أطفال بمجالس النساء
عندما كنا صغاراً كنا لا نستطيع أن نجلس مع الكبارفي جلسة واحدة
وخاصة إن كانوا يتحدثون بمواضيع تخصهم
هذا إن كانت الجلسة سرية
وحتى غير ذلك, فقد كانت لجلساتهم خصوصية
ليس لنا أن نقتحمها نحن الصغار
وكبرنا على ذلك :
هذا يصح وهذا لا
ولكننا الأن نرى ما كان غير مقبول بزماننا
, أصبح الأن مقبولاً و عادِ ومباح
كبار مع الصغار لا يهم ,
فلم يعد يخفى على أحد شيء
وأن يستمع الصغار لأحاديث الكبار
لا مشكلة, فقد نعتقد بأنهم صغاراً ولن يفهموا أو يميزوا كلامنا
وذلك لطبيعة سنهم الصغير
ألا يكفي أننا وبأنفسنا نفسد أطفالنا ,فعندما يبدأون
التحدث بأول كلماتهم ... نطالبهم بأن يفعلوا أشياء
تستحق العقاب ولكن فرحتنا بنطقهم أولى كلماتهم
هي ما تجعلنا نطلب منهم أن يقولوا أو يفعلوا أي شيء يخطر ببالنا
كأن يسبوا هذا أو يضربوا هذا
أو نشغل لهم موسيقى كي يرقصوا على أنغامها
وقد يكون هذا داعٍ للسرور وخاصة لنا
والخطأ الذي يقع ولا نلتفت له
أن يشب الطفل على ذلك , فهذا ما عودناه عليه
وعندما يأتي سن العقاب يكون قد استقر بذهنه
أن هذا ما تعود عليه ويجب عليه فعله,
و عندما نبدأ في تعليمهم الصحيح من الأفعال والأقوال
نواجه بالرفض منهم ونبدأ نحن في الإرغام
ويظل هذا السجال بيننا وبين أطفالنا
أما ما نواجهه الآن من تسيب واضح في أخلاق أبنائنا
فقد نكون نحن السبب الرئيس فيه من البداية
فقد تركناهم أمام التلفاز و تركناهم بيننا في مجالسنا
وتركناهم مع أصدقاء غير صالحين
يشاهدون ويسمعون مالا يجب سماعه ولا مشاهدته
*لو انتبهنا ..لما فعلنا *
فقد نجد الفتاة الصغيرة وهي تتحدث بلغة الكبار وتتصرف مثلهم
اعتقاداً منها بأنها كبرت وهي لا تعي بأنها تعيش أحلى سنوات عمرها
فهي لا زالت زهرة رقيقة
وقد نجدها وقد لبست ملابس أمها من منطلق ذلك الاعتقاد
أيضاً ..
.أو أن تأخذ أدوات مكياج أمهاوتستخدمها ؛
فكما ترى تود أن تنفذ هي الأخرى.
كنت في زيارة لصديقتي وجاءت إليها صديقة أخرى
ومعها إبنتاها ولفت نظري كيف أن البنات
رغم صغر سنهم إلا أنهم يتصرفون تصرفات الكبار
فقد صافحتني البنت الكبرى والتي تبلغ من العمرالثالثة عشر ؛
صافحتني بأطراف أصابعها
ثم جلست أمامي ووضعت رجلاً فوق الأخرى
ثم ما إن بدأنا بالحديث حتى أقحمت نفسها هي وأختها
التي تصغرها بأعوام ثلاثة في الحديث
ووجدت ردوداً فاقت ردودنا نحن الثلاثة الكبار
فلفت نظر أمهم لخطورة ما هما عليه
فهذه ليست حرية حوار؛ وإنما هي سوء أدب
فقد دخلت البنات بالحوار وكأنهن طرف فيه
مرت هذه الزيارة بسلام ؛ ولكني شعرت بغيظٍ كبير
من عدم رؤية والدتهم لما هم فيه,
إلى أن جاء وقت زيارة تلك الصديقة
لأنها كانت مريضة
وفوجئت بما رأيت
ما إن دخلنا لشقتها فوجئنا بكم كبير من السيدات
كنت أعتقد بالبداية أنهن جئن للزيارة
إلا أنني إكتشفت بأنهن يجتمعن عند تلك الصديقة كل يوم
بمجرد نزول الرجال إلى العمل يبدأن في النزول
إليها ليحتسوا جميعاً الشاي سوياً
وبالتالي يجلسن وينشغلن بحواراتهن وينسين أن بينهن أطفالاً
فلا يحسبن لكلماتهن أي حساب ولا يعين خطورة ما يرد على
ألسنتِهم ويسمعه الصغار
ففي اعتقادهِن بأن أبنائهم أطفال لا يعون حديثهم ولن يلتفتوا لكلماتهن
ومن ضمن من جاء ونحن قعود ؛ سيدة شابة
جميلة وتضع على وجهها زينة متكلفة جداً
سلمت علينا بأطراف أصابعها؛ شعرت حينها بأن إبنة صديقتنا تقلدها؛
وفعلاً جلست هذه السيدة ووضعت رجلاً فوق الأخرى؛
تبدل الشعور وأصبح يقيناً
وما إن بدأ الحديث حتى طلبت من تلك الصديقة
أن تطلب من الأطفال أن يغادروا المجلس
وبالفعل طلبت منهم إلا أنهم لم يستمعوا لطلبها
وهي الأخرى لم تهتم إن غادرونا أم لا
ومن هنا عرفت بأن مجلس النساء هذاوالذي ينصب كل يوم
هو السبب في تصرفات بنات صديقتنا الصغار
والتي من المؤكد بأنها ستكون وبالاً عليهم
بعد ذلك
إن فكرنا بالعقاب أو اللوم فمن نعاقب ومن نلوم
الطفل أم الأم؟
أعتقد بأن اللوم والعقاب لن ينزل سوى على الأم
والتي ستكون هدفاً للنقد من الأخرين لتهاونها في حق أولئك الأطفال
فقد أخطأت من البداية
لأن لكل مقامٍ مقال
ولا يصح إلا الصحيح ؛
فما نتحدث به نحن الكبار
لا يجب أن يطلع عليه الصغار ؛ حتى لو كانت جلسة عادية.
*ترك الأطفال أمام التلفاز بدون حساب ؛ أدى إلى اكتسابهم لبعض الألفاظ
والتصرفات الخارجة والغير مناسبة لطبيعة سنهم
والتي قد تكون السبب في جعلهم محل انتقاد من الأخرين.
*عدم اختيار الأصدقاء بعناية أيضاً يأتي من ضمن الأسباب
في تغير طباع الأطفال وكسبهم لطباع غريبة
عما تربوا أو تعودوا عليه.
*عدم الإصرار على التوجيه اللازم لهم وإعتمادنا
على أننا صرحنا لهم بعدم فعل ذلك مرة أخرى
ولم نتابع معهم هل تركوا مثل هذه التصرفات
أم مازالوا يفعلونها.
*ذكر نماذج طيبة عن أطفال من عمرهم
أحبهم والديهم لسماعهم
الكلام وتنفيذ ما يُطلب منهم
كي نوصل لهم مثل عن الصورة التي يجب أن يكونوا عليها.
نحن مرآة لأطفالنا فلا يصح أن نفعل الخطأ أمامهم
وإن فعلوه هم نعاقبهم وقد نواجه منهم بأننا نحن الكبار نفعله
فلماذا اللوم لهم والعقاب
وقولهم لنا أننا لم نعاقب أنفسنا كما نعاقبهم
فلنحرص على أفعالنا.لأن عدم وعي الأم لخطورة جلوس
أطفالها وسط النساء الكبار ,
يسمعون حواراتهم ويشاركون أيضاً بالحوار ويقلدونهم فيما يفعلن
من تصرفات غير ملائمة لأعمارهم الصغيرة
ونسينا حينها أن الطفل كما الإسفنجة
يمتص كل ما يحدث أمامه من كلام وأفعال
هو ليس بمخطيء فهو صغير
ولا يستطيع أن يعرف ويميز فهذا دور الأم.
إن الأطفال أنقياء وبهم براءة تميزهم
وقد يفسد هذا النقاء وتضيع تلك البراءة باكتسابهم
صفات ليست من الطفولة في شيء
حرية الحوار ليس معناها أن يجلس الأطفال مع الكبار
ويشاركونهم حواراتهم وأحاديثهم
لأنهم بالتالي سوف يقلدونهم فيما نفعل وفيما نقول.
أطفالنا زرعنا فلنراعِ الله فيما نغرس بهم.
ولن نجد أفضل من تعاليم ديننا الحنيف نعلمهم منه ما ينفعهم
وفرصة لنا لكي نربي أنفسنا معهم أيضاً
ونتعلم معهم ما يصح فعله ونتجنب مالا يصح.
مما راق لي
تعليق