أين نحن من أطفال السلف مع القرآن ؟!
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المُرسَلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. وبعد:
♦ فقد قال ابن عباس: جمعتُ المُحكَم في عهد رسول الله، "المُحكَم" يعني المُفصَّل - أي مِن الحجرات إلى آخر القرآن.
♦ وقال أيضًا: سلوني عن التفسير؛ فإني حفِظْتُ القرآن وأناصغير.
♦ وعن ابن عباس قال: مَن قرأ القرآن قبل أن يحتلم فهو ممَّن أوتي الحكم صبيًّا؛ "الآداب الشرعية" لابن مفلح (1: 244).
♦ وممَّا يُستطرَف في هذا الشأن حكاية الفرزدق؛ حيث دخل مع أبيه على علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وقال له:إنَّ ابني يُوشك أن يكون شاعرًا،
فقال له: أقرِئْه القرآن فهو خيرٌ له،
فقال: ما زالت كلمته في نفسي حتى قيَّد نفسه بقيد، وآلى ألا يفُكَّه حتى يحفظ القرآن، فما فكَّه حتى حفظه؛ "خزانه الأدب" (1: 222).
♦ قال صالح ابن الإمام أحمد بن حنبل: كان أبي يَبعث خلفي إذا جاءه رجلٌ زاهد أو مُتقشِّف لأنظر إليه، يُحب أن أكونَ مثله؛ "سير أعلام النبلاء" للذهبي (12: 529).
♦ هؤلاء هم أطفال السلف، لننظر إذًا ماذا كانوا يَحفظون؟!
♦ هل حفظوا الأغاني؟! واستغنَوْا عن القرآن؟!
♦ هل حفِظوا أسماء الممثلين ولاعبي الكرة؟! واستغنَوا عن أسماء الصحابة؟!
♦ هل غرَّتهم المظاهر الخادعة؟! وأهملوا الجواهر الصادقة؟!
♦ لقد كانت لهم (رُؤية) رغم حداثة سنِّهم، فأضافت لهم (جودة النظام التربوي الإسلامي) أعمارًا إلى أعمارهم، فسبَقوا بأفعالهم (رجالَ اليوم) منذ مئات السنين، فصاروا للهدى أعلامًا، وللدعوة حُرَّاسًا، فأعزَّ الله بهم دينَه رغم كل المعوقات، فأهدوا لنا أجمل القيَم والمبادئ والأخلاق.
♦ إن الغوص في سِيَرهم يجعلنا ندق ناقوس الخطر على مُفتقداتٍ كثيرة، ينبغي أن نبذُلَ كل جهدٍ لإحيائها، في وقتٍ نحن فيه أحوجُ ما نكون إلى اقتِفاء آثارهم، فهل نحنُ فاعلون؟!
تعليق