الصدق سبيل النجاة كان ياما كان… كان هناك في إحدى البلاد غلام طيب اسمه يحيي يعيش مع أمه بعد ما مات أبوه وهو طفل صغير . تربى هذا الغلام في حجر أمه التي علمته الصدق في كل شيء فكان صادقا لا يكذب أبداً. ًوفي يوم من الأيام أراد هذا الغلام أن يسافر ليطلب العلم في إحدى البلاد المجاورة . وقبل سفره ذهب إلى أمه ليودعها . فقالت له أمه : يا يحيي أريدك أن تبايعني على الصدق… فبايعها على أن يكون صادقاً وألا يكذب أبداً . وخرج يحيي متوكلاً على الله بعدما أخذ كتبه والقليل من الطعام ، وأعطته أمه أربعين ديناراً فأخفاها تحت ملابسه حتى لا يراها اللصوص . وسافر يحيي مع إحدى القوافل المسافرة إلى تلك البلدة التي سيدرس فيها وبينما هم في الطريق إذ خرج عليهم اللصوص وسرقوا كل شيء في القافلة ولم يتركوا أي شيء . وبعدما سرق اللصوص كل شيء.. نظر كبير اللصوص فرأى يحيي واقفاً.. فظل كبير اللصوص يسخر ويقول : انظروا لهذا الفتى فملابسه قديمة جداً . ثم نادى كبير اللصوص على يحيي وقال له : تعال هنا يا فتى . فنظر إليه يحيي وهو يشعر بالخوف الشديد… ثم نادى كبير اللصوص عليه مرة أخرى وقال له : قلت لك تعال هنا.. تعال وإلا قتلتك . ذهب يحيي لكبير اللصوص وقال له : نعم.. ماذا تريد مني ؟ فضحك كبير اللصوص وقال له : هل معك أموال ؟ فقال يحيي : نعم.. معي ربعون ديناراً أخفيتها تحت ملابسي . صمت كبير اللصوص ونظر ليحيي وهو يشعر بالغضب الشديد.. وقال ليحيي : هل تسخر مني ؟ معك مال كثير وتخبر به بهذه السهولة.. ثم قال له : الويل لك إن كنت تكذب علي وتسخر مني . فقال يحيي : أنا لا أهزأ منك هذه هي الحقيقة.. فمعي أربعون ديناراً . نظر إليه كبير اللصوص والشر يبدو في عينيه ،ثم هدأ وقال ليحيي : سأفتشك وسنرى.. وإن عرفت أنك تكذب سأقتلك في الحال.. ثم نادى كبير اللصوص على رجاله وقال لهم : فتشوا هذا الفتى . فأسرع الرجال وفتشوا يحيي فعثروا على النقود وأعطوها لكبيرهم فعدها فوجدها بالفعل أربعين ديناراً . فتعجب كبير اللصوص وقال له : ولماذا أخبرتني بالدنانير التي معك ؟ وما الذي حملك على أن تصدق معي وأنت تعرف أني سأسرقها . قال يحيي : لأنني بايعت أمي على الصدق فلن أخون عهد أمي . فنظر إليه كبير اللصوص وبكى بكاءاً شديداً وقال : أنت تخشى أن تخون عهد أمك.. وأنا أخون عهد ربي وأخيف الناس وأسلبهم أموالهم.. أشهدكم جميعاً أني تائب إلى الله منذ هذه اللحظة . فأمر كبير اللصوص برد الأموال والأشياء التي سرقت ففرح الناس . وجاء اللصوص وقالوا له : لقد كنت كبيرنا في السرقة وأنت اليوم كبيرنا في التوبة فقد تبنا جميعاً إلى الله .
وهكذا ببركة الصدق نجا الغلام والقافلة وتاب الجميع .
التعديل الأخير تم بواسطة dr_karmen; الساعة 29-01-2010, 01:07 PM.
تعليق