إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

4- هموم النبي صلى الله عليه وسلم واهتماماته

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • 4- هموم النبي صلى الله عليه وسلم واهتماماته



    من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم همومه واهتماماته

    وأكبر همِ كان يحمله النبي صلى الله عليه وسلم دخول الناس في الاسلام حتى قال الله له لما أسف على امتناع أناس من قومه في الدخول في الدين قال تعالى: "فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا"الكهف:6
    باخعٌ: أي مُهلك

    فكان صلى الله عليه وسلم حريصًا على هداية الخلق




    وللتعرف أكثر على همومه واهتماماته صلى الله عليه وسلم ندعوكم لمتابعة الحلقة الرابعة من سلسلة

    أحوال النبي صلى الله عليه وسلم

    بعنوان/ هموم النبي صلى الله عليه وسلم واهتماماته




    رابط الحلقة على يوتيوب






    لتحميل الحلقة بجودات مختلفة من هنا:
    http://way2allah.com/khotab-item-128666.htm



    لتحميل الحلقة بجودة عالية

    http://way2allah.com/khotab-mirror-128666-201491.htm


    رابط صوت mp3

    http://way2allah.com/khotab-mirror-128666-201492.htm




    رابط تفريغ بصيغة pdf


    http://www.way2allah.com/media/pdf/128/128666.pdf



    رابط تفريغ بصيغة word
    https://archive.org/download/HomomAn...mom_annaby.doc
    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 09-02-2018, 01:27 AM.
    لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

  • #2


    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيّنا محمدٍ وعلى آله وصَحْبِه أجمعين. فإنَّ من أحوال النبي -صلى الله عليه وسلم- الشريفة همومه واهتماماته.


    هموم النبي صلى الله عليه وسلم واهتماماته
    هَمّ دخول الناس في الإسلام
    وأكبر هَمٍّ كان يحمله النبي -صلى الله عليه وسلم- دخول الناس في الإسلام، حتى قال الله له لَمّا أَسِف على امتناع أناسٍ من قومه في الدخول في الدين قال تعالى: "فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ" يعني مُهْلِكٌ نفسك "عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا" الكهف:٦.
    وقال: "لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" الشعراء:٣.
    فلمَّا كان -عليه الصلاة والسلام- حريصًا على هداية الخلق، ساعيًا في ذلك، يحزن لتكذيب المُكَذِّبين وصَدِّهم عن سبيل الله، وقَوْله: "لَعَلَّكَ" هذه للإشفاق وتحمل معنى النهي، يعني لا تبخع نفسك إذا ما آمنوا، كما قال تعالى: "فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ" فاطر:٨، وأصله أن تبلغ بالذبح البِخَاعَ في الشاة، وهو عِرْقٌ يجري في الرقبة وذلك أقصى حدِّ الذَّبْح، إذًا البخاع في اللغة هذا عِرْقٌ يجري في الرقبة فإذا ذُبِحَت الشاة أقصى حدّ الذبح قَطْع البخاع هذا، ولذلك لما قال: "فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ" يعني مُهْلكٌ نفسك، فلا تُهلك نفسك يا محمد -صلى الله عليه وسلم-، لا تهلك نفسك همًّا وغمًّا وحُزنًا بسبب عدم إيمانهم.
    قال تعالى: "فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ" الرعد:٤٠. إذًا "فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ" فاطر:٨، "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ" المائدة:٤١، يؤخذ منه أن الداعية يبلّغ ثم إذا ما استجاب الناس لا يُهلك نفسه لأنهم لم يؤمنوا، وعليه الواجب وهو البلاغ والله بصيرٌ بالعباد.


    هَمّ تجنيب الناس النار وإنقاذهم منها حتى اللحظة الأخيرة
    كان -عليه الصلاة والسلام- مِن شُغْله الشَّاغِل ومِن الهَمّ الذي يُهِمُّهُ تجنيب الناس النار وإنقاذ الناس منها حتى اللحظة الأخيرة، ولذلك "لَمَّا حَضَرَت أبا طالبٍ الوَفاةُ، جاءهُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم، فوَجَدَ عِندَه أبا جَهلِ بنَ هِشامٍ، وعَبدَ اللهِ بنَ أَبي أُميَّةَ بنِ الْمُغيرةِ.." هؤلاء رفقاء السوء، هؤلاء جلساء الشَّرّ، ".. قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم لأَبي طالبٍ: يا عمِّ، قُل: لا إِلهَ إلَّا اللهُ، كَلِمةً أَشهَدُ لكَ بِها عندَ اللهِ، فَقال أَبو جَهلٍ وعَبدُ اللهِ بنُ أُميَّةَ: يا أَبا طالبٍ، أتَرغَبُ عَن مِلَّةِ عَبدِ المُطَّلبِ؟!" تموت على غير ملة أبيك! ".. فلَم يَزلْ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَعرِضُها عليهِ، -يعني كلمة التوحيد- ويَعودانِ بِتلكَ المَقالةِ، -أترغب عن ملة عبد المطلب- حتَّى قال أَبو طالبٍ آخِرَ ما كَلَّمَهم: هوَ على مِلَّةِ عَبدِ المُطَّلِبِ، وأَبى أنْ يَقولَ: لا إلهَ إلَّا اللهُ. فَقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: أمَا وَاللهِ لَأستَغفِرنَّ لكَ ما لَم أُنهَ عَنكَ، فأَنزلَ اللهُ تَعالى فيهِ: "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ" التوبة:١١٣" صحيح البخاري.
    فأبو طالب إذًا من أصحاب الجحيم، لكن هو مِن أهون أهل النار عذابًا -يعني المخلَّدين- ولولا النبي -عليه الصلاة والسلام- لكان مِن أشّدهم عذابًا لأنه قَدّم مِلَّة الآباء والأجداد على مِلَّة الإسلام.



    إذًا يتَّضح لنا أيها الإخوة والأخوات أنَّ الله تعالى ليس بينه وبين خَلْقه نَسَب، وأنَّ الله -عز وجل- لا يُحابي أحدًا من العباد على حساب دينه، وأن الأواصر الحقيقية والوشائج والصِّلات الحقيقيَّة هي صلة الدين والعقيدة، وأنَّ كَوْن العبد قريبًا من الله لا يعني أنَّ الله يحابيه فيُدْخِل أباه الجنة وهو كافر، أو يُدْخِل ابنه الجنة وهو كافر، أو يدخل عمه الجنة وهو كافر. فنوح كان ابنه كافرًا، إبراهيم كان أبوه كافرًا، ونبيّنا كان عمّه كافرًا.

    بل إنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- لَمّا جاءه أعرابي قال: أين أبي؟ فالنبي -عليه الصلاة والسلام- وَحْيٌ يُوْحَى ما ينطق عن الهوى، وحصل كان وقتها النبي -عليه الصلاة والسلام- غَضِب من شيء فقال: لا تسألوني عن شيءٍ إلا أجبتكم، فقام رجل أعرابي قال: ".. يا رسولَ اللهِ! أينَ أبي؟ قال: في النارِ، فلما قفَّى دعاهُ فقالَ: إنَّ أبي وأباكَ في النارِ" صحيح مسلم، الأعرابي لما سمع الكلام انكسر وولَّى، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لَمّا رآه موليًا منكسرًا دعاه، فلما رجع قال: أبي وأبوك في النار، لماذا؟ لأنَّ ملة إبراهيم -يعني التوحيد- كانت باقية في العرب، فالذين ما استجابوا لها من العرب إلى النار.
    نعم الناس إذا ما وصلتهم تفصيلات الشريعة غير مخاطبين فيها، كل واحد مخاطَب بما وصله، لو واحد ما وصله من الدين إلا أنه لا إله إلا الله بس، ما يعرف صلاة ولا صيام ولا زكاة ولا حجّ، فلا يُحاسَب إلا على ما وصله من الدين، العرب كان وصلهم من إبراهيم وإسماعيل كان وصلهم إنه لا إله إلا الله، فالذي وصله وأصرّ على الشّرك يدخل النار.

    أبو طالب في ضحضاح من نار، ضحضاح هو الشيء الذي يعني عند القدمين، ضحضاح "هوَ في ضَحْضَاحٍ منْ نارٍ. ولولا أنا لكان في الدركِ الأسفلِ من النارِ" صحيح مسلم، يقول -عليه الصلاة والسلام-: كان في غمرات، كان في الغمرات تغمره النار.

    وأنزل الله تعالى: "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ".
    النبي -عليه الصلاة والسلام- كان حريص على إنقاذ الناس من النار حتى آخر لحظة، كما دخل على الغلام اليهودي، وكان يخدمه، "كان غُلامٌ يَهودِيٌّ يَخدِمُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فمَرِض، فأتاه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَعودُه، فقعَد عِندَ رَأسِه، فقال له: أسلِمْ. فنظَر إلى أبيه وهو عندَه.." فالغلام نظر إلى أبيه، أبوه أَدْرَكَتْه الشفقة على الولد، أبوه يعلم الحق، من اليهود الذين يعرفون الحَقّ، ".. فقال له: أطِعْ أبا القاسمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأسلَم، فخرَج النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يقولُ: الحمدُ للهِ الذي أنقَذه من النارِ" رواه البخاري.



    النبي -عليه الصلاة والسلام- لَمّا رجع من الطائف يعني بعد ما ردَّه أهل مكة وذهب للطائف وردَّه أهل الطائف ورجع مهمومًا، مهمومًا من الهمّ ما عرف أين يتَّجه، ما وعى على نفسه إلا وهو.. قال: "فانطلقتُ وأنا مهمومٌ على وجهي.." يعني هائم حيران، لا أدري أين أتوجَّه من شدَّة الغمّ والهمّ، لا أرى طريقي ".. فلم أَستَفِقْ إلا بقرنِ الثعالبِ.." ما وعيت على نفسي لم أفطن وأنتبه إلا وأنا في قرن الثعالب.
    وين قرن الثعالب؟ هذا قرن المنازل، يعني شوفوا المسافة كم؟ هذا ميقات أهل نجد، وهو على مرحلتين من مكة، وأصل القرن كُلُّ جبلٍ صغيرٍ ينقطع من جبلٍ كبير.
    ".. فرفعتُ رأسي فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلَّتْني. فنظرتُ فإذا فيها جبريلٌ. فناداني. فقال: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قد سمع قولَ قومِك لك وما رَدُّوا عليكَ. وقد بعث إليك ملَكَ الجبالِ لتأمرَه بما شئتَ فيهم. قال: فناداني ملكُ الجبالِ وسلَّم عليَّ. ثم قال: يا محمدُ! إنَّ اللهَ قد سمِع قولَ قومِك لكَ. وأنا ملَكُ الجبالِ.." إذن الجبال لها ملك مختصّ بها ".. وقد بعثَني ربُّك إليك لتأمرَني بأمرِك. فما شئتَ؟ إن شئتَ أن أُطبقَ عليهم الأخشبَينِ.." جبلَا مكة أبي قبيس والذي يقابله، فيلتقيان على أهل مكة فيصيران طبقًا واحدًا فيُسْحَق القوم بينهما، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بل أرجو أن يخرجَ اللهُ من أصلابِهم من يعبدُ اللهَ وحدَه، لا يشركُ به شيئًا" رواه البخاري ومسلم.


    هَمّ الأمة ومصيرها في الآخرة
    وكان -عليه الصلاة والسلام- يحمل هَمّ أُمَّته ومصير الأُمّة في الآخرة، فتلا قَوْل الله مرةً في إبراهيم: "رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي" إبراهيم:٣٦، يعني إبراهيم كان يخشى على نفسه، كان يخشى على ذُرِّيَّتِه من الأصنام من فتنة الأصنام "رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ" فإذًا "وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ" إبراهيم:٣٦،٣٥. والنبي -عليه الصلاة والسلام- قرأها، وقرأ الآية الأخرى عن عيسى -عليه السلام- لَمَّا قال: "إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" المائدة:١١٨، فهذا قلق إبراهيم "وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ" وقلق عيسى "إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".
    فقال -عليه الصلاة والسلام-: أُمَّتي أُمَّتي، "اللهمَّ! أُمَّتي أُمَّتي، وبكى. فقال اللهُ عزَّ وجلَّ: يا جبريلُ! اذهب إلى محمدٍ، -وربُّكَ أعلمُ-، فسَلهُ ما يُبكيكَ؟.." الحين الله يعلم لكن قال لجبريل اذهب إلى محمد وسَلهُ ما يبكيك، ".. فأتاهُ جبريلُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ فسَألهُ. فأخبرهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بما قالَ. وهو أعلمُ.." فأتاه جبريل -عليه السلام- فسلَّم عليه وسأله: ما يبكيك؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرَه، قَلِق على أمته، على مستقبل أمته، على مصير أمته في الآخرة، فقال يعني "فقال اللهُ: يا جبريلُ! اذهبْ إلى محمدٍ فقلْ: إنَّا سنُرضيكَ في أُمَّتكَ ولا نَسُوءُكَ". رواه مسلم. هذا يُبيّن كمال شفقة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأنه كان مهمومًا بمصير أُمَّته، وأنَّ الله بشَّره في أُمَّته ببشارةٍ عظيمة.



    همّ الصلاة
    من الهموم التي كان يحملها -عليه الصلاة والسلام- هَمّ الصلاة، فجاء عن أبي عمير بن أنس عن عمومةٍ له من الأنصار في أوّل مَقْدم المسلمين المدينة، قال الصحابي: "اهتم النبي -صلى الله عليه وسلم- للصلاة، كيف يجمع الناس لها.." قبل تشريع الأذان، كان همّه -عليه الصلاة والسلام- كيف يجتمع الناس للصلاة؟ كيف؟ ما الذي يجمعهم؟ ".. فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة.." فالناس إذا رأوا الراية جاءوا للصلاة ".. فإذا رأوها آذن بعضهم بعضًا، فلم يعجبه ذلك، قال فذكر له القنع يعني الشبور.." ما هو الشبور؟ البوق، مَن الذي يستعمله؟ اليهود، ".. فلم يعجبه ذلك، وقال: هو من أمر اليهود.." كيف نتشبَّه بهم؟ ".. قال: فذكر له الناقوس، فقال: هو من أمر النصارى.
    فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد ربِّه وهو مُهْتَمٌ لهمِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.." انصرف من المجلس من عند النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو مهمومٌ لِهَمِّ النبي -عليه الصلاة والسلام-، فنام فرأى في المنام الأذان، ".. فأُري الأذان في منامه، قال: فغدا على رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فأخبره، فقال له: يا رسول اللهِ، إني لبين نائم ويقظان إذ أتاني آتٍ فأراني الأذان.. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا بلال، قُم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله" رواه أبو داود وهو حديثٌ صحيح.

    من الأشياء اللي كان النبي -عليه الصلاة والسلام- مهمومًا بها في مرض موته قضيَّة الصلاة هذه، فلما ثقل بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ما عاد يستطيع يخرج للمسجد، قال لعائشة: "أَصَلَّى الناس؟ قُلنا: لا، هم ينتظرونك.." شوف تحامَل على نفسه ".. قال: ضعوا لي ماء في المخضب. قالت: ففعلنا، فاغتسل، فذهب لينوء فأُغمي عليه، ثم أفاق، فقال -صلى الله عليه وسلم-: أَصَلَّى الناس؟.." الحديث. رواه البخاري ومسلم.
    ولذلك كان آخر ما وصَّى به -عليه الصلاة والسلام- الصلاة، قال: "الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم" رواه أبو داود وابن ماجة وهو حديثٌ صحيح.



    هَمّ الأُمَّة وحالها مِن بعده
    كان مهمومًا -عليه الصلاة والسلام- بحال الأمة من بعده، يعني تجتمع ولا تتفرق؟ تتحد أو تتشعَّب؟ فوعظ أصحابه مَرَّةً موعظةً بليغة ثم قالوا له: يا رسول الله، هذه موعظة مُوَدِّع فماذا تعهد إلينا؟ أَوْصِنا، قال: "أوصيكم بتقوى اللهِ والسمعِ والطاعةِ وإن عبدًا حبشيًّا.." لو تأمَّر عليكم عبد حبشي ما دام يقودكم بكتاب الله اسمعوا له وأطيعوا، ما هو يعني بأيّ حال يعني حتى لو يحَكِّم الكفر فيكم، لأ، يحكِّم شرع الله فيكم، لو تأمَّر عليكم عبد حبشي اسمعوا له وأطيعوا ".. فإنه من يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا.." الحديث. صححه الألباني.



    وعن جرير بن عبد الله البجلي أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له في حجة الوداع: استنصت لي الناس استنصت الناس، مُرْهم فليسمعوا لِمَا أُرِيد أن أقوله لهم.
    "قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حَجَّةِ الوَداعِ: استَنصِتِ الناسَ. ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: لا تَرجِعوا بعدي كُفَّارًا، يَضرِبُ بعضُكم رِقابَ بعضٍ" رواه البخاري ومسلم.
    إذًا يجب على الأُمَّة أن تتَّحِد، ولا يجوز لها أن تتفرَّق، ولا يجوز لها أن تقتتل فيما بينها، أن تقتتل فيما بينها، ما المقصود؟ يعني أن يقتتل أهل التوحيد فيما بينهم، يعني أن يقتتل أهل الإسلام فيما بينهم، أمَّا أن يقتتل المسلمون ومَن ينتسب إلى الإسلام زورًا وهو مشرك وهو كافر باطني قادياني، اللي يكون من أصحاب الملل والنحل والفِرَق الخارجة عن الملَّة، طيب هؤلاء ليسوا بمسلمين، فإذا اقتتل المسلمون معهم هذا قتال حَقّ، لكن ما هو القتال الذي حذَّر منه النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ اقتتال أهل التوحيد فيما بينهم، اقتتال أهل الإسلام فيما بينهم، هذا حرام.



    هَمّ بقاء التوحيد نقيًّا بين المسلمين
    وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- حريصًا على بقاء التوحيد نقيًّا بين المسلمين، وكان هذا من همومه، فلمَّا نزل به الموت "طَفِق يَطرَحُ خَميصةً له عَلى وَجهِه.."، ثوبًا مخططًا يطرحه على وجهه ".. فإذا اغتَمَّ بِها كَشفَها عن وَجهِه، فقال وهوَ كَذلكَ.." في هذه الحالة يرفع ويكشف ويُرْجِع ويرفع ويغطي، قال: "لَعنةُ اللهِ على اليَهودِ والنَّصارى، اتَّخَذوا قبورَ أَنبيائِهم مَساجدَ. يُحذِّرَ ما صَنَعوا" رواه البخاري ومسلم.
    فإذًا خَشِي علينا من الشِّرك ومِن اتّخاذ القبور مساجد، يعني يُؤْتَى بالقبر وعليه الضَّريح وعليه قبة وعليه قبر وعليه مسجد، ويُبنى مسجد، ويُجعل أمام الناس، أو في اتجاه القبلة، ونحو ذلك، المهم لا يجوز جَعْل قبر في مسجد إطلاقًا، ما يجوز بناء مسجد على قبر أبدًا، وفيها لعن، لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فكيف بِمَن هو دون الأنبياء! يعني إذا النبي حرام يُتَّخَذ قبره مسجد كيف بِمَن هو دون الأنبياء!

    خاف النبي -عليه الصلاة والسلام- على أُمَّته فتنة الدنيا
    وخاف النبي -عليه الصلاة والسلام- على أُمَّتِه فتنة الدنيا، كان مهمومًا في قضيَّة ما يُفتح عليهم من زهرة الدنيا، مثل ما يحدث في أزمنة كثيرة وفي بلدان متنوعة، مثل ما يحدث الآن فتنة الدنيا.

    خاف -عليه الصلاة والسلام- على أُمَّته من الأئمة المُضِلِّين
    وكذلك فإنَّه -عليه الصلاة والسلام- كان يخشى على أُمَّته ويتخوّف من الأئمة المُضِلِّين، قال: "وإنما أخاف على أمتي! الأئمة المضلين" يعني إنَّ الأئمة المضلين من أخوف ما أخاف على أُمَّتي. رواه أبو داود.
    مَن هم الأئمة الذين يُؤْتمُّ بهم ويُقتدى ويُتَّبَعون؟ المضلين، المائلين عن الحَقّ الذين يضلون الناس عنه، إذًا رأس الضلالة يُقال له إمام؟ نعم يُقال له إمام، رأس الضلالة يُقال له إمام، يقولون مثلًا اليوم آية الله العظمى هو إمام ضلالة من أئمة الضلالة يقود قومه إلى النار، والله -سبحانه وتعالى- جعل من هؤلاء أئمة يدعون الناس إلى النار ويهدون الناس إلى النار ويقودون الناس إلى النار، مثل قوم فرعون، هؤلاء أئمة ضلالة؛ فرعون وهامان وقارون، أئمة يدعون الناس إلى النار. وزعماء البِدَع اليوم ورؤساء الفِرَق هذه وقادة الباطنية وغيرهم من الفِرَق لا شكّ أنهم أئمة ضلالة يقودون الناس إلى النار.

    كان -عليه الصلاة والسلام- مُهْتَمًّا بمسألة البعث بعد الموت
    والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان مهتمًّا جدًّا بمسألة البَعْث بعد الموت، فكان إذا صلَّى يدعو الله: ربِّ قني عذابك يوم تبعث عبادك، "كنا إذا صلَّينا خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أحبَبْنا أن نكون عن يمينِه.. قال فسمعتُه يقول: ربِّ! قِني عذابَك يومَ تبعثُ (أو تجمعُ) عبادَك.." صحيح مسلم.
    و"كانَ إذا أرادَ أن ينامَ وضعَ يدَهُ تحتَ رأسِهِ ثمَّ قالَ اللَّهمَّ قني عذابَكَ يومَ تجمعُ أو تبعثُ عبادَك" صححه الألباني.
    "كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا أوى إلى فراشه قال: باسمك أموتُ وأحيا، وإذا قام قال: الحمدُ لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشورُ" صحيح البخاري. ما هو النشور؟ البَعْث.
    وفي التَّهَجُّد كان له ذِكْرٌ يقول فيه: "ولكَ الحمدُ، أنتَ الحقُّ، وقولُكَ الحقُّ، ووَعدُكَ الحقُّ، ولِقاؤُكَ حقٌّ" صحح إسناده أحمد شاكر، فكانت قضية البعث والنشور هذه دائمًا على لسانه في أدبار الصلوات يدعو، وعند النوم، وعند القيام من النوم، وفي التَّهَجُّد.


    كان يهمّه -عليه الصلاة والسلام- الدين وأمانات المسلمين
    النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يهمّه الدين، ويهمّه أن يوجد عنده أمانة للمسلمين وما فرَّقها، فعن أبي أمامة بن سهل قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير يومًا على عائشة فقالت: "لو رأيتما نبي الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يومٍ في مرضٍ مرضه، كان له عندي ستة دنانير أو سبعة، قالت: فأمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أُفَرّقها، قالت: فشغلني وجع النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى عافاه الله، ثم سألني عنها فقال: ما فعلت الستة أو السبعة؟ قلت: لا والله، لقد كان شغلني وجعك.." ما تمكَّنت من تفريقها، شغلني تمريضُك، قالت: ".. فدعا بها، ثم صفَّها في كفّه، فقال: ما ظن نبي الله لو لقي الله -عز وجل- وهذه عنده!" رواه أحمد وهو حديث صحيح.

    وعقبة بن الحارث يروي قال: "صلَّيتُ مَع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم العَصرَ، فلمَّا سلَّم قام سَريعًا، دَخَل على بَعضِ نِسائِه، ثُمَّ خَرَج، وَرَأى ما في وُجوهِ القومِ مِن تَعجُّبِهم لِسُرعتِه.." ما هي بالعادة، عادة إنه يمكث بعد الصلاة، يمكث في مُصَلَّاه ويسبّح، فقال لهم مُبَرِّرًا سُرْعته: "ذَكَرتُ وَأنا في الصَّلاةِ تِبْرًا عِندَنا.." قطعة ذهب ".. فكَرِهتُ أن يُمسيَ، أو يَبيتَ عِندَنا، فأَمَرتُ بِقِسمتِه" رواه البخاري.
    كان يهمّه -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه الفقراء
    كان يهمّه أمر أصحابه الفقراء مثل أهل الصفّة، فلذلك إذا جاءه طعام أرسل به إليهم، إذا جاءه لبن شراب أرسل به إليهم، ولما جاءه القوم الفقراء جمع الصحابة وأمرهم أن يتصدقوا.

    كان يشغله غياب أيّ واحد من أصحابه
    كان -عليه الصلاة والسلام- يشغله غياب أيّ واحد من أصحابه، فعن زيد بن ثابت قال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أُحُد لطلب سعد بن الربيع، أسأل عن سعد، أين سعد بن الربيع، ما له لم يُرَ؟ وقال لي: "إِنْ رَأَيْتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ، وَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: فَجَعَلْتُ أَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى فَأَصَبْتُهُ وَهُوَ فِي آخِرِ رَمَقٍ وَبِهِ سَبْعُونَ ضَرْبَةً مَا بَيْنَ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ وَضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَعْدُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ، وَيَقُولُ لَكَ: خَبِّرْنِي كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: عَلَى رَسُولِ اللَّهِ السَّلامُ، وَعَلَيْكَ السَّلامُ، قُلْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجِدُنِي أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَقُلْ لِقَوْمِي الأَنْصَارِ: لا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَخْلُصَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَفِيكُمْ شُفْرٌ يَطْرِفُ.
    قَالَ: وَفَاضَتْ نَفْسُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ". رواه الحاكم وصحَّحه ووافقه الذهبيّ.



    اغتمّ -عليه الصلاة والسلام- لموت أصحابه يوم بئر معونة
    مِن الأشياء التي اغتمّ لها -عليه الصلاة والسلام- موت أصحاب بئر معونة، بالمناسبة في بئر معونة قُتل سبعون صحابيّ، وفي أُحُد قُتل سبعون صحابيّ وبينهما ستة أشهر، يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- أُصيب بمصيبتين عظيمتين بينهما ستة أشهر، مقتل ١٤٠ مِن أصحابه، يعني أصحاب ناس صنعهم على عينه، مختارات من العالم، مختارات. قال أنس -رضي الله عنه-:
    "ما رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وُجِدَ على سريةٍ.." همّ أصابه الهَمّ ".. ما وُجِدَ على السبعين الذين أُصيبوا يومَ بئرِ معونةَ. كانوا يُدعونَ القرّاءَ. فمكث شهرًا يدعو على قَتَلَتهم" رواه مسلم.

    كان -عليه الصلاة والسلام- يهتمّ بمصارع الطغاة
    وكان -عليه الصلاة والسلام- في المقابل يهتمّ بمصارع الطغاة، مثل ما نحن اليوم يهمّنا مصرع اللعين ابن اللعين هذا في الشام، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال يوم بدرٍ: "مَن ينظر لنا ما صنع أبو جهل؟" يهمّه هذا الموضوع.
    ".. فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برَد، فأخذ بلحيته وقال: أنت أبو جهل؟ قال: وهل فوق رجل قتلتموه، -وهو في الرَّمَق الأخير يعني- فلو غير أكَّارٍ قتلني!".

    شوف المتكبّر هو الآن يعني خلاص نفسه تطلع وجالس يقول ما في غير المزارع هذا اللي قتلني، لو واحد غير هالمزارع قتلني، يعيّر ابني عفراء، وابني عفراء من الأنصار، والأنصار مزارعين. رواه البخاري.
    فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لَمَّا قال: "من ينظر لنا ما صنع أبو جهل؟" سبب السؤال أنه يريد أن يطمئن أنه قُتِل حتى يستبشر المسلمون، لأنَّ قَتْل أبي جهلٍ يعتبر خبر بالنسبة للمسلمين كم سيكون سارًّا يعني؟ لأنَّ هذا الرجل كم نكَّل فيهم في مكة، وكم قتل منهم، وكم صدّ عن سبيل الله، وكم وكم فعل، بملاحقة المسلمين حتى في المدينة، فكان خبر مقتله سيكون شيئًا ذا أثرٍ عظيم.
    فلمَّا ذهب ابن مسعود يتحرَّى عنه وقال: رأيتُه وقد ضربه ابنا عفراء حتى بَرَد، خلاص على الموت، قال: أنت أبا جهل؟ متشفّيًا مُقَرِّعًا له، لأنَّ أبا جهل كان يؤذي عبد الله بن مسعود جدًّا في مكة، طاغية قريش، فقال أبو جهل: وهل فوق رجلٍ قتلتموه! يعني لا أعظم من ذلك يعني أنكم قتلتموني، ما زِدْتم على أن قتلتم رَجُلًا، إيش سوّيتم يعني؟ لو غير أكَّارٍ قتلني، والأكَّار كما قُلنا هو الزَرَّاع والفلاح، وكان بعض العرب ينتقص هؤلاء، وأشار أبو جهل إلى ابني عفراء لأنهما من الأنصار وكانوا أصحاب زرع ونخيل فما ترك الكِبْر حتى وهو يموت.


    كان -عليه الصلاة والسلام- مهمومًا بأمر أزواجه من بعده
    كان -عليه الصلاة والسلام- مهمومًا بأمور ومنها وضع أزواجه مِن بعده، ماذا سيكون حال زوجاته من بعده لأن المرأة ضعيفة، فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: دخلت على عائشة -رضي الله عنها- فقالت لي: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لي: "إنَّ أمرَكُنَّ مِمَّا يُهِمُّني بَعدي، ولن يصبرَ عليكنَّ إلَّا الصَّابرونَ" أمركن يا زوجاتي، "أمركنّ مما يهمني بعدي، ولن يصبر عليكنّ إلا الصابرون".
    ثم قالت، تقول عائشة لِمَن؟ تقول عائشة لأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، ولد عبد الرحمن، ابن عبد الرحمن بن عوف، تقول له: ".. فسقَى اللَّهُ أباكَ مِن سلسبيلِ الجنَّةِ، تريدُ عبدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ، وَكانَ قد وَصلَ أزواجَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بمالٍ يقالُ بيعَت بأربَعينَ ألفًا" حسنه الألباني. لماذا؟ لأنَّ عبد الرحمن بن عوف وصل زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- بمالٍ قيل إنه بلغ أربعين ألفًا.
    فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أوصى بزوجاته خيرًا، فكان الصحابة من بعده ينفقون يعني يصلون يعطون يهدون هدايا صِلات بالمال.

    كان عليه الصلاة والسلام يسأل الله ألا تكون الدنيا أكبر همّه
    وكان يسأل اللهَ -عز وجل- النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- ألا تكون الدنيا أكبر همّه، يعني هو عنده هموم، مهتمّ بأمور كثيرة لكن كان يدعو الله ألا تكون الدنيا أكبر همّه، فقال في الدعاء المشهور: "ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا"، يعني لا تجعل طلب المال وطلب الجاه أكبر قَصْدنا بل اجعل أكبر قصدنا أكبر همّنا عمل الآخرة، وفيه أنَّ الاهتمام الأكبر ينبغي أن يكون مُنْصَبًّا نحو الآخرة، وأن بعض الاهتمام يعني الأقلّ نحو الدنيا.
    طبعًا نحن مع الأسف يا إخواني في الغالب الآن العكس أكثر اهتماماتنا دنيويَّة، يعني في تحصيل الوظائف والتجارات والأرباح والأموال والعقارات والزراعات والأثاث والمراكب والأجهزة، يعني لو تقول لواحد اسرد لي يا أيها الشاب إيش همومك أنت، أنت مصروف همّك كل يوم في إيش، ممكن تسرد لي القضايا اللي أنت مهتم فيها؟ يقول لك: والله أنا مهتم بوظيفة، سيارة، جوال، أثاث، سياحة، مهتم فلمَّا يكون همّ الأمة أكثره في الدنيا تتخلف، لكن لما يكون أكثر همّ الأمة في الآخرة ترتقي وينصرها الله، ويؤتيها الله -عز وجل- من فضله.

    فلذلك كان من الأدعية العظيمة: "ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا"، لأنه بعض الناس ترى مبلغ علمه في الدنيا، اختبره في الدنيا في أيّ شيء، قُل له تعالَ: اشرح لي عمل أيّ شيء، قل له هذا الجهاز كيف يشتغل، يعلم، السيارات آخر موديلات، إيش الفرق بين موديل كذا وموديل كذا، يجيب ما يحتاج، إيش الفرق بين البرنامج الفلاني و.. إيش الفرق بين هذا الجهاز رقم سبعين وهذا رقم تسعين؟ موديل.
    لكن تعالَ قُل له إيش أسماء العشرة المُبَشَّرين بالجنة، جاب أربعة وحاش في الخامس، خمسة وفي السادس، سبعة وفي الثامن يعني، نادر اللي يجيب العشرة كاملة، فضلًا عن الأشياء الأخرى، لو قُلنا مثلًا أعطينا واجبات الصلاة، أعطينا شروط الزكاة، أعطينا شروط الاعتكاف، هات شروط.. فلو تيجي تناقش في العبادات والمعاملات والعقيدة وأمور الدين تلاحظ إنه معلوماتنا دنيويَّة.
    يعني ممكن مثلًا نحفظ مائة ألف معلومة دنيوية، لو تقول للواحد يلا هذا آخر إصدار من ويندوز، آخر إصدار من متصفح كذا، آخر إصدار، آخر شيء في برامج في الآيفون، آخر شيء، معلومات وبعدين بدقّة، لو تأتي تقول: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ" الإخلاص:٢،١. إيش يعني الصمد؟ "لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ" قريش:١، إيش يعني لإيلاف؟ "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ" الفلق:٣:١. إيش يعني غاسق؟ إيش يعني وقب؟ تجد أن يعني هذا إذا كان في السُّور القصيرة أما إذا رُحت على السُّور الطوال وهات الكلمات وقُلت له إيش معنى هذه "إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ" الأحزاب:٥٣، إيش معنى إناه؟ أيوه "إِنَاهُ". "وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا" النحل:٥٢، واصبًا يا شباب؟ إيش يعني واصبًا؟ فتجد إنه كلمات من القرآن ما في كما يقولون ما في معلوم! ولكن أمور الدنيا تفاصيل بالتَّفصيل.
    فهذا دعاء عظيم نختم به درسنا: ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا، ما تكون علومنا علوم الدنيا.

    نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يعلّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علمًا.
    وصلى الله على نبينا محمد.



    تم بحمد الله



    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36




    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:

    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.
    في أمان الله
    ​​​​​​​

    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 09-02-2018, 01:39 AM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق


    • #3
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

      تعليق


      • #4
        اللهم اجعل الاخرة اكبر همنا
        جزاكم الله خيرا
        ​​​​


        تعليق


        • #5
          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
          اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

          تعليق


          • #6
            جزاكم الله خيرَا

            تعليق

            يعمل...
            X