الدمية السجينة
بقلم: بلال نكديلرجعت هديل إلى البيت في المساء متعبة بعدما بذلت جهدا كبيرا في مدرستها..
دخلت غرفتها بخطوات متثاقلة من شدة التعب.. وعندما همّت بوضع حقيبتها في الخزانة أبصرت علبة فوق سريرها مطرزة بوشاح بنفسجي وفوقها وردة..
رفعت هديل هذه العلبة وقرأت ما كتب عليها: هدية من خالك سعيد، استمتعي يا صغيرتي..
فتحت العلبة فإذا هي دمية، " ما أجملها دمية".. وبمجرد أن لمستها قالت الدمية: مرحبا يا صديقتي هيا لنقضي وقتا ممتعا..
نظرت هديل إليها باستهزاء وقالت: أنا لا أضيع وقتي في اللعب .. اللعب للفاشلات فقط، أما المتفوقات فلا تلعبن.. ثم أغلقت العلبة بإحكام ووضعتها داخل الخزانة.
كانت هذه عادة هديل، تعود من المدرسة بعد يوم شاق مليء بالواجبات ، فلا تلعب بدميتها ولا مع زميلاتها،وعندما تدعى إلى اللعب تقول: اللعب للفاشلات فقط، أما المتفوقات فلا تلعبن.
في إحدى المرات دخلت غرفتها فسمعت صوت بكاء من داخل الخزانة.. بسرعة فتحت الخزانة.. الصوت من داخل العلبة..فتحتها فإذا هي بالدمية تبكي وتبكي..
حملتها وقالت: مابك يا دمية..؟ لماذا تبكين ..؟
الدمية: أنا حزينة جدا
هديل: حزينة..؟ ماذا ينقصك حتى صرت حزينة؟
الدمية: أنت لا تلعبين بي ، لم تستعمليني أبدا.
هديل: أنا لا ألعب يا دمية ،ثم ما فائدة اللعب بك؟ .
الدمية: لقد صنعت لأمنح الفتيات المتعة والسرور، إنّهن يأنسن بي، يستمتعن برفقتي.. يعتنين بصحتي وشعري، ويطرزن ملابسي..
فأنا صديقة الفتيات منذ مئات السنين ورفيقتهن في التجوال والسفر، أنا حزينة لأنك سجنتني في علبة.
هديل: قلت لك يا دمية اللعب للفاشلات فقط أما المتفوقات فلا تلعبن، ثم أغلقت العلبة من جديد وأرجعتها للخزانة.
كانت هديل من المتفوقات في دراستها ودائما من الأوائل، إنها تقضي كل وقتها في الدراسة والمذاكرة..
إلا إنها لم تكن سعيدة وفرحة في حياتها..وشيئا فشيئا، بدأت تشعر بالسأم والملل، بدأت قواها تنهك وحيويتها تقل..
لقد بدأت تضجر من حالتها...من التكرار البائس..
في إحدى أيام العطلة من فصل الربيع الجميل استيقظت هديل على صوت إنشاد الفتيات، نهضت من فراشها وبدأت تطل من النافذة، إنهن سعاد، خولة وهناء، كن زميلاتها في المدرسة .. كن من المتفوقات كذلك، وهنّ يقضين وقتا ممتعا باللعب، وهذا ما كان يمنحهن حيوية ونشاطا للمذاكرة .
ها هي خولة وسعاد تدوّرن الحبل لهناء وهي تقفز برجل واحدة..باثنتين...تقفز ببطئ.. بسرعة... بسرعة كبيرة جدا ثم توقفت فبدأت الفتيات بالضحك ..
كانت هديل ترقب كل هذا من النافذة، فأثارها هذا المشهد الرائع المرح..
حدثت نفسها قائلة: لماذا أنا هكذا..؟ يمكنني اللعب والاستمتاع وفي نفس الوقت أكون من المتفوقات، هؤلاء زميلاتي لم يمنعهن اللعب من التفوق والنجاح..
تنهدت وقالت: ما أسوء الحياة بدون اللعب والمرح..
توجهت بسرعة إلى الخزانة.. أمسكت علبة الدمية لتأخذها وتلعب مع الفتيات، وعندما فتحتها فرحت الدمية وقالت: مرحبا يا صديقتي.. هيا لنقضي وقتا ممتعا..
تعليق