إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فقه النذور "اللقاء التاسع" للدكتور/ محمد محمود آل خضير | بصائر4

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فقه النذور "اللقاء التاسع" للدكتور/ محمد محمود آل خضير | بصائر4


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    فقه النذور "اللقاء التاسع" للدكتور/ محمد محمود آل خضير | بصائر4





    رابط المادة على الموقع:
    https://way2allah.com/khotab-item-145837.htm




    اليوتيوب:





    الجودة العالية HD:

    https://way2allah.com/khotab-mirror-145837-236348.htm




    رابط صوت MP3:
    https://way2allah.com/khotab-mirror-145837-236349.htm



    رابط الساوند كلاود:
    https://soundcloud.com/way2allahcom/b4-9




    رابط التفريغ بصيغة PDF:


    https://way2allah.com/media/pdf/145/145837.pdf



    رابط التفريغ بصيغة ورد:

    https://archive.org/download/fi9h-no...i9h-nodhor.doc

    تابعوا التفريغ مكتوب في المشاركة الثانية بإذن الله
    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 18-08-2018, 02:31 PM.


    رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

    اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


    ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

  • #2

    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصَحْبه، أمَّا بعد؛
    فأهلًا بكم ومرحبًا في دورة بصائر، على شبكة الطريق إلى الله، المستوى الرابع، ومعنا مادة الفقه، وموضوعنا هو النذور، والفقهاء يقرنون بين البابين المُهِمَّين؛ باب الأيمان، وباب النّذور، وقد يختصر الفقيه في باب النذر اعتمادًا على شيءٍ مما ذُكِرَ في باب اليمين.
    النَّذْر، سنتعرَّف في باب النذور على أنواع النذور، وهي مُهِمَّة، وعلى تأثير النِّيَّة في النَّذْر، وعلى الكفارة كذلك.

    ما هو النذر؟
    • النَّذْرُ لُغَةً
    والنَّذْر في اللغة هو النحب، وهو ما ينذره الإنسان فيجعله على نفسه نحبًا واجبًا.
    • النَّذْرُ اصطلاحًا
    والنَّذْر في الاصطلاح أو في الشَّرْع: إلزامُ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ نَفْسَه لله -تعالى- بالقَوْل -يُلْزِم نفسه بالقَوْل- شيئًا غير لازِمٍ عليه بأصل الشَّرْع.
    النذر أنْ يُلْزِم الإنسان المُكَلَّف المُخْتَار نفسه بالقَوْل، كأَنْ يقول مثلًا: "لله عليَّ نذرٌ أنْ أصوم ثلاثة أيام"، أو "لله عليَّ أنْ أصوم ثلاثة أيامٍ" ألزم نفسه بالقَوْل شيئًا ليس واجبًا عليه بأصل الشَّرْعِ.

    أركانُ النَّذْر
    ومن هنا نعلم أنَّ النَّذْرَ له ثلاثةُ أركانٍ:
    - النَّاذِر. - والمنذور. - وصيغة النَّذْر.
    قَوْلنا "لله عليَّ" أو "لله عليَّ نذرٌ"، هذه الصّيغة.
    والنَّاذِرُ هو المُتَكَلِّم.
    والمنذور: أنْ أصوم، أو أنْ أتصدَّق، ونحو ذلك.

    شروطُ النَّذْر
    النَّذْر حتى ينعقد له شروط:
    • أنْ يكونَ النَّاذِرُ بالِغًا عاقِلًا
    أوَّلًا أنْ يكونَ النَّاذِرُ بالغًا عاقلًا، فلا يَصِحُّ نَذْرُ الصَّبي والمجنون؛ لأنَّهما غير مُكَلَّفَين، فلو نَذَرَ الصبي فلا شيء عليه؛ لِقَوْل النبي -صلى الله عليه وسلم-: "رفع القلم عن ثلاثة الصبي حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ"[1]، أخرجه أبو داود والنسائي. أن يكون الناذر بالغًا عاقلًا.
    • أنْ يكونَ النَّاذِرُ مُسْلِمًا
    الشرط الثاني: أن يكون الناذر مسلمًا، وهذا عند الجمهور خِلافًا للحنابلة، فلو كان الإنسان كافرًا فنَذَرَ نَذْرًا فلا ينعقد نَذْرُه عند الجمهور، أمَّا الحنابلة فيرون صحّة النذر من الكافر، وأنه يقضيه إذا أسلم، واستدلّوا بحديث عمر -رضي الله عنه-، قال: "إني كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً "، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ" رواه البخاري ومسلم.
    إذن اشتراط أن يكون الناذر مسلمًا هذا محل خلافٍ.
    • أنْ يكونَ النَّاذِرُ مختارًا غيرَ مُكْرَهٍ
    الشرط الثالث: أن يكون النَّاذِر مختارًا، غيرَ مُكْرَهٍ، فلو أُكْرِه على النَّذْر فلا شيء عليه؛ لحديث: " إنَّ اللَّهَ تجاوزَ عن أمَّتي الخطأَ، والنِّسيانَ، وما استُكْرِهوا عليهِ" رواه ابن ماجة.
    • ألا يكون المنذور واجبًا
    الشرط الرابع: ألا يكون المنذور واجبًا، نحن قُلنا في تعريف النَّذْر أنه يوجب على نفسه شيئًا ليس واجبًا بأصل الشرع، أما إذا أوجب على نفسه شيئًا واجبًا، قال مثلًا: "نذرتُ أن أصوم شهر رمضان"، هذا لا ينعقد نذره في قَوْل جمهور الفقهاء.
    • ألا يكون المنذور مستحيلًا
    الشرط الخامس: ألا يكون المنذور مستحيلًا، كَمَن نذر صوم يوم أمس، لا ينعقد نذره، لأنه نَذَرَ أمرًا مستحيلًا.
    • أن يلفظ فيه بالقول
    الشرط السادس والأخير: أن يلفظ فيه بالقول، فلا يكفي في النذر مجرد النية، وهذه مسألة كثيرًا ما يُسأل الإنسان عنها، أنَّ إنسانًا نوى النذر، نوى كذا، فالنية لا ينعقد بها النَّذْر، فلا بُدَّ من اللفظ، لا بُدَّ من الصيغة.
    والفقهاء مُتَّفِقون على أنَّه لو أتى بلفظ النَّذْر في صيغته أنَّ نذره ينعقد، لو قال: نذرٌ عليَّ..، أو لله عليَّ نذرٌ أن أصوم، أو أن أتصدق، فهذا نذرٌ صحيحٌ.

    واختلفوا فيما إذا لم يُصَرِّح بلفظ النَّذْر، لكنه أتى بصيغةٍ تُفْهم الإلزام والالتزام، لو قال مثلًا: لله عليَّ كذا، لله عليَّ أن أصوم، لله عليَّ أن أعتمر، ولم يأتِ بلفظ النَّذْر.
    فالجمهور يرون أنَّ هذه الصيغة تفيد النَّذْر. ورُوي هذا عن ابن عمر -رضي الله عنه- إذ قال في رجلٍ قال: عليَّ المشي إلى الكعبة لله، قال: هذا نذرٌ فَلْيَمْشِ، وبمثله قال سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وغيرهم وحكاه ابن قدامة عن جماعةٍ من العلماء، ويقول هؤلاء الفقهاء: إن عدم ذكر لفظ النذر في الصيغة لا يؤثر ما دام أتى بعبارةٍ تُشعِرُ بالالتزام: لله عليَّ، فلفظة "عليَّ" في هذه الصيغة هي للإيجاب على نفسه، فينعقد نذره.
    وذهب بعض الفقهاء وهو قولٌ آخر لسعيد بن المسيب والقاسم بن محمد أنه لا بُدَّ من لفظ النَّذر.
    والمعتمد ما ذهب إليه الجمهور؛ إذا أتى الإنسانُ بصيغةٍ تُشعر بالالتزام انعقد نَذْرُه.

    حُكْم النَّذْر
    حكم النذر، هل هو مُسْتَحَبٌّ أو مكروهٌ، في ذلك تفصيل:
    أمَّا نذر التبرر، أو نذر الطاعة، المُطْلَق، أيْ غير المُعَلَّق على شرطٍ فهذا مُسْتَحَبٌّ، كما لو قال الإنسان: لله عليَّ أن أصوم كذا، أو أن أحج، فهذه طاعةٌ مستحبة، كما في قَوْله:
    "وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ" البقرة:۲٧۰.

    بخلاف النَّذْر المعلق على شرطٍ، مثلما لو قال: إذا شفى الله مريضي فعليَّ نذرٌ أن أصوم كذا، فهذا مكروهٌ لأنه يعتقد أنَّ النَّذْر له تأثيرٌ في شفاء المريض، وليس له تأثير في الحقيقة. ولهذا جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر قال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّذْرِ، وَقَالَ: إِنَّهُ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ" رجل بخيل يقول: إنْ جاءتني الوظيفة تصدَّقتُ لله بألفٍ، هذا النذر ليس له تأثيرٌ، ليس له تأثيرٌ في حصول الوظيفة أو في عدمها إنما يُستخرج به من البخيل، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذا النذر لأن فيه إلزام الإنسان لنفسه بما لا يلزمه، وقد يشق عليه فلا يفي به.

    هذا التفصيل في أنواع النذور بين نذر الطاعة المُطْلَق وبين النذر المُعَلَّق ذهب إليه جماعةٌ من الفقهاء، جزم به بعضُ الشافعية، قال الرملي -رحمه الله-: "الأصح اختصاص الكراهة بنذر اللجاج المُعَلَّق على شيءٍ لأنه لا يأتي بخيرٍ وإنما يُستخرج به من البخيل، بخلاف نذر التبرر فهو مندوبٌ إليه".
    مذهب الحنابلة أنَّ النَّذْر كله مكروهٌ بأنواعه.
    وذهب الحنفية إلى أن النذر قربةٌ مشروعةٌ بإطلاقٍ دون تفصيل.
    والمعتمد في هذا -والله أعلم- الفرق بين نذر التبرر المطلق وبين النذر المعلق على شيءٍ.

    أنواع النَّذْر
    • النوع الأول: نذر الطاعة
    النذرُ أنواعٌ عدّة، حاصلُها ما ذكره الفقهاء، أوَّلًا: عندنا نذر الطاعة، والتبرر، سواءٌ كان مطلقًا؛ قال: "لله عليَّ نذر أن أصوم يومًا أو أن أعتكف ليلةً". أو كان مُعَلَّقًا على شرطٍ، قال: "إنْ شفى الله مريضي فعليَّ أن أتصدق بألفٍ"، فالصدقةُ طاعةٌ، فأنت إذا أردت أن تعرف هل هو نذر طاعة أو لا، تنظر إلى الفعل المنذور سواء كان مطلقًا أو كان معلقًا، نذر الطاعة هذا يجب الوفاء به، لحديث عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ" أخرجه البخاري. إذن نذرُ الطَّاعة يجب الوفاء به.

    مَن نذر نذرًا لا يطيقه فكفَّارته كفارة يمين
    وهنا تأتي قضية أنَّ بعض الناس قد ينذرون أشياء ثم يعجزون عن الوفاء بها، كثيرٌ من النَّاس يقول: "نذرتُ أن أصوم من كل شهرٍ ثلاثة أيام إذا حصل لي كذا"، ثم لم يستطع، "نذرتُ أن أُصَلِّيَ على النبي -صلى الله عليه وسلم- ألف مرةٍ في اليوم والليلة"، ثم يعجز عن الوفاء، وتتراكم عليه هذه الواجبات.
    نقول: إذا عجز النَّاذِر عن الوفاء بالنَّذْر لكِبَر سنّه أو لمرضٍ لا يُرجى برؤه ولم يتمكّن من الوفاء أو نزلت به فاقةٌ فلم يستطع الصدقة، ويئسن من حصول الغنى له فإنه يكفِّرُ كفَّارةَ يمينٍ ويتحلَّل من نَذْرِه؛ لحديث ابن عباس أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
    "مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا أَطَاقَهُ فَلْيَفِ بِهِ" رواه أبو داود، قال الحافظ بن حجر: رواته ثقاتٌ لكن أخرجه ابن أبي شيبة موقوفًا وهو أشبه.
    مَن نذر نذرًا لا يطيقه فكفَّارته كفارة يمين، فمن عجز عن الوفاء بالنذر عجزًا تامًّا كفَّر كفارة يمين وتحلَّل من نذره.
    هذا نذرُ الطَّاعة.
    • النوع الثاني: نذر اللجاج والغضب
    النوع الثاني: نذرٌ يُقال له نذر اللجاج والغضب، وهو ما خرج مخرج اليمين للحثّ على فِعْل شيءٍ أو على تَرْكِ شيءٍ أو تصديق شيءٍ أو تكذيبه، وهذا كثيرًا ما يصدر من الناس، يريد أن يمنع نفسه فيقول مثلًا: إنْ شربتُ الدخان فلِلَّهِ عليَّ أن أصوم شهرًا، فهنا إنما أراد الصيام ليمنع نفسه.
    هنا نُفَرِّق بين نذر الطاعة المُعَلَّق "إن شفى الله مريضي صمتُ"، هذا نذر طاعة، لكن هنا يريد أن يمنع نفسه أو أن يحثّ نفسه، يقول مثلًا: "إنْ لم أذهب إلى صلاة الجماعة في كل فريضةٍ فلِلَّهِ عليَّ أن أتصدق بألفٍ"، هذا يسمَّى نذر اللجاج والغضب، خرج مخرج اليمين، كأنَّه قال: والله لأفعلن كذا، فهو يريد أن يحثّ نفسه على فعل شيءٍ أو أن يمنع نفسه من معصيةٍ معيّنة.
    فهل نذر اللجاج والغضب يُخَيَّر فيه النَّاذِر بين فعل المنذور وبين كفارة اليمين إذا حنث أو إذا لم يَفِ، فهذا الرجل قال: "لله عليَّ نذرٌ إذا لم أذهب إلى المسجد أن أتصدق"، ولم يذهب إلى المسجد، فإمَّا أن يتصدَّق وإمَّا أن يُكَفِّر كفارة يمين، هذا يُقال له نذر اللجاج والغضب.
    • النوع الثالث: النذر المُبْهَم أو المُطْلَق أو الذي لم يُسَمَّ
    النوع الثالث: النذر المُبْهَم أو المُطْلَق أو الذي لم يُسَمَّ، كأن يقول: "لله عليَّ نذرٌ" ويسكت فلا يذكر الفعل المنذور، وهذا تجب فيه كفارةُ يمينٍ لحديث عقبة بن عامر قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كَفَّارَةُ النَّذْرِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ" رواه الترمذي وهو عند مسلم لكن دون قوله "إذا لم يُسَمَّ"، عند مسلم: "كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ" عند الترمذي: "كَفَّارَةُ النَّذْرِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ". قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: "القسم الثالث: النذر المبهم، وهو أن يقول لله عليَّ نذرٌ، فهذا تجب به الكفارة في قَوْل أكثر أهل العلم".
    • النوع الرابع: نذر المباح
    النوع الرابع: نذر المباح. ما نذر فعل طاعة لا مُعَلَّقة ولا مطلقة، ولا لمنع نفسه أو حثّها، إنما نذر فِعْلًا مباحًا كقَوْله لله عليَّ أن ألبس ثوبًا أو أن أركب السيارة أو أن أمشي، أن أمشي إلى البيت الحرام، نذر فعلًا مباحًا، يرى الجمهور أن نذر المباح لا ينعقدُ، يقولون: نذر المباح لا ينعقد، ولا شيء عليه إنْ فعل أو لم يفعل.

    وذهب الحنابلة إلى أن هذا النَّاذِر يكون مُخَيَّرًا بين الوفاء وبين كفارة اليمين.
    ما الدليل على دخول الكفارة في النذر المباح؟

    الدليل ما جاء في حديث عقبة بن عامر أن أخته نذرت أن تمشي إلى بيت الله الحرام فسُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: "مروها فلتركب ولتكفر عن يمينها"[2] هذا الحديث حديثٌ صحيحٌ أخرجه أبو داود في سُنَنِه. فهي نذرت أن تمشي إلى البيت، إلى بيت الله الحرام، وهذا نَذْرُ فِعْلٍ مباح، "مروها أن تركب ولتكفر عن يمينها".

    والجمهور يقولون: لا كفارة؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث أنه لم يأمر بالكفارة، حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلًا يهادي بين اثنين فسأل عنه فقالوا نذر أن يحج ماشيًا فقال: "إن الله لغنيٌّ عن تعذيب هذا نفسه، مروه فليركب"[3]، ولم يذكر كفارة، والحديث في الصحيحين، لم يأمره بالكفارة.

    والحنابلة يقولون: قد جاءت الكفارة مبينة في الحديث الآخر "مروها فلتركب ولتكفر عن يمينها".

    ومِن نذر المباح ما جاء "أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ:.. إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ، فقَالَ النبي –صلى الله عليه و سلم-: أَوْفِي بِنَذْرِكِ" رواه أبو داود. دليل على الوفاء بالنذر المباح.
    • النوع الخامس: نذر المكروه
    النوع الخامس: نَذْر المكروه، لو نَذَر الإنسان أن يفعل شيئًا مكروهًا كنذر الطلاق، وهذا يُستحب أن يُكَفِّر كفارة يمين ليخرج من عهدة النذر، ولا يفعل المنذور.
    • النوع السادس: نذر المعصية
    النوع السادس وهو نذر المعصية، النوع السادس والأخير من أنواع النذر نذر المعصية، كما لو نذر أن يشرب الخمر، أو أن يأكل حرامًا، فهذا لا يجوز له أن يفي بنذره بالإجماع، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ".

    ولكن اختلف الفقهاء هل ينعقد نذره أو لا ينعقد؟ وهل تلزمه الكفارة أو لا؟ نذر أن يفعل شيئًا مُحَرَّمًا فهل عليه كفارة أو لا؟ ينعقد نذره أو لا؟
    ذهب الحنفية والشافعية إلى عدم انعقاد هذا النذر، قالوا: لا يصح هذا النذر، مَن نذر فعلًا مُحَرَّمًا لا يصح نذره ولا شيء عليه.
    وذهب المالكية والحنابلة إلى أن نذر المعصية منعقدٌ وصحيحٌ ولا يفي به.

    وتلزمه الكفارة عند الحنابلة وعند الحنفية وفي قولٍ للشافعيّ -رحمه الله- تلزم الكفارة مَن نذر فعلًا مُحَرَّمًا.
    استدل الحنابلة بحديث عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَة الله، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ" وهذا نصٌّ صريح، والحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وهو حديثٌ صحيح "لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ".
    وأيضًا في حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه-، أخرجه النسائي بإسنادٍ صحيحٍ، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "النَّذْرُ نَذْرَانِ: فَمَا كَانَ مِنْ نَذْرٍ فِي طَاعَةِ اللَّهِ فَذَلِكَ لِلَّهِ وَفِيهِ الْوَفَاءُ، وَمَا كَانَ مِنْ نَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَذَلِكَ لِلشَّيْطَانِ وَلَا وَفَاءَ فِيهِ، وَيُكَفِّرُهُ مَا يُكَفِّرُ الْيَمِينَ" وهذا صريحٌ أيضًا.
    أيضًا مما استدلّوا به على وجوب الكفارة على مَن نذر فعل أمرٍ مُحَرَّم حديث ابن عباسٍ أنه جاء رجلٌ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إن أختي نذرت أن تحج ماشية، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا، فَلْتَحُجَّ رَاكِبَةً، وَلْتُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهَا" أخرجه أبو داود والحاكم في مستدركه.
    إذن الحنفية والحنابلة يرون أن نذر المعصية فيه كفارة، والمقصود بالكفارة هي كفارة اليمين.

    مصرف النذر
    مصرف النذر، لو نذر الإنسان مثلًا طعامًا أو صدقةً فلِمَن يُعْطِ هذه الصدقة؟ مصرف النذر بحسب ما نوى الإنسان، بحسب ما نوى صاحبه ما دام مشروعًا، فلو قال مثلًا: "نذرتُ أن أتصدق بشاةٍ أو ببقرةٍ" فإنْ نوى شيئًا عملنا بنيّته، وإنْ لم ينوِ فإنها تُصرَفُ للفقراء والمساكين.

    هل يحقّ للنَّاذِر أن يأكل من نذره؟
    ومسألة هل يأكل من نَذْرِه أو لا، هذا الذي نذر شاةً أنْ تُوَزَّع لله هل يأكل منها أو لا؟ هذا يُرْجَع فيه إلى نيّته أوَّلًا، أنْ يأكل أو لا يأكل، إنْ لم تكن له نية رُجِعَ إلى العرف في بيئة هذا الناذر، هل في عرف الناس أنه مَن نذر شيئًا لله أنه يأكل منه أو لا يأكل؟ وهذه مسألةٌ يكثر السؤال عنها، يقول: هذه نذرتها لله هل أطعم منها أنا وأهلي؟ فنقول: هل لك نيَّةٌ أن تطعم أو لا؟ فيقول: ما نويتُ شيئًا، فنقول: ما عُرْف الناس في بيئتك إذا نذروا شيئًا لله؟ فإنْ قال: عُرْفهم أنهم يأكلون منه، فنقول: لا بأس أن تأكل منه. إنْ كان عُرْفهم أنهم لا يأكلون منه، فنقول: لا يجوز لك أن تأكل منه.

    عُلِمَ من هذا أن النية معتبرة في باب النذر كما هي معتبرةٌ في باب اليمين، النية تُقَيِّد.
    القرافي -رحمة الله- يقول في "الذخيرة": "المعتبر في النذور النية".
    وأيضًا الخرشي في شرحه على مختصر خليل يقول: "يُنْظَر في النذر -كاليمين- إلى النية ثم العرف ثم اللفظ".
    إذن هذه مسألة مهمة أننا قد نحتاج إلى معرفة نية الناذر، هل يأكل أو لا يأكل، أو قال مثلًا: "نذرتُ أن أتصدق" هل نويت الصدقة على أناس معينين أو أطلقتَ ولم تنوِ شيئًا؟ وهكذا.

    فالنذر في الحقيقة مُلْحَقٌ باليمين ويجري مجراه، بل قال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أحمد وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: "إِنَّمَا النَّذْرُ يَمِينٌ".
    ولهذا كما رأيتم تلزم الكفارة، وإذا قلنا الكفارة فالمقصود بها كفارة اليمين المعروفة، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمَن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.

    مبنى النذر على النية كما أن الأيمان مبناها على النية، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: "اتفقوا على أنه يُرجع في اليمين إلى نية الحالف إذا احتملها لفظه" هذا محل اتفاقٍ، وكذلك في النذر، بل صرَّح كثيرٌ من الفقهاء أنه يُرْجَع في النذر أيضًا إلى السبب الباعث أو المُهَيِّج.
    فنقول كما قُلنا في اليمين يُرجع في لفظ الناذر إلى نيّته ثم إلى السبب ثم إلى التعيين ثم إلى لفظه شرعًا فعُرْفًا فلُغَةً.

    هذا ما يتعلق بمسائل هذا الباب، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.

    تم بحمد الله
    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36



    [1] "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يَفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ" سنن أبي داود.
    [2] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ يَعْنِي أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا، فَلْتَحُجَّ رَاكِبَةً، وَلْتُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهَا" سنن أبي داود.
    [3] عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ، قَالَ: مَا بَالُ هَذَا؟، قَالُوا : نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ، قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ"، وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ. صحيح البخاري.

    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 18-08-2018, 02:37 PM.


    رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

    اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


    ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

    تعليق


    • #3
      جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

      "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
      وتولني فيمن توليت"

      "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

      تعليق


      • #4
        بداية من اللقاء الرابع لم اجد التفريغات هل هذا عندي فقط اني لم اجدها ام لم تنشر اصلا

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة مروة عيسي مشاهدة المشاركة
          بداية من اللقاء الرابع لم اجد التفريغات هل هذا عندي فقط اني لم اجدها ام لم تنشر اصلا
          نعم أختنا لم ينتهوا بعد
          إن شاء الله يتم وضعهم في أقرب وقت.


          رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

          اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


          ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة بذور الزهور مشاهدة المشاركة
            جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
            جزاكِ الله خيرًا مثله.


            رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

            اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


            ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة مروة عيسي مشاهدة المشاركة
              بداية من اللقاء الرابع لم اجد التفريغات هل هذا عندي فقط اني لم اجدها ام لم تنشر اصلا
              تم وضع تفريغات الدرس الرابع والباقي يأتي يضاف تباعًا بإذن الله

              "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
              وتولني فيمن توليت"

              "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

              تعليق


              • #8
                تم وضع التفريغات الخاصة بالدرس

                "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
                وتولني فيمن توليت"

                "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

                تعليق

                يعمل...
                X