إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللقاء الخامس والعشرون | هل الله موجود (2) للدكتور محمد جودة | بصائر3

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللقاء الخامس والعشرون | هل الله موجود (2) للدكتور محمد جودة | بصائر3



    ابتدينا المرّة اللي فاتت واتكلمنا على أدلّة وجود الله -سبحانه وتعالى-، واتكلّمنا إنّ وجود الله ضرورة فطريّة، يعني الإنسان بفطرته مضطر ليها، بيجدها في نفسه. وضرورة عقلية إنّ العقل يُثْبِت وجود الله -سبحانه وتعالى- بأدلة كثير منها: أنه لا بد للأثر من مؤثّر، يعني مفيش حاجة بتوجَد بلا سبب. واتكلمنا بعد كده على أدلة الخَلْق، وهنتكلم إن شاء الله النهارده على بقية الأدلة العقلية، وغيرها من الأدلة.
    فهنراجع بسرعة اللي اتكلمنا عليه، إن فيه أدلة فطرية وأدلة عقلية




    اللقاء الخامس والعشرون | هل الله موجود (2) للدكتور محمد جودة | بصائر3




    تفضلوا معنا في تحميل الدرس بجميع الصيغ



    رابط الدرس على الموقع وبه جميع الجودات

    http://way2allah.com/khotab-item-136642.htm


    رابط صوت mp3

    http://way2allah.com/khotab-mirror-136642-217669.htm

    رابط الجودة hd

    http://way2allah.com/khotab-mirror-136642-217668.htm

    رابط يوتيوب



    رابط ساوند كلاود


    https://soundcloud.com/way2allahcom/hal-allah-mawgood-2


    رابط تفريغ بصيغة pdf

    http://way2allah.com/khotab-pdf-136642.htm


    رابط تفريغ بصيغة word

    https://up.top4top.net/downloadf-669aa7x31-doc.html


    لمشاهدة جميع دروس الدورة وتحميلها على هذا الرابط:

    http://way2allah.com/category-585.htm


    | جدول دورة بصائر لإعداد المسلم الرباني | الجزء الثالث |


    موضوع مخصص للاستفسارات الخاصة بالدورة العلمية " بصائر3 "


    لقراءة التفريغ مكتوب
    تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله.
    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 31-10-2017, 08:38 PM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.


  • #2
    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمةً لخَلْق الله، ثم أما بعد:
    فأهلًا بكم معانا في حلقة جديدة من دورة بصائر، هذه الدورة التي نتعرف فيها على العلوم الأساسية التي يحتاجها كل مسلم لا سيَّما في واقعنا المعاصر المليء بالشبهات.



    منهجنا في دورة بصائر
    وطبعًا المنهج اللي احنا اخترناه إنّ إحنا ما بنجيبش شبهات ونقعد نردّ عليها، ولكن نُؤَصِّل للصواب؛ حتى نعلم الخطأ بداهةً، يعني خلاص إنت عرفت الصَّحّ يبقى خلافه هو الغلط، فبدل ما نقعد نجيب شبهات الملحدين ونردّ عليها -وما أكثرها!-، لا إحنا نثَبِّت الأدلَّة التي تُثْبِت وجود الله -سبحانه وتعالى-، صحّة الإسلام، صحّة القرآن، صحة نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، بالتَّالي إنت تعرف إنّ كل الشبهات الَّتي أُثِيْرَت حول هذه المواضيع هي شبهات باطلة.


    وقفات سريعة مع محتوى اللقاء الماضي
    وابتدينا المرّة اللي فاتت واتكلمنا على أدلّة وجود الله -سبحانه وتعالى-، واتكلّمنا إنّ وجود الله ضرورة فطريّة، يعني الإنسان بفطرته مضطر ليها، بيجدها في نفسه. وضرورة عقلية إنّ العقل يُثْبِت وجود الله -سبحانه وتعالى- بأدلة كثير منها: أنه لا بد للأثر من مؤثّر، يعني مفيش حاجة بتوجَد بلا سبب. واتكلمنا بعد كده على أدلة الخَلْق، وهنتكلم إن شاء الله النهارده على بقية الأدلة العقلية، وغيرها من الأدلة.
    فهنراجع بسرعة اللي اتكلمنا عليه، إن فيه أدلة فطرية وأدلة عقلية:

    -الأدلة الفطرية اللي هي الله -عز وجل- جبَل الإنسان على مسألة الفطرة إنّ فيه حاجة اسمها المبادئ الفطرية الضرورية، التي منها أن لا بُدَّ للأثر من مُؤَثِّر، واتكلمنا على أدلة الوحي من القرآن والسُّنَّة على وجود الفطرة، قَوْل الله -عز وجل-:
    "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ" الروم:٣٠.
    وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:
    "كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرةِ، فأبواه يُهَوِّدانِه، أو يُنَصِّرانِه، أو يُمَجِّسانِه" صحيح البخاري.
    فالأصل سلامة الفطرة ما لم يُلوّثها ملوّث، طيب طلاما معرفة الله -عز وجل- أمرٌ فطريٌّ ضروريٌّ بدهيّ عقليّ ليه بنتكلم في هذه الأدلة؟ قُلنا لسببين:
    السبب الأول: ليزداد الذين آمنوا إيمانًا، ودا شيء لا يتعارض مع الإيمان كما قال سيدنا إبراهيم لله -عز وجل-"رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" البقرة:٢٦٠، فالإنسان لما يسمع عن هذه الأدلة ويكرّرها ويعرف يعني إيه أدلَّة فطرية، وأدلَّة عقلية، وهذه الأشياء بيزداد إيمانًا، فمفيش مانع إنك تسمع عن هذه الأدلة لتزداد إيمانًا.
    والجانب الآخر: هو الإنسان الذي عرضَت له شبهة أو تلوَّثت فطرته بملوِّث خارجي فيريد أن يزيل هذه الشبهة وهذا الملوِّث ليُعيد الفطرة السليمة إلى طبيعتها وإلى وضعها الأصلي، تمام؟
    يبقى دا الأمر اللي تكلمنا عليه المرة اللي فاتت.

    واتكلمنا على إنّ التاريخ البشري الإنساني لا توجد بلاد إلا وفيها معابد، ودا أمر فطريّ ضروري.
    بعد كده تكلمنا على حال الإنسان مع قلبه ووجود الفاقة والحاجة إلى التَّعَبُّد واتكلمنا عليها بالتفصيل.

    -بعد كده تكلَّمنا على أدلة العقل وقَوْل الله -عز وجل-: "أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ" الطور:٣٦،٣٥. وعرفنا معنى المعارف الفطرية الضرورية، ومسألة إنّ دليل الخلق والإيجاد ولا بُدَّ للأثر من مُؤَثِّر.
    وتكلَّمنا على قَوْل الأعرابي: "الأثر يدلُّ على المسير، والبعرة تدلُّ على البعير، فسماءٌ ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحارٌ ذات أمواج، ألا تدلُّ على السميع البصير؟!".
    وقصة أبي حنيفة مع الملاحدة حين قَصَّ لهم قصة السفينة التي تسير في البحر بلا رُبَّان واستهجنوا هذا الأمر وتعجَّبوا له جدًّا، فقال لهم: إنْ كنتم لا تدركون وجود سفينة خُلقت من العدم بلا سبب، وبلا صانع، وسارت بلا ربان، وتاجرت، فكذلك الكون كله، كيف تتصوَّرون أنْ يُوجَد بلا خالِق، وبلا مُدَبِّر، وبلا مُيَسِّر له ولهذا الكون يُيَسِّر أموره ويدبِّرها؟ يعني قُلْنا القصَّة بالتفصيل لكن دا مُجملها يعني، تمام؟

    بعد كده اتكلمنا إنّ فيه بعض الملاحدة لا يُنكرون إنّ فيه سبب لوجود الكون، لكن بيقولوا السبب دا هو الصدفة، واتكلمنا إن دا شيء مستحيل عقلي.
    وضربنا مثال بالسارق الذي يريد أن يفتح خزنة أو باسوورد مكوَّن من أربعة أرقام، محتاج يعمل عشرة آلاف محاولة علشان يصل للمحاولة الوحيدة الصحيحة، فما بالك والجينات هي عبارة عن ستة مليار جين في الخلية الواحدة من جسم الإنسان، بتتكون من أربع قواعد نيتروجينية، يعني عايزة أربعة مضروب في نفسه ستة مليار مرة من عدد المحاولات علشان تصل إلى هذا الجينوم البشري لخلية بشرية واحدة. فهل يُعْقَل أنْ يحدث ذلك بالصُّدْفَة؟
    يبقى دا دليل الخلق والإيجاد، ودا أوّل الأدلّة العقلية.
    تاني حاجة ختمنا بيها المرَّة اللي فاتت وهو دليل النَّظْم والإحكام، إيه دليل النَّظْم والإحكام؟ اتكلّمنا إنّ لو جبت طفل وادّيته ورقة يرسم رسمة، فرسم رسمة معقدة وجميلة، دي ممكن تحصل صدفة؟ آه، لكن لو عملها مرة واتنين وتلاتة وعشرة وزاد تعقيد الرسمة مع تكرار المرات مستحيل يكون الطفل دا إلّا واحد اتعلّم الرسم قبل كده في مدرسة الرسم أو غيره، مش ممكن تأتي مصادفةً.
    فإحكام الكون ونَظْمه دليل قطعي على أنَّ الخالِق ليس فقط موجود، بل هو موجودٌ ومتَّصِفٌ بالعلم والإرادة والحكمة، دا دليل النَّظْم والإحكام.
    وقُلنا من أمثلته مسألة المعايرة الدقيقة في المخلوقات، واتكلمنا على الهرمونات في جسم الإنسان، واتكلّمنا على المجرَّات، والخلايا، والذَّرات، وغيرها مِن أدلَّة النَّظْم والإحكام التي تُوْجَد في جسم الإنسان وفي غيرها.



    نتابع في دليل النَّظْم والإحكام
    • التعقيد غير القابل للتبسيط
    الدليل الثاني بقى في مسألة النَّظْم والإحكام دا اللي هنبدأ بيه الجديد بقى بتاع النهارده، مسألة التعقيد غير قابل للتبسيط، يعني ايه الكلام دا؟ بمسألة بسيطة جدًّا أو بمثال بسيط جدًّا:
    لو إنت ماشي في جنينة من الجناين ولقيت حجر، فالحجر دا أنت مسكته كده لقيته حجر بسيط مفيش عليه أيّ نَقْش ولا أيّ حاجة، زلطة طوبة عادية موجودة في الشارع، مِن المُتَوَقَّع أو يعني نقول مِن الجائز عَقْلًا إنّ الحجرة دي جات هنا بلا سبب، محدّش جابها، هي موجودة كده بقالها سنين ومئات السنين وألوف السنين محدّش حرّكها ولا جه مكانها، ليه؟ مفيش فيها أيّ آثار إنّ حدّ جه عندها.
    لكن لو إنت ماشي في حديقة واصطدمت رجلك بحاجة نزلْت تبُصّ لقيتها ساعة، وإنت متعرفش يعني إيه ساعة، أو ماشُفتش ساعة قبل كده من الساعات القديمة أو مُنَبِّه مِن المُنَبِّهات القديمة بتاعت زمان كده، فتحت الساعة دي لقيت فيها عقارب، فيها تروس، التروس دي راكبة في بعضها، لها بندول، لها تعقيد مُرَكَّب بشكل يجعلها تؤدِّي الوظيفة بتاعتها، هل يُتَصَوَّر أو يَتَصَوَّر عاقل إنّ الساعة دي وُجِدَت بلا صانع؟

    هي تدلُّ قَطْعًا على وجود صانع، إيه الدلالة فيها على وجود الصَّانِع؟ أنَّها مُعَقَّدَة، مش عبارة عن حاجة بسيطة زَيّ الحَجَر، لا، دي حاجة فيها تروس، فيها عقارب، فيها أرقام بتاعت الساعة بتسير بنَظْمٍ دقيقٍ مُعَيَّن، عقرب للثواني، وعقرب للدقايق، وعقرب للساعات، وكُلّ عقرب له عدد معين مِن التّروس، ومُنْتَظِمَة، هي مُعَقَّدَة وتعقيد غير قابل للتَّبْسيط، يعني إيه غير قابل للتبسيط؟
    يعني مش كان تِرْس وكبر بقى تِرْسين بقى كذا، لا، مش ممكن، هي لا بُدّ وُجِدَت على هذه الهيئة مرة واحدة، ليه؟ لتقوم بوظيفتها، لو وُجِد بعضها يعني ترس لوحده ما يبقاش ساعة، لو عقرب لوحده مايبقاش ساعة، لو كل حاجة منها موجودة بس كل حاجة لوحدها مش متركّبة في مكانها ماتبقاش ساعة، ماتبقاش ساعة إلَّا إيه؟ إلَّا إذا وُجِدَت كُلّ المكوّنات بتاعتها، ووُضِعَت في مكانها، وقامت بوظيفتها، ساعتها يبقى اسمها إيه؟ ساعة.
    وهذا الشَّكْل من التَّكْوِين لا يُمْكِن أبدًا يستحيل عَقْلًا أنْ يُوْجَد إلَّا بخالِقٍ لها، أو صانعٍ لها. دا مثال الساعة.



    كذلك -ولله المثل الأعلى- الكون كله مُعَقَّد تعقيدًا غير قابل للتَّبسيط، يعني إيه تعقيد غير قابل للتبسيط؟ يعني على سبيل المثال: الخلية البشرية العاديَّة بتاعتنا، الخلية دي مش مُكَوَّنة من عدَّة أشياء زَيّ بعضها مثلًا، فكانت واحدة وبقت اتنين وبقت عشرة، لا، دا كل جزء من أجزاء الخلية له وظيفة مُعيَّنة، والوظيفة بتاعته دي بتنبني على وظيفة المُكَوِّن الآخر، ففيه مثلًا الميتوكوندريا، وفيه النواة، وفيه الــ DNA، كل هذه الأشياء وفيه الحاجات اللي بتعمل نَسْخ اللي هو الــTranscription بتاعة الجينات بتاعة الحاجات اللي بتكوّن البروتينات، حاجات بتكون..، كل جزء من أجزاء الخلية له وظيفة، وظيفته معتمدة على غيره، يعني إيه؟ يعني لو شِلْنا الميتوكوندريا اللي هي موجودة في الخلية الخلية تموت، لو شِلْنا النواة الخلية برضو تموت، لو شِلْنا إنزيم من الإنزيمات بتاعتها تموت، الخلية لازم تبقى فيها كل المُكَوِّنات، دا رقم واحد، وكلها بتقوم بوظيفتها علشان تبقى اسمها خلية.

    فهذا التعقيد غير قابل للتبسيط، لإنها مش نفس المكونات فواحدة وبقت اتنين بقت تلاتة بقت عشرة، لأ دا كل مُكَوِّن مختلف عن التاني وبيعتمد في وظيفته على المُكَوِّن الآخر، فوُجِدَت هكذا دُفْعَةً واحدة، مش كانت واحدة وبقت اتنين وبقت عشرة، لا، دا الخلية خُلِقَت بكُلِّ مُكَوِّناتها لتقوم بالوظيفة.
    دا المثال اللي ضربناه بتاع مسألة السَّاعة اللي بيدُلّ قَطْعًا على وجود خالق، ليس فقط وجود خالق، بل خالق عليم حكيم مُرِيد، هذه الصفات عرفناها منين؟ مِن الخَلْق اللي احنا شُفْنَاه مِن خَلْق الله -عزَّ وجلّ-، فدا المسألة الأولى اللي هي التعقيد غير قابل للتبسيط.

    مثال آخر أيضًا علشان نفهم مسألة التعقيد غير قابل للتبسيط، لو احنا بنبُصّ كده على الترابيزة لقينا فيه تلات ورقات، ورقة مكتوب فيها حروف مُعَقَّدة، كلمات بس لا تؤدي معنى، يعني "سشعق" أيّ حاجة كده، شويّة حروف جنب بعض في شكل كلمات جنب بعض، ولا تؤدّي معنى، وورقة تانية مكتوب فيها "ألف باء، ألف باء، ألف باء" جنب بعضها، وورقة تالتة مكتوب فيها "بسم الله الرحمن الرحيم".
    إيه الفرق بيت التلات ورقات؟ الورقة الأولى مُعَقَّدَة يعني معمولة في شكل كلمات لكن لا تؤدّي وظيفة، الصورة التانية مُخَصَّصَة يعني معمولة بطريقة مقصودة "ألف باء، ألف باء" مقصودة لكن لا تؤدّي معنى.
    دي ممكن الأولى دي حدّ كان بيشخبط على الكمبيوتر، الكمبيوتر هنّج كتب الكلمات الأولى اللي هي ملهاش معنى دي، وكذلك ألف باء دي ممكن حاجة وقعت أو حاجة على الكيبورد اتحرّكت فعملت ألف باء، ألف باء، ضغطت على الزرارين دول بالتَّتَابُع عملت ألف باء ألف باء.

    لكن كلمة "السلام عليكم ورحمة الله" المكتوبة في الورقة التالتة دي لا يُمْكِن أنْ تحدُث صدفةً، ليه؟ لأنها مُعَقَّدَة ولها غاية، وجود الاتنين دول مع بعض: إنّ لها وظيفة، ومعقدة، الحاجتين دول تدلّ على وجود خالِق أو صانِع له عِلْم وإرادة وحِكْمَة، ماجاتش كده صدفة، الأولى ممكن تيجي صدفة، التانية تيجي صدفة، لكن وجود حاجة تجمع بين الاتنين: التعقيد والتخصيص، إنّ لها وظيفة ومعقدة، مش جاب كده يعني حاجة كلمات حروف جنب بعضها، جاب كلمات، وكلمات لها معنى، والمعنى مترابط "السلام عليكم ورحمة الله" دي جملة مترابطة لها معنى مش ممكن تأتي إلا بوجود إنسان كتبها، عالِم ومريد وله حكمة في هذه الكتابة.

    وكذلك الكون كله بما فيه من تعقيد، وتعقيد غير قابل للاختزال، ويؤدّي وظائفه سواء في جسم الإنسان، في الكون، والمجرَّات، والبحار، والأسماك، والأشجار، كل هذا التعقيد غير القابل للتبسيط الذي صُنِع على هذه الهيئة المُرَكَّبَة الذي يؤدّي وظائفه هذا يدُلُّ قَطْعًا على وجود خالِق، والخالِق عليم وحكيم، دا قَطْعًا يدلُّ عليه بالدلالة العَقْلِيَّة، احنا ما زلنا نتكلم على الدلالة العقلية على وجود الله. فهذا التعقيد يدلُّ على وجود فاعل مختار عليم.

    كذلك مثال ثالث لمسألة العِلْم والحكمة، يعني إنّ الكون يدلُّ على أنَّ الله -عز وجل- عالم وحكيم، لو احنا جِبْنا إبرة، عارفين إبرة الخياطة؟ والإبرة في نهايتها فيه ثُقْب اللي بيدخل فيه الخيط، لو فيه إبرة وإبرة تانية داخلة في ثقب الإبرة الأولى، لو إنت شُفْت الشَّكْل دا، وجِه واحد قال لك: والله دا فيه رجل جِه مسك الإبرة الأولى وحطّ فيها الإبرة التانية في الثقب بتاعها كده، دا خبر، واحد تاني جِه قال لك: لا، الكلام اللي الراجل الأوَّلاني بيقوله لك دا ماحصلش، دا هو واحد كان ماشي وطلّع الإبرة الأولى حطّها ورمى التانية عليها فدخلت في ثقب الأولى صدفةً، أيهما أكثر لأنْ تُصَدِّقه؟ بلا شكّ الأول.
    طيب هنقول برضو احتمال الصُّدْفة موجود لا ينتهي بمجرد إنّ الأول أكثر منطقية، بس التاني برضو ممكن يحصل.

    طيب لأ لقينا بقى مش إبرة واحدة، دا فيه إبرة واحدة محطوط فيها الإبرة التانية في ثُقْبها، التالتة في ثُقْب التانية، الرابعة في ثُقْب التالتة، الخامسة في ثُقْب الرابعة، عَشَر إِبَر كُلّ واحدة محطوطة في ثُقْب اللي بعدها، جِه واحد قال لك: دا فيه رجل هنا جِه مسك الإبرة الأولى حَطّ فيها التانية، حَطّ فيها التالتة، حَطّ فيها الرابعة، حَطّ فيها الخامسة لحدّ العاشرة، وواحد تاني قال لك: لا، دا واحد حطّ الإبرة الأولى رماها، رمى عليها إبرة دخلت في ثُقْبها، رمى عليها التانية، رمى التالتة، رمى العشرة والعَشَر إِبَر دخلوا قَدَرًا أو صُدْفَةً في ثُقْب بعض، وبقى التَّسَلْسُل اللي قُدَّامك دا، أيهما أكثر للتصديق؟ أكيد خلاص احتمال الصُّدْفَة بدأ يقلّ.

    طيب لو نفس المثال دا الإبرة الأولى مكتوب عليها رقم واحد، والتانية مكتوب عليها اتنين، يعني محطوطين بترتيب مقصود إنّ التانية تخشّ في الأولى، والتالتة تخشّ في التانية، بترتيب مقصود، تمام؟ وواحد جِه قال لك إنّ فيه واحد جِه فعلًا حَطّ رقم واحد، وقام جاي حَطّ فيها رقم اتنين، حَطّ فيها رقم تلاتة، أربعة، لحدّ عشرة، وواحد تاني جِه قال لك لا دا اللي حصل إنّ كان فيه طفل صغير كده رمى الإبرة أخد واحدة عشوائيًّا ورماها طلعت واحد، رمى التانية عشوائيًّا طلعت اتنين ودخلت في ثُقْب الأولى، رمى التالتة طلعت رقم تلاتة أخدها عشوائيًّا من الكيس كدا طلعت تلاتة ورماها دخلت في ثقب التانية، والعملية عمَّالة تحصل عشوائيًّا من واحد طفل لا عنده عِلْم، ولا قُدْرَة، ولا حِكْمَة، ولا أيّ حاجة، ولا يعرف يقصد اللي بيعمله دا، أيُّهما أكثر للمنطقية والتَّصديق والعقل؟ بلا شكّ الخبر الأول إنّ فيه واحد مُرِيد عاقل مختار هو اللي عمل هذا النَّظْم المتتابع.

    فالكون كله بنظامه وتتابُعه وإحكامه يدلُّ قَطْعًا على وجود خالِق، دا رقم واحد، وهذا الخالق عليم مُرِيْد حكيم بلا شكّ أيّ إنسان عاقِل يتدبَّر ويتأمَّل في الكون يَصِلُ إلى هذه الحقيقة بلا أدنى شَكّ.
    فدا دلالة العقل على وجود الله -عزّ وجلّ-، من مسألة التعقيد غير قابل للتبسيط.


    انتهينا كده من الأدلة العقليَّة، طبعا الأدلة أنا بس عاوز أقول نبذة إنّ الأدلة الفطرية والعقلية وغيرها دي بيتألّف فيها كُتُب كبيرة جدًّا، احنا في الدورة بنختصر جدًّا وبناخد إيه؟ رؤوس أقلام في الحاجات العالية أوي أو الواضحة جدًّا، لكن فيه أمور كثيرة جدًّا، فاحنا دلوقت اتكلمنا على دلالة الفطرة، وعلى دلالة العقل، وذكرنا في دلالة العقل مثالين فقط، المثال الأول دليل الخَلْق والإيجاد، التاني النَّظْم والإحكام، خلَّصنا كده دلالة العقل.

    وجود الله عز وجل ضرورة أخلاقيَّة
    الثالث دلالة الأخلاق، إيه موضوع دلالة الأخلاق دي؟ أو عايزين نقول إنّ وجود الله ضرورة أخلاقيَّة، جه منين بقى الكلام دا؟
    يقول دوكينز، انتوا عارفين دوكينز بيسمُّوه رسول الإلحاد، بيقول إيه دوكينز بقى، بيقول: "العلم الطبيعيّ ليس لديه طُرُقٌ للحُكْم على ما هو أخلاقي، إنَّ هذه المسألة متروكة للأفراد والمجتمعات". يعني إيه دوكينز بيقول إيه؟ بيقول إنّ الرؤية الإلحادية لا يوجد عندها حاجة اسمها أخلاق مُطْلَقَة، يعني إيه أخلاق مُطْلَقَة؟
    يعني احنا عندنا في الإسلام، في رؤية أيّ إنسان مؤمن بوجود الله يعلم إنّ فيه حاجة اسمها أخلاق مُطْلَقَة، الله -عزَّ وجلَّ- هو الذي وضعها، اللي هي إيه؟ العدل مثلًا، الصِّدْق، دي قِيَم مُطْلَقَة متجاوِزَة للزَّمان والمكان والأشخاص، يعني إيه؟ يعني العدل هو قيمة حقيقيَّة وقيمة مُحْتَرَمة وقيمة خيرية أو قيمة يعني من ناحية الخير، سواء قبل وجود الإنسان أو بعد وجود الإنسان، سواء وُجِد الإنسان أم لم يُوْجَد، سواء صَدَّق بها الإنسان أو كذَّبها، العدل هي قيمة في حدّ ذاتها مقصودة أخلاقية. كذلك العكس الظلم، الظلم هو شيء مُسْتَقْبَح سواء قبل وجود الإنسان أو بعده.

    دا من الأمور اللي الإنسان بيُؤْمِن بها كمؤمن، ليه؟ لأنَّه يعلم أنَّ الذي وضع ذلك هو الله، فمعندهوش إشكال، لكن المُلْحِد معندهوش حاجة اسمها قيمة مُطْلَقة، بيقول لك أنا عرفت الأخلاق هُمَّ عندهم أزمة في موضوع تفسير الأخلاق دي، بيقول لك أنا عرفت الأخلاق منين؟ عرف الصَّحّ إيه والغلط إيه منين؟ يقول لك الكلام دا عرفته من الاستقراء، يعني إيه من الاستقراء؟ يعني والله شُفنا إنّ مثلًا اللي بيسرق مثلًا فدا بيُفْسِد المجتمع، وجرَّبناه مرة واتنين وتلاتة فلقيناه غلط، فقُلنا السِّرْقة تبقى غلط، طيب هي المسألة دي فيها إشكالين:
    الإشكال الأول: إنّ الإنسان بيعرف مسألة إنّ السرقة غلط والسرقة شرّ قبل أنْ يستقرئ، يعني إنت لو لسَّه طفل كده صغير خارج في الشارع قام واحد شادِد منُّه الكيس بتاعه اللي فيه الحلويات بتاعته وجرى، هيقول دا صح ولا غلط الطفل؟ من غير ما يتعلم ولا عمل استقراء ولا أيّ حاجة، هو في فطرته يَعْلَم أنَّ السَّرِقَة هي شيءٌ قبيح.

    لو إنت جِبْت طفلين وضربت واحد جدًّا والتاني ادّيته مكافأة بدون سبب، هيقول لك اشمعنى أنا؟ هيحسّ بالظلم، هو يستقبح الظُّلْم بدون ما يتعلّم ولا يستقرئ الواقع، دا لسه طفل ما اتعلّمش حاجة ولا شاف حاجة من الدنيا، فهذا الاستحسان وهذا الاستقباح أمرٌ فطريّ فطر الله العباد عليه، الناس مخلوقة كدا إنها تستقبح الشرّ وتستحسن الخير، مين اللي فطر الناس كدا؟ ربنا -سبحانه وتعالى-.
    فإحنا معندناش إشكاليَّة في تفسير هذه الفطريَّة؛ لأنَّ ربنا قال: "فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا" ربنا فطر الناس على الصَّحّ، ففطرتك الحنيفية يعني إيه الحنيفية؟ اللي هي الصحيح إنّ أنت تمشي على الطريق الصحيح، ربنا فطر الإنسان كدا وخلقه كدا سواء مؤمن أو كافر بيتولد عنده هذه الفطريات في داخله. هذه الفطرة قد يعلوها التراب وتندثر جوَّا الإنسان وتقلّ، وقد تستجلي بنور الوحي، لكنَّها موجودة عند كل البشر.
    فمسألة الاستقباح والاستحسان هي أمر فطريّ، زي ما بقولك الطفل عارف الكلام دا، هُمَّ عندهم إشكالية في تفسير المسألة دي إنّ هو بيقول لك بالاستقراء، دا رقم واحد.

    الإشكال الثاني: إنّ الشيء الذي يُعْرَف بالاستقراء قد تَحْدُث له استثناءات، يعني إيه؟ يعني أقول لك مثلًا أنت استقرأت العالم كله ووجدت السرقة غلط؟ أنت ما لفّيتش العالم كله، أنت استقرأت مجتمعك فوجدتها غلط، هل عَقْلًا بمنطقه هو يعني المُلْحِد يستحيل إنّ في يوم من الأيام نلاقي السرقة حاجة كويّسة؟ ما يستحيلش.
    هل يستحيل إنّ السرقة في مكان تاني تبقى كويّسة، أو الظلم يبقى كويّس بمبدأ الاستقراء إنّه عرفه عن طريق المصلحة والتكرار وتعاطي الميكافيل اللي معاه دا فلا يستحيل إنّ يطلع في يوم من الأيام السرقة حاجة كويسة، والظلم حاجة كويسة.
    أمَّا إحنا كمؤمنين بوجود الله -عزَّ وجلّ- بنقول لا دا شيء مُسْتَقْبَح فطريًّا لإنّ احنا عارفين إنّ ربنا اللي خلقنا وهو الذي وضع في فطرتنا ذلك، وماعندناش إشكال، مُتَّسِقين مع مبادئنا، ماعندناش مشكلة، هو عنده خَلَل وعَدَم اتّساق في المبادئ، مايعرفش يفسَّر أصلًا من أين جاءت الأخلاق، وكيف اكتسبت هذا الإطلاق أنَّها مُطْلَقَة تتجاوز الزمان والمكان والأشخاص.
    فدوكينز بيقول كده، بيقول: "العلم الطبيعي ليس لديه طُرُقٌ للحُكْم على ما هو أخلاقيّ، إن هذه المسألة متروكة للأفراد والمجتمعات" يعني الناس هي اللي بتتفق إيه الصح وإيه الغلط، وطبعًا قُلنا إنّ الكلام دا فيه إشكال كبير جدًّا.


    بيقول كمان في مَوْضِع آخر بيقول: "ليست جميع الأحكام المُطْلَقَة مُسْتَمَدَّة من الدين.."، هو بيقول لك فيه حاجات مُطْلَقَة اللي هي زَيّ الخير والعدل والكلام دا، مش كلها جايّة من الدين، فيه حاجات احنا بنقول جايَّة منين؟ من الفطرة، هو بيقول كده بس بيقول إيه بقى، هو ماعندهوش حاجة اسمها الفطرة؛ لإنّ الفطرة يعني فيه فاطِر، يعني فيه خالِق هو مش لاقيلها سبب، فبيقول إيه: "ليست جميع الأحكام المطلقة مستمدَّة من الدين ولكن.." بيكمّل كلامه ".. يَصْعُب جدًّا الدِّفاع عن القِيَم الأخلاقيَّة المُطْلَقَة على أرضيَّة أخرى غير الدين".
    يعني بيقول فيه حاجات مُطْلَقَة زَيّ العدل والخير مش الدين اللي جابها، دا هي إيه؟ الناس كلها.. بس أنا أقول جات منين مش عارف، أنا عارف هي جات منين، مِن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، هو مايعرفش يقول الكلام دا، تمام؟ فدا الإشكال اللي وقع فيه المُلْحِدون مع الأخلاق.

    لذلك بنقول معرفة الله ضرورة أخلاقيَّة لإنّ إنت بتلاقي أخلاق ضرورية في الإنسان زَيّ ما قُلنا استقباح القبيح واستحسان الحَسَن حتى عند الطفل دا جاي منين؟ مِن فطرة الله التي فطر الناس عليها.

    كمان بقى بنقول دوكينز أيضًا يقول: "لا أستطيع في النهاية أن أجادل فكريًّا ضِدَّ شَخْصٍ فَعَلَ فِعْلًا أعتقد أنه شنيع.." بيقول أنا دلوقت لو ماشي في الشارع لقيت واحد بيغتصب امرأة مثلًا، أو بيقتل طفل بيذبحه، أو بيفعل بيقتل بريء بغضّ النَّظر طفل أو لا، أو بيعمل أيّ حاجة بيعذّب إنسان، بيعذّب قطة، بهيمة عجماء ماتعرفش دا إيه أصلًا، قطة عملت إيه القطة يعني علشان يعذّبها ويقَطّعها مثلًا؟ ملهاش ذنب، هو بيقول الأمر دا أنا بأجده شنيع بس لا أستطيع أنْ أُجَادِل فكريًّا، معرفش أثبت له بالفلسفة الإلحادية إنّ دا غلط.
    ".. أقصى ما أستطيعه أن أستدعي له الشرطة.." بيقول أنا معرفش أثبت أخلاقيًّا أو بالمنطق يعني إنّ أنا أقول له اللي بتعمله دا غلط، أنا معرفش لإنّ بالمنطق الإلحادي فين الغلط؟ بأيّ معيار تحكم على الشيء أنه خطأ أو أنه صواب؟ معندهوش معيار.

    أنا عندي معيارين: عندي معيار الفطرة التي جعلت الإنسان عنده استحسان واستقباح فطريّ، بيستحسن الحَسَن ويستقبح القبيح، دا رقم واحد.
    وحاجة تانية كمان أكّدت المعنى الفطري وبيّنت ما هو القبيح وما هو الحَسَن أكثر وهو الشرع، الشرع عرَّفنا بقى أكثر تفاصيل عن هذه الأمور، إحنا عرفنا إنّ العدل مثلًا هو قيمة فطرية بنعرف أنها مُسْتَحْسَنَة، لكن ما هو العدل في المواريث مثلًا؟ عرفناه من الشرع، ما هو العدل مثلًا في الفِعْل مع القاتل؟ أن يُقْتَل، عرفناه من الشرع، ما هو العدل مع السارق؟ أنْ تُقْطَع يده، عرفناه من الشرع. بس إحنا عارفين إنّ العدل هو قيمة فطرية وتفاصيل هذه الفطرة عرفناها من الشرع، فالشَّرع أكّد على المعنى الفطري وأعطاه التفاصيل.


    فأنا مُتَّسِق مع نفسي، معنديش مشكلة في الأخلاق، لكن المُلْحِد معندهوش أصلًا فلسفة يبني عليها مسألة الأخلاق، لذلك هم يقعوا دائمًا في تناقُض، إيه التناقض؟ إنه يأتي ليُشَنِّع على الإسلام أو على غيره من الديانات، فيقول لك الدين هو أصل الشَّرّ، فقبل أصلًا ما أناقشه وأقعد أقول له هو أصل الشر ليه والكلام دا، أقول له الأول ما هو تعريفك للشرّ؟ أنت بِمَ حكمت على شيء أنه شَرّ؟ هو مش هيعرف يجاوب في البداية؛ لأنه معندهوش فلسفة أصلًا يقول بها ما هو الشر وما هو الخير.

    يعني مثلًا على سبيل المثال في دين الإسلام يأتي لبعض الأشياء ويقول مثلًا الإسلام انتشر بالسيف مثلًا يعني، أنا عندي أدلة تُثْبِت أنَّ الإسلام لم ينتشر بالسيف، بس قبل ما أردّ عليه أنا مش محتاج أردّ أصلًا أنا عندي حاجة قبلها أقولها له، إنت إيه المانع عندك أخلاقيًّا في المنظور الإلحادي إنّ أنا أنشر الإسلام بالسّيف؟ إيه مشكلتك؟ مفيش مشكلة أصلًا.

    أنا عندي أنا مشكلة، أنا اللي عندي في الإسلام "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" البقرة:٢٥٦. ودا يتناقض مع انتشار الإسلام بالسيف، وبذلك بقول إنه ما انتشرش بالسيف، وعندي أدلّتي، وعندي الكلام كله واضح، وعندي الرَّدّ كامل.
    لكن أنا قبل ما أرُدّ أنت بتسأل بتاع مين؟ أنت مين أصلًا علشان تسأل على الموضوع دا؟ أنت ماعندكش فلسفة تبني عليها إنّ الإكراه دا حاجة غلط، أنا عندي الفلسفة الإسلاميَّة اللي بتقول الإكراه غلط، فَهُمّ عندهم تناقض في مسألة الأخلاق.

    لذلك بنقول وجود الله -عز وجل- هو ضرورة أخلاقيَّة، يعني إيه ضرورة أخلاقيَّة؟ يعني الذي ينفي وجود الله -سبحانه وتعالى- يؤدِّي به الأمر في النهاية أنه يجعل الأخلاق هي أمر نسبيّ إضافي يتغير من زمان لزمان ومن مكان لمكان، يعني هو ماعندهوش حاجة مُطْلَقَة ترجع لها في مسألة الأخلاق، الأخلاق كلها نسبيَّة، يعني أيّ حدّ ممكن يعمل أيّ حاجة في مكانٍ ما ويتَّفقوا إنّه صحّ، بمعنى لو جِه مجتمع مِن المجتمعات واتَّفق على أمور فيها ظُلم وفيها جَوْر وفيها ظلم وتعدٍّ على حقوق الأخرين و.. و.. و.. قِيَم غير أخلاقيَّة، محدش يقدر يقول لهم من المنظور الإلحادي انتوا غلط، لا، هُمَّ أصلًا ليس عندهم مرجعية في مسألة الأخلاق.

    طيب كده فهمنا مسألة أنَّ وجود الله -سبحانه وتعالى- هو ضرورة أخلاقيَّة، يبقى فهمنا أنَّه ضرورة فطريَّة، ضرورة عقليَّة، ضرورة أخلاقيَّة.

    وجود الله عز وجل ضرورة تشريعيَّة
    النقطة الرابعة معانا أنَّه ضرورة تشريعيَّة، يعني إيه معرفة الله -سبحانه وتعالى- ضرورة تشريعية؟ يعني أصلًا مبدأ الثواب والعقاب عندنا كمسلمين أو المؤمنين بوجود الله من مسلمين وغيرها من الديانات اليهود والنصارى وغيرهم، مبدأ الثواب والعقاب سواء الدنيوي أو الأُخْرَوِي مبني على إيه؟
    مبني على إنّ الإنسان يعرف فطرةً وضرورةً وشرعًا أنَّ هناك فِعْل اسمه فعل اضطراري، وفعل اسمه فعل اختياري، يعني إيه الكلام دا؟
    يعني أنا دلوقت وأنا قاعد أتكلّم معاك بكلّمك دلوقت عن طريق التسجيل اللي بيتسجّل دا، أنا فيه فعلين بعملهم دلوقت: الفعل الأول بيحصل في جسمي أنا، نبضات القلب، تنفُّس الهواء عن طريق الجهاز التنفسي، إن الكلية بتعمل وتُفَلتر الدم، وكل هذه أمور أفعال بتحصل في جسمي، دا جزء. وفيه أفعال تانية إنّ أنا بتكلم بلساني، بشاور بإيدي، ببُصّ بعيني، دي أفعال إراديَّة.
    أنا ضرورةً وفطرةً عارف إنّ فيه حاجة اسمها إرادي، أنا عايز أرفع إيدي برفعها أهو، عايز أنزّلها بنزّلها، عايز أفتح عيني بفتحها، عايز أغمّض عيني بغمّضها، دي اسمها أفعال إرادية.
    لكن تقدر توقَّف ضربات قلبك؟ ما تقدرش، تقدر توقَّف الكلى بتاعتك عن العمل؟ ماتقدرش، تقدر تشغَّل جهازك التنفسي لو وقف؟ ماتقدرش. دي اسمها أفعال اضطراريَّة.

    ففيه فِعْل اضطراري وفعل اختياري، إحنا عندنا دي الفلسفة الإسلامية أو فلسفة المؤمنين نحو أفعال البشر، ففعل البشر الإرادي اللي هو بيعمله دا جاي منين؟ مِن قدرة ربّنا ادّاهاله، ربنا اللي ادّاله القدرة على إنه يحرّك إيده وادّاله الإرادة وادّاله المشيئة على هذه الأفعال، ولذلك يحاسبه عليها يوم القيامة، ودا الاختيار اللي ربنا -سبحانه وتعالى- ذكره "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ" الأحزاب:٧٢. ما هي الأمانة؟ هي الاختيار، إنّ الإنسان يبقى مُخيَّر في أفعاله.
    طبعًا مش مخير من منطق اللي هو بتاع الإنسان مُسَيَّر ولّا مُخَيَّر؟ والمُخَيَّر اللي يعني أنه خارج عن إرادة الله، لا مش معناها دي، بس نقول إنّ له اختيار يعني، لإنّ طبعًا مفيش حاجة اسمها مُسَيَّر ولّا مُخَيَّر في الفلسفة الإسلامية، عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة، ولكن الإنسان مُيَسَّر "اعمَلوا فكلٌ مُيَسَّرٌ لمَا خُلِقَ لهُ" صحيح البخاري. دا موضوع تاني إن شاء الله تراجعوه في كلام العقيدة والإيمان بالقضاء والقدر.

    لكن نرجع لموضوعنا موضوع إنّ الإنسان له اختيار، طب إنت ليك اختيار وإنت اللي اخترت تعمل الطاعة أو تعمل المعصية، تعمل الجريمة أو تفعل الفِعْل الحَسَن، يبقى إذن اختيارك دا هو اللي مبني عليه التشريع والثواب والعقاب في الدنيا والآخرة. كويّس؟

    تعالوا بقى تشوف الرؤية الإلحادية اللي بنقول إنّ معرفة الله ضرورة تشريعيَّة اللي بيُنكر معرفة الله -سبحانه وتعالى- أو وجود الله -سبحانه وتعالى- وربنا اللي ادّى الإرادة للجسم، الكلام دا كله مش عنده، بيقول إيه بقى؟ بيقول إنّ الإنسان الذي يفعل الجريمة أو يفعل الأمر القبيح أو يفعل الأمر الحَسَن دا جِه منين؟ من تفاعلات كيميائية في المُخّ أدّت إلى سيَّال عصبي مُعَيَّن، أدّت إلى إرادة إنّه يفعل هذه الأشياء، وبناءً عليه كيف يُحاسَب؟
    بل بالعكس الإنسان المجرم في النظرة الإلحادية هو ضحية، ضحية لتفاعلات كيميائية حصلت في دماغه هو لا حُكْم له عليها، هو إنسان مجبور، لذلك أصلًا الرؤية الإلحادية في الحقيقة هي رؤية جبرية، الإنسان مجبور إنه فيه تفاعلات هي اللي بتطوّره وبتحرّكه وهو ملهوش سُلْطَة عليها، فلمَّا يفعل جريمة أنت إزَّاي تعاقبه؟ لما يفعل شيء مُسْتَحْسَن أنت ازّاي تُثِيْبُه؟ إذن يَسْقُط التشريع والثواب والعقاب بالرؤية الإلحاديَّة، لذلك بنقول إنّ معرفة الله -عز وجل- هي ضرورة تشريعيَّة أيضًا؛ لأن بها تَثْبُت الإرادة الحُرَّة للإنسان، ويَثْبُت مبدأ الثواب والعقاب نتيجة لهذه الرؤية.

    فإذن كانت النتيجة من هذه الرؤية الإلحادية أو المنظور الإلحادي لمسألة الإرادة الحرة إنّ هُمّ معندهمش حاجة اسمها إرادة حرة، بل إن البهجة والسعادة والحزن والألم وغيرها كل الأمور اللي الإنسان بتعتريه في حياته هي عبارة عن تفاعلات كيميائية بتحصل في المُخّ تؤدي إلى سيَّال عصبي يُشْعِرك بالسعادة أو يشعرك بالقلق أو بالألم أو بالحزن أو بغيره، لو هُمّ ينفون وجود الروح، بل إنّ ليس عندهم تفسير أصلًا لمسألة الحياة والموت والبعث والنشور وغير ذلك، كل هذه أمور هم ينكرونها بالمرَّة، فبالتالي يسقط مبدأ الثواب والعقاب من الرؤية الإلحادية، ويسقط التشريع سواء الدنيوي أو الأُخروي، وهذا يؤدي إلى فساد كبير جدًّا سواء في المجتمع أو في الإنسانيَّة كلها.


    ملخص أدلة وجود الله عز وجل
    وجود الله ضرورة فطرية وعقلية

    فبذلك نَخْلُص من هذه المقدمة أو من هذا الاختصار اللي قُلناه في الحلقتين دول عن مسألة وجود الله -سبحانه وتعالى- أنَّ وجود الله -سبحانه وتعالى- هو ضرورة فطرية، فالإنسان مفطور على الالتجاء إلى الله -سبحانه وتعالى-، والإنسان مفطور على المعارف الفطرية الضرورية التي منها أنَّ الأثر لا بُدَّ له من مُؤَثّر، وأن الطفل لو إنت عملت له صوت وراه بيلتفت، لو ضربته بيزعل أو بيلتفت يشوف مين ضربه، كل هذا يعني أنَّ الأثر لا بُدَّ له من سبب أو من مُؤَثِّر، ودا الكون كله هو أثر لمؤثِّر وهو الخالق -سبحانه وتعالى-، ولا بُدّ مِن خالق غير مخلوق، وهو الله -سبحانه وتعالى-، فدا المبدأ الأول، المبدأ العقلي اللي هو الأثر لا بُدَّ له من مُؤَثِّر.

    المبدأ الثاني دليل النظم والإحكام واتكلمنا فيه على مسألة التعقيد غير قابل للتبسيط النهارده، واتكلمنا المرة اللي فاتت على مسألة الكون أنه متقَن ومحكَم، والمعايرة الدقيقة في الهرمونات والخلايا والكلام دا كله، كل دي كانت أدلة إيه؟ قُلنا أدلة الفطرة، أدلة العقل.

    وجود الله ضرورة أخلاقيّة
    واتكلّمنا على الضرورة الأخلاقية إنّ الأخلاق لا تكون إلا إمَّا إنها فطرة فطر الله الناس عليها اللي هي المعروفة استحسان الحَسَن واسقباح القبيح، والأمر الزائد وهو الشرع اللي عرَّفنا تفاصيل ما هو الحَسَن وما هو القبيح، وفيه أمور ماعرفنهاش إلا بالشرع بلا شكّ من هذه التفاصيل.

    وجود الله ضرورة تشريعيّة
    بعد كده الأمر الرابع اللي هو ضرورة تشريعية؛ لأن الإلحاد يهدم مبدأ الثواب والعقاب.
    إنكار الله هدم للعلم والإنسان والمجتمع
    يبقى إذن إنكار الله -عز وجل- يهدم العلم، يهدم الفطرة، يهدم الإنسانية، يهدم الأخلاق، يهدم التشريع، ودا يعود على الإنسان كله بجميع أصنافه وألوانه ومجتمعاته بالهدم والضياع، فالإلحاد حقيقةً ليس مبنيًّا على علم كما يدّعون بل هو مبنيٌّ على جهلٍ عظيم بكل شيء من علوم العقل وعلوم الفطرة والأخلاق والتشريعات، جهلٌ بها أدَّى إلى ما وصلوا إليه.


    ويعض الملحدين يظُنّ أن إنكار الله -عز وجل- هو نهاية المطاف، يعني هو عمَّال يستدلّ علشان يوصل لإنكار الله فيعمل اللي هو عايزه، بالعكس، إنكار الله -عز وجل- هو بداية مسلسل متتابِع من الإنكارات، فإذا أنكرت وجود الله فضرورةً ستُنكر الفطرة، ستنكر العقل، ستنكر الأخلاق، ستنكر مبدأ الثواب والعقاب، متتابعة متلازمة من الإنكارات تؤدي في النهاية إلى هَدْم الإنسان والإنسانية جمعاء.



    الخاتمة
    لذلك الحمد لله الذي هدانا للإسلام، والحمد لله الذي هدانا للإيمان، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القَوْل فيتَّبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب.
    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله ربِّ العالمين.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    تم بحمد الله



    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.


    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق

    يعمل...
    X