الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
إن قصص وأخبار فتيان المسلمين الأوائل تُشير إلى البون الشاسع بينهم وبين أبنائنا ،وإن جهل أبنائنا بأخلاق وبطولات وأخبار هؤلاء السابقين ، وتعلقهم بالتافهين من نجوم ومشاهير أهل العصر ، كان له أكبر الأثر في تميع هذا الجيل وانصرافه عن كل عملٍ نافع ، وإنجاز مثمر .
إن أبناءنا بحاجة إلى نماذج حقيقية يقتدون بها ، ويتشبهون بفعالها ، ولن نجد أفضل من أبناء النجباء من المسلمين الأوائل ، نتعلم منهم الجدية والبطولة والإصرار على تحقيق الإنجازات ، فهم النجوم المتلألئة التي ينبغي أن يهتدي بها أبناؤنا في حاضرهم ومستقبلهم ومن أجل تعريف أبنائنا بعلو همة أطفال المسلمين الأوائل وجديتهم في طلب العلم والعمل والإصرار على تحقيق الطموحات ، جمعنا بعض القصص والأخبار من حياة هؤلاء الصغار علَّها تكون رافداً من روافد الخير ، ومنهلاً عذباً ينهل منه أبناؤنا، ليكونوا أهلاً لحمل راية الإسلام ،والفوز برضوان الله تعالى في الدنيا والآخرة ...
*** الطفل الإمام ***
إنه عمرو بن سلمة – رضي الله عنه – كان يؤمُّ قومه وهو ابن سبع سنوات ، لأنه كان أكثرهم حفظاً.
قال – رضي الله عنه -: قال لي أبو قلابة : ألا تلقاه – يعني النبي – صلى الله عليه وسلم – فتسأله ..
قال عمرو بن سلمة : فلقيته فسألته.
قال : وكان يمرُّ بنا الركبان فنسألهم : ما للناس ؟ ما هذا الرجل ؟
فيقولون : يزعم أن الله أرسله وأوحى إليه بكذا ؟ فكنت أحفظ ذلك الكلام ، وكأنما يقرّ في صدري ...
فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كلّ قوم بإسلامهم ، وبدر أبي قومي بإسلامهم ، فلما قدم قال : جئتكم والله من عند النبي – صلى الله عليه وسلم – حقاً، فقال : ( صلوا صلاة كذا في حين كذا ، وصلوا صلاة كذا في حين كذا ، فإذا حضرت الصلاة ، فليؤذن أحدكم ، وليؤمكم أكثركم قرأناً ) فنظروا ، فلم يكن أحدٌ أكثر قرأناً مني لما كنتُ أتلقى الركبان ، فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين . صحيح البخاري .
فانظر يا فتى الإسلام إلى علوّ همة هذا الطفل الصغير ، الذي ذهب بنفسه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - ، وسأله عن هذا الدين ، وكان يحفظ ما يذكره الركبان من القرأن ، حتى صار أكثر قومه قرأناً ، فاستحق أن يكون إماماً لهم في الصلاة ، وهو في السادسة أو السابعة من عمره ....
منقول بتصرف يسير
تعليق