المهر وقيمته في الإسلام :
الحمد لله وحدة والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
من حين لأخر يكثر الحديث عن المهور فكلما ارتفع ثمن الذهب أو قل مستوى الدخل نجد الحديث يكثر عن المهور ووجوب تخفيفها أو الغاؤه
في حين أن الكثيرين لا يعرفون قيمة المهر وأهميته في آصرة (رابطة) النكاح في الإسلام فيتساهل الناس في المهور وتتساهل الرجال في الفجور لأن الفساد قد عم بالكثيرين إلا من رحم الله فيسهل عليه فك تلك الرابطة لأنه من البداية وجدها قريبة المنال سهل الوصول إليها وهذا يقدره ويحترمه الرجال أهل الدين والخلق أما من انعدمت اخلاقه ودَرَسَ دينه إذا خففنا عليه المهر وسَهَل عليه ولي المراة المهر راح هو يظلمها ويعضلها
يُسَهِّلَ عليه ولي المرأة في المهر فيتساهل في ظلمها وإعضالها
ما هو المهر:
المهْرُ هو الصَّداق، وهو ما يُعطيه الرجل للمرْأة التي يَعقِد علَيها، كتَعبير عن صدْق رغبتِه فيها، وعزْمِه على الزَّواج، وهو أحد أركان العقْد، وبما أنَّ الرِّجال هم الذين يَعملون ويَكسِبون المال، كان حقًّا عليهم دفْع هذا الحقِّ مِن جانبِهم للنِّساء، وهو حقٌّ للمرأة كامِلاً مُقدَّمه ومُؤخَّره، قليلُه وكثيرُه، وليس لوليِّها - قَرُبَ أم بَعُدَ - ولا للزَّوج أيُّ حقٍّ فيه، وهي حرَّة تتصرَّف به كيف شاءتْ، وهذا خِلافًا لما يَحصُل في وقتِنا الحاضِر؛ حيث إنَّ الفتاة قد لا تَعلم كم المهْر؟ ولا أين أُنفق؟!
وقد كان المهْر في الماضي يتَّسِم غالبًا بالبَساطة واليُسر، ويَكون مِن نَوع الموجود في كلِّ زمَن وبيئة؛ لأنه وسيلة لهدَف سامٍ شريف، فالأعرابيُّ كان يَمهَر زوجَه بعيرًا، والفلَّاح يَمهَرها نخْلاً أو أرضًا، والتاجِر يَمهَرها نُقودًا أو بعض الأطعمة والملابس، والصَّانع يَمهَرها شيئًا مِن إنتاجِه، والعالِم والمُتعلِّم يَمهَرها مِن عِلمه إذا لم يجدْ غيرَه، فإنه قد يُعلِّمها سورةً مِن القُرآن الكريم.
وهكذا لم يَفرِض الله علينا أمرًا مُعيَّنًا، ولم يُعقِّد الحَياة على خلقِه، ولكنَّهم هم أنفسهم يَسعَون لِتَعقيد حياتهم، وربْطِها بتقاليدَ تَبعُد كثيرًا عن أهداف الزَّواج ومَراميه السامِيَة.
القمية المركزية للمهر في عقد النكاح في الإسلام :
يقول الشيخ الطاهر بن عاشور : وقد استقريت ما يستخلص منه مقصد الشريعة في أحكام النكاح الأساسية والتفريعية فوجدته يرجع إلى أصلين:
الأصل الأول: اتضاح مخالفة صورة عقدهِ لبقية صور ما يتفق في اقتران الرجل بالمرأة.
ثم ذكر الشيخ بن عاشور مما يندرج تحت الأصل الأول فقال بعدما ذكر الأمر الأول وهو الولي في عقد النكاح
الأمر الثاني: أن يكون ذلك بمهر يبذله الزوج للزوجة. فإن المهر شعار النكاح لأنه أثر من المعاملات القديمة عند البشر التي كان النكاح فيها شبيهاً بالملك. وكانت الزوجة شبيهة بالرقيق. فليس المهر في الإِسلام عوضاً عن البضع كما يجري على ألسنة الفقهاء على معنى التقريب، إذ لو كان عوضاً لروعي فيه مقدار المنفعة المعوض عنها, ولوجب تجدد مقدار من المال كلّما تحقق أن المقدار المبذول قد استغرقته المنافع الحاصلة للرجل في مدة من مدد بقاء الزوجة في عصمته، مثل عوض الإجارة، ولو كان ثمنَ المرأة لوجب إرجاعُها إياه للزوج عند الطلاق.
كيف وقد قال الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} الآية. فهو عطية محضة، ولكن المهر شعار من شعار النكاح وفارق بينه وبين الزنا والمخادنة. ولذلك سماه الله تعالى نحلة. فقال: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}
فأما تسميته أجراً في قوله: {إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} فمؤول . ومن أجل هذا حرم نكاح الشغار لخلوّه من المهر. وقد اصطبغ النكاح في صورته الشرعية بصبغة العقود من أجل الإيجاب والقبول، وصورة المهر. وما هو إلَّا اصطباغ عارض. ولذلك قال علماؤنا: "النكاح مبني على المكارمة، والبيع مبني على المكايسة"
المكايسة، من كايسته فَكسْته: غلبته. الصحاح واللسان: كيس. وقد ورد هذا اللفظ فصلاً في تعريف ابن عرفة للبيع حين قال: هو عقد معاوضة على غير منافع ولا مُتعة لذةٍ، ذو مكايسة أحدُ عوضيه غيرُ ذهب ولا فضة، مُعَيَّن غيرُ العَينِ فيه، وبقَوله ذو مكايسة أخرج هَبة الثواب ... الرصاع: 1/ 326. والمقصود من المكايسة هنا المعنى اللغوي، وهو أن لكل واحد من طرفي العقد أن يدبّر ويحرّك فطنته للظفر بما هو الأفضل له في المعاملة.
ولست أريد بهذا أن الشريعة لم تلتفت إلى ما في الصداق من المنفعة الراجعة إلى الزوجة، ولكني أردت أن ذلك ليس هو المعنى الأول في نظر الشريعة، وإلَّا فأنا أعلم أن محاسن المرأة ومحامدها نعمة منَّ الله بها عليها، وخوّلها حقّ الانتفاع بها من أجل رغبات الرجال في استصفائها. فللمرأة حقّ في أن يكون صداقُها مناسباً لنفاستها, لأن جمال المرأة وخلقها من وسائل رزقها. ولذلك لم يكن للوصي والسلطان تزويج اليتيمة بأقل من صداق مثلها.
قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}
فمعنى ترتّب هذا الجواب على هذا الشرط هو ما ورد عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن ذلك فقالت: "هي اليتيمة تكون في حجر وليّها تشركه في ماله فيعجبه مالها وجمالها، فيريد وليّها أن يتزوّجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره. فَنُهُوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق. فأُمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن. [قال عروة: و] قالت: ثم إن الناس استفتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه الآية، فأنزل الله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} . والذي ذكر الله أنه يتلى عليكم في الكتاب هو الآية الأولى التي قال فيها: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} الآية. فقوله في الآية الأخرى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} يعني رغبة أحدهم عن يتيمته التي في حجره حين تكون قليلة المال والجمال. [قالت عائشة:] فَنُهُوا أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلَّا بالقسط من أجل أنهم يرغبون عن نكاح اليتامى من اللاتي يكن قليلات المال والجمال" اهـ.
فعلمنا أن انتفاع المرأة بالصداق وبمواهبها التي تسوق إليها المال شيء غير ملغى في نظر الشريعة, لأنه لو أُلغيَ لكان إلغاؤه إضراراً بالمرأة. ولذلك قال الله في شأنه: {أَلَّا تُقْسِطُوا} أي أن لا تعدلوا. فسماه بما يساوي الجور.
اهمية المهر في عقد النكاح :
قال الدهلوي في (حجة الله البالغة): من الأمر الذي يتميز به النكاح من السفاح التوطين على المعاونة الدائمة، وإن كان الأصل فيه قطع المنازعة فيها على أعين الناس. وكانوا لا يناكحون إلا بصدق لأمور بعثتهم على ذلك، وكان فيه مصالح منها أن النكاح لا تتم فائدته إلا بأن يوطن كل واحد نفسه على المعاونة الدائمة، ويتحقق ذلك من جانب المرأة بزوال أمرها من يدها، ولا جائز أن يشرع زوال أمره أيضا من يده وإلا انسد باب الطلاق، وكان أسيرا في يدها كما أنها عانية بيده، وكان الأصل أن يكونوا قوامين على النساء، ولا جائز أن يجعل أمرهما إلى القضاء؛ فان مراجعة القضية إليهم فيها حرج، وهم لا يعرفون ما يعرف هو من خاصة أمره، فتعين أن يكون بين عينيه خسارة مال إن أراد فك النظم لئلا يجترئ على ذلك إلا عند حاجة لا يجد منها بدا، فكان هذا نوعا من التوطين. وأيضا لا يظهر الاهتمام بالنكاح إلا بمال يكون عوض البضع، فإن الناس لما تشاحوا بالأموال شحا لم يتشاحوا به في غيرها كان الاهتمام لا يتم إلا ببذلها، وبالاهتمام تقر أعين الأولياء حين يتملك هو فلذة أكبادهم، وبه يتحقق التمييز بين النكاح والسفاح، وهو قوله تعالى: {أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين} فلذلك أبقى النبي صلى الله عليه وسلم وجوب المهر كما كان. اهـ.
وقال المرغيناني في(الهداية): يصح النكاح وإن لم يسم فيه مهرا؛ لأن النكاح عقد انضمام وازدواج لغة، فيتم بالزوجين، ثم المهر واجب شرعا؛ إبانة لشرف المحل، فلا يحتاج إلى ذكره لصحة النكاح. اهـ.
قال البدر العيني في شرحه (البناية): "إظهارا لشرف المحل": أي لأجل إظهار شرف المحل وخطره؛ صيانة عن شبهة البدل. اهـ.
وقال الكاساني: لو لم يجب المهر بنفس العقد لا يبالي الزوج عن إزالة هذا الملك بأدنى خشونة تحدث بينهما ؛ لأنه لا يشق عليه إزالته لما لم يخف لزوم المهر ؛ فلا تحصل المقاصد المطلوبة من النكاح ؛ ولأن مصالح النكاح ومقاصده لا تحصل إلا بالموافقة ولا تحصل الموافقة إلا إذا كانت المرأة عزيزة مكرمة عند الزوج ؛ ولا عزة إلا بانسداد طريق الوصول إليها إلا بمال له خطر عنده ؛ لأن ما ضاق طريق إصابته يعز في الأعين فيعز به إمساكه ؛ وما تيسر طريق إصابته يهون في الأعين فيهون إمساكه ؛ ومتى هانت في أعين الزوج تلحقها الوحشة فلا تقع الموافقة ولا تحصل مقاصد النكاح. اهـ.
وقال الأستاذ مصطفى السباعي في كتاب (المرأة بين الفقه والقانون): المهر في الاسلام رمز لإكرام المرأة والرغبة في الاقتران بها. اهـ.
وقال الدكتور الزحيلي في (الفقه الإسلامي وأدلته): الحكمة من وجوب المهر هو إظهار خطر هذا العقد ومكانته، وإعزاز المرأة وإكرامها، وتقديم الدليل على بناء حياة زوجية كريمة معها، وتوفير حسن النية على قصد معاشرتها بالمعروف، ودوام الزواج. وفيه تمكين المرأة من التهيؤ للزواج بما يلزم لها من لباس ونفقة. اهـ.
التخفيف والتييسر في المهور :
والمهر حق مفروض للمرأة ، فرضته الشريعة الإسلامية ، ليكون تعبيرا عن رغبة الرجل فيها ، قال الله تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) النساء /4 .
ولا يعني هذا اعتبار المرأة سلعة تباع ، بل هو رمز للتكريم والإعزاز ، ودليل على عزم الزوج على تحمل الأعباء وأداء الحقوق .
ولم يحدد الشرع المهر بمقدار معين لا يزاد عليه .
ومع ذلك فقد رَغَّب الشرع في تخفيف المهر وتيسيره .
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خير النكاح أيسره) رواه ابن حبان . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خير الصداق أيسره ) رواه الحاكم والبيهقي . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3279) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أراد الزواج : ( التمس ولو خاتماً من حديد ) . متفق عليه .
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته المثل الأعلى في ذلك ، حتى ترسخ في المجتمع النظرة الصادقة لحقائق الأمور ، وتشيع بين الناس روح السهولة واليسر .
روى أبو داود (2125) والنسائي (3375) – واللفظ له - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ : تَزَوَّجْتُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنِ بِي – وهو الدخول بالزوجة - . قَالَ : أَعْطِهَا شَيْئًا . قُلْتُ : مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ . قَالَ : فَأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ ؟ قُلْتُ : هِيَ عِنْدِي . قَالَ : فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ . صححه الألباني في صحيح النسائي (3160) .
فهذا كان مهر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء أهل الجنة .
وهذا يؤكد أن الصداق في الإسلام ليس مقصوداً لذاته .
وروى ابن ماجه (1887) أن عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ قال : لا تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ. صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1532) .
(لا تُغَالُوا) أَيْ لا تُبَالِغُوا فِي كَثْرَة الصَّدَاق . . . ( وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ) أَيْ حَتَّى يُعَادِيَهَا فِي نَفْسه عِنْد أَدَاء ذَلِكَ الْمَهْر لِثِقَلِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ عِنْد مُلاحَظَة قَدْره وَتَفَكُّره فِيهِ . . . (وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ ) حَبْل تُعَلَّق بِهِ أَيْ تَحَمَّلْت لأَجْلِك كُلّ شَيْء حَتَّى الحبل الذي تعلق به القربة اهـ من حاشية السندي على ابن ماجه .
اثنتا عشرة أوقية تساوي أربعمائة وثمانين درهما أي مائة وخمسة وثلاثون ريال فضة تقريباً (134.4)
فهذا كان صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم ونسائه .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (32/194) :
فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة فهو جاهل أحمق ، وكذلك صداق أمهات المؤمنين ، وهذا مع القدرة واليسار ، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة اهـ .
وقال أيضاً في "الفتاوى الكبرى" :
"وَكَلامُ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ , وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ فَيُسْتَحَبُّ بُلُوغُهُ وَلا يُزَادُ عَلَيْهِ" اهـ .
هل المهر شرطًا من شروط صحة عقد النكاح
فالمهر ليس شرطاً من شروط النكاح ولا ركنا من أركانه فيصح عقد النكاح بدون تسميته، أو استلامه، هذا مذهب الجمهور، جاء في الموسوعة الفقهية: والمهر ليس شرطاً في عقد الزواج ولا ركنا عند جمهور الفقهاء، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه، فإذا تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور، قال الله تعالى: لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ـ فإباحة الطلاق قبل المسيس وقبل فرض صداق يدل على جواز عدم تسمية المهر في العقد. انتهى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
المصادر
مقاصد الشريعة الإسلامية للشيخ الطاهر بن عاشور
إسلام ويب :http://goo.gl/6GiO5i
الإسلام سؤال وجواب :https://goo.gl/2wkYjA
مجموع فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية (32/122)
الحمد لله وحدة والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
من حين لأخر يكثر الحديث عن المهور فكلما ارتفع ثمن الذهب أو قل مستوى الدخل نجد الحديث يكثر عن المهور ووجوب تخفيفها أو الغاؤه
في حين أن الكثيرين لا يعرفون قيمة المهر وأهميته في آصرة (رابطة) النكاح في الإسلام فيتساهل الناس في المهور وتتساهل الرجال في الفجور لأن الفساد قد عم بالكثيرين إلا من رحم الله فيسهل عليه فك تلك الرابطة لأنه من البداية وجدها قريبة المنال سهل الوصول إليها وهذا يقدره ويحترمه الرجال أهل الدين والخلق أما من انعدمت اخلاقه ودَرَسَ دينه إذا خففنا عليه المهر وسَهَل عليه ولي المراة المهر راح هو يظلمها ويعضلها
يُسَهِّلَ عليه ولي المرأة في المهر فيتساهل في ظلمها وإعضالها
ما هو المهر:
المهْرُ هو الصَّداق، وهو ما يُعطيه الرجل للمرْأة التي يَعقِد علَيها، كتَعبير عن صدْق رغبتِه فيها، وعزْمِه على الزَّواج، وهو أحد أركان العقْد، وبما أنَّ الرِّجال هم الذين يَعملون ويَكسِبون المال، كان حقًّا عليهم دفْع هذا الحقِّ مِن جانبِهم للنِّساء، وهو حقٌّ للمرأة كامِلاً مُقدَّمه ومُؤخَّره، قليلُه وكثيرُه، وليس لوليِّها - قَرُبَ أم بَعُدَ - ولا للزَّوج أيُّ حقٍّ فيه، وهي حرَّة تتصرَّف به كيف شاءتْ، وهذا خِلافًا لما يَحصُل في وقتِنا الحاضِر؛ حيث إنَّ الفتاة قد لا تَعلم كم المهْر؟ ولا أين أُنفق؟!
وقد كان المهْر في الماضي يتَّسِم غالبًا بالبَساطة واليُسر، ويَكون مِن نَوع الموجود في كلِّ زمَن وبيئة؛ لأنه وسيلة لهدَف سامٍ شريف، فالأعرابيُّ كان يَمهَر زوجَه بعيرًا، والفلَّاح يَمهَرها نخْلاً أو أرضًا، والتاجِر يَمهَرها نُقودًا أو بعض الأطعمة والملابس، والصَّانع يَمهَرها شيئًا مِن إنتاجِه، والعالِم والمُتعلِّم يَمهَرها مِن عِلمه إذا لم يجدْ غيرَه، فإنه قد يُعلِّمها سورةً مِن القُرآن الكريم.
وهكذا لم يَفرِض الله علينا أمرًا مُعيَّنًا، ولم يُعقِّد الحَياة على خلقِه، ولكنَّهم هم أنفسهم يَسعَون لِتَعقيد حياتهم، وربْطِها بتقاليدَ تَبعُد كثيرًا عن أهداف الزَّواج ومَراميه السامِيَة.
القمية المركزية للمهر في عقد النكاح في الإسلام :
يقول الشيخ الطاهر بن عاشور : وقد استقريت ما يستخلص منه مقصد الشريعة في أحكام النكاح الأساسية والتفريعية فوجدته يرجع إلى أصلين:
الأصل الأول: اتضاح مخالفة صورة عقدهِ لبقية صور ما يتفق في اقتران الرجل بالمرأة.
ثم ذكر الشيخ بن عاشور مما يندرج تحت الأصل الأول فقال بعدما ذكر الأمر الأول وهو الولي في عقد النكاح
الأمر الثاني: أن يكون ذلك بمهر يبذله الزوج للزوجة. فإن المهر شعار النكاح لأنه أثر من المعاملات القديمة عند البشر التي كان النكاح فيها شبيهاً بالملك. وكانت الزوجة شبيهة بالرقيق. فليس المهر في الإِسلام عوضاً عن البضع كما يجري على ألسنة الفقهاء على معنى التقريب، إذ لو كان عوضاً لروعي فيه مقدار المنفعة المعوض عنها, ولوجب تجدد مقدار من المال كلّما تحقق أن المقدار المبذول قد استغرقته المنافع الحاصلة للرجل في مدة من مدد بقاء الزوجة في عصمته، مثل عوض الإجارة، ولو كان ثمنَ المرأة لوجب إرجاعُها إياه للزوج عند الطلاق.
كيف وقد قال الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} الآية. فهو عطية محضة، ولكن المهر شعار من شعار النكاح وفارق بينه وبين الزنا والمخادنة. ولذلك سماه الله تعالى نحلة. فقال: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}
فأما تسميته أجراً في قوله: {إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} فمؤول . ومن أجل هذا حرم نكاح الشغار لخلوّه من المهر. وقد اصطبغ النكاح في صورته الشرعية بصبغة العقود من أجل الإيجاب والقبول، وصورة المهر. وما هو إلَّا اصطباغ عارض. ولذلك قال علماؤنا: "النكاح مبني على المكارمة، والبيع مبني على المكايسة"
المكايسة، من كايسته فَكسْته: غلبته. الصحاح واللسان: كيس. وقد ورد هذا اللفظ فصلاً في تعريف ابن عرفة للبيع حين قال: هو عقد معاوضة على غير منافع ولا مُتعة لذةٍ، ذو مكايسة أحدُ عوضيه غيرُ ذهب ولا فضة، مُعَيَّن غيرُ العَينِ فيه، وبقَوله ذو مكايسة أخرج هَبة الثواب ... الرصاع: 1/ 326. والمقصود من المكايسة هنا المعنى اللغوي، وهو أن لكل واحد من طرفي العقد أن يدبّر ويحرّك فطنته للظفر بما هو الأفضل له في المعاملة.
ولست أريد بهذا أن الشريعة لم تلتفت إلى ما في الصداق من المنفعة الراجعة إلى الزوجة، ولكني أردت أن ذلك ليس هو المعنى الأول في نظر الشريعة، وإلَّا فأنا أعلم أن محاسن المرأة ومحامدها نعمة منَّ الله بها عليها، وخوّلها حقّ الانتفاع بها من أجل رغبات الرجال في استصفائها. فللمرأة حقّ في أن يكون صداقُها مناسباً لنفاستها, لأن جمال المرأة وخلقها من وسائل رزقها. ولذلك لم يكن للوصي والسلطان تزويج اليتيمة بأقل من صداق مثلها.
قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}
فمعنى ترتّب هذا الجواب على هذا الشرط هو ما ورد عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن ذلك فقالت: "هي اليتيمة تكون في حجر وليّها تشركه في ماله فيعجبه مالها وجمالها، فيريد وليّها أن يتزوّجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره. فَنُهُوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق. فأُمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن. [قال عروة: و] قالت: ثم إن الناس استفتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه الآية، فأنزل الله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} . والذي ذكر الله أنه يتلى عليكم في الكتاب هو الآية الأولى التي قال فيها: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} الآية. فقوله في الآية الأخرى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} يعني رغبة أحدهم عن يتيمته التي في حجره حين تكون قليلة المال والجمال. [قالت عائشة:] فَنُهُوا أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلَّا بالقسط من أجل أنهم يرغبون عن نكاح اليتامى من اللاتي يكن قليلات المال والجمال" اهـ.
فعلمنا أن انتفاع المرأة بالصداق وبمواهبها التي تسوق إليها المال شيء غير ملغى في نظر الشريعة, لأنه لو أُلغيَ لكان إلغاؤه إضراراً بالمرأة. ولذلك قال الله في شأنه: {أَلَّا تُقْسِطُوا} أي أن لا تعدلوا. فسماه بما يساوي الجور.
اهمية المهر في عقد النكاح :
قال الدهلوي في (حجة الله البالغة): من الأمر الذي يتميز به النكاح من السفاح التوطين على المعاونة الدائمة، وإن كان الأصل فيه قطع المنازعة فيها على أعين الناس. وكانوا لا يناكحون إلا بصدق لأمور بعثتهم على ذلك، وكان فيه مصالح منها أن النكاح لا تتم فائدته إلا بأن يوطن كل واحد نفسه على المعاونة الدائمة، ويتحقق ذلك من جانب المرأة بزوال أمرها من يدها، ولا جائز أن يشرع زوال أمره أيضا من يده وإلا انسد باب الطلاق، وكان أسيرا في يدها كما أنها عانية بيده، وكان الأصل أن يكونوا قوامين على النساء، ولا جائز أن يجعل أمرهما إلى القضاء؛ فان مراجعة القضية إليهم فيها حرج، وهم لا يعرفون ما يعرف هو من خاصة أمره، فتعين أن يكون بين عينيه خسارة مال إن أراد فك النظم لئلا يجترئ على ذلك إلا عند حاجة لا يجد منها بدا، فكان هذا نوعا من التوطين. وأيضا لا يظهر الاهتمام بالنكاح إلا بمال يكون عوض البضع، فإن الناس لما تشاحوا بالأموال شحا لم يتشاحوا به في غيرها كان الاهتمام لا يتم إلا ببذلها، وبالاهتمام تقر أعين الأولياء حين يتملك هو فلذة أكبادهم، وبه يتحقق التمييز بين النكاح والسفاح، وهو قوله تعالى: {أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين} فلذلك أبقى النبي صلى الله عليه وسلم وجوب المهر كما كان. اهـ.
وقال المرغيناني في(الهداية): يصح النكاح وإن لم يسم فيه مهرا؛ لأن النكاح عقد انضمام وازدواج لغة، فيتم بالزوجين، ثم المهر واجب شرعا؛ إبانة لشرف المحل، فلا يحتاج إلى ذكره لصحة النكاح. اهـ.
قال البدر العيني في شرحه (البناية): "إظهارا لشرف المحل": أي لأجل إظهار شرف المحل وخطره؛ صيانة عن شبهة البدل. اهـ.
وقال الكاساني: لو لم يجب المهر بنفس العقد لا يبالي الزوج عن إزالة هذا الملك بأدنى خشونة تحدث بينهما ؛ لأنه لا يشق عليه إزالته لما لم يخف لزوم المهر ؛ فلا تحصل المقاصد المطلوبة من النكاح ؛ ولأن مصالح النكاح ومقاصده لا تحصل إلا بالموافقة ولا تحصل الموافقة إلا إذا كانت المرأة عزيزة مكرمة عند الزوج ؛ ولا عزة إلا بانسداد طريق الوصول إليها إلا بمال له خطر عنده ؛ لأن ما ضاق طريق إصابته يعز في الأعين فيعز به إمساكه ؛ وما تيسر طريق إصابته يهون في الأعين فيهون إمساكه ؛ ومتى هانت في أعين الزوج تلحقها الوحشة فلا تقع الموافقة ولا تحصل مقاصد النكاح. اهـ.
وقال الأستاذ مصطفى السباعي في كتاب (المرأة بين الفقه والقانون): المهر في الاسلام رمز لإكرام المرأة والرغبة في الاقتران بها. اهـ.
وقال الدكتور الزحيلي في (الفقه الإسلامي وأدلته): الحكمة من وجوب المهر هو إظهار خطر هذا العقد ومكانته، وإعزاز المرأة وإكرامها، وتقديم الدليل على بناء حياة زوجية كريمة معها، وتوفير حسن النية على قصد معاشرتها بالمعروف، ودوام الزواج. وفيه تمكين المرأة من التهيؤ للزواج بما يلزم لها من لباس ونفقة. اهـ.
التخفيف والتييسر في المهور :
والمهر حق مفروض للمرأة ، فرضته الشريعة الإسلامية ، ليكون تعبيرا عن رغبة الرجل فيها ، قال الله تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) النساء /4 .
ولا يعني هذا اعتبار المرأة سلعة تباع ، بل هو رمز للتكريم والإعزاز ، ودليل على عزم الزوج على تحمل الأعباء وأداء الحقوق .
ولم يحدد الشرع المهر بمقدار معين لا يزاد عليه .
ومع ذلك فقد رَغَّب الشرع في تخفيف المهر وتيسيره .
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خير النكاح أيسره) رواه ابن حبان . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خير الصداق أيسره ) رواه الحاكم والبيهقي . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3279) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أراد الزواج : ( التمس ولو خاتماً من حديد ) . متفق عليه .
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته المثل الأعلى في ذلك ، حتى ترسخ في المجتمع النظرة الصادقة لحقائق الأمور ، وتشيع بين الناس روح السهولة واليسر .
روى أبو داود (2125) والنسائي (3375) – واللفظ له - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ : تَزَوَّجْتُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنِ بِي – وهو الدخول بالزوجة - . قَالَ : أَعْطِهَا شَيْئًا . قُلْتُ : مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ . قَالَ : فَأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ ؟ قُلْتُ : هِيَ عِنْدِي . قَالَ : فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ . صححه الألباني في صحيح النسائي (3160) .
فهذا كان مهر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء أهل الجنة .
وهذا يؤكد أن الصداق في الإسلام ليس مقصوداً لذاته .
وروى ابن ماجه (1887) أن عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ قال : لا تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ. صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1532) .
(لا تُغَالُوا) أَيْ لا تُبَالِغُوا فِي كَثْرَة الصَّدَاق . . . ( وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ) أَيْ حَتَّى يُعَادِيَهَا فِي نَفْسه عِنْد أَدَاء ذَلِكَ الْمَهْر لِثِقَلِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ عِنْد مُلاحَظَة قَدْره وَتَفَكُّره فِيهِ . . . (وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ ) حَبْل تُعَلَّق بِهِ أَيْ تَحَمَّلْت لأَجْلِك كُلّ شَيْء حَتَّى الحبل الذي تعلق به القربة اهـ من حاشية السندي على ابن ماجه .
اثنتا عشرة أوقية تساوي أربعمائة وثمانين درهما أي مائة وخمسة وثلاثون ريال فضة تقريباً (134.4)
فهذا كان صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم ونسائه .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (32/194) :
فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة فهو جاهل أحمق ، وكذلك صداق أمهات المؤمنين ، وهذا مع القدرة واليسار ، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة اهـ .
وقال أيضاً في "الفتاوى الكبرى" :
"وَكَلامُ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ , وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ فَيُسْتَحَبُّ بُلُوغُهُ وَلا يُزَادُ عَلَيْهِ" اهـ .
هل المهر شرطًا من شروط صحة عقد النكاح
فالمهر ليس شرطاً من شروط النكاح ولا ركنا من أركانه فيصح عقد النكاح بدون تسميته، أو استلامه، هذا مذهب الجمهور، جاء في الموسوعة الفقهية: والمهر ليس شرطاً في عقد الزواج ولا ركنا عند جمهور الفقهاء، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه، فإذا تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور، قال الله تعالى: لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ـ فإباحة الطلاق قبل المسيس وقبل فرض صداق يدل على جواز عدم تسمية المهر في العقد. انتهى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
المصادر
مقاصد الشريعة الإسلامية للشيخ الطاهر بن عاشور
إسلام ويب :http://goo.gl/6GiO5i
الإسلام سؤال وجواب :https://goo.gl/2wkYjA
مجموع فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية (32/122)
تعليق