هَيَّا نُعَظِّمِ الأَشْهُرَ الْحُرُمَ
بقلم : محمد شلبي محمد
إنَّ اللهَ تعالَى خَلَقَ الأرضَ كُلَّهَا..
ولكنَّهُ فَضَّلَ بعضَ الأماكنِ علَى أماكنَ أُخْرَى..
وخَلَقَ الزَّماَنَ كُلَّهُ..
وفَضَّلَ بعضَ الأوقاتِ عَلَى غيرِهَا..
فمِنَ الأَشْهُرِ المفضَّلةِ شهرُ رمضانَ.. شهرُ الصَّوْمِ والأجرِ العظيمِ..
وَمِنَ الأيَّامِ المفضَّلةِ يومُ الجمعةِ ويومُ عَرَفَةَ ويومُ عَاشُورَاءَ والْعِيدَانِ..
وكذلكَ مِنَ الأشهرِ المفضَّلة أشهرٌ تُسَمَّى: الأَشْهُرُ الْحُرُمُ..
وهِيَ: ثلاثةٌ مُتَوَالِيَةٌ: ذُو القعدةِ وذُو الحجَّةِ والمحرَّمُ..
وَشَهْرٌ فَرْدٌ، وهو: رَجَبٌ.
وَكُلٌّ منها شهرٌ حرامٌ..
تُرَى ما مَعْنَى: الشَّهْرُ الحرامُ؟.
إنَّ الشَّهْرَ الحرامَ شهرٌ يُعَظِّمُهُ اللهُ تعالَى؛ وَلِذَلِكَ كانَ (يُحَرِّمُ) علَى العربِ أن تفعلَ في الأشهرِ الْحُرُمِ أفعالاً لا تليقُ بِهَا..
فحَرَّمَ القتالَ فِيهَا.. والإفسادَ.. وسَفْكَ الدِّمَاءِ..
جَعَلَ اللهُ تعالَى هذهِ الأشهرَ للأمنِ والأمانِ والطُّمَأْنِينَةِ والاستقرارِ..
فيستطيعُ المتحاربُونَ فِيهَا أنْ يأخُذُوا هُدْنَةً وَرَاحَةً مِنَ الحربِ..
فتسيرُ القوافلُ التِّجاريَّةُ آمِنَةً مُطْمَِئنَّةً..
ويسافرُ النَّاسُ خِلالهَا دُونَ خَوْفٍ مِنْ أنْ يعتديَ أحدٌ عليهِمْ..
ولذلكَ كانَ يجبُ على العربِ أنْ يُعَظِّمُوا مَا عَظَّمَ اللهُ تعالَى، وأنْ يمتنعُوا عنِ القتالِ في هذه الأشهرِ الْحُرُمِ..
لكنَّ بعضَ العربِ قبلَ الإسلامِ كانَ يُحَاوِلُ أنْ يتحايلَ علَى اللهِ تعالَى..
فكَانُوا إذَا أَرَادُوا أنْ يُحَارِبُوا في شهرٍ حرامٍ قالُوا: هَذَا العامَ سننقلُ حُرْمَةَ ذِي القعدةِ ـ مثلاً ـ إلَى شهرِ كَذَا، ويُؤَخِّرُونَ حُرْمَةَ الشَّهْرِ ويستحلُّونَ الحربَ فِيهِ..
وكانتْ هذه الْفِعْلَةُ السَّيِّئَةُ تُسَمَّى "النَّسِيءُ" وقَدْ ذَكَرَ اللهُ تعالَى بأنَّ تغييرَ حُرْمَةِ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ الَّتي حَكَمَ بِهَا اللهُ تعالَى ليسَ كفرًا فقطْ بلْ هُوَ (زِيَادَةٌ في الْكُفْرِ)..
ونحنُ يجبُ عليْنا كذلكَ أَنْ نُعَظِّمَ حُرْمَةَ هذهِ الشُّهُورِ كمَا حرَّمها اللهُ وعظَّمها..
فيجبُ أن نُحَرِّمَ علىَ أَنْفُسِنَا فيها أنْ نُؤْذِيَ النَّاسَ..
وأنْ نُضَايِقَ النَّاسَ وأنْ يَغِيظَ بعضُنا بعضًا
أَوْ أنْ يضربَ بعضُنا بعضًا..
إِنَّنَا مُقْبِلُونَ علَى ثلاثةِ أشهرٍ من الأشهرِ الْحُرُمِ..
بعدَ شَوَّالٍ سيأتينا: ذُو القعدةِ وذُو الحجَّةِ والْمُحَرَّمُ..
فلنستعدَّ مِنَ الآنَ؛ لأنْ نُعَظِّمَ هذهِ الأَشْهُرَ كمَا عَظَّمَها اللهُ تعالَى..
ولا ننسَى أنَّ اللهَ تعالَى اختارَ شهرًا مِنْ هَذِهِ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ؛ ليكونَ فيهِ عبادةٌ من أعظمِ العباداتِ..
إِنَّهَا عبادةُ الْحَجِّ
وَإنَّهُ شهرُ ذي الحِجَّةِ..
فليسَ هُنَاكَ وقتٌ يجتمعُ فيه المسلمونَ أكثرَ مِنِ اجتماعِهم في الْحَجِّ..
ولذلكَ اختارَ اللهُ تعالَى شهرًا حرامًا آمِنًا لتتمَّ فيه هذه العبادةُ الجليلةُ العظيمةُ..
ليكونَ الْحُجَّاجُ في أفضلِ زمانٍ آمٍنٍ طوالَ العامِ.. إِنَّهُ الشَّهْرُ الحرامُ شهرُ ذي الحِجَّةِ..
وليكونُوا في أفضلِ مكانٍ آمِنٍ عَلَى وَجْهِ الأرضِ.. إنَّهُ مَكَّةُ.. إنَّهَا الكعبةُ الْمُشَرَّفَةُ!!.
تعليق