـلامياً ، كما تتطلب هذه المرحلة ، وأسأل اللـه أن يتقبل مني هذا الجهد ، وأن يجعله خالصاً لوجهه عزوجل . والحمد للـه رب العالمين .
تعليق