خَرَجَ الأرنَبُ الصغيرُ لأولِ مرةٍ باحِثاً عَنْ طَعَامٍ و شَرابٍ له ، بعْدَ أنْ استأذنَ منْ أمِّهِ، وأثناءَ الطَّرِيقِ قالَ في نفْسِهِ: لنْ أنسَى وصيةَ أُمِّي أبداً : " أن آخذَ حَاجَتي فقط وألا أعْتدي على أحدٍ ". قطَعَ مَسافةً قَصيرةً في الغَابةِ ، أعْجَبتهُ الأشجَارَ والأزْهارَ الجميلَةَ ، فتابَعَ سَيْرَهُ يَتَفَرجُ على الْمَنَاظِرِ الْخلابَةِ ، شَعَرَ بالأمَانِ فقطَعَ مسافةً أطولَ ..
بالقربِ مِنَ الصُّخُورِ العَاليةِ صَادَفَ مَجْمُوعةَ ثعَالبٍ تَلْعبُ و تَمْرحُ ، اقتَربَ منها بهدوءٍ ، فسألَه رئيسُها:
مَنْ أنتَ أيُّها القادمُ؟ أجَابَ الأرنبُ الصَّغيرُ مستغرباً: ألا تَعْرفُني
؟!
ردَّ رئيسُ الثعالبِ : كيفَ أعرفُكَ دونَ أنْ أراكَ مِنْ قبلُ ؟!
أجابَ الأرنبُ بثقةٍ : أنا النَّمِرُ.
حَدّقَ فيه رئيسُ الثَّعالبِ بحذرٍ، ثم ابْتعدَ عنْه قليلاً ، فكّرَ في نفسِهِ ، وقالَ :
لو لمْ يَكنْ بالفعلِ النمرُ الشجاعُ لما تَجرَأََ وحضَرَ إلى مَجْمُوعتِنا الكَبيرةِ متحدِياً قُوتنا .
اقترَبَ رئيسُ الثعالبِ من البَقيةِ ، و أخبَرَهم بالخطرِ المحدقِ بهم ، وطَلبَ منْهم الهروبَ مباشرةً و النجاةَ بأنفسِهم مِنْ هَذا الوحشِِ الذي سمعُوا عَنْ قُوتهِ كثيراً ، ففرُوا هَاربينَ ، ليبقى الأرنبُ وحيداً .
لَعِبَ الأرنَبُ الصَّغيرُ قَلِيلاً ، وتَناوَلَ حاجتَهُ مِنَ الخُضَارِ الْمَوجودِ في الْمَكانِ ، ومضَى في الغابةِ يستمتعُ بجمالِها.
بَعْدَ أنْ قَطَعَ مَسَافةً قَصِيرةً ، صَادَفَ مَجمُوعةَ غزْلانٍ تستريحُ بالْقربِ مِنَ الْبُحيرةِ ، اقتَربَ منْها بهدوءٍ وشجاعةٍ، تفاجأتْ به ، فهَبَّ رَئِيسُهم وسألَهُ : مَنْ أنتَ أيها القادمُ إلى وَاحةِ الغُزلانِ ؟
أجَابَ الأرنبُ بثقةٍ: أنا النمرُ.
خَافَ الرَّئيسُ ، ابتَعدَ عنْه ، وأخْبرَ الْبقيةَ بأمرِ هذا الوحشِِ الكاسرِ ، وطلبَ منْهم النجاةَ بأنفسِهم، فهربوا ، ليجدَ الأرنبُ الصغيرُ نفسَهُ مرَّةً أخْرَى وحيداً، استراحَ قليلاً في الْواحةِ ، ومضَى.
صَادفَ في طريقِ عَودتِهِ إلى مَنزلِه وحشاً كبيراً ، مَرَّ بجَانبِهِ ، سلّمَ عليه بهدُوءٍ واطمئنان ٍ, وتابعَ سَيْرَهُ ، استَغربَ الوحشُ تصرفَهُ ، وعدمَ الخوفِ منه، وقالَ في نفسِهِ: لمَاذا لمْ يخفْ منِي ؟!
أسْرعَ الْوَحشُ ولَحِقَ بهِ ، استَعَدَ لضربِهِ مباشرةً، لكنهُ انتظرَ ، وفَكرَ : أريدُ معرفةَ سِرَّ شجاعتهِ. اقتَربَ منهُ ، وطَلَبَ أن يتَوقْفَ ، فوقَفَ ، ونَظَرَ إلى الْوحشِ الكاسِرِ باحتِرامٍ ، وسألَهُ ماذا يُرِيدُ منه ، ولماذا لَحِقَ بهِ ، لم يُجبْهُ الْوحشُ الْكَاسِرُ، وسألهُ غاضباً: مَنْ أنتَ أيُّها المسكينُ؟
نَظرَ إليه الأرنبُ الْصَّغِيرُ باعتزازٍ ، معتقداً أنه سيهربُ منه كما هربتْ الثعالبُ و الْغزلانُ دونَ أنْ يُفكرَ بالسَّببِ ، وأجابَ: أنا النمرُ. ضَحِكَ الوحّشُ سَاخِراً ، وسَألَ منْ جَدِيد: هلْ تَعرفُنيْ أيُّها الصغيرُ؟
لا أعرفُ أحداً في هذه الغابةِ. سألَ الوحشُ: ألا تعرِفُ مَن ْ هو النَّمِرُ؟
ردَّ الأرنبُ الصَّغِيرُ بثقةٍ: أنا ، أنا النمرُ . استغربَ الوحشُ ثِقتَه الزَّائدةِ ، وسألَهُ: مَنْ قالَ لكَ ذلكَ؟
أجابَ الأرنبُ الصَّغِيرُ: أُمِّي، أُمِّي هي التي قالتْ لِي، وطلَبتْ مني أنْ أحترمَ الآخرين.
هزَّ الْوحشُ رأسَهُ ، وقالَ: هيّا معي إلى أُمِّكَ.
ذهَبا إلى بيتِ الأرنبِ ، وعندمَا وصَلا ارتعبَتْ الأُمُّ، وقالتْ في نفسِها: لقد جَلَبَ لي ابني معَه الهلاكَ.
اقتَربَ الابنُ ، وأشارَ إلى أُمِّهِ ببراءةٍ: هذه هي أمِّي .
سألَها النَّمِرُ: لماذا أسميْتهِ بهذا الاسمِ؟ ارتبكَتْ ، ثم بكَتْ ، استغربَ ابنُها سببَ بكائِها، كررَ النمرُ السُؤالَ، فأجابتْ:
حباً بك أيُّها النمرُ الطَّيبُ، لم أجدْ اسماً أجْملَ مِنْ اسمِكَ أُسمِي به ابني الغالِي .
حَكَى الأرْنبُ الصَّغيرُ لَهما ما جَرَى معه بالتفصِيلِ ، وفهمَ منْ أمِّهِ ، لماذا هَرِبتْ منْه الثّعالبُ والغزلانُ ، ارتَاحَ النَّمرُ للحِكايةِ ، وقَبِلَ بتبرِيرِ الأمِّ الذَّكِيَةِ ، ثم شَكرا النَّمِرَ على قبولِه بأنْ يكونَ صَدِيقاً دائماً لهما.
قالتْ الأُمُّ : لولا اسمُك الجميلُ الذي أوحَى لهم بقوتِك لقتلوا ابني . فَهِمَ النَّمِرُ حكايةَ الأُمِّ التي تحبُّ ابنَها كثيراً ، وتحترمَ قوتَه ، وقَالَ: أحسنتِ أيُّها الأُمُّ، وأنا مستعدٌ دائماً لمساعدتِكما.
فَرِحَتْ بكلامِهِ، شكَرتْه مرَّةً أخرى ، ضمَّتْ ابنها ، وهي تُراقِبُ النَّمِرَ الذي رَاحَ يَبتعِدُ عنْ مَنزلِها
راضِياً .
************************************************** ********************************
سر الجوهرة
يحكى أنه في قديم الزمان كان رجل عجوز ، له ثلاثة أبناء ، وكانوا جميعًا يعيشون في حب وسعادة .
وفى أحد الأيام مرض الأب ، وازداد الألم عليه حتى اقترب من الموت ، وكان الأبناء الثلاثة يتنافسون في خدمة أبيهم وتمريضه .
]
فطلب الابن الأصغر من إخوته أن يسمحوا له بأخذ أبيه إلى بيته ؛ ليتفرغ لخدمته وتمريضه، رفض الأبناء في البداية ولكنهم وافقوا عندما أخبرهم أخوهم أنه سوف يتنازل لهم عن نصيبه من ميراث أبيه، وأخذ الابن الأصغر أباه إلى منزله، وتعاون الزوجان على رعاية الأب المريض وخدمته حتى مات.
وفى إحدى الليالي رأى الابن أباه في المنام ، فأخبره أنه قد خبأ كنزًا في مكان بعيد، وفى الصباح ذهب الابن إلى المكان الذي حدده أبوه ، فوجد صندوقًا صغيرًا مملوءًا بالجواهر والأموال ، أخذ الابن الصندوق ، وذهب إلى إخوته ، فقص عليهم ما حدث، فقالوا له :
لقد تنازلت لنا عن نصيبك في ميراث أبيك ، وليس لك حق في هذه الأموال !
وفى الليلة التالية رأى حلمًا مماثلاً ، وعندما عثر على الأموال ذهب بها إلى إخوته ، فأخذوها منه ، وقالوا له كما قالوا من قبل .
وعاد الابن إلى بيته حزينًا ، فلما نام رأى أباه في منامه ؛ فأخبره أنه وضع دينارًا في جرة الماء في حقلهم البعيد ، فذهب الابن إلى إخوته ، فلما أخبرهم بما رأى ، أخذوا يسخرون منه، وقالوا له :
دينار واحد ؟! .. خذه أنت إن شئت .
ذهب الابن إلى الحقل ، فأخذ الدينار وبينما هو في الطريق قابل صيادًا عجوزًا يعرض سمكتين للبيع فاقترب منه وسأله :
بكم تبيع هاتين السمكتين ؟!
فقال الصياد : لا أريد سوى دينار واحد .
فأعطاه الدينار وأخذ السمكتين ، وحينما وصل إلى البيت أعطى السمكتين لزوجته، وطلب منها أن تعدهما للطعام .
وما إن شقت الزوجة بطن السمكة الأولى حتى وجدت شيئًا يلمع ، فلما أخرجته ، وجدت جوهرة كبيرة ، ومدت الزوجة يدها بالسكين لتفتح بطن السمكة الأخرى ، فكانت المفاجأة ، لقد وجدت جوهرة ثانية في بطن السمكة الأخرى. وتناقل الناس أخبار تلك الجوهرة الثمينة، فلما علم الملك أمر بإحضارها له ، وكافأ الرجل عليها بأموال كثيرة
************************************************** *********************************
دينا المدللة
كلما سارت دينا في الشارع المؤدي لمنزلها، سمعت كلمات يقولها بعض الجيران عنها: "ها هي الفتاة المزعجة ذاهبة." دينا عمرها 6 سنوات، هي الوحيدة لوالديها ولهذا فهم يدللاها كثيراً وينفذان كل ما تطلبه حتى اعتادت على هذا. منذ مولدها لم يرفض لها أحد طلبها مهما كان. وكانت تدرك هذا، فكانت دائماً تطلب وهي متأكدة من أن طلباتها ستكون مجابة.
في يوم من الأيام تنبهت أمها إلى أن ابنتها أنانية لا تشرك أحداً في شيء، سواء كانت لعبة، أم كان كتاباً أو طعاماً. واكتشفت أيضاً أن أكثر الأطفال لا يحبون اللعب مع ابنتها لأنها - حسب قولهم – تأمرهم وتطلب أن تطاع، وأحياناً تبكيهم.
فهمت الأم أن تصرف ابنتها مسؤوليتها وخطأ منها ومن والدها، فلولا دلالهما المفرط ومنحها كل ما تطلب، لكانت أفضل ولكان لديها صديقات تشاركهن اللعب. حالياً بدأت المدرسة ودخلت دينا عامها الدراسي الأول في فصل به مدرسة جادة، والمدرسة كانت قوية تعلم الأطفال كيفية التصرف والتعامل بأخلاق حميدة.
كل من في الفصل لاحظ أن دينا ذكية جداً، ولكن لم تتمكن من الحصول على صديقات حتى دخلت ريتا الفصل. ريتا كانت جديدة في المدينة وخجولة جداً ولم تكن تجرؤ على الكلام مع أحد، ولهذا فقد تمكنت دينا من التقرب منها، فريتا ضعيفة ووجدت دينا أنها قادرة على جعلها تؤدي لها بعض المهمات وتأمرها كما تشاء، وطبعاً وجدت من تلعب معها.
]
في يوم ما، أنبت المعلمة ريتا لأنها لم تفكر قبل أن تحل مسائل الجمع، فأجابتها كلها خطأ
بكت ريتا بمرارة عندما ضحك عليها الأطفال. فالمعلمة قد قامت بالشرح بشكل وافي، ولكن لم تفهم ريتا ولم تسأل المعلمة.
أخبرت دينا أمها عن صديقتها ريتا وبكائها في الفصل. اقترحت أمها: "لمَ لا تحاولين مساعدتها وشرح الدرس لها ببساطة؟ فهي تحبك وأعتقد أنها ستفهم شرحك أكثر لأنه أبسط."
فقالت دينا: "يا أمي، ليس لدي وقت أضيعه، ماذا أفعل لها إن كان عقلها لا يستوعب؟"
قالت أمها: "ولكن ريتا صديقتك، وإن لم تساعديها، فمن سيفعل؟"
ثم قررت أمها أن تخبرها بقصة النملة والحمامة: "حدث في يوم أن سقطت نملة في نبع ماء وبدأت بيأس تحاول إنقاذ نفسها. رأتها حمامة فقطعت ورقة شجرة ورمتها بقربها فصعدت النملة عليها وتمكنت من الوصول إلى الدفة. بعد مدة، جاء صياد يصطاد الطيور ووقفت تحت الشجرة ليصطاد الحمامة النائمة. النملة رأتها وتنبهت لما ينوي فعله، فقرصته بساقه. صرخ الصياد متألماً فاستيقظت الحمامة على صوته وعرفت ما يجري، فطارت هاربة."
أكملت الأم: "هل فهمت المغزى من القصة يا دينا؟ القصة تعني أنك إن قمتِ بعمل خير سيعود الخير عليكِ."
قالت دينا: "هذه مجرد قصة وهي للأطفال الصغار وأنا كبيرة."
وهنا وجدت الأم نفسها مضطرة لأن تكون أكثر جدية مع ابنتها، فقالت: "إن لم تساعديها، سأحرمك من مشاهدة برامج الأطفال لمدة أسبوع."
هنا وجدت دينا نفسها مرغمة على عمل ما قالته أمها على مضض. قامت دينا بمساعدة ريتا، وبكل بساطة فهمت ريتا الدرس.
وعندما سألتها المعلمة، أجابت ريتا بالإجابة الصحيحة. مدحتها المعلمة أمام الفصل فشعرت ريتا بالفخر والسعادة وأخبرت الجميع أن معلمتها كانت دينا، وكيف أن دينا صديقة مخلصة. ولكن دينا كانت ترغب بنسيان هذا الموقف لأنها أجبرت عليه وهي لم تعتد على أن يجبرها أحد على شيء.
في هذه الفترة كانت ريتا تحاول إيجاد أي سبيل لرد المعروف لدينا، وحانت الفرصة بسرعة.
في أحد الأيام، غضبت دينا فقامت بشتم طالبة في المدرسة أصغر منها، وهذه الألفاظ ممنوعة تماماً في المدرسة. كما أنها قامت بدفع فتاة أخرى، سقطت الفتاة وجرحت ركبتها.
عرفت مديرة المدرسة بالأمر فأنبت دينا أمام الطلاب خلال اللقاء الصباحي. كما أنها عاقبتها بأن تبقيها بعد انتهاء دوام المدرسة حتى تنظف كل الفصول من الأوراق. تحطم قلب دينا، كانت متكبرة جداً ولم يهنها أحد هكذا من قبل. كانت تتمنى في هذه اللحظة أن تبتلعها الأرض حتى لا تضطر للنظر في وجه أي أحد.
بعد الانتهاء من المدرسة في هذا اليوم، تركت دينا وحدها في المدرسة لتنظيف الفصول، فقامت بعمل ما شعرت به طوال النهار، بكت ثم بكت وبكت حتى جفت دموعها.
وعندها حضرت صديقتها ريتا لتجدها تبكي بمرارة وندم. فبقيت معها وساعدتها حتى أنهت العمل الموكل إليها. وعندها تذكرت دينا القصة التي قصتها عليها أمها. ومن هذا اليوم تغيرت دينا وأصبحت فتاة طيبة، كما أصبحت هي وريتا أفضل صديقتين.
منقول
بالقربِ مِنَ الصُّخُورِ العَاليةِ صَادَفَ مَجْمُوعةَ ثعَالبٍ تَلْعبُ و تَمْرحُ ، اقتَربَ منها بهدوءٍ ، فسألَه رئيسُها:
مَنْ أنتَ أيُّها القادمُ؟ أجَابَ الأرنبُ الصَّغيرُ مستغرباً: ألا تَعْرفُني
؟!
ردَّ رئيسُ الثعالبِ : كيفَ أعرفُكَ دونَ أنْ أراكَ مِنْ قبلُ ؟!
أجابَ الأرنبُ بثقةٍ : أنا النَّمِرُ.
حَدّقَ فيه رئيسُ الثَّعالبِ بحذرٍ، ثم ابْتعدَ عنْه قليلاً ، فكّرَ في نفسِهِ ، وقالَ :
لو لمْ يَكنْ بالفعلِ النمرُ الشجاعُ لما تَجرَأََ وحضَرَ إلى مَجْمُوعتِنا الكَبيرةِ متحدِياً قُوتنا .
اقترَبَ رئيسُ الثعالبِ من البَقيةِ ، و أخبَرَهم بالخطرِ المحدقِ بهم ، وطَلبَ منْهم الهروبَ مباشرةً و النجاةَ بأنفسِهم مِنْ هَذا الوحشِِ الذي سمعُوا عَنْ قُوتهِ كثيراً ، ففرُوا هَاربينَ ، ليبقى الأرنبُ وحيداً .
لَعِبَ الأرنَبُ الصَّغيرُ قَلِيلاً ، وتَناوَلَ حاجتَهُ مِنَ الخُضَارِ الْمَوجودِ في الْمَكانِ ، ومضَى في الغابةِ يستمتعُ بجمالِها.
بَعْدَ أنْ قَطَعَ مَسَافةً قَصِيرةً ، صَادَفَ مَجمُوعةَ غزْلانٍ تستريحُ بالْقربِ مِنَ الْبُحيرةِ ، اقتَربَ منْها بهدوءٍ وشجاعةٍ، تفاجأتْ به ، فهَبَّ رَئِيسُهم وسألَهُ : مَنْ أنتَ أيها القادمُ إلى وَاحةِ الغُزلانِ ؟
أجَابَ الأرنبُ بثقةٍ: أنا النمرُ.
خَافَ الرَّئيسُ ، ابتَعدَ عنْه ، وأخْبرَ الْبقيةَ بأمرِ هذا الوحشِِ الكاسرِ ، وطلبَ منْهم النجاةَ بأنفسِهم، فهربوا ، ليجدَ الأرنبُ الصغيرُ نفسَهُ مرَّةً أخْرَى وحيداً، استراحَ قليلاً في الْواحةِ ، ومضَى.
صَادفَ في طريقِ عَودتِهِ إلى مَنزلِه وحشاً كبيراً ، مَرَّ بجَانبِهِ ، سلّمَ عليه بهدُوءٍ واطمئنان ٍ, وتابعَ سَيْرَهُ ، استَغربَ الوحشُ تصرفَهُ ، وعدمَ الخوفِ منه، وقالَ في نفسِهِ: لمَاذا لمْ يخفْ منِي ؟!
أسْرعَ الْوَحشُ ولَحِقَ بهِ ، استَعَدَ لضربِهِ مباشرةً، لكنهُ انتظرَ ، وفَكرَ : أريدُ معرفةَ سِرَّ شجاعتهِ. اقتَربَ منهُ ، وطَلَبَ أن يتَوقْفَ ، فوقَفَ ، ونَظَرَ إلى الْوحشِ الكاسِرِ باحتِرامٍ ، وسألَهُ ماذا يُرِيدُ منه ، ولماذا لَحِقَ بهِ ، لم يُجبْهُ الْوحشُ الْكَاسِرُ، وسألهُ غاضباً: مَنْ أنتَ أيُّها المسكينُ؟
نَظرَ إليه الأرنبُ الْصَّغِيرُ باعتزازٍ ، معتقداً أنه سيهربُ منه كما هربتْ الثعالبُ و الْغزلانُ دونَ أنْ يُفكرَ بالسَّببِ ، وأجابَ: أنا النمرُ. ضَحِكَ الوحّشُ سَاخِراً ، وسَألَ منْ جَدِيد: هلْ تَعرفُنيْ أيُّها الصغيرُ؟
لا أعرفُ أحداً في هذه الغابةِ. سألَ الوحشُ: ألا تعرِفُ مَن ْ هو النَّمِرُ؟
ردَّ الأرنبُ الصَّغِيرُ بثقةٍ: أنا ، أنا النمرُ . استغربَ الوحشُ ثِقتَه الزَّائدةِ ، وسألَهُ: مَنْ قالَ لكَ ذلكَ؟
أجابَ الأرنبُ الصَّغِيرُ: أُمِّي، أُمِّي هي التي قالتْ لِي، وطلَبتْ مني أنْ أحترمَ الآخرين.
هزَّ الْوحشُ رأسَهُ ، وقالَ: هيّا معي إلى أُمِّكَ.
ذهَبا إلى بيتِ الأرنبِ ، وعندمَا وصَلا ارتعبَتْ الأُمُّ، وقالتْ في نفسِها: لقد جَلَبَ لي ابني معَه الهلاكَ.
اقتَربَ الابنُ ، وأشارَ إلى أُمِّهِ ببراءةٍ: هذه هي أمِّي .
سألَها النَّمِرُ: لماذا أسميْتهِ بهذا الاسمِ؟ ارتبكَتْ ، ثم بكَتْ ، استغربَ ابنُها سببَ بكائِها، كررَ النمرُ السُؤالَ، فأجابتْ:
حباً بك أيُّها النمرُ الطَّيبُ، لم أجدْ اسماً أجْملَ مِنْ اسمِكَ أُسمِي به ابني الغالِي .
حَكَى الأرْنبُ الصَّغيرُ لَهما ما جَرَى معه بالتفصِيلِ ، وفهمَ منْ أمِّهِ ، لماذا هَرِبتْ منْه الثّعالبُ والغزلانُ ، ارتَاحَ النَّمرُ للحِكايةِ ، وقَبِلَ بتبرِيرِ الأمِّ الذَّكِيَةِ ، ثم شَكرا النَّمِرَ على قبولِه بأنْ يكونَ صَدِيقاً دائماً لهما.
قالتْ الأُمُّ : لولا اسمُك الجميلُ الذي أوحَى لهم بقوتِك لقتلوا ابني . فَهِمَ النَّمِرُ حكايةَ الأُمِّ التي تحبُّ ابنَها كثيراً ، وتحترمَ قوتَه ، وقَالَ: أحسنتِ أيُّها الأُمُّ، وأنا مستعدٌ دائماً لمساعدتِكما.
فَرِحَتْ بكلامِهِ، شكَرتْه مرَّةً أخرى ، ضمَّتْ ابنها ، وهي تُراقِبُ النَّمِرَ الذي رَاحَ يَبتعِدُ عنْ مَنزلِها
راضِياً .
************************************************** ********************************
سر الجوهرة
يحكى أنه في قديم الزمان كان رجل عجوز ، له ثلاثة أبناء ، وكانوا جميعًا يعيشون في حب وسعادة .
وفى أحد الأيام مرض الأب ، وازداد الألم عليه حتى اقترب من الموت ، وكان الأبناء الثلاثة يتنافسون في خدمة أبيهم وتمريضه .
]
فطلب الابن الأصغر من إخوته أن يسمحوا له بأخذ أبيه إلى بيته ؛ ليتفرغ لخدمته وتمريضه، رفض الأبناء في البداية ولكنهم وافقوا عندما أخبرهم أخوهم أنه سوف يتنازل لهم عن نصيبه من ميراث أبيه، وأخذ الابن الأصغر أباه إلى منزله، وتعاون الزوجان على رعاية الأب المريض وخدمته حتى مات.
وفى إحدى الليالي رأى الابن أباه في المنام ، فأخبره أنه قد خبأ كنزًا في مكان بعيد، وفى الصباح ذهب الابن إلى المكان الذي حدده أبوه ، فوجد صندوقًا صغيرًا مملوءًا بالجواهر والأموال ، أخذ الابن الصندوق ، وذهب إلى إخوته ، فقص عليهم ما حدث، فقالوا له :
لقد تنازلت لنا عن نصيبك في ميراث أبيك ، وليس لك حق في هذه الأموال !
وفى الليلة التالية رأى حلمًا مماثلاً ، وعندما عثر على الأموال ذهب بها إلى إخوته ، فأخذوها منه ، وقالوا له كما قالوا من قبل .
وعاد الابن إلى بيته حزينًا ، فلما نام رأى أباه في منامه ؛ فأخبره أنه وضع دينارًا في جرة الماء في حقلهم البعيد ، فذهب الابن إلى إخوته ، فلما أخبرهم بما رأى ، أخذوا يسخرون منه، وقالوا له :
دينار واحد ؟! .. خذه أنت إن شئت .
ذهب الابن إلى الحقل ، فأخذ الدينار وبينما هو في الطريق قابل صيادًا عجوزًا يعرض سمكتين للبيع فاقترب منه وسأله :
بكم تبيع هاتين السمكتين ؟!
فقال الصياد : لا أريد سوى دينار واحد .
فأعطاه الدينار وأخذ السمكتين ، وحينما وصل إلى البيت أعطى السمكتين لزوجته، وطلب منها أن تعدهما للطعام .
وما إن شقت الزوجة بطن السمكة الأولى حتى وجدت شيئًا يلمع ، فلما أخرجته ، وجدت جوهرة كبيرة ، ومدت الزوجة يدها بالسكين لتفتح بطن السمكة الأخرى ، فكانت المفاجأة ، لقد وجدت جوهرة ثانية في بطن السمكة الأخرى. وتناقل الناس أخبار تلك الجوهرة الثمينة، فلما علم الملك أمر بإحضارها له ، وكافأ الرجل عليها بأموال كثيرة
************************************************** *********************************
دينا المدللة
كلما سارت دينا في الشارع المؤدي لمنزلها، سمعت كلمات يقولها بعض الجيران عنها: "ها هي الفتاة المزعجة ذاهبة." دينا عمرها 6 سنوات، هي الوحيدة لوالديها ولهذا فهم يدللاها كثيراً وينفذان كل ما تطلبه حتى اعتادت على هذا. منذ مولدها لم يرفض لها أحد طلبها مهما كان. وكانت تدرك هذا، فكانت دائماً تطلب وهي متأكدة من أن طلباتها ستكون مجابة.
في يوم من الأيام تنبهت أمها إلى أن ابنتها أنانية لا تشرك أحداً في شيء، سواء كانت لعبة، أم كان كتاباً أو طعاماً. واكتشفت أيضاً أن أكثر الأطفال لا يحبون اللعب مع ابنتها لأنها - حسب قولهم – تأمرهم وتطلب أن تطاع، وأحياناً تبكيهم.
فهمت الأم أن تصرف ابنتها مسؤوليتها وخطأ منها ومن والدها، فلولا دلالهما المفرط ومنحها كل ما تطلب، لكانت أفضل ولكان لديها صديقات تشاركهن اللعب. حالياً بدأت المدرسة ودخلت دينا عامها الدراسي الأول في فصل به مدرسة جادة، والمدرسة كانت قوية تعلم الأطفال كيفية التصرف والتعامل بأخلاق حميدة.
كل من في الفصل لاحظ أن دينا ذكية جداً، ولكن لم تتمكن من الحصول على صديقات حتى دخلت ريتا الفصل. ريتا كانت جديدة في المدينة وخجولة جداً ولم تكن تجرؤ على الكلام مع أحد، ولهذا فقد تمكنت دينا من التقرب منها، فريتا ضعيفة ووجدت دينا أنها قادرة على جعلها تؤدي لها بعض المهمات وتأمرها كما تشاء، وطبعاً وجدت من تلعب معها.
]
في يوم ما، أنبت المعلمة ريتا لأنها لم تفكر قبل أن تحل مسائل الجمع، فأجابتها كلها خطأ
بكت ريتا بمرارة عندما ضحك عليها الأطفال. فالمعلمة قد قامت بالشرح بشكل وافي، ولكن لم تفهم ريتا ولم تسأل المعلمة.
أخبرت دينا أمها عن صديقتها ريتا وبكائها في الفصل. اقترحت أمها: "لمَ لا تحاولين مساعدتها وشرح الدرس لها ببساطة؟ فهي تحبك وأعتقد أنها ستفهم شرحك أكثر لأنه أبسط."
فقالت دينا: "يا أمي، ليس لدي وقت أضيعه، ماذا أفعل لها إن كان عقلها لا يستوعب؟"
قالت أمها: "ولكن ريتا صديقتك، وإن لم تساعديها، فمن سيفعل؟"
ثم قررت أمها أن تخبرها بقصة النملة والحمامة: "حدث في يوم أن سقطت نملة في نبع ماء وبدأت بيأس تحاول إنقاذ نفسها. رأتها حمامة فقطعت ورقة شجرة ورمتها بقربها فصعدت النملة عليها وتمكنت من الوصول إلى الدفة. بعد مدة، جاء صياد يصطاد الطيور ووقفت تحت الشجرة ليصطاد الحمامة النائمة. النملة رأتها وتنبهت لما ينوي فعله، فقرصته بساقه. صرخ الصياد متألماً فاستيقظت الحمامة على صوته وعرفت ما يجري، فطارت هاربة."
أكملت الأم: "هل فهمت المغزى من القصة يا دينا؟ القصة تعني أنك إن قمتِ بعمل خير سيعود الخير عليكِ."
قالت دينا: "هذه مجرد قصة وهي للأطفال الصغار وأنا كبيرة."
وهنا وجدت الأم نفسها مضطرة لأن تكون أكثر جدية مع ابنتها، فقالت: "إن لم تساعديها، سأحرمك من مشاهدة برامج الأطفال لمدة أسبوع."
هنا وجدت دينا نفسها مرغمة على عمل ما قالته أمها على مضض. قامت دينا بمساعدة ريتا، وبكل بساطة فهمت ريتا الدرس.
وعندما سألتها المعلمة، أجابت ريتا بالإجابة الصحيحة. مدحتها المعلمة أمام الفصل فشعرت ريتا بالفخر والسعادة وأخبرت الجميع أن معلمتها كانت دينا، وكيف أن دينا صديقة مخلصة. ولكن دينا كانت ترغب بنسيان هذا الموقف لأنها أجبرت عليه وهي لم تعتد على أن يجبرها أحد على شيء.
في هذه الفترة كانت ريتا تحاول إيجاد أي سبيل لرد المعروف لدينا، وحانت الفرصة بسرعة.
في أحد الأيام، غضبت دينا فقامت بشتم طالبة في المدرسة أصغر منها، وهذه الألفاظ ممنوعة تماماً في المدرسة. كما أنها قامت بدفع فتاة أخرى، سقطت الفتاة وجرحت ركبتها.
عرفت مديرة المدرسة بالأمر فأنبت دينا أمام الطلاب خلال اللقاء الصباحي. كما أنها عاقبتها بأن تبقيها بعد انتهاء دوام المدرسة حتى تنظف كل الفصول من الأوراق. تحطم قلب دينا، كانت متكبرة جداً ولم يهنها أحد هكذا من قبل. كانت تتمنى في هذه اللحظة أن تبتلعها الأرض حتى لا تضطر للنظر في وجه أي أحد.
بعد الانتهاء من المدرسة في هذا اليوم، تركت دينا وحدها في المدرسة لتنظيف الفصول، فقامت بعمل ما شعرت به طوال النهار، بكت ثم بكت وبكت حتى جفت دموعها.
وعندها حضرت صديقتها ريتا لتجدها تبكي بمرارة وندم. فبقيت معها وساعدتها حتى أنهت العمل الموكل إليها. وعندها تذكرت دينا القصة التي قصتها عليها أمها. ومن هذا اليوم تغيرت دينا وأصبحت فتاة طيبة، كما أصبحت هي وريتا أفضل صديقتين.
منقول
تعليق