إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فقه الأيمان "اللقاء الثامن" للدكتور/ محمد محمود آل خضير | بصائر4

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فقه الأيمان "اللقاء الثامن" للدكتور/ محمد محمود آل خضير | بصائر4


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    فقه الأيمان "اللقاء الثامن" للدكتور/ محمد محمود آل خضير | بصائر4




    رابط المادة على الموقع:
    https://way2allah.com/khotab-item-145777.htm



    اليوتيوب:







    الجودة العالية HD:

    https://way2allah.com/khotab-mirror-145777-236227.htm




    رابط صوت MP3:
    https://way2allah.com/khotab-mirror-145777-236228.htm




    رابط الساوند كلاود:
    https://soundcloud.com/way2allahcom/b4-8




    رابط التفريغ بصيغة PDF:

    https://way2allah.com/media/pdf/145/145777.pdf



    رابط التفريغ بصيغة ورد:


    https://archive.org/download/fi9h-ayman/fi9h-ayman.doc


    تابعوا التفريغ مكتوب في المشاركة الثانية بإذن الله
    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 18-08-2018, 02:03 PM.


    رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

    اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


    ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

  • #2

    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه، أما بعد؛
    فأرحب بكم في دورة بصائر على شبكة الطريق إلى الله، ومعنا مادة الفقه وموضوعنا هو الأَيمان. والأَيمان أو كتاب الأَيمان كتاب مهمٌ من كتب الفقه، سنتعرف على أنواع الأَيمان وعلى حكم اليمين، متى تجب ومتى تحرم، كذلك ما يتعلق بتعدد الأَيمان، وتعدد الكفارة، وتأثير النية في اليمين ومتى تُعتبر النية ومتى لا تُعتبر إلى غير ذلك من المسائل إن شاء الله -عزَّ وجلَّ-.

    الأيمان في اللغة وفي الاصطلاح

    واليمين في اللغة: القَسَم والقوة والبركة واليد اليمنى، لها عدة معاني في اللغة، القوة والقسم والبركة واليد اليمنى، لأنهم كانوا إذا تحالفوا أخذ كل واحدٍ يمين صاحبه.
    أما في الاصطلاح:فاليمين هي توكيد الحكم بذكر مُعظَّمٍ، توكيد يعني تأكيد الحكم، بذكر معُظَّمٍ على وجهٍ مخصوص، تحلف بالله لأنك تُعَظِّم الله، وعلى وجهٍ مخصوص تذكر أداة القسم وغير ذلك كما سيأتي.

    مشروعية الأَيمان في الكتاب و السُنَّة والإجماع
    والأيمان مشروعةٌ بالكتاب والسُنَّة والإجماع، فمن الكتاب: قوله سبحانه: "لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ" المائدة: 89، والسُنَّة: أحاديث كثيرة فيها ذكر نبينا –صلَّى الله عليه وسلم- لليمين كقوله كما في الصحيحين: "إني، واللهِ ! إن شاء اللهُ، لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرَها خيرًا منها . إلا أتيتُ الذي هو خيرٌ . وتحلَّلتُها"، وأجمعت الأمة كما يقول ابن قدامة –رحمه الله- في المُغني: "أجمعت الأمة على مشروعية اليمين وثبوت أحكامها" فالأَيمان مشروعةٌ في الأصل.

    الحلف باسم الله أو بصفة من صفاته

    ولليمين صيغ متعددة، اليمين تأتي بأكثر من صيغة، منها الحَلِفُ باسمٍ من أسماء الله -تعالى-، مثل أن نقول: والله، والرحمن، وربِّ السماوات والأرض، والذي نفسي بيده.
    أو الحلف بصفةٍ من صفات الله –عزَّ وجلَّ-التي لا تحتمل غير هذه الصفة كقولنا: وَعِزَّةِ الله، وَعظمةِ الله وجلاله، ومن ذلك حلف الإنسان بالقرآن الكريم، أو قوله: وكلام الله، والمصحف، لأن القرآن والمصحف هو كلام الله –عزَّ وجلَّ-، وقد أخبر –سبحانه تعالى- عن قسم الإنسان أنه أقسم بعزة الله فقال: "قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ" ص: 82، فاليمين حلفٌ بالله، باسم من أسمائه أو بصفةٍ من صفاته.

    الحلف بعَمْرِ الله أو بحق الله
    وبعض الناس ربما قال: لَعَمْرُ اللهِ، أو قال: عَلَيَّ عَهْدُ الله وأمانتُه، الحلف بالعَمر، بعَمر الله، عَمر الله العَمْر هو الحياة كأنه يحلف بحياة الله ولهذا فهذه يمينٌ عند الجمهور، لعَمر الله أو قال: علَيَّ عهد الله وأمانته، وقال الشافعية: "إن نوى بها اليمين فهي يمين وإن أطلق فليست يمينًا؛ لأن اللفظ فيه تردد بين اليمين وبين غيره".
    أيضًا مما جاء في صيغ اليمين لو حَلَفَ الإنسان بحق الله، لو قال: وحقِّ الله فهذه يمينٌ عند المذاهب الأربعة، حَقُّ الله يمينٌ، وهناك رواية عند الحنفية أنها ليست يمينًا، لكن الجمهور يرون الحلف بحق الله حلِفًا صحيحًا، كذلك الحلف بعَمر الله وبعهد الله.

    حكم الحلف بغير الله
    وهنا نشير إلى مسألة الحلف بغير الله –عز وجل-، إذا كان الحلف باسم من أسماء الله أو صفةٍ من صفاته فإن الحلف بغير الله –عز وجل- محرمٌ وهو نوعٌ من الشرك الأصغر، لأنه تعظيمٌ لغير الله، تعظيمٌ للمخلوق، الحلف بغير الله كأن يقول: والنبي، وحياة فلان، والكعبة، ونحو ذلك قد جاء في حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: سمعتُ رسول الله –صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "من حلفَ بغيرِ اللَّهِ فقد أشرَك" الحديث عند أبي دواد والترمذي، صححه الألباني، وقال –صلَّى الله عليه وسلم-: "ألا إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ينهاكم أن تحلِفوا بآبائِكم، فمن كان حالفًا فليحلفْ بالله أو لِيَصمُتْ" متفق عليه.

    كفارة الحلف بغير الله وجاء في الشرع كفارةٌ لمن حلف بغير الله فربما أخطأ الإنسان فحلف بأبيه أو بحياة أبيه أو بحياة أمه، فكفارته ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي –صلَّى الله عليه وسلم- قال: " مَن حَلَف فقال في حَلِفِه: واللَّاتِ والعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لا إلهَ إلَّا اللهُ" هذه هي الكفارة فليقل: " فَلْيَقُلْ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، ومَن قال لِصاحبِه: تعالَ أُقامِرْك، فلْيتصَدَّقْ. " صحيح البخاري، يعني لو ادَّعى صاحبه إلى القمار فإنه يستغفر ويتصدق وهذه كفارته، ومن حلف بغير الله فإن كفارته أن يقول: "لا إلهَ إلا الله"، وفي حديث سعد بن أبي وقاص –رضي الله عنه- أنه حلف باللاتِ والعُزَّى، فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم-: "قُلْ: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحْدَه ثلاثًا، واتفُلْ عن شِمالِكَ ثلاثًا، وتعَوَّذْ باللهِ مِنَ الشَّيطانِ، ولا تَعُدْ" والحديث أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه وقال الأرنؤوط: سنده صحيح، فهذه كفارةٌ أخرى فيها زيادة خيرٍ، لا إله إلا الله وحده ثلاثًا، ويتفل عن شمال ثلاثًا ويتعوذ بالله من الشيطان ثم لا يعود.


    الأَيمان في الشريعة على ثلاثة أنواع
    الأَيمان في الشريعة على ثلاثة أنواع، الأيمان ثلاثة أنواع: النوع الأول: اليمينُ اللَّغْوُ، اليمين اللغو الذي لا يؤاخذ الله به "لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ" المائدة:89، ما هو اللغو؟ اللغو هو: "الحلِف من غير قصدِ اليمين"، أن يجري الحلف على لسان الإنسان من غير قصدٍ كقوله: لا والله، وبلى والله، والله لتأكلن، والله لتشربن، ونحو ذلك، هذا نوع من اللغو، حلفٌ بغير قصدٍ "أو مَنْ حلف على أمرٍ ماضٍ يظن صدق نفسه، فبان بخلافه" يحلف على أمرٍ في الماضي، يظن نفسه صادقًا يعني سُئل مثلًا هل فعلت كذا فقال: والله ما فعلت وهو صادقٌ لا يتعمد كذبًا فهذا نوعٌ من اللغو، إذًا فاللغو نوعان، أن يحلف من غير قصد اليمين بل تجري على لسانه لا والله وبلى والله، أو أن يحلف على أمر ماضٍ يظن صدق نفسه فيتبين الأمر بخلافه وهذه اليمين اللغو لا تنعقد ولا كفارة فيها للآية التي ذكرنا.

    اليمين الغموس

    النوع الثاني: اليمين الغموس وهي الحلف على أمرٍ ماضٍ كاذبًا عالمًا، عياذًا بالله، اليمين الغموس أن يحلف على أمرٍ في الماضي كاذبًا عالمًا بكذب نفسه، وسُمِّيت غموسًا لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار، وهي كبيرةٌ من الكبائر، كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند البخاري: "أن النبي –صلَّى الله عليه وسلم قال: "من الكبائرِ : الإشراكُ باللهِ ، وعقوقُ الوالديْنِ ، وقتلُ النفسِ ، واليمينُ الغَموسُ" صحيح البخاري، ولولا أنها شديدة الإثم ما قُرِنَتْ بهذه الكبائر العظيمة.

    اليمين الغموس لا كفارة لها

    هل في هذه اليمين الغموس، هل فيها كفارةٌ؟ جمهور الفقهاء على أنها لا كفارة فيها، جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة يقولون لا كفارة فيها، وهي أعظم من أن تُكفَّر، إنما فيها التوبة فحَسْب، ويرى الشافعية أن فيها الكفارة، والراجح مذهب الجمهور أنه لا كفارة فيها، لعدم وُرُود الكفارة فيها.

    اليمين المنعقدة
    النوع الثالث من أنواع اليمين: اليمين المنعقدة، وهي الحلف على أمرٍ حال أو مستقبل، أمرٍ في الحال أو في المستقبل، لا أفعل كذا، لَأفعلنَّ كذا، لَفعلتُ كذا قاصدًا لليمين فليست لغوًا، وهذه هي اليمين التي تترتب عليها الأحكام التي سنذكرها، اليمين المنعقدة، رجل يقول: واللهِ لأزورنَّ فلانًا، أو والله لَأشربنَّ كذا، لأفعلنَّ كذا في المستقبل قاصدًا لليمين، فهذه يمين منعقدة.

    متى تكون اليمين واجبة ومتى تكون مباحة ومتى تكون مُحرَّمة

    هذه الأيمان تارةً تكون واجبةً، وتارةً تكون محرمةً، أو كما يقول الفقهاء تعتريها الأحكام الخمسة، تجب اليمين إذا ترتب عليها نجاةُ معصومٍ، كما لو سُئل إنسان جاءه من يريد أن يقتل غيره، هل رأيت فلانًا؟ فإنه يلزمه أن يحلف لو طُلِب منه الحلف أن يحلف ويقول ما رأيتُه، فهذه يمين واجبة لإنقاذ نفسٍ معصومةٍ، وهناك يمين مندوبة: كاليمين التي يتعلق بها إصلاحٌ بين متخاصميْن، أن يحلف عليهما ليُصلحا بينهما، أو أن يحلف على أحدهما، وهناك يمين مُباحةٌ: كالحلف على فعلٍ مُباحٍ، أو على ترك شيءٍ مباحٍ، وهناك يمينٌ مكروهةٌ: وهي الحلف في البيع والشراء، ويمينٌ محرمةٌ: وهي الحلف الكاذب، أو الحلف على فعل شيءٍ محرَّم، أو على ترك شيءٍ واجب، ربما حلف الإنسان مثلًا بترك زيارة أبيه، أو زيارة أمه، أو رحمٍ من الرحم التي لا يجوز قطعها.

    أحكام اليمين
    من أحكام اليمين أنه قد يُستحبُّ ويُسَنُّ الحِنْثُ فيها إذا كان خيرًا، كما من حلف على فعلٍ مكروهٍ، أو على ترك مندوبٍ، فإنه يفعل الخير لقوله –صلَّى الله عليه وسلم-: "من حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيرًا منها فلْيأتها، وليكفِّر عن يمينه" أخرجه مسلم، وقد يجب أن يحنث، كما لو حلف على فعلٍ محرَّم، أو على ترك واجب، فإنه واجب أن يحنث.

    شروط اليمين
    لهذه اليمين المنعقدة شروطٌ، هي في الحقيقة شروطٌ لانعقادها ولزومها، الشرط الأول: أن يكون الحالف بالغًا عاقلًا مسلمًا مختارًا قاصدًا لليمين، ومنه يُعلم أن حَلِفَ الصبي ليس لازمًا ولا شيء فيه، لابد أن يكون بالغًا عاقلًا.
    الشرط الثاني: أن يكون المحلوف عليه أمرًا مستقبلًا، حتى يترتب عليه التكفير وعدم التكفير.
    الشرط الثالث: عدم الفصل بين المحلوف به والمحلوف عليه بسكوتٍ طويلٍ، مثل لو قال: بالله، أو وَالله ثم سكت، ثم قال: لأفعلنَّ كذا، لا تنعقد يمينه.
    الشرط الرابع: خُلُوُّ اليمين عن الاستثناء، الاستثناء مثل أن يقول الحالف: والله إن شاء الله لأفعلنَّ كذا، فهذه اليمين لا كفارة فيها لو حَنَثَ، لأنها معلقةٌ على المشيئة، إذًا، أن يكون الحالف بالغًا عاقلًا مسلمًا مختارًا، وأن يكون المحلوف عليه مُستقبلًا، وألا يفصل بين المحلوف به والمحلوف عليه، وألا يَستَثْني.

    النية في اليمين
    النية معتبرةٌ في اليمين وهذه مسألة مهمة، مسألة مهمة، وهي أن النية تُخصِّصُ اللفظَ العام، وتُقَيِّدُ اللفظ المُطْلق، بل الأصل في الأَيمان أن ننظر أولًا في نية الحالف، عندنا ترتيب ذَكَره الفقهاء، أن يُنظر أولًا في نية الحالف، فإن لم يكن له نية، نُظِر في بساط اليمين، أو في السبب الباعث على اليمين، فإن لم يكن هناك سبب باعث على اليمين، راعينا التعيين الذي عيَّنه، وإلا نظرنا في دلالة الاسم كما سيأتي.

    نرجع في الأَيمان إلى نية الحالف

    فأولًا يُرجع في الأَيمان إلى نية الحالف إذا احتملها اللفظُ بهذا الشرط، يعني مثلًا حلف وقال: والله لا أدخل دار فلان، وفلان هذا عنده أكثر من دارٍ، فنسأل الحالف: هل نويت دارًا معينة، لو قال نويت دارًا معينة، فهنا نيته خَصَّصَتْ لفظه، حلف وقال: لا أدخل دار فلان، نيته هنا قيدت مطلق كلامه، فاعتبرنا النية، إذًا شرط أن يحتملها اللفظ وألا يكون ظالمًا، فسيأتي معنا أن الإنسان لو كان ظالمًا فإنه لا يجوز أن ينوي بيمينه شيئًا غير ما يريده صاحبه كما سيأتي، إذًا أولًا المرجع في الأَيمان إلى نية الحالف لحديث: "وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى" صحيح البخاري.

    في حالة عدم وجود نية لليمين نرجع إلى سببها
    فإن لم يكن له نيةٌ، رجعنا إلى بساط اليمين، أو إلى سبب اليمين وما هيجها، أو إلى الباعث على اليمين، هذه كلها عبارت للفقهاء، ففي المثال السابق: من حلف وقال: لا أدخل دار فلان، وفلان هذا عنده أكثر من دار، فسألناه هل لك نية معينة؟ فذكر ألا نية له، فيُسأل عن السبب الباعث، فربما كان في أحد هذه الدُورِ ما يكره، يعني لماذا حلف؟ لأنه وجد في هذه الدار منكراتٍ مثلًا، فهنا يُعمل بسبب اليمين أو بالبِسَاط، فلا يحنث إلا إذا دخل هذه الدار بخلاف غيرها، من ذلك مثلًا قال: والله لا أشْرَبُ، أو لا أكل من طعام فلان شيئًا، وهذا لفظ عام، ولم تكن له نية، لكن وجدنا أن السبب الباعث أنه لا يأكل منه، لأن مال الرجل من حرام، فهذا يعني أن الرجل إذا صلح حاله، وأصبح ماله من حلال، فأكل هذا الحالف أنه لا يحنث، مراعاة للسبب أو الباعث.

    إذا عُدمت النية والسبب أخذنا بتعيين الاسم
    فإن عُدِمت النية، وعُدِم البساط أو السبب، أخذنا بتعيينه لو عيَّن شيئًا، مثل لو قال: والله لا أدخل هذه الدار، فنعتمد تعيينه لأن التعيين، لأنه أبلغ من دلالة الاسم، أبلغ من أن نبحث عن مفهوم الدار وماذا تشمل، قال: لا أدخل هذه الدار، لا أكل هذا الطعام، تعيَّنت اليمين بما عيَّنه، فإن عُدِمت النية، والسبب، والتعيين، رجعنا إلى ما يتناوله الاسم، والاسم عندنا، والاسم عندنا شرعيٌ، فعُرفيٌ، فلُغَوِيٌ، ننظر ماذا يشمل هذا الاسم من جهة الشرع، ثم من جهة العرف، ثم من جهة اللغة، نُقدِّم الشرع أولًا، لأن اليمين المطلقة تنصرف إلى الشرعي منها، من حلف مثلاً أنه لايبيع فإنه لا يحنث إلا إذا باع بيعاً صحيحاً شرعاً، أما لو باع بيعاً فاسداً فإنه لا يحنث فنحن هنا راعَيْنا أن الاسم وهو اسم البيع وراعينا مفهومه الشرعي.

    إن عُدِم الشرعيّ نرجع إلى العُرف
    من حلف لاينكح فإن النكاح فى اللغة يعني الوطء ويعني العَقْد ولكن فى الشرع هو العقد، من حلف لا ينكح فإنه يحنث إذا نكح نكاحاً صحيحاً ولا يحنث إذا نكح نكاحاً فاسداً، ثم نرجع إن عُدم الشرعي إن كانت الكلمة التى قالها ليس لها مفهوم معين فى الشرع نرجع إلى اعتبار العُرف، من حلف لا يطأ امْرأَتَه من حلف لا يطأ امْرأَته، الوطء في عرف الناس هو الجماع لا يحنث إلا بالجماع، ولا يحنث إذا داس عليها بقدمه مع أن هذا يسمى وطئاً، لكن نحن نُقدِّم العُرف على اللغة ما دام أن الكلمة لها عرف، من حلف لا يضع قدمه فى دار فلان فليس المقصود أن وضع القدم فقط لأن العُرف يشمل ما لو دخل راكباً أو دخل ماشيًا حافيًا أو منتعلًا، هذا من تقديم العرف على اللغة.

    إذا عُدِم العُرف نرجع إلى إطلاق اللغة
    إن عُدِم العُرف فإنما نرجع إلى إطلاق اللغة، من حلف لا يأكل لحمًا فإنه يحنث بكل لحم حتى لو بلحمٍ محرم، وهذه المسائل قد تختلف باختلاف البيئة وباختلاف الأعراف لكنها مهمة لمن يريد أن يحكم هل حنث فلان أو لم يحنث، بهذا الترتيب، مراعاةُ النية، مراعاةُ السبب الباعث، مراعاة التعيين، مراعاة مدلول الاسم.

    كفارة اليمين المنعقد

    من حنث فى اليمين المنعقده لَزِمته كفارة يمين، الكفارة جاءت مبيَّنة فى قوله سبحانه: "لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ"، أول شيء إطعام عشرة مساكين، "مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" المائدة:89، الكفارة هي على التخيير ابتداءً وعلى الترتيب انتهاءً، ما معنى هذا؟ معنى أولاً أنه مُخيَّر بين الإطعام والكسوة والعتق، فإن لم يجد أصبحت مرتبة ليس أمامه إلا أن يصوم ثلاثة أيام، إطعام عشرة مساكين يكفي أن يُعطي كل مسكين نصف صاع يعني ما يعادل كيلو ونصف من الأرز ونحوه، ولو غدَّاهم أو عشَّاهم كفى ذلك.

    صيام ثلاثة أيام يكون عند العجز عن تحرير الرقبة
    الكسوة تختلف وكثير من الفقهاء يقولون ما يصلح للصلاة ما تصلح للصلاة أن يُعطيَه قميصاً، تحرير الرقبة إن عجز عن هذه الثلاث وجب أن يصوم ثلاثة أيام، وهذه الثلاثة هل تُصام متتابعة؟ أو يجوز تفريقها؟ في ذلك خلاف بين الفقهاء: فذهب الحنفية والحنابلة إلى وجوب التتابع فى صيام هذه الأيام واحتجُّوا بقراءة ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قرأ: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" أخرجه عبدالرزاق في المصنف والبيهقي في السنن، وهذه قراءة شاذَّة، والحنابلة يقولون أنها إذا لم تكن قرآنًا فإن ابن مسعود يكون أخذها عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، إذا لم تكن قرآنًا فإنها تكون حديثاً، ولهذا يأخذون بالقراءة الشاذة في بناء الأحكام وأما المالكية والشافعية فلا يشترطون التتابع.

    حكم من فعل شيئا ناسيًا بعد الحلف
    من مسائل الكفارة لو حلف إنسان على شيءٍ ففعله ناسيًا أو جاهلًا أو مُكرَهًا، لو حلف على شيء حلف مثلًا أن لا يدخل بيت فلان أو أن لا يأكل الطعام الفلاني أو حلف على غيره: والله لتفعلن كذا أو لا تفعل كذا ففعله الغير ناسيًا أو جاهلًا أو مُكرهًا، فالشافعية يقولون لا شيء عليه لا يحنث، ولكن اليمين باقية لو فعل بعد ذلك متذكرًا حنث، لا يحنث واليمين باقية، والحنابلة يقولون: لا يحنث إلا في الطلاق، لو حلف فى الطلاق ثم فعل ناسيًا حنث بخلاف، وعن أحمد رواية كالشافعية أنه لا فرق بين الطلاق وغيره، فإن الناسي والمُكره والجاهل معذورٌ في ذلك فلا يحنث إذا فعل ناسيًا.

    حكم الحلف على الغير

    مسألة الحلف على الغير مسألة مهمة، إذا حلف الإنسان على غيره إذا قال لإنسان: والله لتفعلن، ليس على سبيل اللغو بل قاصداً لليمين، فمن حلف على غيره أن يفعل فهذا أقسام وأحوال؛ لو حلف عليه أن يفعل حرامًا أو أن يترك واجبًا فلا يجب عليه أن يَبَرَّ قَسَمَهُ، من حلف على غيره أن يفعل مكروهًا أو أن يترك مندوبًا فلا ينبغي أن يبر قسمه كذلك، من حلف على غيره أن يفعل مندوبًا أو مباحًا أو أن يترك مكروهًا أو مباحًا فهذا يُطلَبُ إِبرارُه على سبيل الاستحباب وهذا هو المقصود بقول النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في حقوق المسلم "وإِبْرَارُ المُقْسِمِ"[1]، أي إذا حلف عليك أن تفعل شيئًا مندوبًا أو أن تترك مكروهًا فيُستحب لك أن تبَرَّ قَسَمُه، وظاهر الأمر يدل على الوجوب، "إبرار القسم أَمَرَنا بسَبْع"، ذكر إبرار المُقسِم.

    إذا لم يفعل المحلوف عليه ما جاء في اليمين هل يلزم الحالف كفارة؟
    لكن يدل على عدم الوجوب ما جاء في الصحيحين لما حلف أبوبكر على النبي –صلَّى الله عليه وسلم- لما فسر الرؤيا ثم قال: "فوالله لتُحَدِّثَنِّي بالذي أَخْطَأْتْ" و قال: "أخطأت أم أصبت"، فقال النبي –صلَّى الله عليه وسلم-: "أصبت شيئًا وأخطأت شيئًا" فقال أبوبكر: "بالله لتحدثني بالذي أخطأت" فقال النبي –صلَّى الله عليه وسلم-:"لا تُقْسِم"[2] لا تقسم، وهذا دليل على أن إبرار القسم ليس واجبًا.
    لكن إذا لم يفعل المحلوفُ عليه ما جاء في اليمين هل يلزم الحالِفَ كفارة أو لا؟ إذا لم يُبَرَّ قسمه فهل يجب على الحالف كفارة؟ أما الجمهور فيقولون تلزمه الكفارة، ابن قدامة -رحمة الله- في المُغني يقول "فإن قال فوالله ليفعلن فلان كذا أو لا يفعل أو حلف على حاضر فقال والله لتفعلن كذا فأحنثه ولم يفعل فالكفارة على الحالف" كذلك قال ابن عمر وأهل المدينة وعطاء، وقتادة، والأوزاعي، وأهل العراق، والشافعي لأن الحالف هو الحانث، فكانت الكفارة عليه.

    والقول الثاني يقول بالتفصيل وهو لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله- يقول: "إن حلف على من يظن أنه يُطِيعُه كزوجته وولده فإذا لم تفعل الزوجة المحلوفَ عليه فلا كفارة على الحالف، لأنه حلف وهو يظن أنه سيُطاع ُأما إذا حلف على أجنبي أو على شخص لا يظن أنه سيطيعه فإذا أحنثه لَزِمَتْهُ الكفارة".

    تعدد الكفارة

    الكفارة قد تتعدد عندنا مسألتان أو ثلاثة، الكفارة قد تتعدد لو حلف الإنسان أيمانًا أكثر من يمين على شيءٍ واحد، والله لا أشرب الدخان ثم عاد فقال والله لا أشرب الدخان، أو حنث بعد اليمين الأولى ولم يُكَفِّر، حنث ولم يُكَفِّر ثم حلف مرة أخرى فقال والله لا أشرب الدخان فمن حلف على شيء واحد أكثر من يمين فليس عليه إلا كفارة واحدة، وأما إن حلف على أفعال مختلفة، قال والله لا أشرب الدخان، والله لا أذهب المكان الفلاني، والله لأفعلن كذا، فهذه أَيمانٌ مختلفة فالجمهور يقولون لو حنث فيها لزمته كفارات بعدد الأَيمان، والحنابلة يقولون إن الكفارات تتداخل فلا يلزمه إلا كفارة واحدة، والراجح ما ذهب إليه الجمهور.

    للتأويل في اليمين ثلاث حالات

    مسألة أشرنا إليها وهي مسألة التأويل في اليمين، مراعاة النية، متى يجوز للإنسان أن يَقصِدَ بيمينه شيئًا على خلاف ما يظن السامع، يسميه الفقهاء التأويل في اليمين:
    1. أولاً إذا كان الإنسان مظلومًا مثل لو استحلفه ظالمٌ فلو صدقه لعُوقِب فله أن يحلف وينوي، مثل ما جاء في حديث سويد بن حنظلة: "خرجنا نريدُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم ومعنا وائلُ بنُ حُجْرٍ فأخذه عَدُوٌّ له فتحرَّج القومُ أن يحلِفوا فحَلَفْتُ أنه أخي فخُلِّي سبيله"، هو أخوه في الإسلام فقصد أخوة الإسلام وهم فهموا أخوة النسب، "فأتَيْنا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم فذَكَرْتُ ذلك له فقال أنت كنتَ أَبَرَّهم وأصدقَهم صَدَقْتَ المسلمُ أخو المسلمِ"[3]، أخرجه أبو داود وابن ماجه وأحمد، فنفعه التأويل لأنه كان مظلومًا.
    1. أما إذا كان الحالف ظالمًا كالذي يستحلفه القاضي أو يستحلفه غيره وهو ظالم، فإنه لا يجوز له أن ينوي شيئًا غير ما يُفهم من يمينه، لمِاَ جاء في مسلم: "يمينُكَ علَى ما يُصَدِّقُكَ عليهِ صاحِبُكَ" صحيح مسلم، وفي حديث آخر عند مسلم: "اليمينُ على نيَّةِ المُستَحلِفِ"صحيح مسلم، فهذه تُحمل على ما إذا كان الحالف ظالمًا.
    2. والحالة الثالثة أن لا يكون ظالمًا ولا مظلومًا، فهذا يُرجع فيه إلى نية الحالف كما تقدم معنا.

    حكم من حَرَّم شيئًا من الحلال
    ونختم هذا الباب المهم بمسألة من حرَّم شيئًا من الحلال هذه يَعتبرها الفقهاء يمينًا، من حَرَّم شيئًا من الحلال سوى زوجته، أي قال هذا الطعام عليَّ حرام أو هذا الشراب، فهذه يمين وفيها الكفارة لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ۚ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" التحريم1: 2، قد حرم الرسول –صلَّى الله عليه وسلم- أن يشرب مغافير أو يشرب عسلًا، أما إذا حَرَّم زوجته فإن هذا فيه تفصيل يُعرف في بابه قد تكون ظِهارًا، قد تكون طلاقًا إلى غير ذلك ونكتفي بهذا القدر والله أعلم وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    تم بحمد الله
    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36


    [1] " أمَرَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسبعٍ، ونَهانا عن سبعٍ : أمَرَنا بعيادَةِ المَريضِ، واتِّباعِ الجِنازَةِ، وتَشْميتِ العاطِسِ، وإجابَةِ الدَّاعي، ورَدِّ السَّلامِ، ونَصْرِ المَظْلومِ، وإبْرارِ المُقْسِمِ، ونَهانا عن سبعٍ : عن خاتَمِ الذَّهَبِ، أو قال : حَلقَةِ الذَّهَبِ، وعَن لُبْسِ الحَريرِ، والدِّيباجِ، والسُّنْدُسِ، والمَياثِرِ " صحيح البخاري.
    [2] "أنَّ رجلًا أتَى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم فقال إني أرى الليلةَ فذكر رُؤيا فعبَّرها أبو بكرٍ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم أصبتَ بعضًا وأخطأتَ بعضًا فقال أقسمتُ عليك يا رسولَ اللهِ بأبي أنت لتحدِّثَنِّي ما الذي أخطأتُ فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم لا تُقسِمْ" صححه الألباني.
    [3] "خرَجْنا نريدُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم، ومعنا وائلُ بنُ حُجرٍ، فأخذَهُ عدوٌّ لَهُ فتحرَّجَ القومُ أن يحلِفوا، وحلَفتُ أنَّهُ أخي فخلَّى سبيلَهُ، فأتَينا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم، فأخبرتُهُ أنَّ القومَ تحرَّجوا أن يحلِفوا، وحلفتُ أنَّهُ أخي، قال صدقتَ المسلمُ أخو المسلمِ" صححه الألباني.

    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 18-08-2018, 02:19 PM.


    رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

    اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


    ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

    تعليق


    • #3
      حزاكم الله خيرًا وبارك فيكم

      "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
      وتولني فيمن توليت"

      "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

      تعليق


      • #4
        تم وضع التفريغات الخاصة بالدرس

        "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
        وتولني فيمن توليت"

        "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

        تعليق

        يعمل...
        X