السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
لقد قال لي والدي
بقلم: مرام الحبيب
لقد قال لي والدي
بقلم: مرام الحبيب
أسترجع بذاكرتي إلى الوراء عندما كنت بجوار والدي المريض …لقد أخبرني باقتراب رحيله …لم أفهم مايقصد ..لقد كان ذاهبا إلى المستشفى ..قلت له: تعود إلينا سالما معافى بإذن الله قال لي: بنيتي إن هذه الرحلة التي سوف أرحلها طويلة طويلة جدا !! وقد لاتريني مرة أخرى..!!
قلت له: والدي ماذا بك وماذا تقصد ولماذا لن أراك مرة أخرى ؟!!! قال لي وقد اغرورقت عيناه بالدموع: نعم يا بنيتي إن الفراق قريب ولكن ليس أي فراق...
أخذت تجول في خاطري أفكار غريبة ثم علمت أن أبي يقصد بذلك فراق الموت ثم ألقيت نظرة حزينة إلى والدي لأكمل حديثي معه فوجدته قد أغمض عينيه فأوجست في نفسي خيفة ولكنني تماسكت، لقد نام، استغفرت ربي ثم ذهبت إلى سجادتي لأصلي وأخذت أدعوا الله أن يغفر لي ولوالدي ويرحمهما وأن يشفي والدي ويعافيه..
وفي وقت العصر ذهبت مسرعة إلى أبي لأراه هل استيقظ من نومه أم لا فوجدته مستيقظا فرحت كثيرا فقلت له أبي: هل تسمح لي بمجالستك قليلا قال لي تفضلي يابنيتي ثم أخذ يحدثني ويقول: إنني أتمنى أن أرتاح من هذه الأمراض التي تعصف بي .. قلت له: يا أبي لا تقل هذا الكلام وأنت ولله الحمد في تحسن ويلزمك يا والدي أن تستغفر الله دائما وتدعوه وأنت تردد الشهادتين في كل وقت خاصة قبل نومك.
ثم قال لي: بنيتي ماذا بك لماذا لونك هكذا ؟ هل حصل لك شيء؟!! قلت له : لاشيء يا أبي مجرد تعب بسيط وسيزول بإ ذن الله (ولايعلم أن سوء حالتي ماهو إلا بسبب خوفي الشديد عليه)، ثم قال لي وبحنانه المعهود: إبنتي هل تريدين أن أذهب بك إلى المستشفى؟! سالت دموعي على وجنتي وأشحت بوجهي حتى لايرى دمعاتي فقلت في نفسي: كيف تذهب بي وأنت لا تستطيع المشي...
قطع حبل أفكاري صوت والدي الحبيب وكأنه أحس بي فقال: إبنتي أحس بتحسن فائق لاتقلقي علي قلت له بفرح الحمد لله وإن شاء الله ستشفى يا إبي، نعم ستشفى بإذن الله ثم قال لي: إنني أريد أن أطلب منك شيئا، قلت له بلهفة: أطلب يا أبي ماتريد سمعا وطاعة، قال لي : أريدك أن تكوني فتاة صالحة كما عهدتك وأن تنتبهي لنفسك وألا تدعي الشيطان يوسوس في نفسك. قلت له: أبشر يا أبي طلباتك كلها مجابة إن شاء الله.
تركته ليستريح وفي صباح الجمعة استيقظت مبكرة وذهبت مسرعة إلى والدي فوجدت أمي وأخي بجواره وهو في أتم صحة وكان يأكل ويشرب، فرحت كثيرا وقلت الحمد لله لقد استجاب الله دعائي.
وفي وقت الظهيرة أتيت لأجلس بجواره ولكنني وجدت لونه متغيرا ولايعرف الذين من حوله وينادي إخوانه واحدا تلو الآخر وقد سبقوه إلى الموت لقد خفت كثيرا من هذا الموقف فعدت إلى غرفتي باكية. أخذت أهدىء نفسي وأصبرها وبعد أن جائت الساعة حوالى الثانية ظهرا جاءت أختي الصغيرة لتقول: لقد أغمض عينيه ونقلوه إلى المستشفى. عرفت فيما بعد أن أبي في حالة سيئه جدا مكثت أنا وأمي وإخواني ونحن على أعصابنا ندعوا الله أن يعيد إلينا والدنا بالسلامة.
بعد صلاة العصر إذ بي أسمع بكاءً بصوت خفيف تسارعت نبضات قلبي ذهبت لمصدر الصوت وإذ بأمي تقول: إنا لله وإنا اليه راجعون قلت لها : هل مات أبي …؟ قالت : نعم … لحظتها بكيت بمرارة وقلت لاحول ولاقوة إلا بالله …اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها .. لجأت إلى الله أدعوه وأستغفره...
عادت بي الذاكرة إلى أيام الطفولة وكيف كانت من أجمل اللحظات التي مرت علي وعشتها في ظل والدي يرحمه الله. وبعد أيام أخذت أعاهد نفسي وأحاسبها بأن أكون كما طلب والدي فتاة صالحة وها أنذا أكتب لأخبره أنني مازلت أذكر تلك الأيام يا والدي …وأذكر كلماتك ونصائحك ..وسأسعى جاهدة لتحقيق كل ما طلبته مني … كما أنني يا أبي مازلت مداومة على دعائي لك فأسأل الله القبول...
****************
رحمك الله يا أبى وبإذن الله أكون وأخواتى وذريتنا لك صدقه جاريه تزداد فى ميزان حسناتك
فى آمان الله أستودعكم
تعليق