إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحلقة الرابعة عشر من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحلقة الرابعة عشر من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني




    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

    إن ما يجري في فلسطين المحتلَّة لهو امتحان شديد لأمَّة الإسلام؛ لأن القدس والمسجد الأقصى والبقاع الطاهرة هناك ليست لأهل فلسطين فقط، ولا للعرب أيضًا، بل هي لكلِّ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فلا يملك أحدٌ كائنًا مَن كان أن يتنازل عن شبرٍ من أرضها لليهود الغاصبين؛ فهي أرض المسلمين أجمع، تُفدَى بالأرواح والمُهَج.



    فلسطين في عصر الخلافة الأموية و أوائل العباسية




    رابط مشاهدة الحلقة على اليوتيوب:


    لتحميل الحلقة بجودات مختلفة من هنا:
    http://way2allah.com/khotab-item-137866.htm

    جودة عالية MP4
    http://way2allah.com/khotab-mirror-137866-220261.htm

    رابط صوت MP3
    http://way2allah.com/khotab-mirror-137866-220262.htm



    رابط الساوند الكلاود
    http://way2allah.com/khotab-mirror-19712-219842.htm

    رابط تفريغ بصيغة pdf

    http://www.way2allah.com/media/pdf/137/137866.pdf

    رابط تفريغ بصيغة word


    https://archive.org/download/timeline14/timeline14.doc
    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 29-01-2018, 03:28 AM.

  • #2

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد؛ فأهلًا ومرحبًا بكم في هذا اللقاء المبارك، وأسأل الله -عز وجل- أن يجعل هذه اللحظات في ميزان حسناتنا أجمعين.

    مع الحلقة الرابعة عشر من حلقات خط الزمن، وما زلنا مع قصة فلسطين، في الحلقة اللي فاتت تكلّمنا عن الفتح الإسلامي لفلسطين، واتكلمنا على فتح القدس، وعلى فتح قيسارية، وعلى تحوُّل أرض فلسطين بكاملها إلى أرض إسلاميَّة منذ العام التاسع عشر من الهجرة، والكلام دا بيوافق سنة ٦٣٩ أو ٦٤٠ ميلاديّة، بعد كدا طبعًا دخلت فلسطين والشام بكاملها في حكم المسلمين، واتولَّى إمارة الشام بما فيها فلسطين أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه وأرضاه-، لكن احنا قُلنا إن في سنة ١٨ هجريّة حصل طاعون عمواس، ومات فيه أبو عبيدة -رضي الله عنه-، وتولى من بعده معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، ومات أيضًا في طاعون عمواس، فتولى من بعده يزيد بن أبي سفيان -رضي الله عنه-، ومات يزيد، كل دا في زمن سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، مات يزيد بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-، وتولَّى من بعده معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- إمارة الشام.

    ولاية معاوية بن أبي سفيان إمارة الشام
    يبقى الذي وَلَّى معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- على إمارة الشام بكامله، يعني الشام بكامله يعني إيه؟ يعني فلسطين ولبنان والأردن وسوريا، كل هذه المنطقة التي تولَّى إمارتها في زمن عمر بن الخطاب كان معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-. وفضل في الولاية لحد وفاة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وتولَّى خلافة المسلمين سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وأقرَّ معاوية طول فترة حكم عثمان بن عفان، اللي هي قعدت تقريبًا ١٢ سنة، من سنة ٢٣ هجريّة عند وفاة سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى سنة ٣٥ هجريّة، ١٢ سنة كاملة، يعني من سنة ٦٤٤ ميلاديّة لسنة ٦٥٥ ميلاديّة، طول هذه الفترة لم يحدث في الشام ولا في فلسطين فتنة واحدة، طول مُدّة حُكْم سيدنا معاوية بن أبي سفيان تحت خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عن الجميع-.

    سياسة معاوية -رضي الله عنه- في الحُكْم وما أدّت إليه
    في آخر عهد سيدنا عثمان بن عفان زَيّ ما انتوا عارفين حصلت الفتنة، وحصل حِصار بيت سيدنا عثمان في المدينة المنورة، وحصل حادث قتل واستشهاد عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، عندما استُشهد مظلومًا كما نعلم في العام الخامس والثلاثين بعد الهجرة، ٦٥٥ ميلاديّة.
    في كل هذه الأحداث لم يشترك في أحداث الفتنة في المدينة المنورة أيّ إنسان من بلاد الشام أو من أرض فلسطين، لكن كان معظم المشتركين من العراق ومن مصر ومن اليمن، لكن في الشام -سبحان الله- كانت الجموع كلها تعيش في منتهى الأمان والهدوء النفسي والديني والعقائدي مع معاوية بن أبي سفيان، كان يسوس الناس خير سياسة، وكان من أعظم المسلمين سياسةً إطلاقًا في تاريخهم، وعندما سألوه عن حُسن هذه السياسة قال: "بيني وبين الناس شعرة، إذا شدوا أرخيت، وإذا أرخوا شددت" وهو ما يُعرف في كلام الناس بشَعْرَة معاوية، الذي يستطيع أن يحكم الناس جميعًا مهما كانت تقلُّبات الناس، ومهما كانت بيئات الناس وظروف الناس المختلفة.

    وظل الوضع كذلك حتى جاء زمن سيدنا عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وحصلت طبعًا المشاكل الكبيرة في عهد الأمة الإسلاميّة، وحصلت موقعة الجمل، وموقعة صفين، وقتال الخوارج، يعني خمس سنوات من المشاكل الكبرى مرَّت بها الأمة الإسلامية.
    لكن مما نذكره أن في هذه الفترة لم تشهد فلسطين، ولم يشهد الشام بكامله أيّ نوع من القلاقل الداخلية، نعم كان هناك حروب بين جيش سيدنا معاوية بن أبي سفيان، وبين جيش سيدنا عليّ بن أبي طالب -رضي الله عن الجميع-، كان بينهم موقعة زي موقعة صفين، ومقدمات مواقع أخرى لم تتمّ، كل ذلك كان شعب الشام بكامله بما فيه فلسطين على قلب رَجُلٍ واحد ويد واحدة مع معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه وأرضاه-.

    بَدْء عهد الدولة الأموية بتنازُل الحسن بن عليّ لمعاوية عن الحُكْم
    وطبعًا زَيّ ما انتوا عارفين بعد وفاة سيدنا عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- شهيدًا بعد أن قتَلَه الخوارج، تولّى مِن بعده الحسن بن عليّ -رضي الله عنهما-، وتنازل عن الحُكْم لمعاوية بن أبي سفيان في سنة ٤١ من الهجرة الذي عُرف في التاريخ بعام الجماعة، والكلام دا كان سنة ٦٦٠ ميلاديّة، وبذلك استلم معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- حُكْم المسلمين، وبدأ عهد الدولة الأموية.

    سنوات العزّ والرّفعة للشَّام بصفةٍ عامة وفلسطين بصفةٍ خاصَّة
    طبعًا الخلافة الأموية بدأت في عهد سيدنا معاوية بن أبي سفيان، واستمرَّت زي ما احنا عارفين حوالي ٩٢ سنة، من سنة ٤١ هجريّة لسنة ١٣٢ هجريّة، ودا بيوافق من سنة ٦٦٠ ميلاديّة لحد ٧٥٠ ميلاديّة، حوالي ٩٢ سنة هجريَّة، وهذه السنوات بكاملها كانت من سنوات العِزّ والأُبَّهَة والتَّقَدُّم والرِّفْعَة للشَّام بكامله، ولفلسطين بصفةٍ خاصَّة، لأنَّ عاصمة الحُكْم الأموي كانت في دمشق، وهي قريبة جدًّا من القُدْس، وطبعًا لمكانة القدس الرفيعة كان يهتم بها عامَّة خلفاء الدولة الأمويَّة.

    وقفة مع الصَّحابيّ الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه

    طبعًا بداية الدولة الأموية كانت مع سيدنا معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-، ولا بُدَّ أن نقف وقفة مع هذا الرجل العظيم الذي ظُلِم كثيرًا في التاريخ الإسلامي.

    طبعًا يكفي أنَّه من الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين-، وكل الأحاديث التي ذكرها حبيبنا ورسولنا -صلَّى الله عليه وسلم- في حقّ الصحابة يدخل فيها معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه وأرضاه-، ويكفي أنَّه لو أنفق أحدنا مثل جبل أُحُدٍ ذَهَبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.
    (الحديث: ".. لو أن أحدَكم أنفق مثلَ أحدٍ ذهبًا، ما أدرك مدَّ أحدِهم، ولا نصيفَه" صحيح مسلم.)
    مدّ الأَحَد يعني ملء الكفّ، ولا نصيف هذا يعني حتى ولا نصّ هذا الإنفاق، يبقى لما يُنفق واحد من الصحابة -رضي الله عنهم- بما فيهم سيدنا معاوية بن أبي سفيان ملء الكف فقط، أو حتى نص ملء الكف أفضل ما نُنْفِق احنا مثل جبل أُحُد من الذهب، لماذا؟ لأنهم هؤلاء الذين أرسوا دعائم الإسلام.

    وشُفنا معاوية بن أبي سفيان كيف أدخل الإسلام إلى مناطق كثيرة جدًّا من الشام، لعل هو الذي أدخل الإسلام إلى أرض لبنان بكاملها، وهو الذي أدخل الإسلام إلى قيسارية، وهو الذي أدخل الإسلام إلى أنطاكية، وإلى أماكن كثيرة في جنوب تركيا.

    وهو الذي حكم المسلمين وثبَّت دعائم الدولة الإسلامية في هذه الفترة، لا أقول سنة ولا اثنين، لكن عشرين سنة كاملة في زمان الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم وأرضاهم-، وعشرين سنة كاملة بعد كدا في زمان خلافته للمسلمين بصفة عامة، يعني ظلَّ واليًا على الشام أو حاكمًا لأرض الشام أربعين سنة مُتَّصِلَة ثبَّت فيها دعائم الإسلام بشكل واضح وقوي.

    ويكفي يا إخواني ويا أخواتي أنَّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه- الفاروق ائتمنه على ولاية الشام، ولم يعزله مرة واحدة في حياته، مع أنَّ عمر بن الخطاب كان مُشْتهرًا بكثرة العزل لمن يشكُّ في ولايته أو إمارته حتى ولو كان اسمًا كبيرًا من أسماء المسلمين، ولا ننسى جميعًا أنه عزل قبل ذلك أبا موسى الأشعري، وعزل قبل ذلك العلاء بن الحضرمي، وعزل قبل ذلك عمار بن ياسر، بل وعزل قبل ذلك سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه وأرضاه-، عزل كل أولئك عندما حدثت بعض الفِتَن في حكمهم، أو حدثت منهم بعض الأخطاء التي اعتبرها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه- لا ينفع أن تكون موجودة في والي يحكم قُطْرًا من أقطار المسلمين، لكنه مع كل هذا العزل لهؤلاء الكرام من الصحابة لم يعزل معاوية بن أبي سفيان مرة واحدة في كل إمارته.

    حقائق هامة عن الدولة الأمويَّة
    بدأت عهد الدولة الأموية، وطبعًا الدولة الأموية نفسها دولة مظلومة جدًّا في التاريخ، إذا كنا بنتكلم على صحابي جليل بدأ هذه الدولة أنه تعرَّض لهذا الظُّلْم، فما بالكم بالدولة الأمويَّة؟

    فترة حُكْم الدولة الأمويّة وأشهر حُكَّامها
    الدولة الأمويَّة قعدت زَيّ ما قُلنا ٩٢ سنة، تناوب على خلافتها ١٤ خليفة، لعل من أشهرهم طبعًا معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-، وعبد الملك بن مروان، وأولاد عبد الملك بن مروان الأربعة؛ الوليد وسليمان ويزيد وهشام، وطبعًا دول اتولّوا حُكْم الأُمَّة الإسلاميَّة فترة طويلة من الزمن، ولعل من أشهر وأعظم وأكرم حُكَّام الدولة الأمويَّة عمر بن عبد العزيز الأموي -رضي الله عنه وأرضاه-.

    مكانة معاوية بن أبي سفيان ودوره في إرساء قواعد الإسلام في البلاد المفتوحة
    طبعًا أنا مابحبّش أقول عمر بن عبد العزيز الخليفة الخامس الرَّاشد كما هو مشتهر عند كثير من الناس وتُكتب في كثير من الكتب، أنا بقول الخليفة الخامس الراشد هو الحسن بن عليّ -رضي الله عنه وأرضاه- الذي تولَّى بعد معاوية بن أبي سفيان، وكثير جدًّا من علماء المسلمين -وأنا أؤيد هذا الرأي- يرفعون معاوية بن أبي سفيان في القَدْر والقيمة والعَظَمَة فوق عمر بن عبد العزيز، لأنّه هو الصحابي الجليل الذي ائتمنه الرسول -عليه الصلاة والسلام- على الكتابة، وكان يكتب رسائله، وفي بعض الروايات كان يكتب الوحي لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وهو الذي له السَّبْق في إرساء قواعد الإسلام في هذه البلاد، وما العمل الذي عمله عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه وأرضاه- إلا في الأماكن والولايات التي رسَّخ الإسلام فيها معاويةُ بن أبي سفيان ومَن معه من الصحابة.

    ازدهار فلسطين وعمرانها في عهد الدولة الأموية

    طبعًا فلسطين ازدهرت جدًّا في عهد الدولة الأمويَّة كما قُُلنا لقداستها ومكانتها العظيمة، ولقُُربها من دمشق عاصمة الخلافة الأموية، وظلّ هذا الاهتمام بدولة فلسطين أو بقُطْر فلسطين في داخل الدولة الأمويَّة، ومما يُذْكَر في هذا العهد أنَّ عبد الملك بن مروان أنشأ من جديد المسجد الأقصى، وبدأ إنشاؤه في سنة ٦٥ من الهجرة، وجدَّده وصرف عليه أموال ضخمة، وهو الذي بنى قبة الصخرة، واستكملها من بعده الوليد بن عبد الملك، وكان بناء في غاية الفخامة، وكلَّف الدولة أموال ضخمة جدًّا، لدرجة إنّ الخليفة عبد الملك بن مروان ومن بعده الوليد بن عبد الملك أوقفوا خراج مصر كل ما يأتي من مصر لمدة سبع سنوات كاملة لبناء المسجد الأقصى ولبناء قبة الصخرة، والفرق بين الاتنين دول مهم جدًّا.
    وهنتكلم عليه إن شاء الله بعد الفاصل.

    قبة الصخرة وجماله الذي لفت الأنظار
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    كُنَّا قبل الفاصل بنتكلم على المسجد الأقصى وعلى قبة الصخرة، الوليد بن عبد الملك أتمّ هذا البناء، وطبعًا الوليد بن عبد الملك من الأمراء الأمويين أو الخليفة الأموي اللي حَكَم من ستة وتمانين لستة وتسعين من الهجرة، الخليفة الأموي أتمّ هذا البناء وأنفق عليه أموال كبيرة جدًّا زَيّ ما قُلنا خراج مصر لمدة سبع سنوات، وكان بناء قبة الصخرة قبّة وضعها فوق الصخرة ليحدّد مكان الصخرة، كان هذا البناء في غاية الفخامة والأُبَّهَة، وكان طبعًا هو البناء المشهور اللي هو القبة الذهبي المشهورة، والبناء كله كان فيه اللون الذهبي، وهذه القبة على مدار السنوات المختلفة للأمة الإسلامية كثيرًا ما كانت تُدهن بالذهب الخالص، ذهب كامل، أموال ضخمة جدًّا كانت بتُنفق على هذا البناء، ولشدّة جمال هذا البناء لفت أنظار الكثير من المسلمين أكثر من المسجد الأقصى.

    قداسة المسجد الأقصى وأهميّته الخاصة

    وطبعًا أنا عايز أؤكد على حقيقة مهمة جدًّا أن مكان الصخرة لم يكن الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- والتابعون والعلماء من تاريخ الأمة الإسلامية يعطونه أهمية معيّنة عن بقية أرض فلسطين، يعني هو مكان مهم كأيّ قطعة في أرض فلسطين، غير المسجد الأقصى، المسجد الأقصى له أهمية أعلى، وأهمية أخصّ، والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة، والإهداء للمسجد الأقصى مُقَدَّم ومُعَظَّم كما وصف رسولنا -صلَّى الله عليه وسلم-، والإسراء كان للمسجد الأقصى، كل ارتباطنا وحياتنا والقيمة العالية جدًّا الخاصة في أرض فلسطين كانت للمسجد الأقصى وليس لمسجد قبة الصخرة.

    خطورة شهرة وتعظيم قبة الصخرة أكثر من المسجد الأقصى
    ومع ذلك يا إخواني ويا أخواتي الآن في ربوع العالم الإسلامي ولفترات طويلة جدًّا ظلَّت قبة الصخرة أكثر شهرة من المسجد الأقصى، وهذا فيه خطور كبيرة جدًّا.
    أوَّلًا: خطورة في الاتباع، لأننا مابنَتَّبعش اللي كان بيعمله الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم-، وهم أهل الخير ومصابيح الهُدى، مابنعملش اللي كانوا بيعملوه، بدأنا نركّز اهتمامنا على شيء لم يأتِ في الشرع دليل على أهمّيّته أكثر من غيره من الأماكن.
    لكن الشيء الخطير التاني إنّ مع مرور الوقت ناس كثيرة جدًّا جدًّا من المسلمين افتكروا قُبَّة الصَّخْرَة دي هي المسجد الأقصى، وإنّ كل التعظيم يكون لهذا المكان، فإذا قام اليهود في يوم من الأيام أو غيرهم من أعداء الأمة الإسلاميَّة قاموا بهَدْم المسجد الأقصى، وأبقَوا قُبَّة الصخرة، قد يعتقد المسلمون أنه لا ضير، مافيش مشكلة، المهم قبة الصخرة موجودة، المكان المُعَظَّم والمنتشر في الصور والكروت وفي كل مكان في الدعايا.

    حتى أحيانًا الذي يحكم فلسطين يضع خلف ظهره صورة قبة الصخرة وليس صورة المسجد الأقصى، وفي هذا لَبس كبير جدًّا وتلبيس على المسلمين وعلى أهل هذا الدين العظيم، الذين يجب أن يدافعوا بأرواحهم عن فلسطين بكاملها، وعن المسجد الأقصى بصفة أخصّ، فوجب التنبيه على هذه القضية.
    أرض فلسطين عاش فيها الكثير من العلماء والتابعين
    طبعًا أرض فلسطين شهدت الكثير والكثير من علماء المسلمين عاشوا فيها في زمان الدولة الأموية، عاش فيها رجاء بن حيوة الكِندي -رحمه الله-، وهو من كبار التابعين، وهو التابعي العظيم الذي أشار على سليمان بن عبد الملك بأن يُوَلِّي مِن بعده عمر بن عبد العزيز، مع إنّ ولي العهد لم يكن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-، فطبعًا دي من أعظم أعمال رجاء بن حيوة -رحمه الله-.
    طبعًا فيه تابعين كثير جدًّا عاشوا في أرض فلسطين، منهم من عاش فيها فترة من الزمن، ومنهم مَن عاش فيها ومات في أرض فلسطين، من هؤلاء التابعين الذين عاشوا في أرض فلسطين: مالك بن دينار، الأوزاعي، سفيان الثوري، ابن شهاب الزهري -رحمهم الله جميعًا-، وهم من كبار علماء الإسلام والمسلمين.

    من أعمال الدولة الأموية في أرض فلسطين.. إنشاء مدينة الرملة
    سليمان بن عبد الملك -رحمه الله- اللي اتولَّى حُكْم المسلمين من ٩٦ هجريّة لـ ٩٩ هجريّة، وهو أحد الخلفاء الأمويين المهمّين، أنشأ مدينة الرملة، والكلام دا كان في سنة سبعة وتسعين من الهجرة، يعني تقريبا سنة ٧١٧ ميلاديّة، وطبعًا دي من الأعمال اللي عملتها الدولة الأموية في أرض فلسطين.

    انتهاء الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية

    الدولة الأموية انتهت في سنة ١٣٢ هجريّة يعني ٧٥٠ ميلاديّة، وقامت من بعدها الدولة العباسية، وزَيّ ما احنا عارفين قيام الدولة العباسيَّة كان قيام دموي إلى حدٍّ كبير، قُتِل عدد كبير من أمراء الدولة الأموية، وطبعًا على رأس هؤلاء الخليفة الأموي الأخير اللي هو كان اسمه مروان بن محمد الأموي، وهذا قُتل في مصر في حلوان، طبعًا حلوان ساعتها كانت قرية قريبة من القاهرة، هي دلوقتي طبعًا داخل القاهرة، فقُتِل مروان بن محمد وانتهى عهد الدولة الأمويَّة وبدأ عهد الدولة العباسيَّة.

    مدَّة حُكْم الدولة العباسية

    الدولة العباسية حكمت المسلمين يا إخواني عدد ضخم جدًّا من السنوات، أكثر من خمسة قرون، حكمت من سنة ١٣٢ هجريّة لسنة ٦٥٦ هجريّة، يعني من ٧٥٠ ميلاديّة لسنة ١٢٥٨ ميلاديّة، ٥٢٤ سنة بالتَّمام والكمال، طبعًا دي فترة طويلة جدًّا جدًّا جدًّا من عمر الأمة الإسلامية.

    فترات القوة والضعف في عهد الدولة العباسية
    لكن فيه ألغاز كتيرة جدًّا في تاريخ الدولة العباسية، يعني مثلًا نسمع عن التَّقَدُّم، والرُّقِيّ، والعَظَّمَة، والإنتاج العلمي والاقتصادي، والسيطرة الواسعة على بقاع كثيرة من العالم الإسلامي، لكن في نفس الوقت عندما نقترب من حياة كثيرٍ من الخلفاء الذين حكموا الدولة العباسية نجد هناك بُعْد عن الشَّريعة، بُعْد عن الدّين، شُرب للخمور، لعب مع الجاريات والراقصات، تبذير الأموال بشكل غير مقبول، نجد ألغاز غير مفهومة، كيف يصبح لهذه الدولة هذه السيطرة على هذه المساحات الشاسعة من البلاد؟ وكيف يكون في تاريخ بعض الخلفاء فيها أو كثير من الخلفاء فيها هذه الصورة التي لا نرضاها أبدًا لمسلم فضلًا عن خليفة يحكم المسلمين؟

    علشان نفهم هذا اللغز لازم نقسّم تاريخ الدولة العباسية لفترتين رئيسيّتين:
    فترة بنسمّيها عهد القوّة: ودي الفترة الأولى من حياة الدولة العباسية، ودي استمرت من سنة ١٣٢ من الهجرة، لسنة ٢٤٧ من الهجرة، يعني ١١٥ سنة مُتَّصِلَة، اللي هي الفترة الأولى في عهد الدولة العباسيّة.
    بييجي وراها بعد كدا فترة الضعف في عهد الدولة العباسيَّة، اللي هي حوالي ٤٠٩ سنة، ابتداءً من سنة ٢٤٧ هجريّة لسنة ٦٥٦ هجريّة عندما سقطت الدولة العباسية.

    الفترة الأولى دي هي الفترة المشهورة في تاريخ الدولة العباسية، هي الفترة اللي فيها أبو جعفر المنصور، اللي فيها هارون الرشيد، اللي فيها المعتصم، اللي فيها المأمون، اللي فيها الأسماء الكبيرة من خلفاء الدولة العباسية، وهي دي الفترة اللي عمّ فيها الإسلام معظم ربوع الدنيا، وورثت فيها الدولة العباسية معظم أملاك الدولة الأموية، وحكمت فيها دولة إسلاميَّة تصل من الجزائر أو المغرب في بعض أوقات الدولة العباسية إلى أطراف الصين دولة واحدة تعتبر أكبر دولة في العالم في ذلك الزمن. وكان الحُكْم فيها مركزي في بغداد، وكان فعلًا معظم هذه المناطق أو كل هذه المناطق يدين بالولاء للدولة العباسية ومنها طبعًا أرض فلسطين.

    مع شدّة حُبّ الناس للدولة الأمويّة لماذا لم تحدث ثورات عند سقوطها؟
    يعني فلسطين انتقلت انتقال طبيعي جدًّا من حُكْم الدولة الأموية لحُكْم الدولة العباسية، لإنّ الدولة العباسية كانت في زمان قوّة في هذه الفترة، وماحصلش في فلسطين أيّ نوع من القلاقل، مع إنّ كان متوقَّع يحصل نوع من الثورات في داخل فلسطين، أو في داخل الشام بصفة عامة؛ لشدة ولاء هذه المناطق للدولة الأموية، وكان طبعًا الناس كلها بتحب الدولة الأموية حبًّا كبيرًا، وما زالت هذه المناطق إلى الآن تُحب الدولة الأموية حبًّا كبيرًا لحُسْن سياسة الخلفاء الأمويين للشعب بصفة عامة ولأهل الشام بصفة خاصة.

    وأنا برجع أقول وأفكَّركم بإنّ الدولة الأمويَّة كانت من الدول العظيمة جدًّا اللي انتشر فيها العلم، وانتشرت فيها الدعوة، وانتشرت فيها الفتوحات الإسلامية، ودخلت فيها الأندلس للإسلام، ودخلت فيها الهند للإسلام، وعاش فيها الكثير من التابعين، وكان فيها جهاد مستمر الصوائف والشواتي، يعني الصوائف الجيوش تخرج في الصيف، والشواتي تخرج في الشتاء للحرب في سبيل الله وللجهاد في سبيل الله، هذه هي الدولة الأموية، فالناس كانت بتحبها حب كبير جدًّا جدًّا، ولو جاء حاكم من حكام الدولة الأموية إلى هذا الزمن لاعتُبر بين الناس قدّيسًا، لإنّ طبعًا مع كل الأخطاء والمشاكل التي حدثت في عهد الدولة الأموية، ولا نقول أنهم ملائكة، أكيد كان عندهم أخطاء إلا أنهم كانوا فعلًا من أفضل وأعظم حُكَّام المسلمين في طول عهد المسلمين، وإلى زماننا الآن، ولو عندنا دولة إسلامية بتحكم المساحة اللي كانت بتحكمها الدولة الأموية، أؤكد لكم هذه الدولة تحكم العالم، لأن عندنا الدولة الأموية كانت بتحكم مساحة من الأندلس إلى الصين، فكانت طبعًا الدولة الأموية محبوبة عند الجميع.

    ومع ذلك لم يحدث بعد سقوطها ثورات في عهد الدولة العباسيَّة، لم يحدث ثورات في فلسطين ولا في الشام بصفة عامَّة، ولعل ذلك يرجع إلى بطش العباسيين عند بداية عهدهم، وسفك الدماء بشكل كبير، يعني ماكانش مقبول حقيقةً شرعيًّا في هذه الفترة، لكن زَيّ ما قُلنا انتقلت فلسطين انتقالًا طبيعيًّا إلى حُكْم العباسيين.

    مكانة أرض فلسطين في الدولة العباسيّة
    العباسيون اهتمُّوا الحقيقة بأرض فلسطين وبالقدس بصفة خاصة، وبسواحل فلسطين بصفة عامة، اهتموا بها لإن هي برضه أرض مباركة وأرض مُقَدَّمة، لكن لم يكن اهتمامهم بها كاهتمام الدولة الأموية بأرض فلسطين، ولم يكن كاهتمامهم هم العباسيون بأرض العراق، طبعًا لإنّ الدولة العباسيّة نقلت عاصمة الخلافة من دمشق إلى بغداد، فبَعُدَت فلسطين عن مركز الخلافة، لكن ظل الاهتمام بها قائمًا لوجود القدس بها، ولوجود المسجد الأقصى، ولوجود عدد كبير من المدن الساحلية المهمة التي كانت تعتبر ثغور للدولة العباسية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وطبعًا على سبيل المثال: يافا، وحيفا، وعكا، وقيسارية، وغزة، وغيرها من مدن الساحل في فلسطين.

    هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله
    يا ترى إيه اللي حصل بعد كدا في زمن الدولة العباسيَّة عندما ضعفت بعد سنة ٢٤٧ دا اللي هنعرفه بإذن الله في الحلقة القادمة.
    أسأل الله -عز وجل- أن يفقّهنا في سننه، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    تم بحمد الله
    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    التعديل الأخير تم بواسطة سلمى أم عمر; الساعة 30-01-2018, 04:34 AM.

    تعليق


    • #3
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكِ الله خيرًا ونفع بكِ أختنا الكريمة.


      رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

      اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


      ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة آمــال الأقصى مشاهدة المشاركة
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكِ الله خيرًا ونفع بكِ أختنا الكريمة.
        امين و اياكم اختنا

        تعليق


        • #5
          جزاكم الله خيرا
          قال الإمام الشافعي -رحمه الله -:
          (كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي...وكلما ازددت علما زادني علما بجهلي)

          تعليق


          • #6
            وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
            جزاكم الله خيرًا، بارك فيكم

            تعليق


            • #7
              جزاكم الله خيرًا وبارك الله فيكم

              تعليق

              يعمل...
              X