إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحلقة الحادية والعشرون من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحلقة الحادية والعشرون من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني



    * لن يتم الله النصر لهذا الدين إلا للمخلصين
    الإخلاص هو أن يكون فيه واحد قضيته نصرة هذا الدين وهذة الأمة وهى أول علامة من علامات نجاح القائد في تحرير البلاد


    * الشعوب التي تحكم بالظلم لا يمكن أبدا أن تنصر قضية لا يمكن أن تحرر بلدا أبدا أما الشعوب التي تعامل بالعدل تفني عمرها كله في سبيل قضية من قضايا الأمة

    * لم يحرر العالم الإسلامي إلا
    بالوحدة والجهاد في سبيل الله الجيوش المفرقة لن تنتصر قال تعالى: " وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"


    وللتعرف على مزيد من الإضاءات والنقاط الهامة
    تابعوا هذه الحلقة بعنوان

    الحلقة الحادية والعشرون من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني
    (21) عماد الدين زنكي ومظاهر الإخلاص (خط الزمن)



    رابط مشاهدة الحلقة على اليوتيوب:



    لتحميل الحلقة بجودات مختلفة من هنا:
    http://way2allah.com/khotab-item-21826.htm

    ​​
    جودة عالية avi
    http://way2allah.com/khotab-mirror-21826-29011.htm


    ​​
    رابط صوت MP3
    http://way2allah.com/khotab-mirror-21826-29012.htm



    ​​

    رابط الساوند الكلاود
    http://way2allah.com/khotab-mirror-21826-219848.htm


    ​​
    رابط تفريغ بصيغة pdf
    http://way2allah.com/khotab-pdf-21826.htm
    ​​
    رابط تفريغ بصيغة word

    https://archive.org/download/21Timeline/21-timeline.doc
    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 01-02-2018, 01:09 AM.

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36


  • #2

    حياكم الله وبياكم الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات: يسر
    فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
    أن يقدم لكم: تفريغ:

    الحلقة الحادية والعشرون من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني
    (21) عماد الدين زنكي ومظاهر الإخلاص (خط الزمن)



    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد؛ فأهلًا ومرحبًا بكم في هذا اللقاء المبارك، وأسأل الله -عز وجل- أن يجعل هذه اللحظات في ميزان حسناتنا أجمعين.

    مع الحلقة الحادية والعشرين من حلقات خط الزمن

    وما زلنا مع قصة فلسطين، في الحلقة اللي فاتت شُفنا إنّ مع كل الألم الذي اعتصر قلوب المسلمين هنا وهناك في أرض الشام، وفي أرض فلسطين، وفي كل البلاد الإسلامية التي شاهدت هذه المجازر والمآسي تحدث في أرض المسلمين، إلا أنَّ الله -عز وجل- دائمًا يَمُنّ على المسلمين بنور من الجهاد يخرج من مكانٍ ما.
    ليس بالضرورة يا إخواني ويا أخواتي أن يخرج هذا النور من البلاد التي تعرَّضت للأزمة، ساعات احنا لما نيجي نقيّم الأحداث نبصّ لمكان الأزمة فقط، ولا نوسّع النظرة إلى بلاد المسلمين، فيفوتنا خيرٌ كثير، لو إحنا بس بنبصّ على أرض فلسطين وأرض الشام، الأراضي التي احتُلت بالحروب الصليبيَّة في ذلك الوقت لرأينا أنَّ الأمل ينعدم تمامًا في التحرير، لكن وسَّعنا النظرة شويَّة شُفنا إنّ فيه في شمال العراق ما شاء الله كانت فيه حركة جهاديَّة عالية؛ لِكَوْن هذه المناطق كانت تعرَّضت لدورات مُكَثَّفَة من التربية، والتعليم، والجهاد، والدعوة إلى الله -عز وجل-، والقُرب من الله -عز وجل-، في زمان ألب أرسلان، وملكشاه، ونظام المُلك الطوسي، حتى خرج لنا من هذه المناطق مجاهدون كُثُر، وكان على رأس هؤلاء المجاهدين كما ذكرنا في الحلقة السابقة مودود بن التونتكين -رحمه الله-، من أعظم المجاهدين في تاريخ الأمة الإسلاميّة.

    القائد الجديد.. عماد الدين زنكي
    بمقتل مودود -رحمه الله- حمل الراية من بعده أعداد كبيرة من المجاهدين، لكن ظهر في موقعة الصنبرة، اللي هي كانت آخر مواقع مودود بن التونتكين -رحمه الله- سنة ٥٠٧ من الهجرة، ظهر فيها نجم جديد من القادة العسكريين المَهَرَة وكان لسَّه شاب صغير، وهو عماد الدين زنكي -رحمه الله-، بعد سلسلة طويلة جدًّا من الظروف العجيبة التي مرَّ بها عماد الدين زنكي وصل في سنة ٥٢١، يعني بعد الموقعة دي بـ ١٤ سنة، وصل إلى كرسي الحُكْم في إمارة الموصل، وأصبح أمير الموصل، وتعرَّض لمُضايقات كثيرة جدًّا من معظم القادة المسلمين في العالم الإسلامي، وطبعًا شخصية محترمة، شخصية نضيفة، شخصية بتبغي رضا الله -عزَّ وجلّ-، لازم تتعرض لمضايقات، لأن معظم الناس في ذلك الوقت طالبة مُلك، وطالبة سيطرة، وطالبة أملاك، وطالبة ثروات، ودا هيتعارض لا شكّ مع ما يرغب فيه عماد الدين زنكي -رحمه الله-.

    وعماد الدين زنكي من أول يوم مسك فيه الحكم والقضية عنده في منتهى الوضوح، تحرير العالم الإسلامي من الصليبيين، هو دا الشُّغْل الشَّاغِل ليه، مع إنه فين؟ مع إنه في الموصل، ولم يدخل في الموصل صليبي واحد، لكن القضية قضيته، والأمة أمته، والبلد بلده، مع إنّ هو عايش بعيد عن هذه البلاد بمئات الأميال.



    صفات الإنسان المجدّد نستلهمها من شخصية عماد الدين زنكي
    مش أيّ حدّ يا إخواني ويا أخواتي يفكّر بالطريقة دي، لازم يكون له صفات، وأنا نفسي نطلع من الحلقة دي بصفات الإنسان المُجَدّد، صفات الإنسان اللي ممكن يغيّر، صفات الإنسان اللي ممكن يحرّر، صفات الإنسان اللي رافع راسه مع إنّ الدنيا كلها راكعة حواليه للصليبيين.
    • الإخلاص لله تعالى
    الصفات دي لعلّ من أهمّها، ومن أبرزها، وكانت واضحة جدًّا في عماد الدين زنكي: الإخلاص لله -عزَّ وجلّ-.
    وواحد ممكن يقول لي طبعًا: إزَّاي الإخلاص؟ أنت عرفت منين؟ الإخلاص هذا عمل قلبي بينه وبين ربّ العالمين -سبحانه وتعالى-، أنا بقول لك إنّ الإخلاص دا ليه شواهد كتيرة جدًّا، والشواهد دي كانت موجودة كلها في حياة عماد الدين زنكي -رحمه الله-، من أعظم المجدّدين في تاريخ الأمة، من هذه الشواهد على سبيل المثال:

    - عدم تغيُّر القضية أبدًا في ذهنه.

    يعني حَكَم المسلمين عشرين سنة ما ذهبت القضية عن ذهنه سنة أو اتنين في كل العشرين سنة، من أول يوم لحد آخر يوم وقضيّته حرب الصليبيين.

    - من هذه الشواهد مثلًا: إيثاره لمصلحة المسلمين على مصلحته الشخصيَّة.
    يعني في أحد معاركه مع الصليبيين كان شاف إنّ القوّة بتاعته ضعيفة، وإنّ هو محتاج لمدد من المسلمين، فاستعان بالسلطان مسعود، السلطان مسعود هذا كان سلطان السلاجقة في ذلك الوقت، وكان على خلاف شديد مع عماد الدين زنكي، بل إنّه قام بمحاولة اغتيال لعماد الدين زنكي قبل هذه المعركة بحوالي شهرين أو تلاتة، يعني لسة بيفكَّر في قتل هذا الزعيم المسلم العظيم عماد الدين زنكي، ومع ذلك عماد الدين زنكي في هذه الأزمة يطلب المعونة من السلطان مسعود لحرب الصليبيين! فواحد من القادة بتوعه بيقول له يعني هتجيب السلطان مسعود لو انتصر على الصليبيين لأَخَذ البلاد بكاملها، قال: "يا أخي، يأخذها مسلم خير من أن يأخذها صليبي" مش مشكلة ياخدها، بس مايبقاش صليبي اللي واخدها، وماعندوش مانع يجيب هذا السلطان القوي ليساعده في هذه الحرب، ويأخذ البلاد بعد ذلك، ويضيع فيها عماد الدين زنكي أو تضيع أملاكه، أو يضيع سلطانه، ماعندوش مشكلة، المهم نصرة الإسلام والمسلمين.

    يا إخواني عماد الدين زنكي في معاركه كانت علامة البَدء أن يتحرك هو للقتال في سبيل الله، أوّل واحد بيتحرك في الجيش هو، يعني أول واحد ممكن يضيع ويفقد حياته، ويفقد ملكه، ويفقد كل شيء كان هو، علشان كدا بنقول إنّ هو كان قلبه فيه إخلاص، وإنّ ربنا -سبحانه وتعالى- بارك له في هذا الإخلاص، وأتمّ له النصر مرة واتنين وتلاتة وعشرة ولا يتمّ الله -عزَّ وجلَّ- النَّصر إلا للمخلصين.

    - عماد الدين زنكي كان محبوب في قلوب كل المسلمين.
    كل المسلمين اللي عاصروه، واللي عاشوا تحت حُكْمه، واللي شافوه من بعيد، واللي من أطراف الدنيا سمعوا بقصّته، ولحدّ دلوقتي اللي يسمع قصة عماد الدين زنكي يحبّه، وحُبّ الناس دا يا إخواني مش سهل "إذا أحبَّ اللهُ العبدَ نادى جبريلَ: إن اللهَ يحبُّ فلانًا فأحبِبْه، فيُحِبُّه جبريلُ، فينادي جبريلُ في أهلِ السماءِ: إن اللهَ يحبُ فلانًا فأحبُّوه، فيُحِبُّه أهلُ السماءِ، ثم يُوضَعُ له القَبولُ في الأرضِ" صحيح البخاري، لا يراه أحد في الأرض إلا أحبَّه، وكان كذلك عماد الدين زنكي -رحمه الله-.

    الإخلاص يا إخواني، إنّ يكون فيه واحد قضيّته فقط نُصْرة هذا الدين، ونصرة هذه الأمة، ودي أول علامة من علامات نجاح قائد في تغيير الأوضاع، ونجاح قائد في تحرير البلاد.

    • توقير الشريعة
    عماد الدين زنكي كان موقِّر تمام التوقير للشريعة، يعني من أول يوم مسك فيه الحُكْم في الموصل إلى آخر أيَّامه وهو يُقدِّم الشريعة في كل بنودها؛ في السياسة، في القضاء، في الأحكام الشرعيَّة على المجرمين، في التعاملات الاقتصاديَّة، في كذا أو كذا، في كل تعاملاته يُقَدِّم الشريعة -رحمه الله-.
    وكان لا ينزل على رأي إلا بعد سماع بهاء الدين الشهرزوري، اللي هو كان كبير القُضاة في زمانه، وكان من أكبر العلماء الشرعيين -رحمه الله-.
    ولعلنا نلاحظ إنه سمّى أولاده كلهم أسماء مرتبطة بالدين؛ لتوقيره للدين، يعني ابنه الكبير سيف الدين، واللي وراه نور الدين، واللي وراه قطب الدين، واللي وراه نصرة الدين، كلهم أسماء مرتبطة بالدين، لأنه كان موقّر تمام التوقير للدين وللشريعة.
    • الشجاعة بكُلِّ صُوَرِها
    عماد الدين زنكي كان عنده شجاعة عالية جدًّا لدرجة إن ابن الأثير يقول عنه كلمة جميلة جدًّا، يقول: "وكان عماد الدين زنكي أشجع خلق الله"، شوف الكلمة قَدّ إيه؟ وابن الأثير كان في العصور التي تَلَت عماد الدين زنكي بفترات قليلة جدًّا، يعني سمع هذا الكلام بأُذُنَيْه مِمَّن شاهد وعاصر وعاش مع عماد الدين زنكي -رحمه الله-، كان أشجع خلق الله.
    وعلى فكرة الشجاعة مش بس الشجاعة في أرض القتال، ولكن شجاعة أَخْذ القرار، ساعات الناس بيبقى عندها جيوش كبيرة، وعندها إمكانيات اقتصاديَّة، وعندها سلاح، وعندها أعداد، لكن ماعندهاش القُدْرة على أَخْذ قرار الحرب ضدّ أعداء الأُمَّة، ودا اللي كان بيتميَّز بيه عماد الدين زنكي -رحمه الله-، كان أشجع خلق الله.
    وفي مكان آخر يقول ابن الأثير عنه: "وقد بلغ في الشجاعة الغاية" يعني أعلى مَثَل ممكن يُضْرَب في الشجاعة كان موجود في عماد الدين زنكي -رحمه الله-.
    كان يتَّصف بالعدل -رحمه الله-، الشعوب يا إخواني اللي تُحْكَم بالظُّلْم لا يمكن أبدًا أن تنصر قضية، لا يمكن أن تُحَرِّر بلدًا أبدًا، أمَّا الشعوب التي تُعامل بالعدل فإنَّها تفني عمرها كله في سبيل قضية من القضايا.
    كان -رحمه الله- يأمر جيشه ألا يضرّ عودًا واحدًا من القمح، أو عودًا واحدًا من الزراعة لفلاح من الفلاحين البُسَطَاء، لما تمشي الجيوش في وسط الأراضي الزراعيَّة يحافظوا على إنّهم ما يدوسوش على أيّ زراعة للفلاحين البسطاء، بل إنّه إذا أخذ جندي من الجنود المسلمين الذين تحت إمرته وهم يذهبون للجهاد في سبيل الله إذا أخذ تبنًا للحصان أو للدابة التي معه في القتال من فلاح، فإنه يأمره أن يدفع ثمن هذا التبن، ماقالش دا في سبيل الله، ودا جهاد في سبيل الله، لا؛ مايظلمش الفلاح. هذا العدل الذي حكم به هو الذي يسَّر له بعد ذلك أن ينصره ربّ العالمين -سبحانه وتعالى- "وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ" آل عمران:١٢٦.
    • رقّة القلب ورحمة الفقراء
    عماد الدين زنكي مع هذه القوة والبأس، ومع هذه الانتصارات على الصليبيين -رحمه الله- كان رقيقًا جدًّا مع الضعفاء، وكان رقيقًا جدًّا مع الفقراء، وكان يُخْرِج صدقات علانيةً في كل أسبوع، علشان يشجّع كل أثرياء المسلمين أن يُخرجوا صدقاتهم في سبيل الله، وكان يُخرج صدقات سريّة كل يوم، كل يوم عنده صدقات سرية للفقراء والمساكين في داخل دولته، فأصبح حُبّه في قلوب عامة الرعية في دولته.
    • جَمَع كل صفات القائد المسلم
    كان حَسَن السياسة -رحمه الله-، كان عارفًا بالرجال، كان عليمًا بالإدارة، كان عليمًا بفنون الحرب، كان فارسًا على أعلى مستوى.
    جَمَع يا إخواني ويا أخواتي كل صفات القائد المسلم.
    اللي أنا قُلته دا صفات لا بُدَّ أن تكون موجودة في القائد الذي يطمح أن يُغيّر، في القائد الذي يطمح أن يُجدّد لهذه الأمة دينها وشريعتها وانتصارها ومجدها وعزّتها على الكافرين.

    وضوح الهدف.. ووضوح الطريق إليه
    • الهدف تحرير العالم الإسلامي
    عماد الدين زنكي زَيّ ما قُلنا كان عنده رؤية واضحة من أول ما تولَّى الحُكم وهو عنده قضية في منتهى الوضوح: تحرير العالم الإسلامي.
    • الطريق إليه وحدةٌ وجهاد
    طب إزّاي نحرر العالم الإسلامي؟ بعد ما رتّب الأوضاع في دولته، وبعد ما رتّب موضوع القضاء والشرطة والأمن، ونسّق كل الأمور، اتّضح له الطريق الواضح جدًّا لتحرير العالم الإسلامي، وخُدوها كلمة من عماد الدين زنكي ومِن كل مَن جاء من ورائه من القادة والمغيّرين والمحررين، الكلمة دي بمنتهى البساطة: وحدةٌ وجهاد، هو دا المنهج اللي مشي عليه عماد الدين زنكي -رحمه الله-، ومَن تَبِعَه مِمَّن حرَّر بيت المقدس، وحرَّر فلسطين والشام، وحدةٌ وجهاد، لن يُحَرَّر العالم الإسلامي بغير وحدة، ولن يُحرر العالم الإسلامي بغير جهاد في سبيل الله.

    الجيوش المُفَرَّقة من المستحيل أن تنتصر، هذا ليس كلامي، هذا كلام ربّ العالمين -سبحانه وتعالى-: "وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" الأنفال:٤٦، التنازُع الذي كان بين إمارات الشام، ولا التنازع الذي كان في آسيا الصغرى بين المسلمين، والتنازع الذي كان في فلسطين، الصراعات المستديمة بين الإخوة والأشقاء، كان من الأسباب الرئيسية لفشل الأمة الإسلامية أمام الجيوش الصليبية، ولن ينتصر المسلمون إلا إذا توحَّدوا، وكان هذا واضحًا تمام الوضوح في عين عماد الدين زنكي.

    والقضية الثانية قضية الجهاد في سبيل الله، ورأى -رحمه الله- أنَّ المفاوضات ومباحثات السلام وكل هذه الأمور التي كان يقوم بها بعض المسلمين مع النصارى؛ اتّقاءً لشرّهم، هذا كله لا يُفلح أبدًا في ردّ بلاد المسلمين إليهم، وعَلِم علمًا يقينيًّا أنَّ الحقوق التي أُخذت لا تُستجدى من الأعداء، ولكن تؤخذ رغمًا عن أنوفهم.

    يا ترى ننفذ الكلام دا ازّاي؟ دا اللي هنعرفه إن شاء الله بعد الفاصل.
    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. كنا بنتكلم قبل الفاصل على قصة عماد الدين زنكي -رحمه الله-، وعلى الصفات العظيمة التي اتَّصف بها -رحمه الله-، والتي أهَّلته بعد ذلك ليكون مُجَدِّدًا لهذا الدين، وناصرًا لهذه الأمة أمام الصليبيين، وشُفنا وضوح الرؤية في حياته، ويا إخواني دا في غاية الأهمية وضوح الرؤية، يعني عنده هدف واضح محدد: تحرير البلاد الإسلاميَّة من الصليبيين، وعنده طريق واضح لهذا الهدف: وحدةٌ وجهاد.



    البَدْء بتوحيد العالم الإسلامي
    عمل إيه -رحمه الله-؟ بدأ يوحّد العالم الإسلامي، هو دلوقتي تحت إمْرَتِه الموصل فقط، فبدأ يضمّ إليها العالم الإسلامي، وحرص تمام الحِرْص على ألا يريق الدماء في أثناء هذا التوحيد للعالم الإسلامي في قبضةٍ واحدة، أو في يدٍ واحدة، أو على قلب رجلٍ واحد.
    وأوّل ما ضمّ إليه ضمّ إليه حلب، و-سبحان الله- ربنا زَيّ ما يكون بيجهّز له الأوضاع بمجرد ما استلم عماد الدين زنكي لقى الشعب في حلب نفسه هو اللي بيطلبه. وعلى فكرة أبو عماد الدين زنكي كان اسمه آق سنقر الحاجب -رحمه الله-، وكان من الأتقياء الوَرِعين، ومرّ في فترة من فترات حياته بحُكْم حلب، وترَّحم الناس عليه -كما يقول ابن الأثير- أبد الدهر، يعني كان شخصية خيِّرة من ابن إنسانٍ خيِّر، فشعب حلب لما سمع بولاية عماد الدين زنكي على أرض الموصل تذكَّر أباه، تذكر آق سنقر الحاجب، وبدأ الشعب هو اللي يطلب عماد الدين زنكي علشان ييجي يحكمه.
    وحصل بالفعل إنّ عماد الدين زنكي قدر يوحّد الإمارتين مع بعض، إمارة الموصل وإمارة حلب، وبذلك اجتاز الطريق إلى بلاد الشام، والشام هي اللي مُحتلّة بالصليبيين، والشام هي الطريق إلى أرض فلسطين. فعلشان كدا كان سعيد جدًّا بهذه الوحدة، وبدأ يضم إليه المدينة تلو المدينة، ضم إليه حماة، ضم إليه حمص، ضم إليه أرض شمال الجزيرة، اللي هي كان فيها منطقة الأراطقة أولاد أرطق بن أكسب، ضم إليه مناطق الأكراد في شمال العراق، عمل وحدة جميلة جدًّا من المسلمين في مناطق أخرى.

    دمشق عقبة في طريق التوحيد
    لكن وقفت أمامه عقبة في ذلك الوقت، مدينة دمشق، والحقيقة مدينة دمشق من أول قصة الحروب الصليبيَّة إلى منتصفها تقريبًا وهي تقف حجر عثرة أمام الجيوش الإسلامية، أو أمام قضية التوحيد في العالم الإسلامي.
    ليه الكلام دا؟
    لإنّ دمشق للأسف الشديد حُكِمَت بالعبيديين ١٠٠ سنة، زَيّ ما قُلنا قعدوا فيها ١٠٠ سنة أو ١٠٤ سنة، بالظبط زَيّ موضوع القدس وفلسطين. وبعد خروج العبيديين من أرض دمشق احتُلت باحتلال إسلامي، يعني حكمها بعد ذلك تتش بن ألب أرسلان، وبعدين ابنه دقاق بن تتش، وكلهم كان حكمهم ظالم، وحكمهم كان خارج عن الشريعة، والشعب عانى ألوانًا كثيرة من الذلّ، أخرجته عن طبيعته الإنسانية الإسلامية الصحيحة، أو عن الفطرة، فأصبح يقبل بالجُبن، ويقبل بالضعف والخور، ويقبل بأن يدفع الجزية مرة للنصارى، ومرة للحكام العبيديين، وفُرِّغت الشام كما ذكرنا من علمائها.

    فوضْع دمشق الحقيقة كان وَضْع مؤسف جدًّا في هذه الفترة من الزمن، ولم تقبل بالتوحُّد مع عماد الدين زنكي، وظلَّت إلى آخر حياته -رحمه الله- تقف حجر عثرة أمام الوصول إلى أرض فلسطين، وانتوا عارفين علشان أوصل من شمال الشام إلى أرض فلسطين لازم أعدّي على منطقة دمشق.




    جهاد عماد الدين زنكي ضدّ الصليبيين
    المهم إنّ هو وحّد هذه المناطق الكبيرة باستثناء دمشق، وبدأ مباشرة الجهاد مع الصليبيين، بعد أن عقد هدنة في البداية لمدة سنتين استطاع أن يقوم بهذا التوحيد، ثم بدأ يجاهد ضدّ الصليبيين.
    • الانتصار في حصن الأثارب
    وفي سنة ٥٢٤ من الهجرة يعني بعد ثلاث سنوات من حُكمه للموصل، وبعد ضمّه لحلب، ودا يوافق سنة ١١٣٠ من الميلاد استطاع أن يحقق انتصارًا كبيرًا على الصليبيين في حصن الأثارب، وأن يُرجع هذا الحصن -وكان قريب من حلب- إلى المسلمين، وكان دا انتصار ضخم قتل فيه ثلاثة آلاف صليبي في موقعةٍ واحدة.
    • الانتصار في مدينة تل باشِر
    بعدها بسنتين أو تلاتة حقَّق انتصار تاني في مدينة تل باشِر، وبدأت الانتصارات تتوالى.
    • الانتصار في اللاذقية
    وفي سنة ٥٣٠ من الهجرة ودا يوافق ١١٣٦ من الميلاد حقَّق انتصار مهيب في اللاذقية، واستطاع أن يحرر اللاذقية من الصليبيين، وأخد معاه في هذه الموقعة سبعة آلاف أسير صليبي، وحقق من الغنائم ما لا يُتَخَيَّل، فقط الماشية التي كانت كغنيمة في هذه الموقعة كانت مائة ألف رأس من الماشية.

    طبعًا الأرقام دي أرقام بتورّينا عزّة هذا الانتصار، لكن في نفس الوقت بتورّينا إمكانيات الإمارات الصليبيَّة في ذلك الوقت، واحنا بنتكلم على إمارة اللاذقية أو مدينة اللاذقية اللي هي كانت أحد المدن التابعة لإمارة أنطاكيا في ذلك الوقت، طبعًا كانت إمارات ضاربة في البلاد، واستطاعت أن تسيطر على كل شيء في منتهى القوة.
    • الانتصار في موقعة بارين
    في سنة ٥٣١ من الهجرة بعد سنة واحدة من انتصاره في موقعة اللاذقية، بيوافق الكلام دا ١١٣٧ ميلاديًّا، حقق انتصار مهول في موقعة بارين واستطاع أن ينتصر على مملكة طرابلس بالاتحاد مع مملكة بيت المقدس، مملكة طرابلس كان على رأسها ريمون الثاني، ومملكة بيت المقدس كان على رأسها فولكل إنجوي ملك بيت المقدس، وفي موقعة حارب فيها الاتنين مع بعض وانتصر انتصار ضخم جدًّا.
    • الانتصار في موقعة شيزر
    و-سبحان الله- في رمضان سنة ٥٣٢ من الهجرة، سنة ١١٣٨ من الميلاد، استطاع أن يُحَقِّق نصرًا كبيرًا في موقعة شيزر، وعلى فكرة النصر دا كان على الجيوش الصليبيَّة بكاملها المجتمعة من هنا وهناك، وكان معاهم جيش الإمبراطوريَّة الرومانية، تخيلوا، يعني جيش الدولة الرومانية العملاقة الدولة البيزنطية مع الجيوش الصليبية الأربعة، وانتصر عليهم عماد الدين زنكي انتصارًا مهولًا في موقعة شيزر، من أكبر المواقع في تاريخ الأمة الإسلامية.
    • الفتح العظيم.. فتح الرها
    ثم توَّج أعماله -رحمه الله- بفتح الرُّها سنة ٥٣٩ من الهجرة يعني ١١٤٤ من الميلاد، وفَتْح الرُّها دا معناه فتح إمارة من الإمارات العتيقة الصليبية في داخل البلاد الإسلامية، الإمارة دي يا إخواني أول إمارة تأسست في تاريخ العالم الإسلامي، تأسست سنة ٤٩٠ من الهجرة، واحنا فتحناها سنة ٥٣٩ من الهجرة يعني بعد حوالي ٤٨ سنة متصلة من الاحتلال.
    وقصة فتحها قصة في منتهى الأهمية، واستطاع فيها عماد الدين زنكي -رحمه الله- أن يُجَيِّش الجيوش، وإنه يعمل حشد ضخم جدًّا من المسلمين، وأن يحاصر المدينة، وأن يقوم بخدعة كبيرة جدًّا على الصليبيين، وأن يقوم بنقب الأسوار الهائلة التي حاول المسلمون قبل ذلك مرارًا أيام مودود بن التونتكين -رحمه الله- ومَن قبله من المجاهدين أن يقتحموها فلم يفلحوا، حاول نقب هذه الأسوار، وبالفعل أفلح في نقب هذه الأسوار ودخل المدينة العظيمة الرُّها في ٢٦ جمادى الآخرة من سنة ٥٣٩، ويصبح هذا اليوم يومًا من الأيام المشهودة في تاريخ الأمة الإسلامية، وكُسِرَت شوكة الصليبيين في هذه الإمارة، وسقطت إمارة الرُّها بكاملها باستثناء مدينة واحدة من مدنها هي مدينة تل باشِر، سقطت في يد عماد الدين زنكي -رحمه الله-.

    وكان هذا الفتح من أرقى الفتوح في تاريخ الإنسانيَّة، دخل -رحمه الله- المدينة التي احتُلت ٤٨ سنة متصلة، ومع ذلك أمَّن أرواح جميع النصارى غير المقاتلين في داخل المدينة، ولم يقاتل إلا مَن قاتله، بل وأعاد الأملاك لأصحابها الذين عاشوا في هذه البلاد من الأرمن السابقين، الذين كانوا يعيشون فيها قبل دخول الصليبيين، مع أن الأرمن هؤلاء كانوا من النصارى إلا أنه أمَّنهم وأعاد إليهم أملاكهم، ولم يُزهق روحًا واحدة غير مقاتلة في مدينة الرها، ورُفِعَت الأعلام الإسلاميَّة فوق أسوار الرها، وأصبح فعلًا يومًا من الأيام المشهودة في تاريخ الأمة الإسلامية.

    وطبعًا دا أعظم انتصارات عماد الدين زنكي مطلقًا، بل وأعظم انتصارات المسلمين في كل قصة الحروب الصليبيَّة منذ بدأت وحتى هذه اللحظة.

    هذا الانتصار يا إخواني ويا أخواتي أثبت لنا أنَّ الأمل لا يمكن أبدًا أن يموت، ٤٨ سنة من الاحتلال، عاشت أجيال، وتغيَّرت أجيال، ومع ذلك القضية حاضرة في أذهان المجاهدين في سبيل الله، حتى حُرِّرَت هذه البلد، وأصبح عماد الدين زنكي اسم يتناقله جميع المسلمين في كل مكان، وجاءته التشريفات من هنا وهناك، وممن أرسل له التشريفات الخليفة العباسي اللي طبعًا كان لا يُمَثّل شيء في هذا الوقت، كان ضعيف جدًّا بالقياس إلى عماد الدين زنكي، وكان أقوى شخصية اللي هو عماد الدين زنكي في العالم الإسلامي، وجاءته التشريفات بألفاظ جميلة جدًّا، سماه المقتفي لأمر الله كان الخليفة العباسي سمَّى عماد الدين زنكي بالملك العادل، وبرُكن الإسلام، وبعمدة السلاطين، وبالأمير المظفَّر، وبزعيم جيوش المسلمين.
    ودي كانت بداية تكوين الدولة الزنكية نسبةً إلى عماد الدين زنكي -رحمه الله-.

    وبذلك فُتح الطريق من العراق والشام إلى البلاد الإسلامية المحتلَّة من الصليبيين لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة من مراحل الجهاد في سبيل الله.




    مقتل القائد العظيم عماد الدين زنكي
    في نهاية قصّتنا أقول حاجة قبل ما أختم الحلقة: عماد الدين زنكي -رحمه الله- في سنة ٥٤١ من الهجرة يعني بعد سنتين من فتح الرها دخل عليه أحد خُدَّامه، وفي حركة خيانة كبيرة جدًّا قام بقتله -رحمه الله-، ليلقى الشهادة وهو محاصر لأحد القلاع في آخر حياته، وطبعًا قصة قتله هذه علامة استفهام كبيرة، ويقال أن هذا الرجل كان متعاونًا مع الصليبيين، أو متعاونًا مع غيرهم، لكن المهم في النهاية أن قُتل أو استُشهد عماد الدين زنكي -رحمه الله-.

    وظن المسلمون أن الأمور ستضيع، لكن -سبحان الله- جعل الله -عز وجل- من بعده خير الخَلَف لخير السلف، فجاء من بعده نور عظيم جدًّا أضاء العالم الإسلامي بكامله وهو نور الدين محمود ابن عماد الدين زنكي رحمه الله، وسلسلة جديدة من الجهاد نتعرف عليها في الحلقة القادمة.

    أسأل الله -عز وجل- أن يفقهنا في سننه، وأن يعلّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    تم بحمد الله
    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36



    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع

    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.
    في أمان الله

    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 01-02-2018, 01:23 AM.

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا وتقبل جهدكم أختنا الكريمة.


      رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

      اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


      ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

      تعليق


      • #4
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا وتقبل منكم



        تعليق


        • #5
          جزاكم الله خيرًا وبارك الله فيكم

          تعليق

          يعمل...
          X