الله هو الفتَّاح
عادةً ما يضعُ النَّاسُ أشياءَهم الثَّمينةَ في خزائنَ مُحكمةِ الإغلاقِ..
لا يستطيعُ الوصولَ إليها أحدٌ مِنَ الناسِ إلَّا إذا استعانَ بمفتاحِها ليفتحَها به..
وهكذا اللهُ تباركَ وتعالَى..
لهُ خزائنُ السَّمَواتِ والأرضِ.. وعندَه وحدَه مفاتحُها..
إنَّ الرِّزقَ وإنْ كانتْ خزائنُه في الأرض، إلَّا أنَّ مفاتحَه في السَّماء..
قال تعالى: ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)..
ففي الأرضِ الطَّعامُ والشَّرابُ والجواهرُ وأنواعُ المالِ..
لكنْ في السَّماءِ أمرُ اللهُ تعالى.. يأمرُ ويأذنُ بأنْ يفتحَ هذا المالَ على هذا العبدِ أو هذا، وهذا الطعام ِ على هذا أو هذا..
وكذلك الغيبُ مُغلَقٌ عن النَّاسِ ومفاتحُه عندَ اللهِ تبارك وتعالى..
قال تعالى: ( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ)
فلَا يُطْلِعُ على غيبِه أحدًا إلَّا مَن يرتضي من الأنبياء والرُّسُلِ..
ومِن مظاهرِ فتحِه تعالى أن يفتحَ على عبادِه بالنَّصرِ..
فالنَّصرُ عطاءٌ.. والعطاءُ في خزائنِه تعالى..
قال الله عزَّ وجلَّ: ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفتحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدخُلونَ في دِينِ اللهِ أفواجًا * فسبِّحْ بحمدِ ربِّك واستغفرْه إنَّه كَانَ توَّابًا)..
فالنصرُ عطاءٌ يحتاجُه عبادُ اللهِ الصَّالحون مهما كان لديهم مِن قوَّةٍ يظنُّون أنَّها تنصرهم..
فرُغْمَ القوَّةِ والعددِ والسِّلَاحِ لا يُمكن أن يستغنيَ المسلمون عن فتحِ الله لهم بالنصر..
ألستَ تذكرُ بُنَيَّ الحبيبُ حين كان المسلمون في حنين أكثرَ عددًا من أعدائهم..
ولمَّا اغترُّوا بِعَدَدِهم وقوَّتهم.. منع اللهُ نصرَه عنهم.. فلمَّا ندموا ورَجعوا لله تعالى فَتَحَ اللهُ عليهم نصرَه الذي كان مغلقًا..
وكذلك العلمُ - بُنَيَّ الحبيبُ- هو فتحٌ مِن اللهِ على عبادِه..
ليس كلُّ الناسِ يمتلك أن يفهمَ غوامضَ الأُمورِ حتَّى يفتحَ اللهُ على الناسِ..
سُئِلَ سيِّدُنا داودُ وسيِّدنا سُليمان في أمرٍ مَا فَفتحَ اللهُ بالجوابِ على سيِّدِنا سليمان ولم يفتحْ بِه على سيِّدنا داودَ
مع أنَّ سيدَنا سليمانَ هو الابنُ..
وسيِّدُنا داودُ هو الأبُ.. ورُغم أنَّه نبيٌّ لم يأتِ في ذهنه الجوابُ..
ليعلمَ الناسُ أنَّ العلمَ بِيَدِ اللهِ يفتحُ به على مَن يشاءُ مِن عبادِه.
تعليق