جارتي نوال
نوالُ لم تَعُدْ تزورني كما كانتْ تفعلُ مِن قبلُ، كانت دومًا تزورُني وتقضي معظمَ الوقتِ معي نُذاكر ونلعبُ ونضحكُ ونمرحُ.. فجأةً بدأتْ زياراتُها تقلُّ تدريجيًّا حتى انقطعتْ تمامًا عن الزِّيارة، لم أعُدْ أراها إلَّا في المدرسةِ فقط.
بدأتُ أشعرُ بالوحدةِ فجارتي نوالُ كانت دومًا معي، نقضي أجملَ الأوقاتِ فكيفَ تغيبُ عنِّي هكذا فجأةً، قرَّرْتُ أن أقومَ أنا بزيارتِها لأعرفَ سببَ غيابها المُفاجِئ.
طرقتُ البابَ وأنا أشعر بلهفةٍ كبيرةٍ لرؤيتها، فتحتْ لي نوال واستقبلتني بابتسامةِ ترحابٍ كبيرةٍ وهي تقول في مرحٍ: تفضَّلي يا رحاب.. تفضَّلي يا جارتي العزيزة.
دخلتُ لمنزلِها وقادتْني إلى غرفتِها الصَّغيرة وهي تقول: أعلمُ أنَّكِ جئتِ لتعاتبيني على غيابي عن زيارتِك، لكنْ لو عرفتِ السَّببَ ستلتمسين لي العذرَ.
ظهرتْ علاماتُ القلقِ على وجهي وأنا أسألها: خيرًا إن شاء اللهُ.
قدَّمتْ لي نوال كوبَ عصيرٍ وهي تقول: فجأةً وجدتُ نفسي قد قسَّمْتُ وقتي بين المذاكرةِ واللعبِ وزيارتِك، وقفتُ وقفةً مع نفسي وسألتُ نفسي سؤالاً هامًّا.. كم سورةً أحفظ من كتاب الله.
أخذتُ أستمعُ لصديقتي نوال باهتمامٍ وهي تُتابع حديثها قائلةً: فجأةً وجدتُ الإجابةَ عن سؤالي.. كانت إجابةً مخيفةً.. أنا لا أحفظُ من القرآن الكريم إلَّا قصارَ السُّوَرِ.
جذبني حديثُها كثيرًا فقلتُ في لهفةٍ: وماذا بعدُ؟
أجابتني في حماسٍ: قرَّرتُ أن أُعطيَ معظمَ وقتي لحفظِ ما تيسَّر من القرآن، كنتُ أنتهي من كتابةِ واجباتي المدرسيَّةِ وعلى الفور أفتحُ المصحفَ وأحفظُ عشرَ آياتٍ يوميًّا أظلُّ أكرِّرها طيلةَ اليوم حتى أحفظَها تمامًا.
سألتُها في لهفة: وكم حفظتِ حتى الآنَ؟
أجابتني رحابُ بعينين لَامِعَتيْنِ من الفرحة: حفظتُ سورةَ البقرة كاملةً.
لم أصدِّقْ نفسي وأنا أحتضنها قائلةً: بارك اللهُ لكِ في عقلكِ ووقتكِ.. ومن هذه اللحظةِ سأنضمُّ إليك فأربح مرَّتين.. أربحُ أن أحفظَ كتابَ الله معك.. وأربحُ أن نعودَ صديقتين فلا تغيبي عنِّي أبدًا.
المشاركة الأصلية بواسطة فتى الإسلام عمر
مشاهدة المشاركة
تعليق