إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أنت لست صغيراً!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أنت لست صغيراً!!

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    لحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, أما بعد،

    فتى الإسلام:

    أعرف أنك تشتكي دائماً من الأب والأم والمدرسين والمصلين في المسجد، تشتكي أنهم يعاملونك على أنك مازلت صغيراً لم تكبر بعد، وللأسف فإن الناس تنظر لمن كان في سن العاشرة من عمره أنه صغير، ويعامل معاملة الصغير، وكذلك من كان في الثانية عشر من عمره يُعامل على أنه صغير، حتى الفتى ابن الستة عشر عاماً يعامل على أنه صغير، وربما يعامل من هو أكبر من ذلك على أنه صغير فمثلاً جدك يعامل والدك على أنه صغير، ولكني أقولها لك صريحة "أنت لست صغيراً".

    وأظنك سوف تجري الآن لتنادي من حولك, الأب, الأم, الأقارب، اقرءوا معي..."أنت لست صغيراً"، وأقول لك مهلاً يا أخي فأنت قد تكون صغير السن ولكنك كبير القدر، والذي أريد أن أتفق معك عليه، هو أنك مادمت تفهم ما يقال لك فلست صغيراً مهما كان سنك، وإذا فهمت واستطعت أن تتعرف على أوامر ربك فقد شابهت الرجال في مبدأ الفهم وبقي أن تحاول أن تكون مثل الصالحين منهم في تطبيق كل ما تتعلمه وأن لا تقدم على فعل شيء تعرف أنه يغضب ربك.

    أخي الفتى الحبيب: إذا هممت بفعل شيء فسل نفسك هل هذا يرضي الله أم لا؟ فإن كان يرضيه فافعل وإلا فاحذر وارجع، وإذا فعلت هذا أصبحت كبيراً، بل تصبح أكبر من كثير من الكبار الذين يعصون الله -تبارك وتعالى-، وكان عتبة بن غزوان -رضي الله عنه- يقول: "فإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيماً وعند الله صغيراً".

    فليس الشأن أن تكون كبير السن صغيراً عند ربك بمعصيتك إياه، ولكن الشأن أن تكون عظيماً كبيراً عند ربك بطاعته وتقواه، فكم من صغير السن عظيم القدر عالي الهمة (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)(الحجرات: 13)، واعلم أن المرء بأصغريه، بقلبه ولسانه، فإذا رزق الله العبد لساناً لافظاً وقلباً حافظاً فقد استحق الكلام، ووجود الأدب والحياء عندك لا يعني الضعف والخوف، بل إذا صاحب ذلك الشجاعة الأدبية وتعودت عليها كانت صفة فيك فتقوى شخصيتك، ويتفتق ذهنك، وينضج عقلك.

    وهكذا كان أبناء السلف -رضي الله عنهم- فعن سهل بن سعد قال: (أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فشرب منه وعن يمينه غلام أصغر القوم والأشياخ عن يساره فقال يا غلام أتأذن أن أعطيه الأشياخ فقال ما كنت لأوثر بفضل منك أحدا يا رسول الله فأعطاه إياه) متفق عليه، فلم يعنفه النبي -صلى الله عليه وسلم- أو يزجره، ولا أحد من الحاضرين فعل شيئاً من ذلك، ولربما فعل بعضنا ذلك، فليفرق بين سوء الأدب والشجاعة الأدبية.

    وكذلك الزبير بن العوام حواري رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وابن عمته صفية بنت عبد المطلب، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، وأول من سل سيفه في سبيل الله، أبو عبد الله -رضي الله عنه- أسلم وهو حدث له ست عشرة سنة، وقال عروة: "أسلم الزبير ابن ثمان سنين، ونفحته نفحة من الشيطان أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ بأعلى مكة، فخرج الزبير وهو غلام ابن اثنتي عشرة سنة بيده السيف، فمن رآه عجب، وقال: الغلام معه السيف؟!!، حتى أتى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ما لك يا زبير؟ فأخبره، وقال: أتيت أضرب بسيفي من أخذك. إنه الفداء الحق, والولاء الحق, للرسول الحق -صلى الله عليه وسلم-.

    أخي الحبيب فتى الإسلام: إنك حين تقلب صفحات التاريخ, تاريخ سلفك الصالح سوف تدهشك النماذج الرائعة من فتيان هذه الأمة الخالدة، فهذا عمرو بن سلمة كان يؤم قومه وهو ابن سبع سنين أو ثمان، فانظر -رعاك الله- إلى هذا الطفل وهو يسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح ويتلقى القرآن والعلم ويحفظ ما تلقاه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان يستقر في صدره إلى أن أسلم قومه فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي بهم أحفظهم، فكان الحافظ القارئ هو ذاك الطفل الصغير الذي صار إماما للناس بما جمع من القرآن فالقرآن يرفع الله به أقواماً ويضع به آخرين وكان عمرو ممن رفعه الله -تعالى- بالقرآن. الله أكبر.. ما هذه الأعمار المباركة في هذا الجيل المبارك؟!!

    وهذا بطل آخر وإن شئت فقل فتى آخر، هاجر مع أهل بيته وأقاربه وله عشر سنين وحفظ القرآن ولزم الاشتغال من صغره في طلب العلم حتى صار إمام الحنابلة بجامع دمشق وكان عابداً زاهداً ورعاً ينتفع الرجل برؤيته قبل أن يسمع كلامه إنه إمام الأئمة ومفتي الأمة -يومها- خصه الله بالعقل الوافر، فطنت بذكره الأمصار، وضنت بمثله الأعصار، وله مؤلفات غزيرة وقد صنف كتابه "المغني" في عشر مجلدات و"الكافي" في أربعة وغيرها من الكتب.

    أظنك عرفت هذا العالم البحر الذي حفظ القرآن وعمره عشر سنين ورحل وتحمل المشقة في طلب العلم فألبسه الله لباس النور والوقار وصار من أذكياء العالم بما ناله من بركة القرآن والعلم, إنه العلامة "ابن قدامة المقدسي" -رحمه الله-.

    أخي الفتى الحبيب: إن صفحات تاريخنا السلفي لا تحمل في طياتها سيرة الرجال فحسب، بل وفضليات النساء كذلك فهذه سلمى بنت محمد بن الجزري -أم الخير- شرعت في حفظ القرآن 813 هجرياً وحفظت مقدمة التجويد ومقدمة النحو ثم حفظت الألفية وعرضت القرآن على والدها حفظاً بالقراءات العشر وأكملته قراءة صحيحة مجودة مشتملة على جميع وجوه القراءات.

    فانظر إلى تلك الأعمار المبكرة المباركة كيف صاروا علماء أعصارهم وفقهاء أمصارهم؟! وقد كانوا فيما يرى الناس صغاراً.

    أخي الفتى الحبيب:ـ

    * لحظة من فضلك *

    لعلك أدركت أن الكبير لا يكون كبيراً إذا تلطخ بالمعاصي والآثام ولذا فإن التزامك لا يكمل حتى تتخلق بأخلاق الحبيب -صلى الله عليه وسلم- وتقتدي به وتجعله مثلك الأعلى وقدوتك وقائدك ودليلك إلى مرضاة الله والجنة، وتذكر أن التزامك بأخلاق الكبار لا يعني أنك لا تسمع ولا تطيع لأمر والديك أو ترفع عليهما صوتك، أو أنك حر لا تحترم الكبير ولا توقره وتذكر دوماً أمر ربك لك ببر الوالدين: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا)(الإسراء: 23)، وتذكر دوما أمر نبيك -صلى الله عليه وسلم-: (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا)(رواه الترمذي وصححه الألباني).

    وإذا كان الشيطان قد يصور لكثير من الفتيان أن إثبات رجولتهم تكون بتقليد الكبار في الأمور التي يعصون الله فيها كالتدخين والمخدرات والمسكرات، ومعاكسة الفتيات واقتناء الصور الساقطة وسماع الأغاني والموسيقى، فيظن الفتى أنه لا يكون رجلاً إلا إذا شرب السيجارة واصطحب البنات وهاتفهم وراسلهم وعاكسهم وفعل كذا.. وكذا..

    ويظن أنه قد صار رجلاً أو قل صار بطلاً أوقع البنات في حبه، وفي الحقيقة هو يفقد رجولته كلما خاض في هذه المعاصي ويبعد عن معنى الرجولة، بل ويصبح صغيراً حقيراً عند ربه وعند الناس، فالناس لا يحبون أخلاق من يشرب الدخان أو يصطحب البنات أو يفعل كذا.. وكذا..

    أخي الحبيب.. فتى الإسلام:

    كن ملتزماً بإسلامك... بإيمانك.... واعمل بالطاعة وأقبل على المطيعين لطاعتهم، واجتنب المعصية وابغض العصاة لمعصيتهم، واحذر رفقاء السوء فإنهم سبب كل ضياع وكن واحداً من هؤلاء: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلً)(الأحزاب: 23).

    (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ)(النور: 36).

    أخي الفتى الحبيب:

    من أنت؟ ما همك؟ ما هدفك؟ ما شعارك؟

    ليكن همك أن تكون عند الله كبيرا

    ليكن هدفك أن يرضى ربك عنك

    ليكن إيمانك (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّه)(النحل: 53).

    ليكن شعارك (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)(طه: 84).

    أخي الحبيب:

    (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى).
    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

  • #2
    رد: أنت لست صغيراً!!

    جزاكم الله خيرا بارك الله فيكم وسلمت يمنكم على ماسطرتم
    وسيتم تثبيت الموضوع لما فيه من فوائد جمة
    اللهم صلِّ على سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً

    الحمد
    لله الذي تتم بفضله الصالحات

    تعليق


    • #3
      رد: أنت لست صغيراً!!

      ماشاء الله لا قوة الا بالله

      جزاك الله خيراا ونفع بك
      اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك يارب

      تعليق


      • #4
        رد: أنت لست صغيراً!!

        ما شاء الله موضوع متميز بارك الله فيك ونفع الكثير بموضوعك هذا
        أسأل الله لك الجنة
        "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم"
        إلى أمنا عائشة رضي الله عنها أنا آسفة لما يقوله السفهاء عنك ولكن لا تحزني فروحي وقلبي يهتفان باسمك ويصرخان دفاعا عنك وعيناي تزرفان الدموع لأجلك أنا أحبك أنا أحبك لا تحزني أنت زوج إمام المرسلين وسيد المجاهدين وأنت مبرئة من فوق سبع سماوات وأنت حبيبة قلوبنا وعرضي وعرض أبي وكل الناس المقربين فداك يا أمنا

        تعليق


        • #5
          رد: أنت لست صغيراً!!

          حياكم الله...

          جزاكم ربى خيرا على هذا الموضوع الطيب المبارك وجعله الله فى ميزان الحسنات

          موضوع مفيد فعلاً...
          تالله ما الدعوات تُهزم بالأذى أبداً وفى التاريخ بَرُ يمينى
          ضع فى يدىَ القيد ألهب أضلعى بالسوط ضع عنقى على السكين
          لن تستطيع حصار فكرى ساعةً أو نزع إيمانى ونور يقينى
          فالنور فى قلبى وقلبى فى يدىَ ربىَ وربى حافظى ومعينى
          سأظل مُعتصماً بحبل عقيدتى وأموت مُبتسماً ليحيا دينى
          _______________________________
          ""الدعاة أُجراء عند الله ، أينما وحيثما وكيفما أرادهم أن يعملوا ، عملوا ، وقبضوا الأجر المعلوم !!!..وليس لهم ولا عليهم أن تتجه الدعوة إلى أى مصير ، فذلك شأن صاحب الأمر لا شأن الأجير !!!!...
          __________________________________
          نظرتُ إلىَ المناصب كلها.... فلم أجد أشرف من هذا المنصب_أن تكون خادماً لدين الله عزوجل_ لا سيما فى زمن الغربة الثانية!!
          أيها الشباب ::إنَ علينا مسئولية كبيرة ولن ينتصر هذا الدين إلا إذا رجعنا إلى حقيقته.

          تعليق


          • #6
            رد: أنت لست صغيراً!!

            بارك الله فيكم أخي و نفع بكم
            موضوع رائع
            .................................................. ..

            يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــارب
            انصر المسلمين في كل مكــــــــــــــان

            تعليق


            • #7
              رد: أنت لست صغيراً!!

              جزاكم الله خيرا
              الموضوع مفيد جدا
              والاسلوب متميز
              الحمد لله رزقني الله بـ "رقية"
              اللهم اجعلها قرة عين لي ولوالدها واجعلها من عبادك الصالحين واشفها شفاءا لا يغادر سقما

              يارب اهد امتك آية واغفر لها وقها شر الفتن ما ظهر منها وما بطن وثبتها وقوي ايمانها
              اللهم اشفها شفاءا لا يغادر سقماً

              اللهم طهر قلوبنا واحسن خاتمتنا وامح ذنوبنا
              رباااه اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم


              إلاهي أنت تعلم كيف حالي فهل يا سيدي فرج قريب

              تعليق


              • #8
                رد: أنت لست صغيراً!!

                جزاكم الله خيرا جميعاً

                وشكرا كثيراً للأخت "د/كارمن" على تثبيت الموضوع ......
                سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

                تعليق


                • #9
                  رد: أنت لست صغيراً!!

                  جزاكم الله كل خير ونفع بكم


                  سبحان الله وبحمده ..عدد خلقه ومداد كلماته وزنة عرشه
                  استثمر عمرك بمضاعفة ذكرك


                  تعليق


                  • #10
                    رد: أنت لست صغيراً!!

                    جزاكم الله خيرا ً

                    تعليق

                    يعمل...
                    X