ذهبت عبير إلى بائع الخضار القريب من بيتهم، كما طلبت منها أمها، واشترت منه بعض الخضار.
وبينما كانت عبير في طريق العودة، عدّت النقود مرة أخرى حتى تتأكد من عددها.
وجدت عبير أن النقود تزيد درهمين.
وقفت عبير تفكر ماذا تصنع بهذين الدرهمين.
قالت في نفسها أنه لابد أن تعود مرة أخرى إلى البائع وتعيد له الدرهمين.
وإذا بالشيطان يوسوس لها:
"هذه النقود من حقك، قد يكون البائع أعطاك إياها لأنه وجدك طفلة حلوة".
لكن عبير استنكرت هذه الوسوسة، وإذا بالشيطان مرة أخرى يوسوس لها، أن تشتري بهذين الدرهمين العصير البارد الذي تحبه، وخاصة أن الجو حارّ.
ذهبت عبير إلى بائع العصير، وهي تشعر بمذاق العصير في فمها، وخاصة أنها تعبت من مشوار الطريق في هذا الجو الحار الخانق.
أعطت عبير النقود للبائع، وطلبت منه كأس العصير المثلج.
أمسكت عبير كأس العصير المثلج، وشعرت ببرودته في يدها، فسال لعابها وخاصة أن رائحة الفراولة تنبعث من العصير.
قرّبت عبير العصير إلى فمها، فشعرت ببرودة العصير على شفتيها، يا لها من برودة حلوة رائعة.
وفجأة تذكرت أن هذا العصير ليس من حقها، لأن النقود ليست لها، وإنما هي للبائع المسكين الذي أخطأ في الحساب.
وتذكرت أن حرّ جهنم أشدّ من حرّ هذا الصيف الملتهب، وأن الله يراها الآن وقد غضب عليها، لأنها لصة أخذت نقوداً ليست من حقها.
أخذت عبير تبكي بحرقة وأسف على ما جنته يداها.
ولكنها دفعت ثمن العصير ولا تستطيع أن تعيد النقود مرة أخرى.
لاحظ بائع العصير بكاء عبير، فدهش لهذا التصرف الغريب، فسألها عن سبب بكائها، فأخبرته الخبر، ودموعها تتساقط على وجهها كالمطر.
تبسم البائع وفرح من تصرف هذه الطفلة الصغيرة، وقال لها:
- اشربي العصير المثلج ، وخذي هذه النقود وردّيها إلى البائع، حتى لا يغضب الله عليك.
نظرت عبير بفرح إلى بائع العصير، وسألته حتى تتأكد مما سمعته:
- هل أشرب العصير دون نقود؟
أجابها البائع:
- نعم .. اشربيه الآن فهو حلال لك، ولكن لو شربتيه قبل قليل، لكان حراماً عليك، لأن النقود ليست من حقك.
شربت عبير العصير وهي فرحة أشدّ الفرح، وشكرت البائع شكراً جزيلاً، وذهبت إلى بائع الخضار وأعطته الدرهمين اللذين أخطأ في عدّهما.
فرح البائع من أمانة عبير، وقال لها:
- خذي هذين الدرهمين جزاء أمانتك .
قفزت عبير من الفرح، وشكرت الله تعالى لأنها لم تسمع لوسوسة الشيطان لها.
تعليق